Coffee Viagra Fda. Online Canada Pharmacies

Transcription

Coffee Viagra Fda. Online Canada Pharmacies
‫شهريّة تصدر مؤقتاً كل ثالثة أشهر‬
‫ترخي�ص �صادر عن وزارة االعالم رقم‪2010/282:‬‬
‫ال�سنة الخامسة‪ :‬العدد السابع عشر ع�شر‪ 7 :‬نيسان (ابريل) ‪2015‬م‪،‬‬
‫الموافق‪ 17 :‬جمادى اآلخرة ‪1436‬هـ‬
‫�صاحبها ورئي�س تحريرها‬
‫القا�ضي ال�شّ يخ الدّ كتور يُو�سف مُحمّد عَ مرو‬
‫المدير الم�س�ؤول‬
‫ال�شيخ الدّ كتور �أحمد مُحمّد قي�س‬
‫م�ست�شارا التحرير‬
‫الدكتور عبد الحافظ �شم�ص والأ�ستاذ زهير مُحمّد حيدريّ‬
‫الم�ست�شاران القانونيان‬
‫المحامي الحاج حسن مرعي برّو والمحامي ر�شاد محمود المولى‬
‫هيئة التحرير‪:‬‬
‫ال�شّ ��يخ مُح ّم��د ح�س��ين عَ م��رو البروفي�س��ور عاطف حمي��د عوّاد‬
‫الدّكت��ور يحي��ى قا�س��م فرح��ات الدّكت��ور وفي��ق جمي��ل ع�لاّم‬
‫الدّكت��ور حيدر ناي��ف خير الدين الأ�ستاذ مُحمّد عليّ ر�ضى عمرو‬
‫مفاهيم وأخالق إسالميّة‪ :‬طُرق الشيطان في اضالل العباد(األستاذ محمد علي رضى عمرو) ‪26......‬‬
‫صف واخراج فني‪ :‬الحاجة سلوى أحمد عمرو‬
‫ذاكرة شعبيّة‪ :‬حكاية رجل شجاع من طرابلس(القاضي د‪ .‬الشيخ يوسف محمد عمرو)‪28...........‬‬
‫�إخراج وطباعة‪:‬‬
‫عنوان المجلة‪:‬‬
‫ـ المكتب الرئي�س ـ بيروت ـ الغبيري ـ تلفاك�س‪� - 01540644:‬ص‪.‬ب‪.25/301:‬‬
‫ـ مكتب جبيل ـ تلفاك�س‪09540980:‬‬
‫ـ مكتب المعي�صرة ـ فتوح ك�سروان ـ تلفاك�س‪09860644 :‬‬
‫موقع المجلة على ال�شبكة‪www.etlala-byblos.com :‬‬
‫البريد الإلكتروني للمجلة‪info@etlala-byblos.com :‬‬
‫‪Whats App: 78960661‬‬
‫رئي�س التحرير‪E.Mail: abou_tourab1@yahoo.com :‬‬
‫ ثمن الن�سخة‪ 5000 :‬ل‪.‬ل‪� .‬أو ‪ 5$‬خ��ارج لبنان �أو ما يعادلها‬‫بالعمالت الأخرى‪.‬‬
‫ الإ�شتراك ال�سنويّ ‪ ،‬راجع ق�سيمة الإ�شتراك في ال�صفحة الأخيرة‬‫من هذه الن�سخة‪.‬‬
‫اإلفتتاحيّة‪ :‬الفتنة في لبنان ما بين ‪ 1975‬ـ ‪( 2014‬رئيس التحرير)‪2..................................‬‬
‫إطاللة على ملكوت الله (الحلقة الثانية) (مدير التحرير المسؤول)‪4.................................‬‬
‫جعفر بن أبي طالب(رض) أول السفراء في اإلسالم (المفتي د‪ .‬الشيخ سليم اللبابيدي)‪8...............‬‬
‫من أدعيّة اإلمام المهديّ ‪( t‬إعداد‪ :‬هيئة التحرير) ‪10................................................................‬‬
‫من ضوابط االجتهاد والتجديد في الفكر اإلسالمي المعاصر (د‪.‬يسري عبد الغني عبدالله) ‪11......‬‬
‫الحديث عن علماء الشيعة في كسروان (الحلقة الثانية) (السيد محمد يوسف الموسوي) ‪13........‬‬
‫نظرة على التاريخ الثقافي للشيعة في طرابلس وكسروان (القاضي د‪ .‬الشيخ يوسف عمرو)‪18......‬‬
‫بحوث فقهية مقارنة‪ :‬الشخصيّة المعنويّة في الفقه اإلسالميّ (الشيخ علي حُ َّب الله)‪24............‬‬
‫موضوع الغالف‪ :‬الشيخان سلمان وجعفر الخليل(إعداد مدير التحرير المسؤول) ‪30.....................‬‬
‫العشائر والعائالت اإلسالميّة في متصرفيّة جبل لبنان (الحلقة الثامنة)(إعداد هيئة التحرير) ‪34.....‬‬
‫أعالم من بالد األرز (إعداد هيئة التحرير)‪35...............................................................................‬‬
‫قرية من بالدي‪ :‬المعيصرة في عام ‪1970‬م(طوني بشارة مفرّج)‪36..............................................‬‬
‫صورة ووثائق‪ :‬عالقة آل حمادة بالبطركية المارونيّة(إعداد‪ :‬هيئة التحرير) ‪38...............................‬‬
‫ملحق خاص‪ :‬إطاللة على جبل عامل(ثالث حلقات) ‪39..............................................................‬‬
‫اإللهــــــــــام (الحلقة األولى) (مستشار التحرير د‪ .‬عبد الحافظ شمص) ‪44................................‬‬
‫حَ صَ ا ُد ا ْلفَجْ ر (الشيخ األستاذ عبَّاس فتوني)‪46............................................................................‬‬
‫قراءة في كتاب‪ :‬ديوان العشق المُ باح (رئيس التحرير) ‪48...........................................................‬‬
‫آمال وأمانٍ جُ بيليّة‪(:‬ثالث حلقات) (إعداد‪ :‬شادي نصر الدين)‪50.................................................‬‬
‫من الكتب التي وصلت إلينا (إعداد مدير التحرير المسؤول)‪54..................................................‬‬
‫قصة قصيرة‪ :‬شكوى معوّل (الحاجة سلوى أحمد عمرو)‪57..........................................................‬‬
‫قصة العدد‪ :‬أباء وبنون (الحاجة نمرة حيدر أحمد) ‪58................................................................‬‬
‫براعم‪60...................................................................................................................................‬‬
‫• ترحب مجلة «�إطاللة جبيليّة» بكل نتاج دينيّ ‪ ،‬ثقافيّ ‪� ،‬إجتماعيّ يت�سم‬
‫بالمو�ضوعيّة‪ ،‬يدعو �إلى الوحدة الوطنيّة والعي�ش الم�شترك ولي�س‬
‫فيه �إثارة لم�شاعر الآخرين‪.‬‬
‫• ما ين�شر في المجلة يمثل ر�أي كاتب المقال‪.‬‬
‫• ترتيب المو�ضوعات داخل المجلة ال يخ�ضع لمكانة الكاتب و�أهميته‪،‬‬
‫و�إنما لل�ضرورة والعتبارات تتعلق ب�إخراج المجلة‪.‬‬
‫وداع األحبة ‪62.........................................................................................................................‬‬
‫أخبار ونشاطات ‪78...................................................................................................................‬‬
‫رسائل القراء‪90.........................................................................................‬‬
‫استقباالت القاضي الدكتور عمرو ‪91..........................................................................................‬‬
‫من كلمات أمير المؤمنين‪ :t‬في نهج البالغة ‪94......................................................................‬‬
‫الصفحة األخيرة‪ :‬ليلة مصرية‪ ..‬في عشق أهل البيت‪95..........................................................i‬‬
‫‪1‬‬
‫اإلفتتاحيّة‬
‫الفتنة في لبنان‪..‬‬
‫ما بين ‪ 1975‬ـ ‪2014‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ميثاق عنايا نموذج ًا‬
‫بقلم‪ :‬رئي�س التحرير‬
‫تمهيد!‬
‫‪2‬‬
‫ي��واج��ه لبنان وال�شعوب العربيّة في‬
‫�أوائ ��ل ال�ق��رن ال��واح��د والع�شرين مرحلة‬
‫م �خ��ا���ض ع���س�ي��ر ازاء االط� �م ��اع وال�ف�ت��ن‬
‫الإ�سرائيليّة والخطط الإ�ستعماريّة في‬
‫ر�سم خريطة جديدة لل�شرق الأو�سط‪.‬‬
‫وق ��د زاد ه ��ذا ال�م�خ��ا���ض وال�ن�ك�ب��ات‬
‫وال�ب�لاء والظلم والإره� ��اب وج��ود �أنبياء‬
‫كذبة يب�شرّون ال�شباب وال�شابات بالجنّة‬
‫وب��ال�ف��وز المبين ف��ي ال� ّدن�ي��ا والآخ� ��رة �إن‬
‫فتكوا واغتالوا وق�ضوا على مواطنيهم من‬
‫الم�سيحيين والمذاهب الإ�سالميّة التي ال‬
‫ترى ر�أيهم �أو التي ال تبايع �أمراءهم على‬
‫ال�سمع والطاعة‪.‬‬
‫ك�م��ا �أنّ �أول �ئ��ك الأم� ��راء �أو الأن�ب�ي��اء‬
‫الكذبة قد ح� ّرم��وا على اتباعهم الحوار‬
‫�أو ال �ت �ف��او���ض �أو ال �ل �ق��اء م��ع الآخ ��ري ��ن‪.‬‬
‫و�أعطوا الولئك الأمراء وفتاويهم الع�صمة‬
‫والقدا�سة واعتبروا النقا�ش حولها �أو الر ِّد‬
‫عليها كفر ًا و�شرك ًا باهلل‪.‬‬
‫الرجوع إلى القرآن الكريم‬
‫ول ��و رج �ع �ن��ا �إل� ��ى ال� �ق ��ر�آن ال �ك��ري��م‬
‫ل��وج��دن��ا �أنّ اهلل ت�ع��ال��ى ق��د ب ���َّ�ش � َر �أه��ل‬
‫الكتاب والم�سلمين بالجنّة للّذين �آمنوا‬
‫منهم وعملوا ال�صالحات فقط ال غير‪.‬‬
‫و�أنّ من يعمل �سوء ًا منهم �سوف يُعاقب‬
‫عليه َو ُي �ن��ال م�ن��ه ف��ي ال��دن�ي��ا والآخ� ��رة‪.‬‬
‫م�صداق ًا لقوله تعالى‪َّ ( :‬لي َْ�س ِب أ�َمَ ا ِن ِّيكُمْ‬
‫َاب مَ ن َي ْعمَلْ �سُ وء ًا‬
‫وَال �أَمَ ا نِيِّ �أَهْ لِ ا لْكِ ت ِ‬
‫الل َو ِليًّا‬
‫يُجْ زَ ِب ِه َو َال يَجِ دْ َل ُه مِ ن ُد ونِ ّ ِ‬
‫ال�صا لِحَ اتَ‬
‫َو َال ن َِ�صير ًا وَمَ ن َي ْعمَلْ مِ نَ َّ‬
‫مِ ن ذَ كَرٍ �أَ ْو �أُنثَى وَهُ َو ُم�ؤْمِ نٌ َف�أُ ْولَـئ َِك‬
‫َي��دْ خُ � ُل��ونَ الْجَ َّن َة َو َال يُظْ َلمُونَ َنقِيراً)‬
‫�سورة الن�ساء‪� ،‬آية ‪ 123‬ـ ‪.124‬‬
‫�إذ �أنّ الإيمان باهلل تعالى‪ ،‬والر�ساالت‬
‫ال�سماوية يفيدنا ويقرّبنا �إلى اهلل تعالى‬
‫�إذا رافقته الأع �م��ال ال�صالحة و�أهمها‬
‫المحافظة ع�ل��ى ح�ق��وق الإن �� �س��ان ون�شر‬
‫المحبة وال��رح�م��ة وال���س�لام بينهم‪ .‬وال‬
‫�شيء غير ذل��ك‪ ،‬وك�لام �أول�ئ��ك الأنبياء‬
‫ال �ك��ذب��ة ووع ��وده ��م وف �ت��اوي �ه��م لل�شباب‬
‫وال�شابات بارتكاب الموبقات والمجازر‬
‫وتكفير النّا�س حتى ينالوا بذلك الجنّة‬
‫ُي ّذكرنا بكالم اليهود وفتاويهم في حقِّ‬
‫ال�سيّد الم�سيح ‪ ،t‬وتالميذه قبل �أكثر‬
‫من �ألفي عام‪.‬‬
‫وي� ّذك��رن��ا �أي�ض ًا بكالم قا�ضي ق�ضاة‬
‫الكوفة �شريح ب��ن هانئ وعُ �م��ر ب��ن �سعد‬
‫بحق الإم��ام الح�سين‪ t‬و�أ�صحابه قبل‬
‫�ألف وثالثمائة و�ستين عام ًا تقريباً‪.‬‬
‫اإليمان مع العمل الصالح‬
‫و�أم�ي��ر الم�ؤمنين عليّ بن اب��ي طالب‬
‫‪ t‬حدد لنا قيمة وقدر الم�ؤمن في الدنيا‬
‫والآخرة بقوله ‪:t‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قيمة ك ِّل امرئٍ ما يح�سنه ‪.‬‬
‫وقوله ‪« t‬ف��اع�� ُل الخير خ��ي�� ٌر منه‪،‬‬
‫وفاعل ال�ش ِّر �شر منه»(‪.)3‬‬
‫�أي يجب علينا ت�شجيع �أه ��ل الخير‬
‫وال���ص�لاح م��ن ك��ل ال�ط��وائ��ف وال�م��ذاه��ب‬
‫الإ�سالميّة والم�سيحيّة في لبنان و�سائر‬
‫بالدنا العربيّة على عمل الخير والإح�سان‬
‫والأخ � ��ذ ب�ي��ده��م ن�ح��و ال �ج �م��ال وال�ك�م��ال‬
‫والإب� � ��داع‪ .‬وردع �أه ��ل ال���َّ�ش��ر وال�ج��رائ��م‬
‫وال �م��وب �ق��ات ح���س��ب ال �ق��وان �ي��ن ال�م��رع� ّي��ة‬
‫الإج� � ��راء‪ .‬وت�ق��وي�م�ه��م م��ن خ�ل�ال ذل��ك‪.‬‬
‫وبالتالي ع��دم ال�شفاعة لهم �أو التغطيّة‬
‫ع�ل�ي�ه��م ح �ت��ى ت �ب �ق��ى ال �ف �ت��ن ال �ط��ائ �ف � ّي��ة‬
‫والمذهبيّة نائمة �إل��ى الأب ��د‪ .‬و�أن تكون‬
‫الأف�ضليّة في الوظائف العامّة وف��ي نيل‬
‫ثقة النّا�س ف��ي المراكز الإجتماعيّة �أو‬
‫ال�سيا�سيّة لأهل الخير والمعرفة والإبداع‪.‬‬
‫لأنّ قيمة كل امرئ ما يح�سنه‪ .‬وبما يقدمه‬
‫لمجتمعه ووطنه من خدمات �إن�سانيّة‪.‬‬
‫وق ��د ُت��رج��مَ ه ��ذا ال �ك�لام م��ن الحلم‬
‫�إل ��ى ال��واق��ع ف��ي ب�لاد جبيل منذ �أربعين‬
‫ع��ام � ًا ول�غ��اي��ة ت��اري�خ��ه‪ .‬وذل ��ك م��ن خالل‬
‫ميثاق بلدة عنايا ال�شهير في ق�ضاء جبيل‬
‫ال�م��و ّق��ع م��ن وج�ه��اء ق�ضاء جبيل ف��ي ‪21‬‬
‫�أي�ل��ول ‪1975‬م‪ .‬حيث ت�ع��اه��دوا و�أق�سموا‬
‫على العي�ش الم�شترك والوحدة الوطنيّة‬
‫ودرء الفتن المذهبيّة وال�سيا�سيّة عن بالد‬
‫جبيل‪� .‬إذ ك��ان وراء ه��ذا الميثاق علمان‬
‫م��ن �أع�ل�ام ورج� ��االت ال�سلم الأه �ل��ي في‬
‫لبنان‪ ،‬وهما الإمام ال�سيد مو�سى ال�صدر‬
‫والعميد ريمون �إده‪ ،‬م�ضاف ًا �إليهما مفتي‬
‫بعلبك الجعفريّ ال�شيخ �سليمان اليحفوفيّ‬
‫ومطران بعلبك الماروني عبداهلل نجيم‬
‫والمحامي جان الحوّاط والدكتور انطوان‬
‫ال�شّ امي وال �ح��اج محمود جعفر المولى‬
‫وغيرهم من الأعيان‪.‬‬
‫وق��د ال�ت� َّ�ف الجبيليون ح��ول العالّمة‬
‫المرجع �آي��ة اهلل العظمى ال�سيّد محمد‬
‫ح�سين ف�ضل اهلل(ق ��ده)‪ ،‬ومنحوه ثقتهم‬
‫ومحبتهم لما تق ّدم من معان وقيم‪ .‬وفي‬
‫حفل و�ضع حجر الأ�سا�س للم�شروع التربويّ‬
‫الثقافيّ في جبيل التابع لجمعية المبرّات‬
‫الخيريّة ف��ي ذك��رى عيد المولد النبويّ‬
‫ال���ش��ري��ف ف��ي ‪ 15‬رب �ي��ع الأوّل ‪1421‬ه � �ـ‪.‬‬
‫الموافق ‪ 16‬ح��زي��ران �سنة ‪2000‬م‪ .‬قال‬
‫�سماحته‪� «:‬إنّ هدفنا من هذا الم�شروع هو‬
‫ت�أ�صيل المحبة والمواطنة والإن�سانيّة‬
‫لجميع اللبنانيين»‪.‬‬
‫وال زال نجله �سماحة العالّمة ال�سيد‬
‫ع �ل��ي م ��ع ج�م�ع�ي��ة ال��م��ب�� ّرات ا ل �خ �ي��ر ّي��ة‬
‫ي �ت��اب �ع��ون ال �ط��ري��ق ف ��ي ن �� �ش��ر ال�م�ح�ب��ة‬
‫وال �� �س�لام م��ن خ�ل�ال ه ��ذا ا ل �م��ر ك��ز في‬
‫جبيل و�سائر مراكزهم في الجمهور يّة‬
‫اللبنانيّة‪.‬‬
‫فما �أحوجنا �إل��ى تعميم هذه الثقافة‬
‫وه � ��ذا ال �م �ي �ث��اق ف ��ي ج �م �ي��ع م��دار� �س �ن��ا‬
‫ومعاهدنا وجامعاتنا وم�ؤ�س�ساتنا الثقافيّة‬
‫والإجتماعيّة وف��ي جميع المدن والقرى‬
‫اللبنانيّة دون �إ�ستثناء وحتى يكون لبنان‬
‫بجميع �أق�ضيته و�أطرافه ن�سخة عن جبيل‬
‫وبالد جبيل في و�أد الفتنة و�سيطرة العقل‬
‫والإيمان على �أر�ض الواقع‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬كلمة القا�ضي الدكتور ال�شيخ يو�سف محمد عمرو رئي�س المحكمة ال�شرعية‬
‫الجعفريّة ـ جبيل في الم�ؤتمر ال�سنوي لـ «ربانيون بال ح��دود» المنعقد تحت‬
‫عنوان‪«:‬خير العمل‪ ...‬ماذا يفعل الدينيون الحتواء الفتن؟» في فندق الريفييرا ـ‬
‫بيروت في ‪2014/12/10‬م‪.‬‬
‫((‪( (2‬الكلمة ‪ ،81‬ج‪� ،4‬ص ‪ ،520‬من نهج البالغة)‪.‬‬
‫((‪( (3‬الكلمة رقم ‪ ،32‬ج‪� ،4‬ص ‪.)513‬‬
‫‪3‬‬
‫‪1‬‬
‫إطاللة‬
‫على ملكوت اهلل‬
‫‪3‬‬
‫بقلم‪ :‬مدير التحرير‬
‫الم�س�ؤول ال�شيخ الدكتور �أحمد قي�س‬
‫‪4‬‬
‫تمهيد!‬
‫�إنطالق ًا من قوله تعالى‪�(:‬سَ نُرِ يهِ مْ‬
‫�آيَا ِتنَا فِي الأفَاقِ َوفِي �أَنفُ�سِ هِ مْ حَ تَّى‬
‫َي َت َبيَّنَ َلهُمْ �أَ َّن � ُه الْحَ ُّق �أَ َو َل��مْ َيك ِْف‬
‫ِب َرب َِّك �أَ َّن ُه عَ لَى كُلِّ �شَ يْ ءٍ �شَ هِ يدٌ)‬
‫ف�صلت الآية ‪.53‬‬
‫�سورة ّ‬
‫و�إذا م��ا قيّ�ض لنا ال �خ��روج من‬
‫ح ��دود ال �ك��رة الأر� �ض �ي��ة ع�ل��ى متن‬
‫مركبة �أو م�ك��وك ف�ضائي ونظرنا‬
‫ب��إت�ج��اه الأر� ��ض لوجدناها عبارة‬
‫عن كرة �صغيرة ن�سبة الى المحيط‬
‫الذي تنتمي �إليه‪(.‬راجع الصورة‬
‫رقم(‪.)1‬‬
‫ع �ن �ي ��ت ب� ��ذل� ��ك م �ج �م��وع��ة‬
‫الكواكب مع الأر�ض التي تنتمي‬
‫ال ��ى ال �م �ج �م��وع��ة ال�شم�سية‬
‫وتدور حولها‪.‬‬
‫ف�إذا ما �أردنا فهم قوله تعالى‪�(:‬أَ�أَنتُمْ‬
‫�أَ��َ�ش� ُّد خَ ْلقًا �أَمِ ال�سَّ مَاء َبنَاهَ ا َر َف � َع‬
‫�سَ ْم َكهَا فَ�سَ وَّاهَ ا)(�سورة النازعات ‪-27‬‬
‫‪ )28‬وذلك ب�شكل علمي ومح�سو�س بن�سبة‬
‫معينة‪ ،‬فعلينا ال��رج��وع ال��ى ال��درا��س��ات‬
‫العلمية المخت�صة بهذا ال�ش�أن(‪.)1‬‬
‫ي �ق��ول ع�ل�م��اء ال �ف �ل��ك‪� )2(:‬إن الأر� ��ض‬
‫تنتمي ال��ى مجموعة الكواكب التي تدور‬
‫ح��ول ال�شم�س وال�ت��ي ت�ع��رف بالمجموعة‬
‫ال�شم�سية‪ ،‬وهي تت�ألف من كوكب عطارد‬
‫�أق��رب الكواكب الى ال�شم�س ويليه كوكب‬
‫الزهرة ومن بعده كوكب الأر�ض فالمريخ‬
‫والم�شتري وزحل و�أورانو�س ونبتون �إنتها ًء‬
‫بكوكب بلوتو‪ ،‬فيكون مجموع هذه الكواكب‬
‫ت�سعة وبالإ�ضافة الى ال�شم�س التي تدور كل‬
‫هذه الكواكب حولها ي�صبح عدد كواكب‬
‫المجموعة ال�شم�سية ع�شرة‪(.‬راجع الصورة‬
‫‪2‬‬
‫احللقة الثانيّة‬
‫رقم(‪2‬و‪.)3‬‬
‫وتمتاز هذه الكواكب ما عدا الأر���ض‬
‫ب�أنها غير �صالحة للعي�ش عليها‪� ،‬إذ ال‬
‫تتوافر فيها ��ش��روط الحياة ال�ضرورية‬
‫للإن�سان كالماء والأوك�سيجين وما �شاكل‬
‫ذلك‪ ،‬و�أي�ض ًا هنالك مجموعة من الأقمار‬
‫التي ت��دور حول هذه الكواكب‪ ،‬فمنها ما‬
‫ل��ه قمر واح��د ي��دور حولها (ك��الأر���ض)‪،‬‬
‫وم�ن�ه��ا م��ا ل��ه ق �م��ران �أو ث�لاث��ة وه �ك��ذا‪.‬‬
‫وقديم ًا ك��ان يعتقد ب ��أن ه��ذه المجموعة‬
‫ال�شم�سية هي مركز الكون‪� ،‬إال �أن العلم‬
‫الحديث منه �أثبت بطالن هذا الإعتقاد‪.‬‬
‫�إذ �أن المجموعة ال�شم�سية م��ا ه��ي �إال‬
‫ج��زء �أو مجموعة م��ن مجموعات هائلة‬
‫تنتمي بمجموعها الى ما يعرف بالمجرة‬
‫والتي تحتوي مليارات النجوم من ضمنها‬
‫الشمس‪(.‬راجع الصورة رقم(‪.)4‬‬
‫والمجرة التي تنتمي اليها المجموعة‬
‫ال�شم�سية ومنها الأر�ض ت�سمى بمجرة درب‬
‫التبانة‪(.‬راجع الصورة رقم(‪.)5‬‬
‫ومجرة درب التبانة �أو درب اللبانة‬
‫ه��ي م�ج��رة لولبية ال�شكل ت�ح��وي م��ا بين‬
‫‪ 200‬ال��ى ‪ 400‬مليار نجم وم��ن �ضمنها‬
‫ال���ش�م����س‪ ،‬وي�ب�ل��غ ع��ر��ض�ه��ا ح��وال��ى ‪100‬‬
‫�أل ��ف �سنة �ضوئية و�سمكها ح��وال��ى �أل��ف‬
‫�سنة ��ض��وئ�ي��ة‪ ،‬ون �ح��ن نعي�ش ع�ل��ى حافة‬
‫تلك المجرة �ضمن مجموعتنا ال�شم�سية‬
‫والتي تبعد نحو ثلثي الم�سافة عن مركز‬
‫المجرة‪ .‬و�إذا نظر ال�شخ�ص الى ال�سماء‬
‫ف��ي ال�ل�ي��ل ف�ق��د ي ��رى ج� ��زء ًا م��ن مجرتنا‬
‫كحزمة من النجوم‪ ،‬وي��رى �سكان ن�صف‬
‫الكرة الأر�ضية ال�شمالي درب التبانة في‬
‫ال�صيف والخريف وال�شتاء‪ .‬والمنظر في‬
‫�أواخر ال�صيف �أو في مطلع الخريف ي�أخذ‬
‫المدى الألمع والأغنى لهذا النهر ال�سماوي‬
‫وت�سمى بمجرة درب التبانة �أو طريق اللبانة‬
‫لأن جزء ًا منها يرى في الليالي ال�صافية‬
‫كطريق من اللبن يتمثل للرائي ب�سبب النور‬
‫الأبي�ض الخافت الممتد في ال�سماء نتيجة‬
‫الماليين من النجوم ال�سماوية الم�ضيئة‬
‫والتي تبدو رغم �أبعادها ال�شا�سعة ك�أنها‬
‫مترا�صة متجاورة‪ ،‬كما ترى كامل المجرة‬
‫من مجرة �أخرى على �شكل �شريط �أبي�ض‬
‫باهت في ال�سماء‪( .‬راجع الصورة رقم(‪.)6‬‬
‫وال�م�ج��رة ه��ي ن�ظ��ام ك��ون��ي م�ك��ون من‬
‫تجمع هائل من النجوم‪ ،‬الغبار‪ ،‬والغازات‪،‬‬
‫وال�م��ادة المظلمة التي ترتبط مع ًا بقوى‬
‫ال �ج��ذب ال �م �ت �ب��ادل��ة وت� ��دور ح ��ول م��رك��ز‬
‫م�شترك‪ .‬يق ّدر الفلكيون �أن هناك حوالى‬
‫مئة مليار الى مئة وخم�سين مجرة تقريب ًا‬
‫ف��ي ال �ك��ون ال�م�ن�ظ��ور‪� ،‬أب �ع��د م �ج��رات تم‬
‫ت�صويرها تبعد حوالى ‪ 1‬الى‬
‫‪ 13‬مليار �سنة �ضوئية‪ ،‬تتراوح‬
‫ف��ي �أحجامها بين المجرات‬
‫القزمة‪ ،‬التي ال يتعدى عدد‬
‫نجومها الع�شرة ماليين نجم‬
‫وت �ك��ون م�ساحتها ح��وال��ى‬
‫ب�ضعة �آالف �سنة �ضوئية‪،‬‬
‫ال��ى ال�م�ج��رات العمالقة‬
‫ال �ت��ي ت�ح�ت��وي ع�ل��ى �أك�ث��ر‬
‫م��ن مئة وع�شرين مليار‬
‫نجمة وحجمها ي�صل الى ن�صف مليون‬
‫�سنة �ضوئية‪ .‬وكذلك‪ ،‬قد تحتوي‬
‫ال�م�ج��رة ال ��واح ��دة ع�ل��ى �أنظمة‬
‫ن �ج �م �ي��ة م��ت��ع ��ددة ع �ل��ى ��ش�ك��ل‬
‫تجمعات نجمية‪ ،‬وق��د تحت�شد‬
‫مجموعة م��ن ال�ن�ج��وم لتكون‬
‫عناقيد �أو مجموعات �شم�سية‪،‬‬
‫وقد تحتوي �أي�ض ًا على �سُ ُدم‬
‫وهي عبارة عن �سحب غازية‬
‫كثيفة‪ .‬كما �أن الف�ضاء بين‬
‫المجرات لي�س فارغ ًا تمام ًا‬
‫و�إنما يوجد فيه غاز بمعدل‬
‫‪ 1‬ذرّة في المتر المكعب‪.‬‬
‫وت��ق ��ع م �ج��رت �ن��ا (م� �ج ��رة درب‬
‫التبانة) ف��ي ن�ظ��ام م�ج��ري يحوي‬
‫م�ج�م��وع��ة م��ن ال �م �ج��رات ي�سمى‬
‫المجموعة المحلية‪.‬‬
‫وت�شمل المجموعة المحلية‬
‫التي ت�شغل فراغ ًا قطره نحو‬
‫‪ 10‬م�لاي �ي��ن ��س�ن��ة �ضوئية‬
‫مجرة درب التبانة والمر�آة‬
‫الم�سل�سلة وه��ي �أكبر من‬
‫مجرتنا و‪ 28‬مجرة �أخرى‬
‫�أ�صغر منهما‪(.‬راجع الصورة‬
‫رقم(‪.)7‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪5‬‬
‫‪6‬‬
‫توزيع‬
‫المجرات‬
‫‪6‬‬
‫ال �م �ج��رات م ��وزع ��ة ب���ش�ك��ل غير‬
‫مت�ساو في الف�ضاء‪ .‬ففي حين يكون‬
‫بع�ضها وحيد ًا وبعيد ًا ن�سبي ًا ب�سنوات‬
‫�ضوئية طويلة ع��ن �أي م�ج��رة �أخ��رى‬
‫قريبة‪ .‬تكون مجرات �أخرى في �أزواج‪،‬‬
‫ك��ل ف��ي م ��دار م��ع �أخ ��رى‪ .‬ول�ك��ن معظم‬
‫المجرات توجد ف��ي مجموعات ت�سمى‬
‫عناقيد مجرية (وي �ج��ب ع��دم الخلط‬
‫بينها وب�ي��ن العناقيد النجمية)‪ .‬وقد‬
‫ت�ح�ت��وي ه ��ذه ال�ع�ن��اق�ي��د ع�ل��ى مجموعة‬
‫م��ن ب�ضع ع�شرات ال��ى ع��دة �آالف من‬
‫المجرات‪.‬وقد ي�صل قطر بع�ضها الى‬
‫‪ 10‬ماليين �سنة �ضوئية‪.‬‬
‫وال �ع �ن��اق �ي��د ال �م �ج��ري��ة ب ��دوره ��ا‬
‫تتجمع في بنية هيكلية �أ�ضخم ت�سمى‬
‫ال�ع�ن��اق�ي��د ال�م�ج��ري��ة ال�ه��ائ�ل��ة‪ .‬وه��ي‬
‫موزعة في �شبكات عنكبوتية �ضخمة‪.‬‬
‫وهذه ال�شبكات تتكون من خيوط‬
‫مت�شابكة �أو �أوتار مكونة من مجرات‬
‫مترا�صة ن�سبي ًا تو�صل بين عناقيد‬
‫المجرات‪ .‬وج��دت في بع�ض تلك‬
‫ال �ت �� �ش �ك �ي�لات م �ن��اط��ق ��ش��ا��س�ع��ة‬
‫ك ��روي ��ة ال �� �ش �ك��ل ب �ي��ن ت�ج�م�ع��ات‬
‫المجرات وتوجد فارغة خالية‬
‫م��ن ال �م �ج��رات‪ ،‬ت �ع��رف ب��إ��س��م‬
‫(‪� )voids‬أو (فراغات)‪ ،‬ت�صل‬
‫�أق �ط ��ار ت�ل��ك ال �ف��راغ��ات بين‬
‫‪ 200‬و‪ 300‬مليون �سنة �ضوئية‪ .‬تحيط‬
‫بتلك ال�ف��راغ��ات تجمعات م��ن المجرات‬
‫والأوت��ار‪ .‬ال يعرف حتى الآن تف�سير وجود‬
‫تلك الفراغات وال كيف ن�ش�أت؟ واحد من‬
‫�أكبر الهياكل الهائلة لتجمعات المجرات‬
‫معروف با�سم ال�سور الكبير (‪the great‬‬
‫‪ )wall‬يبلغ طول هذا الهيكل ‪ 500‬مليون‬
‫�سنة �ضوئية وع��ر��ض��ه ‪ 200‬مليون �سنة‬
‫�ضوئية‪ ،‬وهو يحوي نحو ‪ 2000‬مجرة‪.‬‬
‫طريقة تكون المجرات‬
‫لقد وجد العديد من النظريات حول‬
‫طريقة تكون المجرات‪� ،‬إال �أن �أكثر هذه‬
‫النظريات �شيوع ًا تن�ص على �أن �أ�صل‬
‫المجرات هو في الواقع غازات داكنة‪ ،‬تبد أ�‬
‫جزيئاتها في الإحت�شاد بفعل قوى الجاذبية‬
‫في ما بينها حتى تتحول الى غيمة غازية‬
‫�ضخمة‪ .‬ث��م ت�ب��د�أ الغيمة ب��ال��دوران حتى‬
‫ت�صل الى ال�شكل المطلوب‪.‬‬
‫ويرى الفلكيون �إن �أكثر من �ألف مليون‬
‫مجرة تقع ف��ي م��دى ال��ر�ؤي��ة بالمناظير‪،‬‬
‫و�أنها تتخذ �أ�شكا ًال متنوعة‪ ،‬كما �أن النجوم‬
‫التي تحويها المجرات تندرج تحت �أنماط‬
‫عامة‪ ،‬وباخت�صار ف�إن المجرات الإهليجية‬
‫(البي�ضاوية) تغلب فيها النجوم الحمراء‬
‫ال �م �ت �ق��دم��ة ف ��ي ال �� �س��ن‪� ،‬أم� ��ا ال �م �ج��رات‬
‫ال �ح �ل��زون �ي��ة ف�ف�ي�ه��ا خ�ل�ي��ط م ��ن ال�ن�ج��وم‬
‫المتقدمة والنجوم حديثة الن�ش�أة‪� .‬أم��ا‬
‫المجرات غير المنتظمة ال�شكل فالنجوم‬
‫ال �� �س��ائ��دة ف�ي�ه��ا ه ��ي ال �ن �ج��وم ال ��زرق ��اء‬
‫حديثة الن�ش�أة‪ .‬ويوحي ذلك للفلكيين �أن‬
‫المجرات ذاتها قد تكون في حالة تغير‬
‫ونمو و�أن المجرات غير المنتظمة تمثل‬
‫فيها مرحلة �شبابها‪ ،‬والمجرات البي�ضوية‬
‫تمثل مرحلة ال�شيخوخة‪ ،‬وهذا ر�أي مقنع‪،‬‬
‫ولكن هناك نواحي محيرة في ما يخت�ص‬
‫بتكون النجوم والمجرات و�أع�م��اره��ا وال‬
‫يمكن تف�سيرها بالوقت الحا�ضر‪ .‬ويرى‬
‫بع�ض العلماء �أن �سرعة �سحابة من الغاز‬
‫وحجمها وكثافتها يمكن �أن ت�ح��دد نوع‬
‫المجرة التي �ستن�ش�أ عنها‪ ،‬ف���إذا كانت‬
‫ال�سحابة كبيرة وكثيفة ف�إنها ت�ستهلك‬
‫مادتها النجمية الغازية‪ ،‬وتتكثف ب�سرعة‬
‫مكونة ن�ج��وم�اً‪ ،‬وال تلبث �إال قلي ًال حتى‬
‫تتحول الى مجرة �إهليجية (بي�ضاوية)‪،‬‬
‫�أم��ا ال�سحابة الخفيفة ال ��وزن‪ ،‬الرقيقة‪،‬‬
‫التي ال تخ�ضع لنظام‪ ،‬ف�إنها تنمو ببطء‬
‫وتحتفظ بجزء من غازها وترابها لتكثفات‬
‫تحدث في ما بعد‪ .‬بل �إن هناك احتما ًال‬
‫في �أن تكون �أطول المجرات �أعمار ًا و�أقلها‬
‫انتظام ًا مجرات غير م�ضيئة في الغالب‪،‬‬
‫�أي مجرد نجوم متفرقة حديثة الن�ش�أة‪،‬‬
‫تحيط بها غازات قاتمة ورقيقة‪ .‬والإعتقاد‬
‫الجازم لدى جميع العلماء هو �أن النجوم‬
‫ن�ش�أت كلها في وقت واح��د عند الإنفجار‬
‫الكبير‪ .‬ف�سبحان اهلل الذي قال‪ (:‬بَدِ ي ُع‬
‫ْ�ض َو�إِذَ ا ق ََ�ضى َ �أمْ ر ًا‬
‫ال�سَّ مَاوَاتِ وَالأَر ِ‬
‫َف�إِ َّنمَا َيقُولُ َل� ُه كُن َف َيكُونُ )(البقرة‬
‫الآية ‪( .)117‬راجع الصورة رقم(‪.)8‬‬
‫وح ��ول ه ��ذا الإن �ف �ج��ار‪ ،‬ي�ج��زم �أغ�ل��ب‬
‫المخت�صين على �أن ال�ك��ون ول��د منذ ما‬
‫يقارب ‪ 15‬مليار �سنة نتيجة �إنفجار هائل‬
‫في ما يعرف ب�إ�سم (البيغ بانغ)‪ .‬ال �أحد‬
‫يعرف ما ال��ذي ح�صل حينها بال�ضبط‪،‬‬
‫لكن من المرجح �أن الكون ت�شكل انطالق ًا‬
‫م��ن م��رك��ز دق�ي��ق وج��د كثيف ذي ح��رارة‬
‫خيالية‪ ،‬و�أنه بد�أ بعد الإنفجار مبا�شرة في‬
‫التمدد‪ ،‬وفي ب�ضع دقائق تكونت عنا�صر‬
‫ال �م��ادة‪ ،‬وب�ع��د ماليين ال�سنين تجمعت‬
‫ال�م��ادة لت�شكيل �أول��ى المجرات‪ .‬ينق�سم‬
‫دار�سو م�ستقبل الكون الى فريقين‪ ،‬لكن‬
‫الأغ�ل�ب�ي��ة م��ع �أن ��ه ف��ي ت �م��دد‪ ،‬وه�ن��ا تبرز‬
‫نظريتان‪ :‬الأولى تقول ب�أن الكون �سيتمدد‬
‫الى الالنهاية‪ ،‬والأخرى ت�ؤكد على �أن هذا‬
‫التمدد م�ح��دود و�أن ال�ك��ون �سيبد�أ يوم ًا‬
‫ما في التقل�ص ليرتكز في نقطة واح��دة‬
‫فا�سح ًا المجال لإنفجار عظيم �آخر‪.‬‬
‫و�إذا ما �أردنا تلخي�ص كل ما مر معنا‬
‫حول المجرات نقول‪� :‬أن المجرة هي عبارة‬
‫عن تجمع لعدد هائل من النجوم وتوابعها‬
‫ومن الغبار والغازات المنت�شرة بين �أرجاء‬
‫النجوم‪ ،‬وهي اللبنة الأ�سا�سية في تركيب‬
‫الكون المكون من مليارات المجرات والتي‬
‫تتجمع �سوي ًا مكون ًة تجمعات مجرية وبناء‬
‫�أكبر وي�سمى العناقيد المجرية والتي هي‬
‫جزء �أي�ض ًا لعناقيد �أكبر ت�سمى العناقيد‬
‫المجرية العمالقة والتي هي الآن �أكبر‬
‫تركيب ف��ي ال�ك��ون‪ ،‬م��ع �أن بع�ض العلماء‬
‫يقترحون �أن العناقيد العمالقة لربما‬
‫هي جزء من تركيب �أكبر ي�سمى الن�سيج‬
‫الكوني‪( .‬راجع الصورة رقم(‪.)9‬‬
‫ف�سبحان اهلل الذي قال‪َ (:‬ف�إِن َت َو َّل ْو ْا‬
‫الف�سيح ال����ذي ال يمكن �إدراك كنهه وال‬
‫حجمه بالعقل الب�شري وحتى‬
‫ال�صناعي الحديث ن�سبة ذاك‬
‫ال��ج��زء ال��م��رك��زي م��ن خلية‬
‫الجرثومة �إن ل��م يكن �أق��ل‬
‫من ذلك بكثير؟‬
‫ �أال ي���دع���ون���ا ذل���ك‬‫ال���ى ال��ت��ف��ك��ر ف���ي عظمة‬
‫وج�����ب�����روت وق�������درة اهلل‬
‫�سبحانه وتعالى؟‬
‫ �أال يجعلنا ذلك‬‫�أن ن��ن��ت��ب��ه ال�����ى ع���دم‬
‫م��ع�����ص��ي��ة ال��خ��ال��ق ج�� ّب��ار‬
‫ال�سماوات والأر�ض؟‬
‫ �أال يُلفتنا ذلك الى عظيم‬‫���ش���أن ال��ن��ب��ي ال��خ��ات��م و�آل بيته‬
‫الطاهرين ال��ذي��ن ا�صطفاهم‬
‫ربّ ال�����س��م��اوات والأر������ض دون‬
‫العالمين؟‬
‫يقول تعالى‪�( :‬أَ َل��مْ َي��أْنِ‬
‫ِللَّذِ ينَ �آمَ � ُن��وا �أَن تَخْ �شَ َع‬
‫الل وَمَ ��ا‬
‫ُقلُو ُبهُمْ ِل��ذِ ْك��رِ َّ ِ‬
‫نَزَ لَ مِ نَ الْحَ قِّ وَال َيكُونُوا‬
‫الل ال �إِلَـ َه �إِ َّال هُ َو عَ َل ْي ِه َك��ا َّل��ذِ ي��نَ �أُو ُت ��وا الْكِ تَابَ‬
‫َفقُلْ حَ �سْ بِيَ ّ ُ‬
‫َت َو َّكلْتُ وَهُ � َو رَبُّ ا ْل َعر ِْ�ش ا ْلعَظِ يمِ ) مِ ��ن َقبْلُ َف��طَ ��الَ عَ َليْهِ مُ‬
‫الَمَ � � ُد َفقَ�سَ تْ ُقلُو ُبهُمْ َو َكثِي ٌر‬
‫ْأ‬
‫(التوبة الآية ‪.)129‬‬
‫و�أخير ًا تبرز لدينا عدة �أ�سئلة ال بد لكل مِّ ْنهُمْ فَا�سِ قُونَ ) (�سورة الحديد‬
‫فرد من �أفراد الإن�سانية التفكير بها جيد ًا‬
‫وهي‪:‬‬
‫ ما هو حجم الإن�سان بالن�سبة الى‬‫هذا الكون الهائل؟‬
‫ ما مدى ت�أثير هذا المخلوق في هذا‬‫الكون؟‬
‫‪� -‬أال ي�شكل الإن�سان بالن�سبة الى الكون‬
‫‪7‬‬
‫‪7‬‬
‫‪8‬‬
‫�آية ‪.)16‬‬
‫وي� �ق ��ول ت �ع ��ال ��ى‪ُ ( :‬ق � ��لْ �إِن‬
‫الل فَا َّت ِبعُونِي‬
‫كُنتُمْ تُحِ بُّونَ ّ َ‬
‫الل َو َي ْغ ِف ْر َلكُمْ‬
‫يُحْ ِب ْبكُمُ ّ ُ‬
‫َالل غَ � ُف ��و ٌر‬
‫ذُ ُن ��و َب� � ُك ��مْ و ّ ُ‬
‫رَّحِ � �ي� �مٌ)(�آل ع �م��ران �آي��ة‬
‫‪.)31‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬مقولة م�شهورة بين علماء الم�سلمين‪.‬‬
‫((‪ (2‬مقتطفات مختلفة من مقاالت علمية متخ�ص�صة‪� ،‬أنظر‪ :‬ويكيبيديا‪ ،‬المو�سوعة الحرّة‪،‬‬
‫مجرّة‪ ،‬الفلك‪ ،‬الكون‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫جعفر‬
‫بن أبي طالب(رض)‬
‫أبو الكرم‬
‫وأول السفراء والقادة‬
‫(‪)1‬‬
‫يف اإلسالم‬
‫بقلم‪ :‬المفتي الدكتور ال�شيخ �سليم اللبابيدي ‪q‬‬
‫‪8‬‬
‫�شهر �شباط من كل عام نتذكر فيه القادة ال�شهداء‪،‬‬
‫ا ّل��ذي��ن ق��دم��وا �أرواح �ه��م رخي�صة ف��ي �سبيل اهلل‪ ،‬وه��م‪:‬‬
‫ال�ع�ل ّام��ة ال�سيّد عبا�س المو�سويّ وال�شيخ راغ��ب حرب‬
‫والقائد ر�ضوان (عماد مغنية)‪ ،‬وحين �أذك��ر الثالثة ال‬
‫ُب َّد و�أن �أعود في ذاكرتي �إلى القادة الثالثة الّذين قادوا‬
‫الم�سلمين وا�ست�شهدوا في غزوة م�ؤتة وقائد الثالثة الإمام‬
‫�سيّدنا جعفر بن �أبي طالب (ر�ض)‪ ،‬الذي كان قدوة �أو ًال‬
‫بالحراك ال�سيا�سيّ ‪ ،‬فهو �أول �سفير ومدافع عن الدين‬
‫حينما كان قائد �أول هجرة �إلى الحب�شة‪ ،‬وهو �أبو الكرم‬
‫فلم يعرف �أكرم منه وولده عبداهلل‪ ،‬وكانا م�ضرب الأمثال‬
‫في الكرم والجود‪ ،‬ولكثرة خ�صاله الطيبة لم نعد نتذكر‬
‫ب�أي من هذه الخ�صال لذكره‪ ،‬نذكره بالحوار الدبلوما�سي‬
‫مع الملوك‪� ،‬أم بالكرم �أم ببذل النف�س رخي�صة في �سبيل‬
‫اهلل‪ ،‬وغيرها من �صفات �آل البيت‪ ،i‬التي لم يتخ ّل عن‬
‫واحد منها‪.‬‬
‫وكان فيمن هاجر �إلى الحب�شة �سيّدنا عثمان وزوجته‬
‫رقيّة بنت النبيّ ‪ ،w‬والزبير بن العوام وع�شرة من كبار‬
‫ال�صحابة‪ ،‬وكانت مع �سيّدنا جعفر بن �أبي طالب زوجته‬
‫�أ�سماء بنت عمي�س وقد ولدت له في الحب�شة ولده عبداهلل‬
‫بن جعفر(ر�ض) وقد �شقَّ على قري�ش �أن الم�سلمين قد‬
‫ذهبوا �إلى الحب�شة و�أمنوا منهم‪ ،‬ف�أر�سلوا عبداهلل بن �أبي‬
‫(‪)2‬‬
‫ربيعة وعمرو بن العا�ص �إلى ملك الحب�شة ومعهما هدايا له‬
‫(‪)3‬‬
‫ولجميع البطارقة عنده‪.‬‬
‫وقاال لكل بطريرق منهم‪�« :‬أنه قد �ضوى (اي التج�أ)‬
‫�إل��ى بلد الملك منا غُ لمان �سفهاء ف��ارق��وا دي��ن قومهم‬
‫ول��م يدخلوا في دينكم وج��اءوا بدين مبتدع‪ .‬ال نعرفه‬
‫نحن وال �أنتم وقد بعثنا �إلى الملك فيهم �أ�شراف قومهم‬
‫ليردوهم �إليهم‪ ،‬ف���إذا كلمنا الملك فيهم ف�أ�شيروا عليه‬
‫ب���أن ي�سلمهم �إلينا وال يكلمهم «ف���إن قومهم �أع��ل��ى بهم‬
‫عيناً‪ ،‬و�أعلم بما عابوا عليهم» فقالوا لهما‪ :‬نعم»‪.‬‬
‫ثُمّ �إنهما قدما هداياهما �إلى النجا�شي فقبلها منهما‬
‫ثُمّ كلمّاه فقاال له‪ «:‬ايّها الملك �إ ّن��ه قد �ضوى �إلى بلدك‬
‫منا غُ لمانٌ �سفهاء‪ ،‬فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في‬
‫دينك وج��اءوا بدين جديد ابتدعوه ال نعرفه نحن وال‬
‫�أن��ت‪ ،‬وق��د بعثنا �إليك فيهم �أ���ش��راف قومهم من �آبائهم‬
‫و�أعمامهم وع�شائرهم لتردهم‪ ،‬ف�إنّهم �أع��ل��ى بهم عيناً‬
‫ف�إنّهم لن يدخلوا في دينك فتمنعهم لذلك!»‪.‬‬
‫ول��م يكن ��ش��يء �أب�غ����ض �إل ��ى ع �ب��داهلل ب��ن �أب ��ي ربيعة‬
‫وعمرو بن العا�ص من �أن ي�سمع كالمهم النجا�شي‪ .‬فقالت‬
‫بطارقته حوله‪� «:‬صدقاً �أيها الملك قومهم �أعلى بهم عيناً‬
‫و�أعلم بما عابوا عليهم‪ ،‬ف�أ�سلمهم لهما‪ ،‬فليرداهم �إلى‬
‫بلدهم وقومهم»‪.‬‬
‫فغ�ضب النجا�شي‪ ،‬ثُمّ قال‪ «:‬الها اهلل �إذن ال �أُ�سلمهم‬
‫�إليهما‪ ،‬وال يكاد قوم جاوروني‪ ،‬ونزلوا بالدي‪ ،‬واختاروني‬
‫على من �سواي حتى �أدعوهم فا�س�ألهم عما يقول هذان‬
‫ف��ي �أم���ره���م ف����إن ك��ان��وا ك��م��ا ي��ق��والن �أ���س��ل��م��ت��ه��م �إل��ي��ه��م��ا‪،‬‬
‫ورددتهم �إلى قومهم‪ .‬و�إن كانوا على غير ذلك منعتهم‬
‫منهما‪ ،‬و�أح�سنت جوارهم ما جاوروني»‪.‬‬
‫ثُمّ �أر�سل �إلى �أ�صحاب ر�سول اهلل ‪ ،w‬فدعاهم فلما‬
‫جاءهم ر�سوله اجتمعوا ثُمّ قال بع�ضهم لبع�ض ما تقولون‬
‫للرجل �إذا جئتموه؟ قالوا‪ :‬نقول واهلل ما عُ لِّمنا‪ ،‬وما �أمرنا‬
‫به نبينا ‪ ،w‬كائن ًا في ذلك ما هو كائن‪.‬‬
‫روي عن �أم جعفر بنت مُحمّد بن جعفر بن �أبي طالب‬
‫عن جدتها �أ�سماء بنت عمي�س(زوجة جعفر) �أنّها قالت‪:‬‬
‫لما �أُ�صيب جعفر و�أ�صحابه دخ��ل عليَّ ر�سول اهلل ‪،w‬‬
‫وق��د دبغت �أربعين منا‪ ،‬وعجنت عجيني‪ ،‬وغ�سلت بنيِّ‬
‫ودهنتهم ونظفتهم‪ ،‬فقال لي ر�سول اهلل ‪،w‬ائتني ببني‬
‫جعفر» ف�أتيته بهم‪ ،‬فت�شممهم وذرف��ت عيناه‪ ،‬فقلت‪ «:‬يا‬
‫ر�سول اهلل‪ ،‬ب�أبي �أنت و�أمي‪ ،‬ما يبكيك ؟ �أبلغك عن جعفر‬
‫و�أ�صحابه �شيء؟ ق��ال‪« :‬نعم‪� ،‬أ�صيبوا هذا اليوم‪ ،‬فقمت‬
‫�أ���ص��ي��ح‪ ،‬واج��ت��م��ع��ت �إل���يَّ ال��ن�����س��اء‪ ،‬وخ���رج ر���س��ول اهلل ‪،w‬‬
‫�إلى �أهله‪ ،‬فقال‪ »:‬ال تغفلوا �آل جعفر من �أن ت�صنعوا لهم‬
‫طعاماً‪ ،‬ف�إنّهم قد �شغلوا ب�أمر �صاحبهم»‪.‬‬
‫ويروى �أنه لما �أُ�صيب جعفر‪� ،‬أر�سل الر�سول �إلى امر�أته‬
‫�أن ابعثي �إليَّ بني جعفر‪ ،‬ف�أتى بهم‪ ،‬فقال الر�سول ‪«:w‬‬
‫اللّهم �إنّ جعفراً قد قدَّم �إليك �إلى �أح�سن الثواب‪ ،‬ف�أخلفه‬
‫في ذريته بخير ما خلفت عبداُ من عبادك ال�صالحين»‪.‬‬
‫وع��ن عائ�شة �أن�ه��ا قالت‪«:‬لما �أت���ى خ��ب��ر وف���اة جعفر‬
‫عرفنا في وجه الر�سول ‪ w‬الحزن»‪ .‬وروى �أن الر�سول‬
‫لما �أتاه نعي جعفر‪ ،‬دخل على امر�أته �أ�سماء بنت عمي�س‪،‬‬
‫فعزاها فيه‪ ،‬ودخلت فاطمة وهي تبكي وتقول«واعماه»‪،‬‬
‫فلتبك البواكي‪ ،‬ودخله من‬
‫فقال الر�سول‪:‬على مثل جعفر ِ‬
‫ذلك ه ٌم �شديد‪ ،‬حتى �أتاه جبريل‪ ،‬ف�أخبره �أن اهلل قد جعل‬
‫لجعفر جناحين مُ�ضرَّجين بالدم يطير بهما مع المالئكة‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫(‪� )1‬أخرج الحافظ ابن كثير الدم�شقي في البداية والنهاية‪ ،‬ج‪ ،2‬عدّة روايات عن‬
‫ال�صحابة المهاجرين �إلى الحب�شة منها‪ «:‬ف�أر�سل �إليهم النجا�شي فجمعهم ولم يكن‬
‫�شيء ابغ�ض لعمرو بن العا�ص وعبداهلل بن �أبي ربيعة من �أن ي�سمع كالمهم‪ .‬فلما‬
‫جاءهم ر�سول النجا�شي �إجتمع القوم فقالوا ماذا تقولون؟ فقالوا وماذا نقول‪ ،‬نقول‬
‫واهلل ما نعرف‪ .‬وما نحن عليه من �أمر ديننا‪ ،‬وما جاء به نبينا‪ ،w‬كائن من ذلك ما‬
‫كان‪ ،‬فلما دخلوا عليه كان الذي يكلّمه منهم جعفر بن �أبي طالب(ر�ض )‪ .‬فقال له‬
‫النجا�شي‪ :‬ما هذا الدين الّذي �أنتم عليه؟ فارقتم دين قومكم ولم تدخلوا في يهودية‪،‬‬
‫وال ن�صرانية؟‬
‫فقال له جعفر‪� :‬أيها الملك كنا قوم ًا على ال�شرك نعبد الأوثان ون�أكل الميتة ون�سيء‬
‫الجوار‪ ،‬ي�ستحل المحارم بع�ضنا من بع�ض في �سفك الدماء وغيرها‪ ،‬ال نحل �شيئ ًا‬
‫وال نحرمه‪ .‬فبعث اهلل �إلينا نبي ًا من �أنف�سنا نعرف وفاءه و�صدقه و�أمانته فدعانا �إلى‬
‫�أن نعبد اهلل وحده ال �شريك له ون�صل الأرحام ونحمي الجوار ون�صلي هلل ع ّز وجل‪،‬‬
‫ون�صوم له‪ ،‬وال نعبد غيره»‪� ,‬إلى �أن قال له النجا�شي‪ «:‬هل معك �شيء مما جاء به عن‬
‫اهلل»‪ [ .‬وقد دعا �أ�ساقفته فن�شروا الم�صاحف حوله] فقال له جعفر‪ :‬نعم‪ ،‬قال هلم‬
‫ف�أتل عليَّ مما جاء به‪ ،‬فقر�أ عليه �صدر ًا من «كهيع�ص» فبكى واهلل النجا�شي حتى‬
‫�أخ�ضلت لحيته‪ ،‬وبكت �أ�ساقفته حتى �أخ�ضلوا م�صاحفهم حين �سمعوا ما تال عليهم‪.‬‬
‫ثُمّ قال لهم‪� :‬إن هذا الكالم ليخرج من الم�شكاة التي جاء بها مو�سى‪� ،‬إنطلقوا را�شدين‬
‫ال واهلل ال �أردهم عليكم وال �أنعمكم عينا» �ص ‪ 93‬ـ ‪(.94‬دار �إحياء التراث العربي ـ‬
‫م�ؤ�س�سة التاريخ العربيّ ـ بيروت ـ الطبعة الأولى‪� ،‬سنة ‪1413‬هـ‪1993 .‬م‪.‬‬
‫و�أخرج الحافظ ابن كثير الدم�شقي �أي�ض ًا رثاء ح�سّ ان بن ثابت له بعد �شهادته في‬
‫غزوة م�ؤتة‪:‬‬
‫ول� � � � � �ق � � � � ��دْ َب � � � � � َك � � � � �ي� � � � ��تُ وع� � � � � � � � � � ّز م � � � � َّه � � � �ل� � � ��ك ج� � �ع� � �ف � ��رِ‬
‫حِ � � � � � � � � � � ��بِّ ال� � � � �ن� � � � �ب � � � ��ي ع� � � � �ل � � � ��ى ال � � � � �ب� � � � ��ري� � � � ��ة ك � � � ّل � � �ه� � ��ا‬
‫ول� � � � �ق � � � ��د ج� � � � � ��زِ ع� � � � � ��تُ وق � � � � �ل� � � � ��تُ ح� � � �ي � � ��ن ُن� � � �ع� � � �ي � � ��ت ل� ��ي‬
‫(‪)1‬‬
‫م � � � � ��ن ل � � � �ل� � � ��جِ � �ل ��اد ل� � � � � � ��ذى ال � � � �ع � � � �ق� � � ��اب وظ � � � �ل � � � �ه� � � ��ا‬
‫ب� � ��ال � � �ب � � �ي � � ��� � ��ض ح� � � �ي � � ��ن ُت� � � � �� � � َ� ��س� � � � � ُّل م� � � � ��ن �أغ � � � �م� � � ��اده� � � ��ا‬
‫�� � � � �ض � � � ��رب� � � � � ًا و�إن� � � � � � � � �ه � � � � � � � ��الِ ال� � � � � � ��رم� � � � � � ��اح وعَ � � � � ِّل � � � �ه� � � ��ا‬
‫ب� � � � �ع � � � ��د اب � � � � � � � ��ن ف � � � ��اط� � � � �م � � � ��ة ال� � � � � �م� � � � � �ب � � � � ��ارك ج� � �ع� � �ف � ��ر‬
‫خ� � � � �ي � � � ��ر ال � � � � � �ب� � � � � ��ر ّي� � � � � ��ة ك� � � � � ّل� � � � �ه � � � ��ا و أ�ج� � � � � � �ل� � � � � � �ه � � � � � ��ا‬
‫رُزء ًا و�أك � � � � ��رم� � � � � �ه � � � � ��م ج � � �م � � �ي � � �ع � � � ًا مَ � � � � ��حْ � � � � � ِت� � � � ��د ًا‬
‫و�أع� � � � � � � � � � � � ّزه � � � � � � � � � � ��ا م � � � � �ت � � � � �ظ � � � � � ِّل � � � � �م � � � � � ًا و�أذل � � � � � � � �ه� � � � � � � ��ا‬
‫ل� � � � �ل� � � � �ح � � � ��قِّ ح� � � � �ي � � � ��ن ي� � � � � � �ن � � � � � ��وبُ غ� � � � � �ي� � � � � � َر ت � � � �ن� � � ��حُّ � � � ��لٍ‬
‫ك� � � � � � ��ذب � � � � � � � ًا وان � � � � � � � � ��داه � � � � � � � � ��ا ي � � � � � � � � � � ��د ًا و�أق� � � � � � ّل� � � � � �ه � � � � ��ا‬
‫ُف� � � �ح� � � ��� � � �ش� � � � ًا و�أك� � � � � �ث � � � � ��ره � � � � ��ا �إذا م � � � � ��ا ُي � � �ج � � �ت� � ��دى‬
‫(‪)3‬‬
‫ف � � � �� � � � �ض � �ل� � ًا و أ�ن � � � � � � � ��داه � � � � � � � ��ا ي � � � � � � � � ��د ًا و أ�ب� � � � � � � ّل� � � � � � �ه � � � � � ��ا‬
‫ب � � � � � ��ال� � � � � � � ًع � � � � � ��رف غ � � � � � �ي � � � � � � َر م � � � � �ح � � � � �م� � � � ��دٍ لأم � � � �ث � � � �ل� � � ��ه‬
‫(‪)4‬‬
‫ح � � � � � � ��يٌّ م � � � � ��ن أ�ح� � � � � � � �ي � � � � � � ��ا ِء ال� � � � �ب � � � ��ري � � � ��ة ك� � � � � ِّل� � � � �ه � � � ��ا‬
‫العقاب‪ :‬ا�سم راية ر�سول اهلل‪.w‬‬
‫‪) 1‬‬
‫فاطمة‪ :‬هي فاطمة بنت �أ�سد بن ها�شم وهي �أم جعفر وعلي ابنا �أبي طالب‪.‬‬
‫‪)2‬‬
‫وعجزه في الديوان‪ :‬ف�ضالً‪ ،‬و�أبذلها ندى‪ ،‬و�أبلّها‪.‬‬
‫‪)3‬‬
‫البيت في ديوان ح�سان‪:‬‬
‫‪)4‬‬
‫ع � � � � �ل� � � � ��ى خ � � � � �ي� � � � ��ر ب � � � � �ع� � � � ��د م� � � � �ح� � � � �م � � � ��د ال�� � � �ش� � � �ب� � � �ه � � ��ه‬
‫ب� � � � ��� � � � �ش� � � � � ٌر ُي� � � � � � �ع� � � � � � � ُّد م � � � � � ��ن ال � � � � �ب� � � � ��ري� � � � ��ة جُ � � � � ِّل � � � �ه� � � ��ا‬
‫‬
‫(عن نف�س الم�صدر الآنف الذكر)‪ ،‬ج‪� ،4‬ص ‪.293‬‬
‫(‪ )2‬مفتي فل�سطين ف��ي لبنان وال�شتّات‪ ،‬ع�ضو م�ؤ�س�س ف��ي تجمع العلماء‬
‫الم�سلمين في لبنان‪ .‬فــوجـئــت جـمــاهـيــر الـمـقــاومــة الفلسطينية بــوفــاتــه ‪ q‬يــوم‬
‫اإلثنين قي ‪ 31‬أذار ‪2015‬م‪ .‬حيث شُيع وصلي عليه في جامع الخاشقجي‬
‫ـ بيروت‪ .‬فإنا لله وإنا إليه راجعون‪ .‬وال حول وال قوة إالّ بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫(‪ )3‬البطريرك (ج بطاركة �أو بطارقة) كلمة يونانية مكونة من �شطرين‪،‬‬
‫ترجمتها الحرفية «الأب الرئي�س»؛ ومن حيث المعنى فهي ت�شير �إلى من يمار�س‬
‫ال�سلطة بو�صفه الأب‪ ،‬على امتداد الأ�سرة‪ ،‬ولذلك ف�إن النظام المعتمد على‬
‫�سلطة الأب‪ ،‬يدعى «النظام البطريركي«‪� .‬أما في الم�سيحية‪ ،‬فتتخذ الكلمة‬
‫معنى رئي�س الأ�ساقفة في الكنائ�س الأرثوذك�سية والكاثوليكية؛ ويدعى مكتب‬
‫البطريرك البطريركية‪� .‬أما الم�ؤرخون العرب فقد ا�صطلحوا على الكلمة لفظ‬
‫« بطريق » ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪9‬‬
‫من أدعيّ ة‬
‫المهدي المنتظر‬
‫ّ‬
‫اإلمام‬
‫من ضوابط‬
‫االجتهاد والتجديد‬
‫حممد ابن اإلمام احلسن العسكريّ ‪o‬‬
‫املولود يف سامراء‬
‫يف اخلامس عشر من شهر شعبان سنة ‪255‬هـ‪.‬‬
‫يف الفكر اإلسالمي املعاصر‬
‫إعداد‪ :‬هيئة التحرير‬
‫‪10‬‬
‫حيث ورد عنه‪� ،t‬أدع � ّي��ة و�صلوات‬
‫و�أوراد كثيرة‪ ،‬ذُ ك��رت ف��ي كتب الأدع� ّي��ة‬
‫والزيارات المعروفة عند ال�شيعة الإماميّة‬
‫االثني ع�شريّة المعروفين �أي�ض ًا بال�شيعة‬
‫الجعفريّة‪ ،‬وهذه الأدعيّة والأوراد تو�ضح‬
‫للم�سلمين ب�شكل ع��ام ول�شيعته ب�شكل‬
‫خ��ا���ص ال�خ�ط��وط ال�ع��ا ّم��ة الط��روح��ة هذا‬
‫الإم��ام المنتظر‪ ،t‬م�صداق ًا لقول اهلل‬
‫ِالل وَمَ ا �أُنزِ لَ عَ َل ْينَا وَمَ ا‬
‫تعالى‪( :‬قُلْ �آمَ نَّا ب ّ ِ‬
‫�أُن ��زِ لَ عَ لَى �إِ ْب�رَاهِ �ي��مَ َو إِ��سْ مَاعِ يلَ َو�إِ�سْ حَ قَ‬
‫َاط وَمَ ا �أُوتِيَ مُو�سَ ى وَعِ ي�سَ ى‬
‫َو َي ْعقُوبَ وَالأَ�سْ ب ِ‬
‫وَال َّن ِبيُّونَ مِ ن َّربِّهِ مْ َال ُن َفرِّقُ َبيْنَ �أَحَ دٍ مِّ ْنهُمْ‬
‫َونَحْ نُ َل ُه مُ�سْ ِلمُونَ ) �سورة �آل عمران‪،‬‬
‫الآية ‪ .84‬وذلك من خالل الدعوة‬
‫وال��ع��م ��ل ب �ت �ق��وى اهلل ت �ع��ال��ى‪،‬‬
‫وتطهير الأر� ��ض م��ن الظلم‬
‫والف�ساد والمنكر وانتظار‬
‫ال �ي ��وم ال� ��ذي ينت�صر‬
‫ب ��ه ال �ه ��دى وال �ح��ق‬
‫وال�صدق على الباطل والكذب‪.‬‬
‫وق��د �أوردت بع�ض الأدل ��ة على ذلك‬
‫ف��ي كتابي‪«:‬الم�سيح الموعود والمهدي‬
‫ال � ُم �ن �ت �ظ��ر»‪«،‬ال �م �ه��دي ال � ُم �ن �ت �ظ��ر بين‬
‫الحقيقة وال�خ�ي��ال» م��ن ال �ق��ر�آن الكريم‬
‫وال���ُ�س� ّن��ة ال�شريفة‪ ،‬وم��ن العهد القديم‬
‫وال �ع �ه��د ال��ج ��دي ��د‪ ،‬وم� ��ن اق � ��وال بع�ض‬
‫الفال�سفة والمفكرين من م�سلمين وغير‬
‫م�سلمين و�أج �ب��ت على بع�ض ال�شبهات‬
‫والأ��س�ئ�ل��ة ح��ول ذل ��ك‪ .‬وم� ّم��ا �أوردت� ��ه في‬
‫كتاب‪«:‬المهديّ المُنتظر بين الحقيقة‬
‫والخيال» قوله ‪:t‬‬
‫َّ‬
‫ُم ا ْر ُزقْنا تَ ْو ِفي َق الطا َع ِة َو ُب ْع َد‬
‫[ اللّه َّ‬
‫املَْع ِصيَ ِة َو ِص ْد َق ال ِنيَّ ِة َو ِع ْرفا َن ُ‬
‫احل ْر َم ِة‪،‬‬
‫َوأَ ْكر ْمنا ْ ُ‬
‫بالدى َواال ْس ِتقا َم ِة َو َس ِّد ْد‬
‫َ ِ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫حل ْك َم ِة‪َ ،‬وامأل‬
‫الص‬
‫ب‬
‫نا‬
‫ت‬
‫َّ‬
‫واب َوا ِ‬
‫ألْ ِسن ِ‬
‫ِ‬
‫ُقلُوبَنا ِبالْ ِعلْ ِم َواملَْعرفَ ِة‪َ ،‬و َط ِّه ْر‬
‫بُ‬
‫ُطونَنا ِم َن َ‬
‫احلرام َو ُّ‬
‫الشبْ َه ِة‪َ ،‬وا ْكفُ ْف‬
‫ِ‬
‫أَيْ ِديَنا َع ْن ُّ‬
‫الس ِرقَ ِة‪َ ،‬وا ْغ ُض ْ‬
‫ض‬
‫الظلْ ِم َو َّ‬
‫َ‬
‫ور َواخليانَ ِة‪َ ،‬وا ْس ُد ْد‬
‫أَبْصا َرنا َع ْن الفُ ُج ِ‬
‫أ ْساعَنا َع ْن اللَّ ْغ ِو َوال ِغيْبَ ِة‪َ ،‬وتَفَ َّض ْل‬
‫عَلى عُلَما ِئنا ِب ُّ‬
‫يح ِة َوعَلى‬
‫الز ْه ِد َوالنَّ ِص َ‬
‫ُ‬
‫املُتَ َعلِّ ِم َ‬
‫الر ْغبَ ِة َوعَلى‬
‫ني‬
‫باجل ْه ِد َو َّ‬
‫ِّ‬
‫املُ ْستَ ِم ِع َ‬
‫باع َواملَْو ِع َظ ِة‪َ ،‬وعَلى‬
‫ني ُ ِباالت ِ‬
‫ني ِب ِّ‬
‫َم ْرضى امل ْسلِ ِم َ‬
‫اح ِة‪،‬‬
‫الر َ‬
‫الشفا ِء َو َّ‬
‫ْ‬
‫ح ِة‪،‬‬
‫الر ْ َ‬
‫الرأفَ ِة َو َّ‬
‫َوعَلى َم ْوتا ُهمْ ِب َّ‬
‫الس ِكينَ ِة‪،‬‬
‫قار َو َّ‬
‫َوعَلى َم ِ ِ‬
‫شاينا ِبالْ ِو ِ‬
‫َوعَلى َّ‬
‫باب ِباالِنابَ ِة َوالتَّ ْوبَ ِة‪َ ،‬وعَلى‬
‫الش ِ‬
‫َ‬
‫النِّسا ِء َ‬
‫باحليا ِء َوال ِعفَّ ِة‪َ ،‬وعَلى اال ْغ ِنيا ِء‬
‫ِبالتَّ ُ‬
‫الس َع ِة‪َ ،‬وعَلى الُفَقرا ِء‬
‫واضع َو ِّ‬
‫ب َوالقَنا َع ِة َوعَلى ال ُغزا ِة ِبالْنَ ْص ِر‬
‫ِبالْ َص ْ ِ‬
‫َوال َغلَبَ ِة‪َ ،‬وعَلى االُ َسرا ِء ِب ْ َ‬
‫الص‬
‫ال ِ‬
‫اح ِة‪َ ،‬وعَلى االُ َمرا ِء ِبال َع ْد ِل‬
‫الر َ‬
‫َو َّ‬
‫َو َّ‬
‫صاف‬
‫الشفَقَ ِة‪َ ،‬وعَلى َّ‬
‫الر ِعيَّ ِة ِباإلنْ ِ‬
‫ري ِة‪َ ،‬و ِ ْ ْ‬
‫اج‬
‫الس َ‬
‫َو ُح ْس ِن َّ‬
‫بارك لِْل ُح ّج ِ‬
‫َو ُّ‬
‫الز ّو ِار ِف الزَّا ِد َوالنَّفَقَ ِة‪َ ،‬واق ِض ما‬
‫أَْو َجبْ َت عَلَيْ ِهمْ ِم َن َ‬
‫احل ِّج َوال ُع ْم َر ِة‬
‫احني] (‪.)1‬‬
‫ِبفَ ْضلِ َك َو َر ْ َ‬
‫ح ِت َك ياأَ ْر َحمَ َّ‬
‫الر ِ ِ‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬المهدي المُنتظر بين الحقيقة والخيال‪ ،‬للقا�ضي عمرو‪ ،‬دار المحجة البي�ضاء‪ ،‬ط‪ .‬الثانية‪ ،‬ق�دّم له‬
‫المون�سنيور جوزف مرهج رئي�س جامعة الحكمة ـ بيروت ‪2007‬م‪� .‬ص ‪ 56‬ـ ‪ .57‬نق ًال عن كتاب مفاتيح‬
‫الجنان‪ ،‬لل�شيخ عبّا�س القمي‪� ،‬ص ‪ 170‬ـ ‪.171‬‬
‫بقلم‪ :‬د‪.‬ي�سري عبد الغني عبداهلل‬
‫نعرف أن من أحكام اهلل جل شأنه ما‬
‫يتلقاه المسلمون‪ .‬بما فيهم المجتهدون‪.‬‬
‫بالقبول والتسليم‪ ،‬وفيها ما يجب فيه إعمال‬
‫العقل واالجتهاد‪ ،‬ولكن هذا االجتهاد‬
‫ليس وظيفة الجميع أو فرض عين على‬
‫كل الناس‪ ،‬بل هو مهمة الفقيه المجتهد‪،‬‬
‫أو العالم بالفقه الذي يمتلك القدرة على‬
‫الموازنة بين األحكام االجتهادية وأدلتها‪،‬‬
‫ليختار من بين أقوال أهل االجتهاد أقواها‬
‫دليالً‪ ،‬وأوفاها بمصالح األمة ومنافعها‪.‬‬
‫ونرى أن أهم ما ينبغي االتفاق عليه في‬
‫ظروفنا الراهنة‪ ،‬وقد أصبحنا نعاني من‬
‫الجمود الفكري في جانب‪ ،‬والتسيب أو‬
‫الفوضى االجتهادية في جانب آخر‪ ،‬هو‬
‫االتفاق على ضوابط التجديد واالجتهاد‬
‫في الفكر الذي يمكن أن نصفه ونحن على‬
‫اطمئنان تام بأنه فكر إسالمي معاصر‪.‬‬
‫الضابط األول‪:‬‬
‫االتفاق على المرجعية اإلسالمية‪:‬‬
‫(‪(1‬‬
‫من ُسنّة الرسول المعظّم محمد‪ ،w‬ويلحق‬
‫بذلك ما أجمع أهل االجتهاد عليه من‬
‫أمثلة الرسول(صلى اهلل عليه وسلم)‪ ،‬فال‬
‫يمكننا أن نصف رأياً‪ .‬مهما كان صاحبه‪.‬‬
‫يبيح نكاح المحرمات‪ ،‬أو يسوي في‬
‫الميراث بين البنات والبنين‪ ،‬أو يتناقض‬
‫مع نصوص قطعية ال��ورود والداللة‪ ،‬أو‬
‫يخرج تماماً عما أجمع عليه علماء األمة‪،‬‬
‫بأنه اجتهاد شرعي وتجديد إسالمي‪ ،‬وإال‬
‫قطعنا الصلة بين ماضي األمة وحاضرها‪،‬‬
‫واسبغنا وصف اإلسالمية على ما يخالف‬
‫أصول اإلسالم نفسه‪.‬‬
‫الضابط الثاني ‪:‬‬
‫االلتزام بقواعد اللغة العربية‪:‬‬
‫ونقصد بذلك االلتزام الكامل بقواعد‬
‫اللغة العربية في تفسيرنا للنصوص الدينية‬
‫وتأويلها‪ ،‬فإن كتاب اهلل الحكيم عربي‬
‫مبين‪ ،‬كما يقول المولى جل وعال‪ (:‬وَإِنَّ ُه‬
‫َب الْعَالَمِي َن نَ َز َل بِ ِه الرُّو ُح‬
‫لَتَنزِي ُل ر ِّ‬
‫ِك لِتَكُو َن ِم َن الْمُن ِذرِي َن‬
‫أول ه��ذه الضوابط التي نراها هو‪ :‬الَْمِي ُن َعلَى قَلْب َ‬
‫ِي ُّمبِينٍ) سورة الشعراء‪،‬‬
‫االتفاق على المرجعية اإلسالمية‪ ،‬وأساس بِلِسَا ٍن َعرَب ٍّ‬
‫المشروعية التي يتم في إطارها كل اجتهاد‬
‫أو تجديد‪ ،‬وهي مرجعية الوحي المباشر‬
‫في كتاب اهلل المجيد‪ ،‬أو غير‬
‫المباشر في الثابت‬
‫اآلية‪ 192 :‬ـ ‪ ،195‬والسنة النبوية المطهرة‬
‫جاءت كلها بهذا اللسان‪.‬‬
‫وع��ل��ي��ه ف���إن أل��زم‬
‫الضوابط التي تفرض‬
‫نفسها على أي محاولة‬
‫للتجديد أو التأويل‬
‫لهذه النصوص اتباع‬
‫أس��ال��ي��ب ال��ع��رب في‬
‫الخطاب‪ ،‬وكذلك اتباع‬
‫مناهجها في التعبير‬
‫والتصوير والداللة على‬
‫المعاني‪ ،‬أمراً ونهياً‪،‬‬
‫إثباتاً ونفياً‪ ،‬تخصيصاً‬
‫وتعميماً‪ ،‬وصالً وفصالً‪،‬‬
‫حقيقة وم��ج��ازاً‪ ،‬مع‬
‫تفقه ف��ي أس���رار ذلك‬
‫كله‪ ،‬وأساليبه المتنوعة‬
‫في كتاب اهلل العظيم‪،‬‬
‫وسنة رسوله الكريم‬
‫‪.w‬‬
‫نفعل ذلك ونلتزم به‬
‫حتى ال تزل القدم‪ ،‬أو‬
‫يميل بنا الهوى في‬
‫‪11‬‬
‫من يميل‪ ،‬أو يتحكم فينا‬
‫الشطط وعدم الروية عن جهل‬
‫أو سوء طوية‪ ،‬وقد روى ابن‬
‫عبد البر في كتابه‪( :‬جامع‬
‫بيان العلم وفضله) ما يدل على‬
‫خطر التأويل لكالم النبي محمد‬
‫‪w‬الذي هو وح��ي يوحى‪،‬‬
‫حيث يقول‪«:‬يحمل هذا العلم‬
‫من كل خلف عدوله ينفون‬
‫عنه تحريف المغالين‪ ،‬وتأويل‬
‫المبطلين‪ ،‬وانتحال الجاهلين»‬
‫الضابط الثالث‪:‬‬
‫االحتكام إلى القواعد‬
‫الشرعية‪:‬‬
‫‪12‬‬
‫ونعني ب��ه��ذا الضابط‪:‬‬
‫االحتكام إلى القواعد الشرعية‬
‫األصولية المستنبطة على‬
‫سبيل االستقراء من الشريعة‬
‫اإلسالمية على النحو الذي‬
‫يسميه اإلم���ام ‪ /‬الشاطبي‬
‫(التواتر شبه المعنوي)‪ ،‬أو‬
‫الواردة بنصها من لفظ الشارع‬
‫كقاعدة المقاصد الشرعية‬
‫الضرورية في حماية‪ :‬الدين‪،‬‬
‫والنفس‪ ،‬والعقل‪ ،‬والعرض‪،‬‬
‫والمال‪ ،‬وكذلك قاعدة رفع‬
‫الضرر‪ ،‬وقاعدة الضرورة‪،‬‬
‫وقاعدة الغنم بالغرم‪ ،‬ونحو‬
‫ذل��ك مما استخلصه علماء‬
‫األص��ول من استقراء أحكام‬
‫الشريعة ونصوصها‪.‬‬
‫ف�لا يصح لمجتهد أن‬
‫يغفل بأي حال من األحوال‬
‫تلك ال��ق��واع��د األصولية‪،‬‬
‫ويفسر النصوص ويجتهد‬
‫في النوازل والمستجدات‬
‫بما يناقضها‪ ،‬ألنه بذلك‬
‫َّب‬
‫ِن اللََّ َحب َ‬
‫َكثِي ٍر ِّم َن الَْ ْم ِر لَ َعنِتُّمْ وَلَك َّ‬
‫َرهَ‬
‫إِلَيْ ُك ُم الِْيمَا َن وَ َزيَّنَ ُه فِي ُقلُوبِ ُكمْ وَك َّ‬
‫ِك‬
‫ِصيَا َن أُوْلَئ َ‬
‫ُسو َق وَالْع ْ‬
‫إِلَيْ ُك ُم الْ ُكفْرَ وَالْف ُ‬
‫َضالً ِّم َن اللَِّ وَنِ ْع َم ًة‬
‫ُه ُم الرَّا ِشدُو َن ف ْ‬
‫وَاللَُّ َعلِي ٌم َحكِيمٌ) سورة الحجرات‪،‬‬
‫يخرج على األحكام الشرعية نصاً أو روحاً‪،‬‬
‫وربما انتهى به األمر إلى التأويل الباطل‬
‫أو التحريف المغالي‪ ،‬أو أن يلصق بالدين‬
‫ما ليس فيه وهو االنتحال‪ ،‬وتلك األمور‬
‫الثالثة حذر منها الرسول محمد(صلى‬
‫اهلل عليه وسلم)‪ ،‬وجعل مقاومتها واجب اآلية‪ 7 :‬ــ ‪.8‬‬
‫العلماء في كل جيل‪.‬‬
‫وصدق اهلل تعالى إذ يقول أيضاً‪ (:‬يَا‬
‫الضابط الرابع‪:‬‬
‫أَيُّهَا الَّذِي َن آ َمنُوا إِن َجاء ُكمْ فَا ِس ٌق‬
‫ِجهَالَ ٍة‬
‫ُصيبُوا قَوْمًا ب َ‬
‫عدم االعتماد على نص شرعي واحد‪ :‬بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن ت ِ‬
‫ِحوا َعلَى مَا فَ َعلْتُمْ نَا ِدمِينَ) سورة‬
‫ُصب ُ‬
‫ال يعقل أن يتعرض المرء للحكم على فَت ْ‬
‫بعض األمور أو الفتوى فيها اعتماداً على‬
‫نص شرعي واحد يتعلق بها مع إغفال سائر‬
‫النصوص المتعلقة بها أيضاً‪.‬‬
‫وقد رأينا بعض المعاصرين بسبب‬
‫نقص العلم والمعرفة وال��دراي��ة لديه‪،‬‬
‫باإلضافة إلى دخوله في ما ال يحسن‪،‬‬
‫نجدهم يقومون بالفتوى المخالفة في أمور‬
‫أجمع عليها الفقهاء الثقات‪ ،‬كحرمة القيام‬
‫ألهل الفضل والعلم‪ ،‬قائلين لنا‪ :‬صافحهم‬
‫وأنت جالس!!‪ ،‬ويبررون كالمهم بحديث‬
‫سمعوه يتصل بذلك‪ ،‬دون أن يلموا إلماماً‬
‫علمياً ج��اداً باألحاديث األخ��رى التي‬
‫أباحت احترام أهل العلم والفضل‪ ،‬والقيام‬
‫لهم تبجيالً وتقديراً‪.‬‬
‫ويزداد األمر خطورة عندما يتعلق بدماء‬
‫المسلمين‪ ،‬ودينهم‪ ،‬وأمنهم‪ ،‬ومالهم‪،‬‬
‫وعرضهم‪ ،‬فيقع بعض الناس من أدعياء‬
‫العلم والدعوة في تكفير أهل العلم والفضل‪،‬‬
‫والسابقين إلى اإلسالم من أصحاب الرسول‬
‫‪ ،w‬فيبيحون (والعياذ باهلل) محاربتهم‪،‬‬
‫وسبهم‪ ،‬واالعتداء عليهم‪ ،‬وذلك أكبر دليل‬
‫على سوء فهمهم لإلسالم‪ ،‬وقد فاتهم أن‬
‫رسول اهلل ‪ w‬قال في الحديث الصحيح‬
‫المتفق عليه‪ «:‬سباب المؤمن فسوق‪ ،‬وقتاله‬
‫كفر»‪.‬‬
‫كما غفلوا عن قوله عز وجل‪(:‬وَا ْعلَمُوا‬
‫الحجرات‪ ،‬آية ‪6‬‬
‫وقد ذكر أئمة التفسير أن هذا األمر كان‬
‫من وراء الكثير من التأويالت الخاطئة‪.‬‬
‫ومن المسلم به أن المرء ال يستطيع‬
‫أن يصل إلى الفهم الصحيح‪ ،‬واإلدراك‬
‫السليم‪ ،‬والتفسير الصائب لنص مقتطع‬
‫من نسق فكري كامل دون مراعاة المجموع‬
‫أو تبين وإظهار الداللة المستفادة من نص‬
‫مروي‪.‬ـ بشرياً كان أو إلهياً‪ .‬دون بحث‪،‬‬
‫وبالذات عندما ترتبط به نصوص أخرى‬
‫تفيد إطالقه‪ ،‬أو تخصيص عمومه‪ ،‬أو تزيل‬
‫ما يعتوره من إخفاء أو إشكال‪ ..‬إلى آخر ما‬
‫هو مقرر ومعروف لدى أهل الشأن‪ ،‬وعلى‬
‫كل من يتصدى للحديث في قضايا اإلسالم‬
‫أن يعلمه ويدرسه جيداً حتى تأتي أحكامه‬
‫سليمة ومقبولة ومفيدة للجمهور‪.‬‬
‫الضابط الخامس‪:‬‬
‫التوفر على فهم الواقع‪:‬‬
‫وآخ��ر م��ا ن���ورده م��ن ه��ذه الضوابط‬
‫المقترحة التوفر على فهم المشكالت‬
‫الواقعية المعاشة‪ ،‬والنوازل المتجددة التي‬
‫يواجهها المسلمون في بالدهم المختلفة‪،‬‬
‫وظروفهم المتفاوتة في حياتهم المعاصرة‪،‬‬
‫فإن الحكم على الشيء‪ .‬كما علمنا شيوخنا‬
‫األج�لاء‪ .‬فرع عن تصوره‪ ،‬وكيف يحكم‬
‫المرء على ما يجهل؟!‪ ،‬أو ما ال يلم إلماماً‬
‫أ ََّن فِي ُكمْ ر ُ‬
‫َسو َل اللَِّ لَوْ يُطِي ُع ُكمْ فِي جيداً بحقيقته وظروفه؟!‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬باحث وخبير في التراث الثقافي‪ ،‬من جمهورية م�صر العربيّة‪.‬‬
‫الحديث‬
‫عن علماء الشيعة‬
‫في كسروان‬
‫احللقة الثانيّة‬
‫‪13‬‬
‫بقلم‪ :‬ال�سيد محمد يو�سف المو�سوي‬
‫من ب��اب ال��واج��ب المُملى‬
‫علينا ذكر أسماء ألعالم سموا‬
‫في عالم اإلسالم‪ .‬ومن أسباب‬
‫هذا السمو تبوؤهم مراتب في‬
‫الفضيلة وبلوغهم درجات من‬
‫والخلقي‪ ،‬هذا‬
‫الكمال النفسي ُ‬
‫هو حال من تدّرج في ُسلّْم هذه‬
‫المراتب وهي بالغ ما بلغوه‬
‫وكانت سبباً لهذا السمو‪.‬‬
‫وبديهي أن نتابع ما‬
‫كنا قد بدأنا ُه من سرد‬
‫أسماء علماء بمجاالت‬
‫الفضيلة ـ في الحلقة‬
‫األولى ـ وحازوا سمواً‬
‫مما شرحناه وكان من‬
‫ه��ذه األمثلة التي‬
‫تركت أثراً‪ ،‬مُتقدّماً‬
‫وسبّاقاً في مجال الريادة والسبق منهم‪:‬‬
‫• المفضل بن محمد بن مسعد‬
‫بن محمد أبو المحاسن التنوخي‪ :‬كان‬
‫فقيهاً نحوياً أديباً‪ ،‬وكان مُعتزالً شيعياً‬
‫مبتدعاً‪ ،‬أصله من المعرّة‪ ،‬وقدم بغداد‬
‫فأخذ عن علي بن عيسى الربعي وعن‬
‫علي بن عبداهلل الدقيقي ومن محمد بن‬
‫أشرس النحوي‪ ،‬وسمع أبو عمر إبن‬
‫مهدي‪ ،‬وأخذ الفقه عن أبي الحسين‬
‫القدوري الحنفي‪ ،‬والصيمري‪ ،‬وحدَّث‬
‫بدمشق وناب في القضاء بها‪ ،‬وولي‬
‫قضاء بعلبك‪ ،‬وح��دَّث عنه الشريف‬
‫النّسابة‪ ،‬وصنّف‪« :‬تاريخ النحاة»‪.‬‬
‫وكتاب «الرّد على الشافعي» وكان يضع‬
‫منه‪ .‬مات سنة إثنتين وقيل ثالث‬
‫(‪)1‬‬
‫وأربعين واربعمائة‪.‬‬
‫• الفقيه الشيخ أب��ي عبداهلل‬
‫الحسين بن هبة اهلل الطرابلسي‪ ،‬الذي‬
‫روى كتاب «معدن الجواهر» للكراجكي‬
‫ونقله عنه الشيخ علي بن الحصري أبو‬
‫الحسن الحائري‪ ،‬وردت ترجمته في‬
‫ثنايا تلميذه الشيخ علي بن الحصري‬
‫هذا كما ترجمه الدكتور عمر عبد السالم‬
‫تدمري برقم ‪ ،472‬ص ‪ 26‬و ‪ ،27‬ج‪2‬‬
‫من كتابه «تراجم العلماء واألعالم في‬
‫القرن السادس الهجري»‪ .‬وأن صاحب‬
‫الترجمة أبو الحسن الحائري دفين صور‬
‫سنة ‪449‬هـ‪.‬‬
‫• الشاعر الطرابلسي الكبير‬
‫إبن منير أبو الحسين أحمد بن أحمد‬
‫بن مفلح الطرابلسي‪ ،‬الملقب مهذب‬
‫الدين‪ ،‬عين الزمان‪ ،‬الشاعر المشهور‪،‬‬
‫وكان بينه وبين إبن القيسراني مكاتبات‬
‫وأج��وب��ة وم��ه��اج��اة‪ ،‬وك��ان��ا مقيمين‬
‫‪14‬‬
‫بحلب‪ ،‬ومتنافسين في صناعتهما‪،‬‬
‫ومولده منير سنة ث�لاث وتسعين‬
‫وأربعمائة‪ ،‬وتوفي في جمادى اآلخرة‬
‫سنة ثمان واربعين وخمسمائة بحلب‪،‬‬
‫ودفن في جبل جوشن بقرب المشهد‬
‫الذي هناك‪ ،‬وقيل إنه توفي بدمشق‪،‬‬
‫ونقل إلى حلب فدفن بها ـ واهلل أعلم‬
‫ـ يختم ترجمته بقلم قطب الدين موسى‬
‫بن أبي الفتح محمد اليونيني في ذيله‬
‫على مرآة الزمان نقالً عن كالم قاضي‬
‫(‪)2‬‬
‫القضاة‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫ونقرأه عند الدكتور عمر عبد السالم‬
‫تدمري في كتابه تراجم العلماء واألعالم‬
‫في القرن السادس الهجري في ج‬
‫‪ ،2‬ص ‪ ،110‬ضمن ترجمة السيد‬
‫ُضر الموسوي نقيب‬
‫الشريف أبي م َ‬
‫األشراف ومرجع الشيعة في األطراف‬
‫لكن مؤرخنا التدمري بوَّبه تحت‬
‫إسم «الفقيه الجليل» السيد فضل‬
‫اهلل الرواندي أبو الرضا ـ والحال‬
‫أن سيّدنا الفقيه الرواندي هو سيد‬
‫حسني وليس سيداً موسوياً والمترجم‬
‫سيّد موسوي (‪ ،)3‬وسبب الربط بينه‬
‫وبين شاعرنا إبن منير الطرابلسي‬
‫أنه زاره ببغداد سنة (‪ )...‬نقالً عن‬
‫الحجة الحموي قال‪ :‬إن إبن‬
‫إبن ّ‬
‫منير الطرابلسي هاجر إلى مدينة‬
‫السالم بغداد وغالب الممالك‬
‫وكان بينه وبين مهذب الدين إبن‬
‫منير مودة ونقل أشعاراً له‪.‬‬
‫• ال��س�يّ��د محمد بن‬
‫إبراهيم بن جعفر بن هبة‬
‫اهلل بن حيدر بن عبداهلل بن‬
‫الحسن بن الحسن بن موسى‬
‫بن عبيداهلل بن الحسن بن‬
‫علي بن أحمد الحقيني بن‬
‫علي بن الحسين األصغر‬
‫اب��ن موالنا اإلم��ام علي‬
‫زي��ن العابدين(عليه‬
‫ال �سّ�لام)‪ ،‬المعروف‬
‫ب��إب��ن الطرابلسي‪.‬‬
‫ذك��ره الدكتور عمر‬
‫عبد السالم تدمري في كتابه تراجم‬
‫العلماء األع�لام في القرن السادس‪،‬‬
‫ج‪ ،2‬ص ‪ 143‬نقالً عن «تاريخ بيهق»‬
‫للشيخ علي البيهقي المشتهر بإبن فندق‬
‫المتوفى سنة ‪565‬ه��ـ‪ .‬طبع دار إقرأ‬
‫ترجمة وتحقيق يوسف الهادي ـ دمشق‬
‫سنة ‪1425‬ه��ـ‪2004 /.‬م‪ .‬ص ‪. 171‬‬
‫وضمن ترجمة أخرى ص ‪ ،144‬ج‪1‬‬
‫منه قال‪ :‬سيّد من ساللة آل البيت من‬
‫سكان طرابلس نزح عنها عند إحتالل‬
‫الفرنج لها في القرن السادس الهجري‬
‫مع أبيه‪ ،‬وسكن مدينة بيهق من‬
‫بخرسان‪ ،‬وظ ّل يعرف‬
‫أعمال نيسابور ُ‬
‫هناك بالطرابلسي‪ .‬وصفه البيهقي بأنّه‬
‫كان شاباً‪ ،‬ربعاًـ أسمر‪ ،‬أملح‪ ،‬مفلّج‬
‫األسنان‪ .‬وقد توفي أبوه إبراهيم‪ ،‬ويكنى‬
‫أبا البشائر في بيهق وقبره بها‪.‬‬
‫• السيّد محمد بن الحسن بن‬
‫ُم َعيّة الحسنيّ‪ ،‬شاعر من ساكني‬
‫طرابلس‪ .‬روى عنه أبو البركات بن‬
‫عبيداهلل العلوي بطرابلس‪ .‬أنشد إرتجاالً‬
‫وهو يودع صديقاً له ركب البحر من‬
‫ميناء طرابلس إلى اإلسكندريّة‪:‬‬
‫ق��رّب��وا ل��ل��ن �وّى ال��ق��وارب‬
‫يقتلوني بينهم وال��ف��راق‬
‫شرعوا في دمي بتشديد ُشرْ ٍع‬
‫تركوني من شدها في وِثاق‬
‫قلعوا حين أقلعوا بفؤادي‬
‫ثم لم يلبثوا لقدرْ الفوار ِق‬
‫ليتهم حين ودّعوني وساروا‬
‫رحموا عبرتي وطول إشتياقي‬
‫هذه وقفة الفراق‪ ،‬فهل أحيا‬
‫(‪)4‬‬
‫ليو ٍم يكون فيه التالقي‬
‫• السيّد محمد بن محمد بن‬
‫هبة اهلل بن علي بن الحسين بن محمد‬
‫بن علي بن محمد بن علي بن عمر بن‬
‫الحسن األفطس بن علي األصغر ابن‬
‫موالنا اإلمام علي زين العابدين ‪،t‬‬
‫أبو جعفر العلوي الحسين ّي الطرابلسي‬
‫المعروف باألفطسي‪ .‬الزكي أمين الدولة‬
‫ومن مشاهير الشعراء الذين أخرجتهم‬
‫طرابلس‪ ،‬ومعاصر الشاعر أحمد بن‬
‫منير الطرابلسي‪ ،‬وهو من أهل األدب‪،‬‬
‫واشتهر بعلم األنساب‪ ،‬وخاصة أنساب‬
‫قريش‪.‬‬
‫ذكره المقريزي في المقفى بترجمة‬
‫مطولة‪ .‬ولد بطرابلس الشام سنة ‪462‬هـ‪.‬‬
‫وأخذ علم النسب عن رجاله كالشريف‬
‫علي بن محمد بن ملقطة العلوي النسّابة‬
‫بطرابلس‪.‬‬
‫قلت‪ :‬سادة هذا الفرع إنتقلوا إلى‬
‫مصر وبعد قرنين غابت أخبارهم ووقفت‬
‫لهم على نزر يسير من آثارهم‪.‬‬
‫• عفيفة بنت طارق بن سنان‬
‫القرشي الكركي السيدة ست الدار أ َم ُة‬
‫السيد أبي البشائر إبراهيم بن جعفر بن‬
‫هبة اهلل بن السيّد حيدر المنتهي نسبه‬
‫إلى السيّد الحسين األصغر بن اإلمام‬
‫علي زين العابدين‪ ،t‬من أهل طرابلس‬
‫نزحوا عنها أبان اإلحتالل الفرنجي لها‬
‫(‪)5‬‬
‫إلى بيهق وأقامت ست الدار ببغداد‪.‬‬
‫• لقبها أم��ة ال��واح��د شقيقة‬
‫المحدث أحمد بن ط��ارق بن سنان‬
‫الكركي‪ ،‬من كرك نوح‪ .‬سمعت من‬
‫سعيد بن أحمد بن البناء‪ ،‬وأبي بكر‬
‫محمد بن عبيداهلل بن الزغواني‪ ،‬وأبي‬
‫بكر يحيى بن عبد الباقي بن محمد‬
‫الغزّال‪ ،‬وأبي المظفر محمد بن أحمد‬
‫بن محمد الدبّاس‪ ،‬وأبي الفتح محمد بن‬
‫عبد الباقي بن أحمد‪ ،‬وغيرهم‪ .‬حدّثت‪،‬‬
‫فسمع منها‪ :‬جعفر بن محمد العباسي‪،‬‬
‫ويوسف بن خليل‪ .‬توفيت ببغداد في‬
‫شهر المحرم من سنة ‪598‬هـ‪ .‬وهو بيت‬
‫شيعي قديم‪.‬‬
‫• أحمد بن طارق بن سنان بن‬
‫محمد بن سنان بن طارق أبو الرضا‬
‫القرشي العامري الكركي‪ .‬المحدّث‬
‫التاجر‪ .‬أصله من كرك نوح ترجمته‬
‫فحول أرباب التراجم بالثناء وأثبتوا أنّه‬
‫شيعيّ‪ ،‬منهم ياقوت الحموي وابن نقطة‬
‫‪ /‬أما الكركي بفتح الكاف وسكون الراء‪،‬‬
‫فهو أحمد بن طارق بن سنان أبو الرضا‬
‫الكركي‪ .‬قال أبو طاهر إسماعيل بن‬
‫االنماطي الحافظ بدمشق‪ .‬هو منسوب‬
‫إلى قرية في أصل جبل لبنان يقال‬
‫لها الكرك بسكون الراء‪ ،‬وليس هو من‬
‫القلعة التي يقال لها الكرك بفتح الراء‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫(أي الواقعة قرب نهر األردن)‪.‬‬
‫قال المنذري‪ :‬الشيخ األجل أبو‬
‫الرضا الكركي األصل البغدادي المولد‬
‫التاجر ببغداد مولده شهر ربيع األوّل‬
‫سنة ‪ 527‬ببغداد‪.‬‬
‫وقال ياقوت الحموي أنّه كان تاجراً‬
‫ُمثُرياً‪ ،‬بخيالً‪ ،‬ضيّق العيش‪ ،‬ليس له‬
‫غالم وال جارية وال من ينفق عليه فلساً‬
‫وكان ثقة في الحديث متقناً لما يكتبه إالّ‬
‫أنّه كان خبيث االعتقاد رافضياً‪ .‬مات‬
‫في ‪ 26‬ذي الحجة سنة ‪592‬هـ‪ .‬وقال‬
‫ابن النّجار كان غالياً في التشيع‪ .‬وقال‬
‫الذهبي كان جدّه سنان قاضي كرك نوح‬
‫كما في «تاريخ اإلسالم»‪ ،‬ص ‪ .82‬وكرر‬
‫ترجمته الذهبي في كتابه اآلخر تاريخ‬
‫اإلس�لام ووفيات المشاهير واالع�لام‪،‬‬
‫ج‪ ،12‬ص ‪ 970‬ـ ‪.971‬‬
‫• أسعد بن عمر بن مسعود‬
‫الجبلي من علماء الشيعة اإلماميّة‪،‬‬
‫مؤلف‪ .‬يعرف بالجبلي‪ ،‬بفتح الجيم‬
‫والباء الموحدة‪ ،‬قال إبن أبي طيء‪:‬‬
‫أخذ عن أبي الفضل أسعد بن أحمد بن‬
‫أبي روح الطرابلسي‪ .‬وصنّف في الر ّد‬
‫على اإلسماعيليّة والنصيريّة‪.)7(.‬‬
‫وذكر عمر عبد السالم تدمري في‬
‫تراجم «العلماء واألع�لام في القرن‬
‫السادس» ص ‪ ،82‬ج‪ .1‬ونقله عنه‬
‫القاضي الدكتور الشيخ جعفر المهاجر‬
‫في أحد كتبه وأثنى عليه وقال أنه من‬
‫العلماء الذين طاحت بهم الوقعة ولوال‬
‫ذكره عند ابي طيء لذهب خبره‪...‬‬
‫• السيّد ال��داع��ي ب��ن السيّد‬
‫زيد بن عل ّي بن الحسين بن الحسن‬
‫األفطسي الحسين ّي اآلوي‪ .‬عالم من‬
‫رجال الشيعة‪ .‬روى عن قاضي طرابلس‬
‫عبد العزيز بن البّراج‪ ،‬قال الطهراني‬
‫أنه عمَّر عُمراً طويالً كما ذكره صاحب‬
‫المعالم في إجازته الكبيرة وهو يروي‬
‫عن عبد العزيز بن البرّاج والمرتضى‬
‫والطوسي وسالّر والتّقي الحلبي جميع‬
‫كتبهم وتصانيفهم وجميع ما رووه‬
‫وأجيز لهم روايته‪ .‬وهو الجد الثالث‬
‫لرضي الدين محمد بن محمد بن محمد‬
‫بن زيد بن الداعي اآلوي الذي توفي‬
‫سنة ‪654‬هـ‪ .‬والمصاحب للسيّد علي بن‬
‫طاووس وهو يروي عن أربعة آباء رابعهم‬
‫الداعي هذا كما مثّل به الشهيد الثاني‬
‫في «ش��رح ال��دراي��ة»‪« .‬طبقات أعالم‬
‫الشيعة» ج‪ ،2‬ص ‪ ،75‬و «أمل اآلمل»‬
‫ج‪ ،2‬ص ‪.303‬‬
‫• ع��ب��د ال��م��ل��ك أب���و الغمر‬
‫البعلبكي‪ .‬شاعر من أهل بعلبك‪ .‬ذكره‬
‫ابن شهر آشوب في شعراء أهل البيت‬
‫‪ ،i‬المقتصدين توفي سنة ‪550‬هـ‬
‫ونيف‪ .‬نقله السيّد محسن األمين في‬
‫«األعيان» ج‪ ،1‬ص ‪.175‬‬
‫• ستّي تاج زوجة السيّد أبي‬
‫البشائر ابراهيم بن جعفر بن هبة اهلل‬
‫بن حيدر الذي ينتهي نسبه إلى السيّد‬
‫الحسين األصغر ابن اإلمام عل ّي السّجاد‬
‫‪ ،t‬وهو من أهل طرابلس أي ـ بعلها‬
‫ـ ورحل عنها مع نسائه وولده محمد‬
‫إلى بيهق وأقام بها اثر احتالل الفرنج‬
‫لطرابلس‪ .‬وأقامت ستي تاج ببيهق بعد‬
‫وفاة أبي البشائر بعلها(‪.)8‬‬
‫• وم��ن أج��داد بيت العودي‬
‫في كسروان هو الشيخ سالم بن علي‬
‫بن سلمان بن العودي أبو المعالي‬
‫التغلبي‪ .‬من أهل النيل من نواحي‬
‫الحلّة بالعراق‪ .‬الشاعر وكان رافضياً‬
‫خبيثاً (‪ ،)...‬ولد سنة ثمان وسبعين‬
‫وأربع مائة‪ .‬وقال العماد الكاتب‪ :‬لقيته‬
‫سنة أربع وخمسين وخمس مائة وأورد‬
‫له شعراً من الطويل‪.‬‬
‫ُه ُم أقعدوني في الهوى واقاموا‬
‫وابلوا جفوني بالسهاد وناموا‬
‫وَ ُهمْ تركوني للعتاب دريئ ًة‬
‫ُؤنب في ُح ُّب المهى وأُال ُم‬
‫أ ُ‬
‫ولو انصفوني قسمة الحب بيننا‬
‫لهاموا كما بي َصبو ٌة وهيام‬
‫استدر لنا الهوى‬
‫َّ‬
‫ولكنهم لما‬
‫ّمت ِحفظاً للوداد والموا(‪.)9‬‬
‫تكر ُ‬
‫وها نحن نعرج من ها هنا كمقدمة‬
‫جميلة وندرج إلحاقاً بما كان فات لنا‬
‫إبرازه ووعدنا وها إننا نفي بوع ٍد قطعناه‬
‫على أنفسنا من إبراز ما لهؤالء األعالم‬
‫من ال��دور الريادي في إظهار وإبراز‬
‫شريعة سيّد المرسلين ‪ w‬يّد حسين‬
‫الحسين ّي كان محرراً لوثائق بيع وشراء‬
‫اراض في جبل لبنان(‪.)10‬‬
‫ٍ‬
‫• السيّد أحمد بن محمد بن‬
‫حسن الموسوي الحسينيّ‪ ،‬هو جد‬
‫لفرع كبير من السادة الموسويين من‬
‫بلدة النبي شيث والكسرواني من قمهز‬
‫أصالً وقد هاجر آب��اؤه أيام المماليك‬
‫بعد الموقعة المشهورة في التاريخ سنة‬
‫‪1305‬م‪.‬‬
‫روى المؤرخ قطب الدين موسى‬
‫بن محمد اليونيني المتوفى‬
‫سنة ‪726‬ه��ـ‪ .‬يقول عن‬
‫أحداث سنة ‪704‬هـ‪.‬‬
‫وفيها ذي الحجة‬
‫ت��وج��ه الشيخ‬
‫ت��ق��ي ال��دي��ن‬
‫بن تيمية إلى‬
‫األم���ي���ر‬
‫الجبلية وصحبته‬
‫قراقوش بهاء الدين وهم الجرديون‬
‫والكسروانيون بسبب اإلص�لاح وان‬
‫يحضروا إلى الطاعة‪.‬‬
‫وك����ان ق��ب��ل سفر‬
‫الشيخ تقي الدين قد‬
‫توجه السيد الشريف‬
‫زين الدين بن‬
‫عدنان‬
‫‪15‬‬
‫‪16‬‬
‫إليهم فغاب أياماً وعاد ولم يحصل‬
‫إتفاق‪ ،‬فعند ذلك ج��ردت العساكر‬
‫وجمعت الرجال من جميع بالد الشام‬
‫ولم تزل ترد الجموع من كل ناحية‬
‫إلى سلخ الشهر كما سيأتي ذكره في‬
‫مستهل سنة خمس وسبعمائة(‪.)11‬‬
‫وكان من المصادقين على مشجرة‬
‫نسب السادة األش��راف آل الحسين ّي‬
‫من عقب سيّدنا الحسين ذو العبرة بن‬
‫السيد زيد الشهيد (رض) ابن موالنا‬
‫حضرة اإلمام علي زين العابدين وسيّد‬
‫الساجدين‪ ،t‬تشرفت في العدد‬
‫(‪13‬ـ ‪ )14‬من «إطاللة ُجبيليّة» الصادر‬
‫في ‪ 10‬شباط (فبراير) ‪2014‬م‪ .‬إلى‬
‫تلّمس إستشراق قبس من تاريخهم‪.‬‬
‫وقد ذكره المعلوف في كتابه «تاريخ‬
‫األس��ر الشرقيّة» بعبارة ذات داللة‬
‫وهي‪ :‬وختمه‪ .‬إش��ارة إلى كون من‬
‫تطلب شهادته فهو من أهل النظر‬
‫والخبرة والفحص والتحقيق‪ ،‬ومن هذه‬
‫الصفات تطلب شهادته‪ .‬ولسائل أن‬
‫أن المعني هو عينه‬
‫يقول‪ ،‬ما داللة َّ‬
‫وليس سواه أُلفت نظر السائل إلى ما‬
‫رواه المعلوف عن إسم شخص ثان‬
‫كان له أيضاً تصدي ٌق على المشجر‬
‫هو‪ :‬السيّد محمد إبن السيّد حسن‬
‫إبن السيّد محمد بن ترجيز (ربما‬
‫ترجم)‪ .‬أق��ول ه��و‪ :‬ترجم على‬
‫الصحيح وهو من بيت السادة‬
‫المشهورين قديماً بالعراق بالحائر‬
‫ببيت الصوفي‪ .‬وهم من عقب‬
‫السيّد عمر األشرف كما أجازهم‬
‫السيّد محمد أبو الحرث‪ .‬وكان‬
‫لهذا اإلس��م الملقب بترجم‬
‫تسطير لنسبه على مشجرنا‬
‫القديم‪ .‬مع ما لذلك من‬
‫الداللة‪ .‬كما ال يخفى (‪.)12‬‬
‫ـ السيّد نجم الدين‬
‫الثاني العالم الفقيه‬
‫الجليل إب��ن السيّد‬
‫أب��ي عبداهلل مُحمّد‬
‫راجع الهامش رقم ‪15‬‬
‫بن السيّد أبي جعفر محمد بن السيّد‬
‫أبي الحسن مُحمّد بن السيّد حسن وهو‬
‫أوّل من قطن من هذا البيت سكيك في‬
‫الجوالن بسبب إستباحة جيش دمشق‬
‫المملوكي لبالد كسروان سنة ‪1305‬م‪.‬‬
‫فخرجت المنطقة وأُحرقت المكتبات‬
‫واستبيحت الدماء من الشيعة والتنكيل‬
‫بهم وأُعمل فيهم السيف وكانت وفاة‬
‫السيد حسن في سكيك ثم غادرها ولده‬
‫إلى كرك نوح‪ ،t‬حسن إبن السيّد‬
‫نجم الدين األوّل الكسرواني بن السيّد‬
‫حسين بن السيّد محمد بن السيّد أبي‬
‫الحسن موسى بن السيّد األمير يوسف‬
‫الحائري المتوطن في قمهز وقبره فيها‬
‫‪.)13( q‬‬
‫وكان سيّدنا النجم ممن أجازه الشيخ‬
‫حسن صاحب كتاب «المعالم» باإلجازة‬
‫الكبيرة التي ساقها الشيخ المجلسي في‬
‫«بحار األنوار» وهو اي صاحب «المعالم»‬
‫نجل الشهيد زين الدين علي العامل ّي‬
‫الشهيد الثاني (قده)‪.‬‬
‫ـ الشيخ علي بن علي بن أحمد‬
‫العمري لقباً السكيكي وطناً‪ ،‬العاملي‬
‫الشامي‪ .‬لعله كان ممن رافق أجداد‬
‫ال��س��ادة بيت نجم الدين الموسوي‬
‫السكيكي الكسروانيين أصالً وقطنوا‬
‫سكيك معهم والمذكور كان عالماً ف ّذاً‬
‫معدوداً في األوائل وقد وجد في آخر‬
‫مخطوطة كتاب «ال���دروس الشرعيّة‬
‫في فقه اإلماميّة» للشهيد األوّل أبي‬
‫عبداهلل محمد بن مكي الجزيني العامل ّي‬
‫المتوفى سنة (‪786‬هـ‪ ).‬تعريفاً بحال‬
‫النسخة المشار إليها ما يلي‪ :‬نسخ‬
‫رديء‪ ،‬قديمة من أوائل القرن التاسع‪،‬‬
‫نفيسة‪ ،‬عليها حواشي كثيرة‪ ،‬وبالغات‬
‫السماع والمقابلة‪ ،‬قليل من أوراقها‬
‫حديثه الكتابة‪ ،‬أكملها علي بن علي بن‬
‫أحمد العمري لقباً‪ ،‬السكيكي‪ ،‬وطناً‪،‬‬
‫العاملي الشامي في سنة ‪1099‬هـ‪( .‬كما‬
‫في الورقة ‪176 )140‬ق‪ 29 ،‬س‪،‬‬
‫‪.27/5×18/4‬‬
‫رأي في مزارات كسروان‪:‬‬
‫نقل المؤرخ الشيخ طه ياسين الفرضي‬
‫البقاعي في كتابه المخطوط في الجامعة‬
‫األمريكيّة وه��و تلميذ الشيخ محمد‬
‫العيتاوي وكتابه هو‪ :‬عن وجود ضريح‬
‫أو م��زار معروف في منطقة كسروان‬
‫قال في ص ‪ :42‬على رأس جبل من‬
‫جبال كسروان وعليه المهابة واإلجالل‪.‬‬
‫وهناك قول مشهور متداول لدى أسرة‬
‫وعائلة آل مشيك الكرام أن هناك في‬
‫قرية حراجل التي كان يقطنها جدهم‬
‫األكبر أبو عيسى مشيك‪ q‬وتعتبر قديماً‬
‫من أمالكه واقطاعه كما ذكر الخوري‬
‫زغيب في كتابه «رجوع النصارى إلى‬
‫جرود كسروان» أ ّن لديهم قوالً أن فيها‬
‫ضريحاً وفي الذاكرة الشعبية كذلك أنهم‬
‫علي بن مهزيار (رضوان اهلل‬
‫من ذرية ِّ‬
‫عليه) وهو من كبار العلماء الثقات عند‬
‫أئمتنا المعصومين ‪ ،i‬تحديداً اإلمامين‬
‫والعسكري‪ ،o‬وهنا أقول‪ :‬مع‬
‫ّ‬
‫الهادي‬
‫التيقن من وجود مزار معروف مشهور‬
‫الري أي‬
‫لعلي بن مهزيار في ايران في ّ‬
‫في طهران‪ ،‬أرجح أنه قد يكون للعلماء‬
‫األجالء من آل األحواضي(‪.)14‬‬
‫ـ الشيخ شرف الدين حسين بن‬
‫نصير الدين موسى بن العود‪ ،‬جاء في‬
‫الرياض‪ :‬فاضل عالم فقيه‪ ،‬من تالمذة‬
‫الشيخ محمد بن موسى بن الحسن بن‬
‫العود ويروي عنه باإلجازة التي كتبها‬
‫له سادس عشر رجب سنة ‪( 761‬إحدى‬
‫وستين وسبعمائة) قال‪ :‬ال يبعد أن‬
‫يكون هذا الشيخ من أجداد إبن العودي‬
‫المعروف‪ ،‬أعني تلميذاً للشهيد الثاني‪.‬‬
‫أن المجيز والمجاز له‬
‫ثُ ّم الظاهر منه َّ‬
‫أبناء عم‪ ،‬وأن والد المجاز له أيضاً من‬
‫العلماء‪ ،‬فيكون هؤالء من علماء جبل‬
‫عامل‪ ،‬انتهى‪.‬‬
‫فالحظ‪ .‬وهذا من نقل وتعقيب السيّد‬
‫حسن الصدر في «تكملة أمل اآلمل»‬
‫في ج‪ ،1‬ص ‪ 150 / 149‬برقم ‪،161‬‬
‫ترجمة الشيخ محمد إبن العودي المومى‬
‫إليه‪ .‬وترجمناه سابقاً عن الشيخ آقا‬
‫بزرك الطهراني في الحقائق الراهنة‬
‫في المائة الثامنة من موسوعته «طبقات‬
‫أع�لام الشيعة» ص ‪ .207‬ومما جاء‬
‫فيه أ ّن محمداً بن موسى بن الحسين‬
‫بن العود‪ ..‬دون حرف الياء أنه كتب‬
‫اإلجازة بخطه لشرف الدين حسين بن‬
‫نصير الدين موسى بن العود في ‪16‬‬
‫رجب سنة ‪761‬ه‪1359 .‬م‪ .‬ونوهنا في‬
‫ترجمته أنه رأى الشيخ عبداهلل أفندي‬
‫صاحب «رياض العلماء وحياة الفضالء»‬
‫إجازة كتبت له بقلم أحد أقاربه ربما‬
‫أخاه هو محمد بن موسى بن الحسين‬
‫بن العود مع إسقاط حرف الياء‪.‬‬
‫ناهيك عماّ رويناه عن أهل التراجم‬
‫إبن العودي الجزيني ال��ذي ترجمه‬
‫اليونيني والذهبي وإبن العماد وأثنوا‬
‫عليه وأنّ��ه ممن أقام فترة قصيرة في‬
‫حلب ومن ثم عاد‪.‬‬
‫وتعقيباً على ما بوبناه ضمن ترجمة‬
‫الشيخ إبن ملّي رضوان اهلل عليه فممن‬
‫ترجمه غير واح��د ع��دا من ذكرناه‬
‫كصاحب «الوافي بالوفيات» ج‪ ،7‬ص‬
‫‪ 305‬عدا الشيخ الذهبي‪.‬‬
‫ومن أعالم بني العود الكرام نقرأ إسم‬
‫المع كالشهاب الثاقب هو‪ :‬األديب‪،‬‬
‫العالم‪ ،‬الشاعر‪ ،‬المتكلم‪ ،‬المؤلف‪،‬‬
‫الشيخ إسماعيل بن الحسين العودي‪،‬‬
‫ترجمة الدكتور عمر عبد السالم تدمري‬
‫في كتابه تراجم العلماء واألعالم في القرن‬
‫السادس ج‪ ،1‬ص ‪ 90‬برقم ‪ 80‬نقالً عن‬
‫األعيان ومُجمل القول أنه حصل فيها‬
‫تباين في النقل ومزاوجة بين رجلين‬
‫في شخص رجل واحد والبرهان فارق‬
‫التاريخين‪ .‬وحصلت الشبهة مع رجل‬
‫ثا ٍن هو الشيخ أبو القاسم بن الحسين بن‬
‫العود نجيب الدين األسدي الذي كانت‬
‫وفاته سنة ‪627‬هـ‪ .‬بينما صاحبنا كانت‬
‫وفاته سنة ‪ 580‬هجرية‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬معجم «الأدباء»‪� ،‬إر�شاد الأريب �إلى معرفة الأديب‪ ،‬ج‪� ،6‬ص ‪ 2710‬برقم ‪، 1154‬‬
‫ت�أليف ياقوت الحموي الرومي‪ ،‬تحقيق الدكتور �إح�سان عبا�س‪ ،‬طبع دار الغرب‬
‫الإ�سالميّ ‪ ،‬ط‪� .‬أولى �سنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫((‪ (2‬ذيل مر�آة الزمان لليونيني‪ ،‬ت ‪726‬هـ‪ .‬تحقيق الدكتور عبا�س هاني الجرّاح‪ ،‬ج‪ ،4‬من‬
‫الذيل وج ‪ 19‬من مر�آة الزمان‪� ،‬ص ‪ ،59‬ط‪ .‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬ط‪� .‬أولى �سنة ‪2013‬م‪.‬‬
‫((‪(3‬هو �سيّد مو�سوي من عقب ال�سيّد �إبراهيم المرت�ضى �إبن الإمام مو�سى الكاظم‬
‫‪ ...t‬وللتو�سع �أنظر الأ�صيلي لإبن الطقطقي‪.‬‬
‫((‪« (4‬تاريخ دم�شق»‪ ،‬ج ‪� ،37‬ص ‪ ،387‬طبع دار الفكر‪ .‬وج ‪� ،52‬ص ‪ 334‬ـ ‪ ،335‬رقم ‪.6243‬‬
‫((‪ (5‬لباب الأن�ساب والألقاب والأعقاب البن فندق البيهقي‪� ،‬ص ‪ ،101‬ج‪.2‬‬
‫((‪� (6‬أي �شرق الأردن‪.‬‬
‫((‪« (7‬ل�سان الميزان»‪ ،‬ط‪ .‬دار �إحياء التراث‪� ،‬سنة ‪1416‬هـ‪1995 .‬م‪ .‬ج‪� ،1‬ص ‪،594‬‬
‫رقم ‪ ،1228‬ومعجم الم�ؤلفين ج‪� ،2‬ص ‪.247‬‬
‫((‪ (8‬لباب الأن�ساب‪ ،‬ج‪� ،1‬ص ‪.101‬‬
‫((‪« (9‬الوافي بالوفيات» لل�صفدي‪ ،‬ج‪� ،15‬ص ‪ 87‬ـ ‪.88‬‬
‫(‪ (1(1‬انظر كتاب «تاريخ ال�شيعة في لبنان» ت�أليف د‪� .‬سعدون حمادة‪ ،‬ج‪� ،2‬ص ‪.335‬‬
‫وكتاب «تاريخ الأ�سر ال�شرقيّة» ت�أليف الم�ؤرخ عي�سى ا�سكندر المعلوف‪ ،‬ج‪� ،7‬ص‬
‫‪ ،483‬وقال عنه المعلوف �أنه كان قا�ضي ًا ومتخرج ًا من النّجف الأ�شرف ‪� 30‬سنة‬
‫مجتهد ًا وق�ضى بزمن الأمير ب�شير للن�صارى وكان قبله الخ‪ .‬فالحظ‪.‬‬
‫(‪ (1(1‬ذيل «مر�آة الزمان» ج‪� ،7‬ص ‪ ،104‬ج‪� ،1‬ص ‪ ،104‬طبعة دار الكتب العلمية‪ .‬وروى عنها‬
‫�إبن حجر الع�سقالني في الدرر الكامنة ومثله المقريزي في درر العقود الفريدة في‬
‫تراجم الأعيان المفيدة و�إبن كثير و�إبن ف�ضل اهلل العمري و�سواهم كثير‪.‬‬
‫(‪� (1(1‬أنظر كتاب «تاريخ الأ�سر ال�شرقيّة» لعي�سى ا�سكندر المعلوف‪ ،‬ج‪ ،7‬لبنان‬
‫البقاع‪� ،‬ص ‪ ،477‬طبعة دار ريا�ض الري�س لل�صحافة والن�شر‪.‬‬
‫(‪� (1(1‬أنظر مجلة «�إطاللة جُ بيليّة» العدد ال�ساد�س ع�شر ‪ 15‬كانون الأوّل (دي�سمبر)‬
‫‪2014‬م‪ .‬الموافق ‪� 23‬صفر �سنة ‪1436‬هـ‪ .‬مقالة بعنوان «الحديث عن علماء‬
‫ال�شيعة في ك�سروان» بقلم كاتبه محمد يو�سف المو�سويّ ‪� .‬ص ‪� ،55‬صورة وثيقة‬
‫قديمة جد ًا تحكي تفا�صيل هامة في هذا الجانب‪.‬‬
‫(‪ (1(1‬انظر كتاب «تاريخ الملك النا�صر» البن �شداد‪ ،‬طبعة المعهد الألماني‪� ،‬ص‬
‫‪ ،39‬وفيات �سنة �أربع و�سبعين و�ستمائة‪.‬‬
‫(‪(1(1‬وثيقة هي تتمة ل�صورة �سابقة م�ضت عر�ضناها ما�ضي ًا وهي من كتاب‪ :‬تعليقة‬
‫ال�سيّد الفقيه المجتهد الأديب الن�سابة محمد بن ال�سيّد علي بن ال�سيّد حيدر‬
‫النجمي ال�سكيكي المو�سوي(قده)‪ .‬على ما جاء في كتاب «زهرة الحقول»‬
‫المقول في ن�سب ثاني فرعي الر�سول �صاحب الأ�صل هو الن�سابة الفقيه ال�سيّد‬
‫الجليل زين الدين علي بن �شدقم الح�سينيّ المدني(ر�ض)‪.‬‬
‫نظرة على التاريخ الثقافي للشيعة‬
‫في طرابلس وكسروان‬
‫في العصور الوسطى‬
‫بقلم‪ :‬القا�ضي الدكتور ال�شيخ يو�سف محمد عمرو‬
‫تمهيد‬
‫‪18‬‬
‫الوجود اإلسالم ّي الشيع ّي في طرابلس‬
‫وبالد جبيل والفتوح ليس هو بالوجود‬
‫الطارئ أو الغريب في هذه البالد بل‬
‫هو وجود تاريخي وحضاري قديم مضى‬
‫عليه اربعة عشر قرناً منذ الفتح اإلسالم ّي‬
‫لمدينة جبيل بقيادة يزيد بن أبي سفيان‬
‫في سنة ‪15‬هـ‪ .‬الموافق لسنة ‪636‬م‪.‬‬
‫وإفتتاح مدينة طرابلس بقيادة الصحابي‬
‫سفيان بن مجيب األزدي حوالى سنة‬
‫‪ 25‬هـ الموافق لسنة ‪646‬م‪ .‬وقد شارك‬
‫في ه��ذه الفتوحات بعض الصحابة‬
‫المعروفين بتشيعهم لإلمام عل ّي بن ابي‬
‫ذر الغفاري‪ ،‬حجر بن‬
‫طالب‪ .t‬كأبي ٍّ‬
‫عدي الكندي‪ ،‬مالك بن الحارث االشتر‪،‬‬
‫ّ‬
‫عبداهلل بن جعفر بن أبي طالب‪ ،‬بالل بن‬
‫رباح ‪ ،‬هاشم بن عُتبة وغيرهم‪ .‬وبعض‬
‫القبائل اليمنيّة والحجازيّة العراقيّة‬
‫المعروفة بتشيعها لإلمام عل ّي‪،t‬‬
‫كقبائل ُخزاعة‪ ،‬قبائل همدان‪ ،‬قبائل‬
‫ربيعة وغيرها‪ .‬لذلك فالتأييد العظيم الذي‬
‫ذر الغفاري عند‬
‫حصلت عليه دعوة أبي ِّ‬
‫نفيه للبالد الشاميّة في أواخر أيام عثمان‬
‫بن عفّان كان نتيجة لسبق التشيّع لهذه‬
‫ذر لهذه البالد‪.‬‬
‫البالد على مجيء أبي ِّ‬
‫إذ تتلخص تلك الدعوة بالرجوع إلى‬
‫وسنَّة رسوله محمد‪،w‬‬
‫كتاب اهلل تعالى ُ‬
‫وبإرجاع أمور المسلمين إلى من اختاره‬
‫اهلل ورسوله في غدير ُخم وليَّاً وخليفة‬
‫للمسلمين‪ .‬وإلى العدالة بين المسلمين‬
‫ومحاربة الّذين يكنزون الذهب والفضة‬
‫وال ينفقونها في سبيل اهلل وهذا ما اقلق‬
‫بال معاوية بن أبي سفيان وجعله يطلب‬
‫ذر إلى‬
‫من عُثمان بن عفان إرجاع ابي ِّ‬
‫الحجاز كما دفع بمعاوية وخلفائه من‬
‫بني أُميّة يسارعون للقضاءِ على جيوب‬
‫التشيع في هذه البالد‪ ،‬وكذلك كان‬
‫العباسيون أوفياء لسياسة معاوية في هذا‬
‫القلق وفي تلك السياسة(‪.)1‬‬
‫وفي كتاب «لبنان من قيام الدولة‬
‫العباسيّة حتى سقوط الدولة األخشيديّة»‬
‫للدكتور عمر عبد السالم تدمري‪ ،‬تكلّم‬
‫فيه عن جبل لبنان وأنّ��ه كان مقصداً‬
‫للزهاد والمتصوفة ويذكر منهم‪ «:‬بشر بن‬
‫الحارث‪ ،‬أبو نصر المعروف بالحافي‬
‫الصالح الزاهد المشهور‪ ،‬أصله من مدينة‬
‫مرو بخراسان‪ ،‬وسكن بغداد‪ .‬وقد خرج‬
‫في سياحة للعبادة فطاف في جبال‬
‫«لبنان» ولقي بها «عليَّا الجرجرائي»‬
‫على عين ماء والمتوفى في بغداد سنة‬
‫‪227‬ه��ـ »‪( .‬ع��ن المصدر‪ ،‬ص ‪177‬ـ‬
‫‪ .)178‬والمعروف في المصادر الشيعيّة‬
‫أنّه كان من أصحاب وتالمذة اإلمام موسى‬
‫بن جعفر الكاظم‪ ،o‬كما ذكر من هؤالء‬
‫الزهاد «أحمد بن أبي الحواري التغلبي‬
‫الغطفاني‪ ،‬أحد مشاهير العلماء الزهاد‬
‫والعباد المذكورين ممن عُرف بالحديث‪،‬‬
‫أصله من الكوفة‪ ،‬ثُ ّم قام بسياحة إلى‬
‫لبنان فطوّف بين بعلبك وجبيل وبيروت‬
‫وص��ور والتقى بشيوخها فأخذ عنهم‬
‫الحديث‪ .‬ثُ ّم عقد مجالس الحديث في‬
‫المدن اللبنانيّة وتوفي سنة ‪ 246‬هـ» عن‬
‫نفس المصدر بتصرف ص‪.175 :‬‬
‫أـ أيام الفاطميين‬
‫واألي��ام الذهبيّة للتشيع في هذه‬
‫البالد بشكل خاص وبالد الشام بشكل‬
‫عام كانت أيام الفاطميين الّذين بسطوا‬
‫نفوذهم على هذه البالد منذ عام ‪367‬هـ‪.‬‬
‫الموافق ‪977‬م‪ .‬ولغاية سقوط طرابلس‬
‫بأيدي الصليبيين بعد حصار دام قرابة‬
‫عشر سنوات في سنة ‪502‬هـ‪ .‬الموافق‬
‫‪1109‬م‪ .‬وكانت جبيل التابعة لبني عمّار‬
‫قد سقطت بأيدي الصليبيين قبل ذلك في‬
‫عام ‪496‬هـ‪ .‬الموافق لعام ‪1102‬م‪.‬‬
‫[«وبلوغ الشيعة االثني عشرية عصرهم‬
‫الذهبي أيام الفاطميين كان أيام حكومة‬
‫بني عمّار التي تعود أصولها إلى قبيلة‬
‫كتامّة المغربيّة األفريقيّة‪ .‬وقد جاء بنو‬
‫عمّار إلى طرابلس من قبل الفاطميين في‬
‫مصر كقضاة‪ ،‬ثُ ّم اصبحوا بعدها امراءها‬
‫فمنهم أمين الدولة أبو طالب الحسن بن‬
‫عمّار‪ ،‬المتوفى سنة ‪464‬هـ‪ .‬ثُ ّم جالل‬
‫الملك أبو الحسن عل ّي بن عمّار المتوفى‬
‫سنة ‪492‬هـ‪ .‬ثُم فخر الملك عمّار بن محمّد‬
‫بن عمّار المتوفى حوالى سنة ‪514‬هـ‪ .‬وأبو‬
‫المناقب شمس الملوك أبو الفرج محمد بن‬
‫عمّار المتوفى سنة ‪501‬هـ‪.‬‬
‫كان إستقالل بني عمّار بطرابلس‬
‫سنة ‪462‬هـ‪1070( .‬م) وكانت إمارتهم‬
‫تمتد حتى تخوم بيروت من جهة وحتى‬
‫ُّ‬
‫وتمتد من‬
‫أرباض انطاكية من جهة ثانية‪ُّ .‬‬
‫نواحي جبلة في سوريا إلى قلعة صافيتا‬
‫وحصن األكراد والبقيعة‪ .‬وفي لبنان حتى‬
‫الهرمل والضنيّة وجبة بشري وبالد‬
‫العاقورة شرقي بالد جبيل‪.‬‬
‫وكانت جونية من أعمال طرابلس في‬
‫عصر الخطيب البغدادي‪ ،‬المتوفى سنة‬
‫‪463‬هـ‪ .‬والذي زار طرابلس سنة ‪362‬هـ‪.‬‬
‫(‪.]»)2‬‬
‫[« وق��د عني ج�لال ال��دول��ة الذي‬
‫استمر في الحكم زهاء ثمانية وعشرين‬
‫َّ‬
‫عاماً بإمارته التي عظم شأنها ونشطت‬
‫تجارتها كما عني بدار العلم ومكتبتها‬
‫عناية فائقة‪ ،‬وجعل لطالب العلم فيها‬
‫رواتب وفرّق على أهلها ذهباً‪ ،‬وجعل لها‬
‫نظاراً يتولون القيام بذلك حتى عُرفت‬
‫طرابلس بدار العلم‪.‬‬
‫وكان شعراء الشام يفدون لمدح أمراء‬
‫بني عمّار ونيل جوائزهم فيلقون الترحيب‬
‫والتكريم‪ ،‬وكثرت حلقات التدريس‬
‫وازدحمت المدينة بأشهر االعالم‪ ،‬من‬
‫أدباء وفقهاء وشعراء ولغويين من الّذين‬
‫يفدون إليها من كل مكان‪ .‬ويقول ستيفن‬
‫نسيمان‪ ،‬في كتاب « تاريخ الحروب‬
‫الصليبيّة» عن مكتبة دار العلم في طرابلس‬
‫«إنها أصبحت أروع مكتبة في العالم‪.‬‬
‫ويقول الرحالة الفارسي ناصر خسرو‬
‫الذي زار طرابلس في القرن الخامس‬
‫الهجري الموافق للحادي عشر الميالدي‬
‫ّ‬
‫عن طرابلس «وللسلطان بها سفن تسافر‬
‫إلى بالد الروم وصقلية والمغرب للتجارة»‬
‫(‪.]»)3‬‬
‫[« وقد إشتهرت إم��ارة بني عمّار‬
‫بالغنى والثروة من خالل زراعة قصب‬
‫السكر وتصنيعه وتصديره إلى أوروبا‪،‬‬
‫وكذلك تصنيع الورق والزجاج والصابون‬
‫وحياكة النسيج وتصنيع الزيت وتصديره‬
‫مع الزيتون إلى مصر والمغرب واألندلس‬
‫وإلى صقلية وأوروبا‪ .‬ومن اشهر العلماء‬
‫الّذين هاجروا إليها واستوطنوها من علماء‬
‫ايران ومن علماء العراق من حوزة الشيخ‬
‫المفيد والسيّد المرتضى في بغداد أيام‬
‫الحكم البويهي في ايران والعراق حسب‬
‫ما أوردهم الدكتور عمر عبد السالم تدمري‬
‫في أطروحته عن طرابلس بتصرف‪1«[:‬ـ‬
‫ِف‬
‫أبو اسحاق التستري الزاهد‪ُ ،‬عر َ‬
‫بالبلوطي وهو من رجال الحديث وحدّث‬
‫بدمشق وطرابلس عن المحدّثين من أهل‬
‫تستر والمتوفى سنة ‪350‬هـ‪.‬‬
‫‪2‬ـ ابراهيم بن الحسن األباني‪،‬‬
‫الشيخ أبو الفضل الطرابلسي من علماء‬
‫القرن الخامس الهجري ق��ام بشرح‬
‫المسائل الطرابلسيّة التي وضعها السيّد‬
‫المرتضى مرجع اإلماميّة في العراق‬
‫وإيران وبالد الشام‪ ،‬لحاجة الناس إليها‪.‬‬
‫‪3‬ـ أحمد بن أبي عمران‪ ،‬أبو الفضل‬
‫الهروي أصله من هُراة وهي من أشهر‬
‫م��دن خ��راس��ان قصد طرابلس وأخ��ذ‬
‫الحديث فيها عن خيثمة بن سليمان‪.‬‬
‫‪4‬ـ أحمد بن الحسين بن حيدرة‪ ،‬أبو‬
‫الحسين‪ ،‬يعرف بابن خراسان الطرابلسي‬
‫كان من شعراء طرابلس الكبار‪ .‬هجا في‬
‫شعره أمير طرابلس فخر الملك بن عمّار‪،‬‬
‫كما هجا أخاه جالل الملك‪ ،‬فأمر فخر‬
‫ِب حتى مات‪.‬‬
‫َضر َ‬
‫الملك بضربه‪ ،‬ف ُ‬
‫‪5‬ـ أحمد بن الحسين بن عبد الصمد‪،‬‬
‫أبو الطيب الجعفي الشاعر المعروف‬
‫بالمتنب ّي وهو من أهل الكوفة وقد جاء‬
‫إلى طرابلس سنة ‪336‬هـ‪ .‬وهجا األمير‬
‫أبو يعقوب األعور وهو إبراهيم بن كيغلغ‬
‫بقصيدة مؤلفة من ‪ 37‬بيتاً بعد أن طلب‬
‫منه المديح فلم يقبل بذلك وهرب منه‪،‬‬
‫منها قوله‪:‬‬
‫ذو العقل يشقى في النعيم بعقله‬
‫وأخو الجهالة في الشقاوة يَن َعمُ‬
‫والنّاس قد نبذوا الحفاظ فمطلق‬
‫وعاف يندم‬
‫ينسى الذي يولى ٍ‬
‫إلى أن يقول‪:‬‬
‫أرسلت تسألني المديح سَفاه ًة‬
‫ص��ف��راءُ أُض��ي � ُق م��اذا أزع��م‬
‫وكان غلمان ابن كيغلغ قتلوه بجبلة‬
‫من ساحل الشام‪ ،‬وورد الخبر إلى أبي‬
‫الطيب وهو بمصر فقال قصيدة مطلعها‪:‬‬
‫قالوا لنا مات اسح ٌق فقلت لهم‬
‫الحمق‬
‫ُشفمن ُ‬
‫هذاالدواءُالذيي ِ‬
‫أسف أو‬
‫إن مات مات بال فقد وال ٍ‬
‫عاش عاش بال ُخل ٍق وال خل ِق‬
‫‪6‬ـ عبيداهلل بن خراسان وهو من‬
‫وجهاء طرابلس ورجاالتها الكبار وقد‬
‫مدحه المتنبي‪.‬‬
‫‪7‬ـ ‪ 8‬القاضي أحمد بن عبد الرحمن‬
‫(أبو عصمة) اللخمي أصله من الكوفة‬
‫سكن بالرقة وإليها ينسب جده القاضي‬
‫ابو حسين قاضي حلب أيام سيف الدولة‬
‫الحمداني‪ .‬وانتقل أبو عصمة هذا إلى‬
‫طرابلس وتولى القضاء بها وتولى عمه‬
‫عبد الحميد بن علي قضاء جبيل أيضاً‬
‫أيام بني عمّار‪.‬‬
‫‪9‬ـ أحمد بن عبداهلل بن أحمد بن‬
‫اسحاق بن موسى بن مهران‪ ،‬أبو نعيم‬
‫االصبهاني‪ ،‬الحافظ الصوفي االحول‪ .‬من‬
‫كبار رجال الحديث‪ ،‬ومن المؤرخين وله‬
‫تصانيف مشهورة منها «حلية األولياء»‬
‫في مجلدات كثيرة‪.‬‬
‫‪10‬ـ أحمد بن عثمان بن حكيم بن‬
‫ذبيان‪ ،‬أبو عبداهلل األزدي الكوفي وهو‬
‫من علماء الحديث روى عنه البخاري في‬
‫صحيحه وغيره من العلماء‪.‬‬
‫‪11‬ـ أحمد بن محمد بن ابراهيم‬
‫سلفة‪ ،‬أبو طاهر السلفي االصبهاني‬
‫الحافظ المحدّث‪.‬‬
‫‪12‬ـ أبو عمرو المديني االصفهاني‬
‫المعروف بابن نهيك من رجال الحديث‬
‫واألدب وله رحلة لسماع الحديث‪.‬‬
‫‪13‬ـ أبو علي الفارسي وهو أحمد‬
‫بن عبد الغفار الفارسي من أئمة النحو‬
‫وصاحب تصانيف كثيرة في النحو واللغة‬
‫وله ثالثة وعشرين مُصنَّفاً‪.‬‬
‫‪14‬ـ الداعي بن زيد بن علي بن‬
‫الحسن االفطسي الحسين ّي اآلوي من‬
‫أعالم القرن الخامس الهجري وهو من‬
‫تالمذة السيّد المرتضى والشيخ الطوسي‬
‫وسالّر في بغداد وروى عن القاضي عبد‬
‫العزيز بن البرّاج الطرابلسي‪ .‬والتق ّي‬
‫الحلبي جميع كتبهم وتصانيفهم‪.‬‬
‫‪15‬ـ زيد بن علي بن عبداهلل الفارسي‪،‬‬
‫‪19‬‬
‫‪20‬‬
‫ابو القاسم الفسوي النحوي اللغوي كان‬
‫فاضالً عالماً عارفاً بعلوم كثيرة وشرح أيضا‬
‫كتب أبي علي الفارسي اآلنف الذكر‪.‬‬
‫‪16‬ـ سعد بن علي بن محمد بن‬
‫أحمد‪ ،‬أبو الوفاء النسوي القاضي‪.‬‬
‫‪17‬ـ عبد الجبار بن عبداهلل بن علي‬
‫المقري الرازي‪ ،‬المفيد ابو الوفا قرأ‬
‫ّ‬
‫عليه في زمانه السادة والعلماء‪ ،‬وقد قرأ‬
‫هو على الشيخ الطوسي جميع تصانيفه‬
‫في بغداد‪ ،‬وقرأ على سالّر‪ ،‬كما قرأ هو‬
‫أيضاً على قاضي طرابلس عبد العزيز بن‬
‫البرّاج‪ .‬له تصانيف بالعربيّة والفارسيّة‬
‫في الفقه‪.‬‬
‫‪18‬ـ الوزير عبد الرحمن بن علي بن‬
‫عبد الملك بن بدر الهيثم اللخمي أبو‬
‫الهيثم أديب فاضل‪ ،‬وزر لسعد الدولة‬
‫أبي المعالي شريف بن سيف الدولة‬
‫الحمداني بحلب‪ .‬وهو من بيت اشتهر‬
‫بالعلم واألدب فإبنه ولي قضاء طرابلس‪.‬‬
‫ُلي قضاء‬
‫وأخوه عبد الحميد بن علي و ُّ‬
‫جبيل كما تقدم آنفاً‪ .‬ودراسة حياة هذا‬
‫الوزير تساعدنا على معرفة العالقات‬
‫الوديّة التي كانت تربط بين إمارتي بني‬
‫عمّار في طرابلس وإمارة بني حمدان في‬
‫حلب‪.‬‬
‫‪19‬ـ عبد السالم بن محمد بن يوسف‬
‫القزويني‪ ،‬أبو يوسف من رجال الحديث‬
‫في طرابلس‪.‬‬
‫‪20‬ـ محمد بن أحمد بن محمد‬
‫بن عمرو‪ ،‬أبو الحسن البغدادي ذكره‬
‫الخطيب البغدادي فقال‪ »:‬كتب إلي أبو‬
‫محمد عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي‪،‬‬
‫وحدثنيه عبد العزيز بن أحمد الكتاني‬
‫عنه قال‪ :‬أبو الحسن مُحمّد بن أحمد‬
‫بن مُحمّد بن عمرو البغدادي إمام جونية‬
‫وخطيبها في سنة ‪341‬هـ‪ .‬قال‪ :‬نبأنا‬
‫جبارة بن المفلس عن كثير يعني ابن سليم‬
‫ـ عن أنس أن النبيّ‪ ،w‬قال‪ »:‬نعم اآلدام‬
‫الخل»‪ .‬وجونية من أطرابلس (عن تاريخ‬
‫بغداد‪ ،‬ج‪.)4(»1‬‬
‫كما ذكر الدكتور تدمري أيضاً‪ ،‬الّذين‬
‫نبغوا في طرابلس وأهمهم قضاتها العلماء‬
‫من آل عمّار الّذين ذكرهم المؤرخ السيّد‬
‫حسن األمين آنفاً [« ثم ذكر أقطاب علماء‬
‫الشيعة في طرابلس وهم‪:‬‬
‫‪1‬ـ محمد ب��ن علي ب��ن عثمان‬
‫الكراجكي‪ ،‬أبو الفتح‪ :‬شيخ الشيعة‬
‫في بالد الشام أقام بطرابلس مدّة واتصل‬
‫ببني عمّار ووضع كتاباً الحدهم وهو أبو‬
‫الكتائب ابن عمّار بإسم «عدّة البصير‬
‫في حج يوم الغدير وهو جزء واحد من‬
‫‪ 200‬ورقة‪ ،‬تتلمذ في بغداد على السيّد‬
‫المرتضى نقيب العلويين في بغداد له‬
‫عدّة كتب جليلة وقد توّسع آقا بزرك‬
‫الطهراني في ترجمته وقال عنه أنّه من‬
‫أقدم فالسفة الشيعة في لبنان توفي في‬
‫صور في ربيع اآلخر سنة ‪449‬هـ‪.‬‬
‫‪2‬ـ عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي‬
‫القاضي‪ ،‬ويقال ابن نحرير‪ ،‬أبو القاسم‪:‬‬
‫من قضاة طرابلس في عصر بني عمّار‪.‬‬
‫قيل أنّ��ه تولى قضاء طرابلس عشرين‬
‫سنة أو ثالثين تلقى العلم على يدي‬
‫الشريف المرتضى ببغداد له مُصنفات‬
‫عديدة أهمها‪« :‬المهذب»‪« ،‬المعتمد» ‪،‬‬
‫«الروضة» و «الكامل في الفقه» وغيرها‪.‬‬
‫‪3‬ـ أسعد بن أحمد بن أبي روح‪،‬‬
‫ابو الفضل القاضي الطرابلسي‪ .‬من اكابر‬
‫قضاة طرابلس وعلمائها ـ تتلمذ على يدي‬
‫القاضي ابن البّراج الطرابلسي‪ .‬كان ابن‬
‫ابي روح رأساً للشيعة في بالد الشام‪ .‬وقد‬
‫عقدت له حلقة االقراء‪ ،‬وانفرد بالشام‬
‫وطرابلس وفلسطين بعد شيخه ابن البّراج‬
‫جلس لتدريس الفقه الشيعيّ‪.‬‬
‫‪4‬ـ عبد العزيز بن أبي كامل‪ ،‬القاضي‬
‫عز الدين الطرابلسي من أعالم طرابلس‬
‫في القرن الخامس الهجري‪ .‬تلقى العلم‬
‫على الكراكجي المتوفى سنة ‪449‬هـ‪ .‬كما‬
‫تلقى العلم أيضاً على يدي قاضي طرابلس‬
‫عبد العزيز بن البراج(‪.)5‬‬
‫‪5‬ـ اسماعيل بن ابراهيم بن العباس‬
‫الحسينيّ‪ ،‬أبو الفضل فخر الملك‪،‬‬
‫يعرف بالشريف أبي المجد بن أبي الجن‬
‫من رجال القضاء في طرابلس‪.‬‬
‫‪6‬ـ الشاعر واألديب أحمد بن محمد‬
‫علي بن يحيى بن صدقة التغلبي‬
‫بن ِّ‬
‫المعروف بإبن الخياط عاش في طرابلس‬
‫عشر سنوات تقريباً كان من شعراء بني‬
‫عمّار المشهورين‪.‬‬
‫‪7‬ـ الشاعر واألديب أحمد بن منير‬
‫بن أحمد بن مفلح الطرابلسي الدمشقي‬
‫الملقب بعين الزمان ومن أشهر شعراء‬
‫طرابلس المولود في طرابلس سنة ‪473‬هـ‪.‬‬
‫‪.8‬ع��ل��ي ب��ن مقلد ب��ن منقذ‪ ،‬أبو‬
‫الحسن‪ ،‬األمير سديد الملك أمير قلعة‬
‫شيزر‪ .‬وقد أقام أمراء شيزر من آل منقذ‬
‫في طرابلس وكانوا من فحول الشعراء‬
‫ورجال األدب والسياسة والفروسيّة ومنهم‬
‫األمير أسامة بن منقذ‪.‬‬
‫‪9‬ـ سلطان بن منقذ‪ :‬أمير شيرز‪ .‬له‬
‫أشعار حسنة‪ ،‬وجهاد ضد الصليبيين‪.‬‬
‫مدحه الشاعر الطرابلسي ابن منير‪ .‬وتوفي‬
‫سنة ‪543‬ه‪.‬‬
‫‪10‬ـ محدّث الشام خيثمة بن سليمان‬
‫بن حيدرة بن سليمان بن داود بن خيثمة‬
‫الطرابلسي من كبار محدثي الشام وثقاته‬
‫والمتهم بالتشيع ألهل البيت‪ ،t‬عند‬
‫بعضهم‪ .‬ولكنهم أخذوا برواياته واعتبروه‬
‫من أقران النسّائي في هذا العالم‪ .‬ولد في‬
‫(‪)6‬‬
‫طرابلس سنة ‪250‬ه‪.‬‬
‫ب ـ مع أهل طليلة األندلسية‬
‫قال المؤرخ العالّمة السيّد حسن‬
‫األمين‪«[:‬وعندما سقطت طليطلة في‬
‫األندلس‪ ،‬في أيدي القشتالين‪ ،‬سنة‬
‫‪478‬ه‪1085( .‬م) يبدو أنه هاجر فريق‬
‫من علمائها إلى طرابلس‪ ،‬وكان منهم‬
‫أحمد بن محمد ابو عبداهلل الطيلطلي‪،‬‬
‫فاحتضنه بنو عمّار وجعلوه متولياً لدار‬
‫العلم‪ .‬إذ كانوا يختارون للنظر في أمورها‬
‫كبار رجال العلم‪ ،‬من أمثال‪ :‬الحسين‬
‫بن بشر واسعد بن أبي روح وغيرهما من‬
‫أمثالهما(‪.]»)7‬‬
‫ج ـ مع مصر الفاطميّة‬
‫كما أ ّن لطرابلس الفضل على مصر‬
‫الفاطمية وتزويدها بخيرة رجاالتها‬
‫وعلمائها فقد ذكر الدكتور التدمري‬
‫في أطروحته ثالثة رجال من ال��وزراء‬
‫القادة‪ ،‬وهم‪ «:‬بدر الجمالي‪ :‬رجل العلم‬
‫والسياسة‪ ،‬المعروف بـ أمير الجيوش في‬
‫ُلي دمشق للمستنصر‬
‫مصر الفاطميّة‪ :‬و َّ‬
‫الفاطمي سنة ‪455‬هـ‪ .‬ثُم أصبح الوزير‬
‫األوّل بمصر وفاقت سلطته سلطة الخليفة‪.‬‬
‫وخلفه ابنه األفضل الملقب أيضاً بـ «أمير‬
‫الجيوش»‪ ،‬ووزر مدة طويلة في مصر‪،‬‬
‫وكان بدر الجمالي مملوكاً لبني عمّار‬
‫بطرابلس‪.‬‬
‫اب��ن زري��ق األطرابلسي‪ :‬العالم‬
‫األدي��ب‪ .‬كان عالماً بالهندسة وتسيير‬
‫الكواكب والفلك‪ .‬ول��ه شعر حسن‪.‬‬
‫وقد درس عليه الشاعر المشهور ابن‬
‫القيسراني‪ ،‬وحقق كتاباً في النجوم‪.‬‬
‫كما أخذ العلم عنه كثير من التالميذ‪.‬‬
‫وتوفي سنة ‪516‬هـ‪ .‬وكان جدّه يتولى‬
‫الثغور الفاطميّة في عصر الخليفة الطائع‬
‫هلل‪ ،‬الذي مدحه أبو الطيب المتنبي في‬
‫ديوانه‪.‬‬
‫طاهر بن زير االطرابلسي‪ :‬الكاتب‬
‫ولي الوزارة في‬
‫في ديوان اإلنشاء‪ .‬والذي َّ‬
‫(‪)8‬‬
‫مصر للمتنصر الفاطمي سنة ‪459‬ه‪.‬‬
‫ولو اردنا أن نورد باقي أسماء القضاة‬
‫وال��رواة والشعراء والرحالة والبحارة‬
‫والقادة واالبطال الكبار الّذين أخرجتهم‬
‫طرابلس في أيام بني عمّار والّذين ذكرهم‬
‫التدمري في كتابه اآلنف الذكر لبلغ بنا‬
‫المقام كبيراً ال نستطيع إيراده في هذه‬
‫العجالة»]‪.‬‬
‫بعد سقوط دولة بني عمّار‬
‫لقد كان لسقوط دولة بني عمّار آذان‬
‫بافول نجم االمبراطوريّة الفاطميّة في بالد‬
‫الشام في سنة ‪502‬ه��ـ‪ .‬الموافق لسنة‬
‫‪1102‬م‪ .‬بعد حكم دام مائة وخمسة‬
‫وعشرين عاماً تقريباً‪.‬‬
‫وافول نجم العلم والفضل والثقافة عن‬
‫طرابلس وجوارها‪ .‬وكانت هجرة العلماء‬
‫والقضاة والشعراء واألم��راء قبل سقوط‬
‫طرابلس أو بعدها على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪1‬ـ إلى مدينة صور وجوارها كالفقيه‬
‫الشيخ ابي عبداهلل الحسين بن هبة اهلل‬
‫الطرابلس المتوفى في صور سنة ‪449‬هـ‬
‫(‪ )9‬وغيره من العلماء‪.‬‬
‫‪2‬ـ إلى دمشق حيث هاجر إليها‬
‫األمراء من آل عمّار والشعراء أمثال ابن‬
‫منير الطرابلسي‪ .‬والشاعر الدمشقي‬
‫الكاتب أحمد بن محمد بن علي بن يحيى‬
‫بن صدقة التغلبي المعروف بابن الخياط‬
‫المتوفى في دمشق سنة ‪517‬هـ وغيرهم‪.‬‬
‫‪3‬ـ إلى مصر حيث هاجر إليها معظم‬
‫السادة األشراف من ذريّة عُمر بن الحسن‬
‫األفطس بن علي االصغر ابن اإلمام زين‬
‫العابدين علي بن الحسين بن أبي طالب‬
‫‪ ،)10( t‬وغيرهم من العلماء كالحافظ‬
‫أحمد بن محمد بن ابراهيم سلفة‪ ،‬ابو‬
‫طاهر السلفي االصبهاني(‪.)11‬‬
‫‪4‬ـ إلى مدينة بيهق اإليرانيّة‪.‬‬
‫كالسيّد محمد بن إبراهيم بن جعفر بن‬
‫هبة اهلل وهو من ذريّة الحسين األصغر بن‬
‫اإلمام زين العابدين علي بن الحسين بن‬
‫علي بن أبي طالب‪ ،t‬المعروف بإبن‬
‫الطرابلسي نزح من طرابلس عند احتالل‬
‫الصليبيين لها في القرن السادس الهجري‬
‫لها مع أبيه وأسرته وعفيفة بنت طارق‬
‫بن سنان القرشي المعروفة بست الدار‬
‫وغيرهم(‪.)12‬‬
‫وهناك هجرات أخرى لعلماء طرابلس‬
‫واساطينها إلى بغداد واصفهان والري‬
‫وغيرها من بالد‪ .‬والحديث عنها طويل‪.‬‬
‫والذي يعنينا بالبحث هو الهجرة إلى‬
‫جبال كسروان المعروفة بمنطقة الجبل‬
‫الموسوي‬
‫ّ‬
‫أو الجرد‪ ،‬قال السيّد محمد‬
‫في بحثه‪ »:‬أسعد بن عُمر بن مسعود‬
‫الجبلي من علماء الشيعة اإلماميّة‪،‬‬
‫مؤلف يعرف بالجبلي‪ ،‬بفتح الجيم‬
‫والباء الموحدة‪ ،‬قال ابن أبي طيء‪:‬‬
‫أخذ عن أبي الفضل أسعد بن أحمد بن‬
‫أبي روح الطرابلسي‪ .‬وصنّف في الرد‬
‫على اإلسماعيليّة والنصيريّة(‪ )13‬وغيره من‬
‫العلماء‪ .‬وتصدى الشيخ أسعد بن عُمر بن‬
‫مسعود الجبلي إلى عقائد اإلسماعيليّة‬
‫يدل على أن بعض‬
‫والنصيريّة وشبهاتهم ُّ‬
‫الفئات القليلة من أهالي طرابلس ومن ث َُّم‬
‫أهالي كسروان كانوا يعتقدون بتلك البدع‬
‫والشبهات‪.‬‬
‫أن الباحث السيّد محمد‬
‫هذا كما َّ‬
‫الموسوي في بداية حديثه عن علماء‬
‫أن‬
‫الشيعة في كسروان القديمة اعتبر َّ‬
‫قاضي طرابلس أبو الفضل أسعد بن أبي‬
‫روح الطرابلسي هو رأس الشيعة في بالد‬
‫الشام ومرجعهم وكذلك كان األب األوّل‬
‫للشيعة في جبال كسروان من خالل‬
‫طالبه(‪.)14‬‬
‫ه ـ أيام الصليبيين‬
‫وق��د هاجر بقايا أهالي طرابلس‬
‫ومعظمهم من الشيعة اإلماميّة إلى جبال‬
‫كسروان كما يقول بذلك القاضي الدكتور‬
‫الشيخ محمد جعفر المهاجر وذلك‬
‫لسببين‪ ،‬األوّل‪ «[:‬نقض القوات الصليبية‬
‫للعهود التي قطعوها ألهالي طرابلس كما‬
‫تكلّم عن ذلك ابن األثير في أحداث‬
‫سنة ‪503‬هـ‪ .‬حيث قاموا بنهب ما فيها‬
‫وأس��روا الرجال وسبوا النساء قاصدين‬
‫بذلك تهجير السكان وإذاللهم وإفقارهم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬إ ّن منطقة كسروان وجوارها‬
‫ذات طبيعة جبليّة يعسر فيها العيش‬
‫وتحصيل أسبابه غير أن الحافز لقصد‬
‫هذه الجبال هو طلب األمن واإلبتعاد عن‬
‫الخطر‪ .‬وقد أعطتهم هذه الجبال ذلك‬
‫مع وافر العيش الكريم من خالل وديانها‬
‫وينابيعها‪ .‬كما نجحوا في تنظيم حياتهم‬
‫وفقاً لمعتقداتهم‪ .‬وانتجوا حركة ثقافيّة‬
‫فكرية ما‪ ،‬ممّا نفهم منه أنّهم حملوا معهم‬
‫بذور ما انتجوه من فكر وثقافة‪ .‬وإالّ كان‬
‫يجب أن يكون من المستحيل عليهم‬
‫تحقيق ما حققوه في الميدان الثقافيّ‪.‬‬
‫وهذا دليل ظرفي آخر على أنّهم جاؤوا‬
‫من مجتمع متطور ثقافياً‪ ،‬بالمقاييس‬
‫الذاتيّة‪ ،‬األمر الذي يعود أيضاً إلى نظريّة‬
‫األصل الطرابلسي(‪.)15‬‬
‫كما هاجر إليهم وسكن بين ظهرانيهم‬
‫بعد أكثر من مائة عام تقريباً‪ .‬السادة‬
‫الموسوي من كربالء‬
‫ّ‬
‫األش��راف من آل‬
‫وبغداد بعد سقوطها بأيدي المغول سنة‬
‫‪656‬ه��ـ‪ .‬الموافق ‪1258‬م‪ .‬وسكنوا في‬
‫قرية قمهز الكسروانيّة ونبغ منهم علماء‬
‫‪21‬‬
‫‪22‬‬
‫كبار منهم‪1«[ :‬ـ األمير الشريف السيّد‬
‫الموسوي المولود في كربالء‬
‫ّ‬
‫يوسف‬
‫والمهاجر إليها مع أوالده وبني عمومته‬
‫من كربالء وبغداد بعد سقوطها بأيدي‬
‫المغول سنة ‪656‬هـ‪ .‬وكذلك نبغ أوالده‬
‫السيّد محمد والسيّد موسى والسيّد جعفر‪.‬‬
‫‪5‬ـ الرئيس السيّد تاج الدين أبو‬
‫الموسوي وهو جد آل أبو الحسن‬
‫ّ‬
‫الحسن‬
‫وآل شرف الدين وآل الصدر وآل نورالدين‬
‫في جبل عاملة وتوفي السيّد ابو الحسن‬
‫في قمهز وقبره موجود بها وذلك في‬
‫القرن السابع الهجري(‪.]»)16‬‬
‫كما هاجر أيضاً السادة األشراف من‬
‫آل الحسين ّي إلى بلدة قمهز اآلنفة الذكر‬
‫واستوطنوها مع بني عمومتهم من آل‬
‫الموسوي ونبغ منهم‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪6‬ـ الشريف ابراهيم بن اسماعيل‬
‫ب��ن المحسن الحسين ّي العراقي‪.‬‬
‫وغيرهم(‪.]»)17‬‬
‫‪7‬ـ ‪ )8‬الشيخ مخلص الدين المبارك‬
‫بن يحيى بن مقبل الغسّاني الحمصي‬
‫وهو من أعالم الشيعة في جبل لبنان‬
‫المتوفى سنة ‪658‬هـ‪1259 .‬م‪ .‬وكان قد‬
‫هرب إلى الجبل من التتار المغول أثناء‬
‫هجومهم على بالد الشام‪ .‬كما كان له‬
‫شقيقان عالمان أحدهما‪ :‬الشيخ جمال‬
‫الدين محمد بن يحيى وك��ان شاعراً‬
‫أديباً(‪.)18‬‬
‫‪9‬ـ الشيخ أحمد بن الشيخ اإلمام‬
‫الفقيه العالم جمال الدين عبداهلل بن‬
‫عبد الملك بن أبي أسامة الحلبي الشيخ‬
‫اإلمام العالم الفاضل‪ ،‬مفيد الدين توفي‬
‫في حراجل من جبل لبنان والمتوفى شاباً‬
‫سنة ‪656‬هـ (‪.)19‬‬
‫‪10‬ـ الشيخ أحمد بن محسن بن مل ّي‬
‫االنصاري البعلبكي والمتوفى في بلدة‬
‫بخعون في جبل الضنية شمال جبل‬
‫لبنان وكانت وفاته سنة ‪699‬هـ (‪.)20‬‬
‫‪11‬ـ الشيخ الحسن بن أحمد بن‬
‫يوسف الكسرواني المعروف بابن‬
‫العشرة الكسرواني الفقيه الكبير أبو علي‬
‫الكسرواني ث ّم الكركي المعروف بابن‬
‫العشرة‪ .‬كان من أجلة علماء اإلماميّة‬
‫فقيهاً متكلماً‪ ،‬ذا زهد وتألق له أساتذة‬
‫درس عليهم وكذلك له طالب درسوا عليه‬
‫في الكرك وفي غيرها وهم من األقطاب‬
‫والعلماء الكبار المتوفى سنة ‪868‬ه‪.‬‬
‫الموافق ‪1457‬م‪ .‬تكلّمت عنه كتب‬
‫الرجال الشيعيّة بالتفصيل(‪.)21‬‬
‫‪12‬ـ وم��ن فقهاء بني ع��ود علماء‬
‫الشيعة في كسروان أيام الحكم الصليبي‬
‫للسواحل اللبنانيّة وقد هاجر بقاياهم إلى‬
‫حوزة كرك نوح وإلى جبل عامل‪ ...‬وكان‬
‫من اشهر الباقين منهم الفقيه الجليل‬
‫شيخنا الحسين بن موسى ابن العود‪،‬‬
‫كان حياً سنة ‪661‬هـ‪1359 .‬م‪.‬‬
‫‪13‬ـ مفيد الدين األحواضي الشيعي‬
‫المتوفى عام ‪674‬هـ‪ .‬الموافق لعام ‪1275‬م‪.‬‬
‫بقرية حراجل وقد قارب األربعين‪ .‬قال‬
‫الصفدي عنه « ك��ان عالمة في علم‬
‫األصول وعلم المنطق والعلوم الحكميّة‬
‫وتصدّر وصنّف‪ .‬كان اشتغاله في علم‬
‫األصول على والده وفي علم المنطق على‬
‫الشيخ شمس الدين خسروشاهي العجمي‬
‫والشيخ فخر الدين بن البديع البندهي»‬
‫الوافي بالوفيات للصفدي‪ ،‬ج‪،2‬ص ‪139‬‬
‫ـ ‪(.140‬إطاللة ُجبيلية عدد‪.)16‬‬
‫‪14‬ـ الشيخ أحمد بن علي بن معقل‬
‫أبو العباس االزدي المهلبي الحمصي‬
‫العز األديب رواه الذهبي وأفرد له باباً‬
‫ومجاالً ووصفه بوافر العقل‪ ..‬مات في‬
‫الخامس والعشرين من ربيع األوّل سنة‬
‫‪644‬هـ‪( .‬إطاللة ُجبيليّة عدد‪.)16 :‬‬
‫‪15‬ـ موالنا محمد بن المبارك بن‬
‫مقبل بن الحسن األديب الرئيس‪ .‬جمال‬
‫الدين الغسّاني الحمصي الشاعر كان أبوه‬
‫وزيراً أيام بني عمّار (إطاللة ُجبيليّة‬
‫عدد‪.)16:‬‬
‫أيام المماليك‬
‫وأي��ام المماليك كانت في كسروان‬
‫من سنة ‪705‬هـ‪ .‬الموافق لسنة ‪1305‬م‪.‬‬
‫ولغاية السيطرة العثمانيّة على هذه البالد‬
‫سنة ‪922‬هـ‪ .‬الموافق لسنة ‪1516‬م‪ .‬وقد‬
‫تكلّمت عن ذلك في مجلة «العرفان»‬
‫المجلد الثاني والسبعين‪ ،‬العدد األوّل‬
‫الصادر في كانون الثاني ‪1984‬م‪ .‬تحت‬
‫عنوان‪ :‬نظرة على حاضر الشيعة في بالد‬
‫جبيل وكسروان» تحت عنوان‪ «[ :‬في‬
‫أيام المماليك‬
‫والحملة األولى التي قام بها مماليك‬
‫دمشق على الشيعة في جبال كسروان‬
‫بقيادة األمير بيدرا وبجيش كبير كانت‬
‫سنة ‪692‬هـ ‪1291‬م‪ .‬غير أ ّن كثرة عدد‬
‫الشيعة وقوّتهم ومنعة بالدهم ووعورتها‬
‫واستماتتهم في حروبهم بالدفاع عن‬
‫عقيدتهم حيث كان شعارهم‪ :‬مُت وليّاً‬
‫لعل ّي ـ مُت متوالياً على ُح ِّب عل ّي ـ‬
‫ك ّل هذا ساعدهم للدفاع عن أنفسهم‬
‫وجعل األمير بيدرا يطلب ودّهم والتفاهم‬
‫معهم‪ .‬ونتيجة لذلك كان إطالق سراح‬
‫المسجونين منهم في دمشق والخلع على‬
‫أعيانهم في كسروان‪.‬‬
‫هذا التفاهم الذي حصل بينهم وبين‬
‫المماليك وكان به حقناً لدماء المسلمين لم‬
‫يعجب آل تنوخ جيران الشيعة في الجبل‬
‫وبيروت والّذين يرغبون دائماً بالسيطرة‬
‫والهيمنة على الكسروانيين‪ .‬كما أنّه لم‬
‫يعجب بعض أم��راء دمشق‪ .‬ممّا جعل‬
‫أولئك الحاقدين يدسّون على األمير بيدرا‬
‫الدسائس ويتهمون الشيعة بالتعامل مع‬
‫المغول والصليبيين‪.‬‬
‫هذه الدسائس أدّت إلى إصدار فتوى‬
‫من ابن تيميّة باستباحة دماء شيعة كسروان‬
‫وجبال لبنان وإلى مرافقته لجيش دمشق‪..‬‬
‫كما قد رافق الجيش الدمشقي في مهمته‬
‫جيوشاً أخرى أتت من فلسطين وطرابلس‬
‫وشارك بها أمراء الشوف وبيروت من آل‬
‫تنّوخ مع عشائرهم وأنصارهم‪ .‬وكانت هذه‬
‫الواقعة الكبرى والملحمة العظمى في‬
‫يوم االثنين من شهر مُحرّم الحرام سنة‬
‫‪705‬هـ‪1305 .‬م‪ .‬وكان نتيجتها القضاء‬
‫على الوجود اإلسالم ّي الموالي آلل محمد‬
‫‪ ،w‬في جبال لبنان بشكل عام وفي‬
‫كسروان بشكل خاص‪.‬‬
‫وبقايا الشيعة الذين بقوا في كسروان‬
‫بعد هذه الواقعة كآل المقدّم وآل المستراح‬
‫وغيرهم عاشوا التقيّة على مذهب اإلمام‬
‫الشافع ّي وبقوا على ذلك إلى أيام الشهيد‬
‫األوّل الجزين ّي العامل ّي المستشهد سنة‬
‫‪786‬هـ في دمشق‪ ،‬على ما ذهب إليه‬
‫المرحوم الدكتور محمد علي مكّي في‬
‫كتابه «لبنان منذ الفتح العرب ّي حتى‬
‫الفتح العثمانيّ»‬
‫وقد أتى المماليك بالقبائل التركمانيّة‬
‫وأسكنوها في ك��س��روان وف��ي القرى‬
‫الساحليّة حفظاً لها من الفرنجة‪ ..‬وقد‬
‫نبغ من هذه القبائل آل عسّاف‪ ..‬الّذين‬
‫اتخذوا غزير مركزاً لهم وقاعدة لبالد‬
‫كسروان»](‪.)22‬‬
‫وقد هاجر علماء الشيعة وغيرهم‬
‫الموسوي وآل‬
‫ّ‬
‫من آل عود والسادة آل‬
‫الحسين ّي(‪ )23‬إلى جزين في جبل عامل‬
‫وشاركوا في تأسيس حوزة جزين وإلى‬
‫قرية سكيك في جبل الشيخ القريب من‬
‫منطقة الجوالن السوريّة وإلى بعلبك حيث‬
‫تولى علماء آل الموسوي نقابة األشراف‬
‫وكان أولهم ‪1‬ـ نقيب األشراف السيّد‬
‫حسين بن موسى الموسوي الكسرواني‬
‫وولده السيد علي وحفيده السيد علوان‬
‫وهو أشهرهم وأعلمهم والمتوفى في بعلبك‬
‫سنة ‪945‬هـ‪ .‬عن تاريخ بعلبك للدكتور‬
‫حسن نصراهلل الطبعة الثانية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‬
‫‪ 222‬ـ ‪ 223‬بتصرف»‪ .‬وإلى كرك نوح‬
‫وشاركوا في تأسيس هذه الحوزة كما كان‬
‫لهم دو ٌر رائ ٌد في النب ّي شيث والنب ّي ايليا‬
‫(‪)24‬‬
‫في البقاع وغيرها من بالد‪.‬‬
‫خالصة المقال‪:‬‬
‫إ ّن التشيع أله��ل البيت(عليهم‬
‫السّالم)‪ ،‬في بالد الشام لم يكن نزوة‬
‫عابرة أو خطة شعوبيّة أو حلماً من أحالم‬
‫الفرق الباطنيّة كالقرامطة وسائر الفرق‬
‫الباطنيّة‪ .‬وإنما كان نتيجة لجهود بعض‬
‫صحابة رسول اهلل‪ ،w‬كابي ذ ّر الغفاري‬
‫وحجر بن ع��دي الكندي ومالك بن‬
‫الحارث األشتر وغيرهم ممن شاركوا في‬
‫الفتوحات اإلسالميّة لهذه البالد وكذلك‬
‫لبعض القبائل العربيّة التي شاركت‬
‫واستوطنت هذه البالد كقبائل خزاعة‬
‫وهمدان وربيعة وغيرها‪.‬‬
‫ولجهود القضاة العلماء األم��راء من‬
‫قبيلة كتامة المغربيّة مؤسسي إمارة‬
‫بني عمّار في طرابلس الّذين استعانوا‬
‫بطالب ح��وزة الشيخ المفيد والسيّد‬
‫المرتضى في بغداد أيام الحكم البويهي‬
‫وفتحوا ذراعيهم لجميع علماء المسلمين‬
‫من مختلف المذاهب اإلسالميّة‪ .‬وبذلوا‬
‫لهم المال واألم��ن وحرية البحث ولم‬
‫يتدخلوا في شؤونهم المذهبيّة‪ .‬كما أن‬
‫أوروبا تعلّمت من الطرابلسيين صناعة‬
‫الزجاج والورق والسكر والنسيج والزيت‬
‫والصابون والتجارة وغيرها من علوم‪ .‬كما‬
‫أن الطرابلسيين عندما هاجروا وهربوا‬
‫إلى جبال كسروان حافظوا على إسالمهم‬
‫ومواالتهم ألهل البيت‪ ،i‬وعلى ثقافتهم‬
‫مدّة مائتي عام حتى كادت بالدهم موضع‬
‫حسد من جيرانهم آل تنوخ في الجبل‬
‫وبيروت والّذين تآمروا عليهم مع مماليك‬
‫دمشق ومصر‪.‬‬
‫وبعد سقوط كسروان سنة ‪705‬هـ‬
‫الموافق لسنة ‪1305‬م‪ .‬كان علماءهم الّذين‬
‫هربوا من المجازر والّذين ترأسوا حوزة‬
‫جزين في جبل عامل وحوزة كرك نوح‬
‫في البقاع ونقابة األشراف في بعلبك خير‬
‫شاهد على أنَّهم كانوا خير ورثة لحضارة‬
‫دولة بني عمّار الفاطميّة في طرابلس‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪� (1‬صفحات من ما�ضي ال�شيعة وحا�ضرهم في لبنان‪ ،‬للقا�ضي د‪ .‬عمرو‪� ،‬ص ‪ 13‬ـ ‪14‬‬
‫بت�صرف‪.‬‬
‫((‪ (2‬نفس المصدر بتصرف‪.‬‬
‫((‪ (3‬مجلة «المنهاج» العدد الأول‪ ،‬ال�سنة الأولى‪1996 ،‬م‪ .‬مقالة للم�ؤرخ ال�سيّد ح�سن الأمين‪،‬‬
‫�ص ‪ ،163‬بت�صرف‪.‬‬
‫((‪ (4‬راجع الحياة الثقافيّة في طرابل�س ال�شام خالل الع�صور الو�سطى‪ ،‬للدكتور تدمري‪.‬‬
‫((‪ (5‬نف�س الم�صدر ال�سابق بت�صرف‪ .‬والمق�صود بال�سلطان هنا �أي كان للخليفة الفاطمي‬
‫بم�صر ا�سطو ًال تجاري ًا كانت طرابل�س من �أهم قواعده التجاريّة في البحر الأبي�ض‬
‫المتو�سط‪.‬‬
‫((‪ (6‬نف�س الم�صدر‪ ،‬من �ص ‪� 75‬إلى �ص ‪ 315‬بت�صرف‪.‬‬
‫((‪(7‬مجلة «المنهاج» العدد الأول‪ ،‬ال�سنة الأولى ‪.1996‬‬
‫((‪ (8‬الحياة الثقافية في طرابل�س ال�شام خالل الع�صور الو�سطى للدكتور تدمري‪� ،‬ص ‪.33‬‬
‫((‪ (9‬نف�س الم�صدر ال�سابق بت�صرف‪.‬‬
‫(‪ (1(1‬مجلة «�إطاللة جُ بيليّة» العدد ‪ ،17‬ال�صادرة في ‪ 7‬نيسان ‪2015‬م‪ .‬بت�صرف‪.‬‬
‫(‪ (1(1‬نف�س الم�صدر ال�سابق بت�صرف‬
‫(‪ (1(1‬نف�س الم�صدر بت�صرف‪.‬‬
‫(‪ (1(1‬نف�س الم�صدر‪.‬‬
‫(‪ (1(1‬راجع العد ‪ 16‬من مجلة «�إطاللة جُ بيليّة»‪ .‬ال�صادرة في كانون الأوّل ‪2014‬م‪� .‬ص ‪55‬‬
‫ـ ‪ .56‬بت�صرف‪.‬‬
‫(‪(1(1‬راجع «الت�أ�سي�س لتاريخ ال�شيعة في لبنان و�سوريا»‪ ،‬للقا�ضي ال�شيخ المهاجر‪ ،‬من�شورات‬
‫دار المالك‪ ،‬بيروت ـ الطبعة الأول��ى ‪ ،1992‬جبل لبنان من �ص ‪ 148‬ولغاية ‪152‬‬
‫بت�صرف‪.‬‬
‫(‪�« (1(1‬إطاللة جُ بيلية» العددان ‪ 13‬ـ ‪ 14‬ال�صادر في ‪� 10‬شباط ‪1414‬م‪ .‬من �ص ‪ 84‬ولغاية‬
‫�ص ‪ 86‬بت�صرف‪.‬‬
‫(‪ (1(1‬نف�س الم�صدر‪ ،‬العدد ‪ 15‬ال�صادر في ‪ 16‬حزيران ‪2014‬م‪� .‬ص ‪ 8‬بت�صرف‪.‬‬
‫(‪ (1(1‬نف�س الم�صدر‪ ،‬العدد ‪ 116‬ال�صادر في ‪ 15‬كانون �أوّل ‪2014‬م‪� .‬ص ‪ 56‬بت�صرف‪.‬‬
‫(‪ (1(1‬نف�س الم�صدر‪� ،‬ص ‪ 57‬بت�صرف‪.‬‬
‫(‪ (2(2‬نف�س الم�صدر بت�صرف‪.‬‬
‫(‪ (2(2‬نف�س الم�صدر بت�صرف‪.‬‬
‫(‪� (2(2‬صفحات من ما�ضي ال�شيعة وحا�ضرهم في لبنان للقا�ضي عمرو‪� ،‬ص ‪ 17‬ـ ‪18‬‬
‫بت�صرف‪.‬‬
‫(‪(2(2‬ج��اء في ت��اري��خ الأ��س��ر ال�شرقيّة للأ�ستاذ عي�سى ا�سكندر المعلوف‪ ،‬عن ال�سادة‬
‫الح�سينيين في �أوائل ايام العثمانيّة‪ «[:‬ثُمّ حدث لهم في قمهز حادث �أدّى �إلى ذبحهم‬
‫يقال‪( ...‬حتى لم يبق منهم �إال كهل واحد يدعى ال�سيد ح�سين و�أوالد رباهم هذا‬
‫ال�سيد كانوا �أربعين ولد ًا يتيم ًا ذُ بح �أهلهم‪ .‬وقبره م�شهور في قمهز يزوره الم�صاب‬
‫بمر�ض الحمَّى يتبخر بربيع دمنته في�شفى‪ .‬وهذا الإعتقاد �شائ ٌع هناك �إلى يومنا»‪،‬‬
‫ج‪ 7‬بت�صرف‪.‬‬
‫(‪ (2(2‬راجع «�إطاللة جُ بيلّة» العددان (‪ 13‬ـ ‪.)14‬‬
‫‪23‬‬
‫بحوث فقهية مقارنة‬
‫الشخصيّ ة المعنويّ ة‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلسالمي‬
‫ّ‬
‫في الفقه‬
‫العالّمة ال�شيخ علي حُ بَّ اهلل‬
‫‪24‬‬
‫تنق�سم ال�شخ�صيّة في الفقه الو�ضعي‪:‬‬
‫�إلى �شخ�صيّة طبيعيّة‪ ،‬و�شخ�صيّة معنويّة‪،‬‬
‫ويراد بالأولى ال�شخ�ص العادي الطبيعيّ‬
‫ك��زي��د وع �م��ر‪ ،‬وي� ��راد ب��ال�ث��ان� ّي��ة الجهة‬
‫ال�ت��ي ت�شير �إل ��ى المجموع كالجمعيات‬
‫والأح� � ��زاب وال �� �ش��رك��ات وال�م��ؤ��س���س��ات‬
‫وال��دول��ة والحكومة‪ ....‬ووج��وده��ا وجود‬
‫تقديري تنزيلي‪ ،‬اي �أنّها مقدر الوجود‪،‬‬
‫�أي اع �ت �ب��رت م ��وج ��ودة ون ��زِّ ل ��ت منزلة‬
‫الموجود‪ ،‬فقوامها االعتبار‪.‬‬
‫وم� ��ن ح �ي��ث ال �م �ف��اع �ي��ل ال �ق��ان��ون � ّي��ة‬
‫لل�شخ�صيّة المعنويّة‪ ،‬يمكن القول �إنّها‬
‫كم�صطلح حديث في علم القانون‪ ،‬كانت‬
‫خا�ضعة في تاريخ �أوروب ��ا الحديث �إلى‬
‫فترات من ال�شدّة وال�ضعف‪ ،‬مرجعه‬
‫�إل ��ى ات �ج��اه الفل�سفات المعا�صرة‪،‬‬
‫ومُرجحّ ها بين الروح الفرديّة والروح‬
‫الجماعيّة‪( ،‬ال�م��ذه��ب ال�ف��ردي‪/‬‬
‫المذهب الإجتماعيّ ) فبعد الثورة‬
‫الفرن�سيّة عام(‪ ،)1789‬وتهاوي‬
‫الأن �ظ �م��ة الملكيّة المرتبطة‬
‫ب�شخ�ص الملك الفرد‪ ،‬بد�أت‬
‫الإت� �ج ��اه ��ات ال���س�ي��ا��س� ّي��ة‬
‫والإجتماعيّة في �أوروب ��ا‪،‬‬
‫ت�شعر بالحاجة الملحة‬
‫�إل��ى كيان اعتباري يقوم بالمهام التي‬
‫كانت م�سندة �إل��ى �شخ�ص الملك‪ ،‬هذا‬
‫من جهة‪ ،‬وم��ع ب��زوغ الع�صر ال�صناعيّ‬
‫وب��داي��ة الت�شكالت الماليّة الم�صرفيّة‬
‫في �أوروبا بداية ع�صر النه�ضة من جهة‬
‫�أخرى‪ ،‬كل ذلك كان يدفع باتجاه �ضرورة‬
‫�إن�شاء كيانات اعتباريّة تناط بها مهمة‬
‫ت�سيير عجلة الحياة الجديدة والمتطورة‪.‬‬
‫ي�ضاف �إل�ي��ه التحفيز الإقت�صادي‬
‫على الم�شاركة والم�ساهمة مع الرغبة في‬
‫�ضمان النتائج‪ ،‬فبدل �أن يدخل الإن�سان‬
‫في تجارة مع ما يترتب عليها من مخاطر‬
‫ق��د ت� ��ؤدي �إل ��ى الإف�لا���س‪ ،‬يمكن ت�أليف‬
‫�شركة م�ساهمة‪ ،‬ي�ساهم كل فرد بن�صيب‬
‫م �ح��دود ف� ��إن رب ��ح و�إال خ�سر م �ق��دار ًا‬
‫�ضئي ًال ال يخرجه من الحياة الإقت�صاديّة‬
‫والعمليّة‪.‬‬
‫ال نق�صد من هذا العر�ض القول �إنّ‬
‫ال�شخ�صيّة المعنويّة ب��د�أ ظهورها في‬
‫الع�صور الحديثة‪ ،‬بل هي موجودة منذ‬
‫زمن بعيد‪ ،‬فالمعاهدات التي كانت تجري‬
‫بين ال�سالطين‪ ،‬ال تطال ج�سم ال�سلطان‬
‫و�شخ�صه بل كل �أفراد المملكة‪.‬‬
‫وفي قانون التجارة تق�سيمات معهودة‬
‫ومعروفة لهذه ال�شخ�صيّة‪ ،‬فهي قد تكون‬
‫عامة ك��ال��دول��ة وم�ؤ�س�ساتها ووزارات �ه��ا‬
‫والمحافظة والقائمقاميّة والنيابة‪...‬‬
‫وق��د ت�ك��ون خا�صة تت�شكل م��ن جماعة‬
‫�أ�شخا�ص حقيقيين‪ ،‬وهي بدورها تنق�سم‬
‫�إل��ى �شخ�صيّة معنويّة خا�صة انتفاعيّة‬
‫كال�شركات التجاريّة والم�صارف وغيرها‬
‫ممّا يراد منه الربح‪ ،‬و�شخ�صيّة معنويّة‬
‫خا�صة غير انتفاعيّة مثل الجمعيات‬
‫والأن ��د ّي ��ة والإت � �ح� ��ادات والأح� � ��زاب‪...‬‬
‫وكال الق�سمين يحتاج �إلى ت�سجيل طبق‬
‫القوانين المرعيّة في هذا الخ�صو�ص‪،‬‬
‫ويكون الت�سجيل بالإ�سم ومحل الإقامة‬
‫والجن�سيّة والذمة الماليّة والأهليّة وغير‬
‫ذلك‪ ،‬وهو ما يعبر عنه بالعلم والخبر‪.‬‬
‫ويبدو �أنّه لم ي�سل حبر كثير في �سبيل‬
‫بحث مفهوم ال�شخ�صيّة المعنويّة في‬
‫الفقه الإ�سالميّ ‪� ،‬إذ لم �أجد من تعر�ض‬
‫لهذا المو�ضوع �سوى الأ�ستاذ الزرقاء‬
‫في كتابه الم�شهور "الفقه الإ�سالميّ في‬
‫ثوبه الجديد"‪ ،‬حيث ذكر جملة �شواهد‬
‫ال يخلو بع�ضها من مناق�شة‪ ،‬ويبدو �أن‬
‫الأ�ستاذ الزرقاء وجد �صعوبة في العثور‬
‫على �شواهد �أو �أدلة في الن�صو�ص الأوليّة‬
‫(ال �ق��ر�آن وال���ُ�س� ّن��ة)‪ ،‬تك�شف ع��ن رعاية‬
‫ال�شريعة لما ي�سمى ال�شخ�صيّة المعنويّة‬
‫�أو الحكميّة‪ ،‬فلم يذكر �سوى الحديث‬
‫ال�ن�ب��وي‪« :‬الم�سلمون تتكاف�أ دم��ا�ؤه��م‪،‬‬
‫وي�سعى بذمتهم �أدن��اه��م‪ ،‬وه��م يد على‬
‫من �سواهم»‪ ،‬فما يعطيه �أحد الم�سلمين‬
‫ل�ل�م�ح��ارب ط��ال��ب الأم � ��ان ي���س��ري على‬
‫جماعتهم‪ ،‬ويكون ملزم ًا لهم كما لو �صدر‬
‫منهم جميعاً‪ ،‬ففي ه��ذا الحكم اعتبار‬
‫مجموع الأ ّم��ة ك�شخ�صيّة واح��دة‪ ،‬يمثلها‬
‫في بع�ض النواحي كل فرد منها‪.‬‬
‫وكذلك ا�ستدلّ بالدعوى الح�سبيّة‬
‫التي يرفعها الفرد نيابة عن المجتمع‪،‬‬
‫واعتبر �أن �شخ�صيّة بيت المال يمكن �أن‬
‫ت�شكل �شخ�صيّة حكميّة معنويّة‪ ،‬فقد جاء‬
‫ال�شرع بنظريّة ف�صل بيت المال عن مال‬
‫ال�سلطان‪ ،‬وبيت المال يمثل م�صالح الأمّة‬
‫ف��ي الأم ��وال ال�ع��ا ّم��ة‪ ،‬فهو يملك ويملك‬
‫منه وعليه‪ ،‬وي�ستحق التركات الخاليّة‬
‫ع��ن الإرث والو�صيّة‪ ،‬وي�ك��ون ط��رف� ًا في‬
‫الخ�صومات والدعاوى يمثله فيها �أمين‬
‫بيت المال‪.‬‬
‫وك��ذل��ك ح ��ال ال��وق��ف‪ ،‬ح�ي��ث يملك‬
‫وي�م�ل��ك ع�ل�ي��ه‪ ،‬يمثله فيها ال�م�ت��ول��ي �أو‬
‫ال�ن��اظ��ر‪ ،‬و�إذا وق�ع��ت خيانة م��ن ممثل‬
‫الوقف‪ ،‬ب��أن �أ�ساء الت�صرف‪� ،‬أو خالف‬
‫�شروط ال��واق��ف‪ ،‬انتزع الوقف من يده‪،‬‬
‫وي�ضمن للوقف ما يوجب ال�شرع �ضمانه‪،‬‬
‫لكن كالم الفقهاء ال ي�ساعد عليه‪ ،‬فقد‬
‫جاء في الفتاوى الخيريّة‪� :‬أن الوقف ال‬
‫ذم��ة ل��ه‪ ،‬وك��ذل��ك منع الفقهاء الو�صيّة‬
‫لم�سجد «لأنّ الم�سجد ال يملك»‪ ،‬و�أجازه‬
‫الرملي في نهاية المحتاج‪ 116/3( .‬و‬
‫‪.)46/6‬‬
‫كما نازعوا في العين الموقوفة بعد‬
‫الوقف‪� ،‬أنها هل تبقى على ملك الواقف‬
‫غاية الأمر تكون م�سلوبة المنفعة بالقيا�س‬
‫�إل �ي��ه‪� ،‬أو تنتقل �إل��ى الموقوف‬
‫عليهم‪� ،‬أو ت�صبح ب�لا مالك‬
‫صال وهو الم�سمى بفك الملك‪،‬‬
‫�أ� ً‬
‫فذهبت المالكيّة �إل ��ى الأوّل‪،‬‬
‫وذه��ب الأح �ن��اف �إل��ى الأخ�ي��ر‪،‬‬
‫والحنابلة �إلى الثاني‪.‬‬
‫وواف �ق��ت الإم��ام � ّي��ة‬
‫ا ألح� � � � �ن � � � ��اف ب� � � ��أن‬
‫ال � � ��وق � � ��ف ف � � ��ك م �ل ��ك‬
‫ل �ك��ن ف ��ي خ���ص��و���ص ال��وق��ف‬
‫العام كالوقف على الم�ساجد‬
‫والمدار�س‪ ...‬دون الوقف الخا�ص‬
‫كالوقف على الذريّة!!!‪.‬‬
‫وك��ذل��ك �شخ�صيّة ال��دول��ة‪،‬‬
‫ف �ق��د ج �ع��ل ال �ف �ق �ه��اء �أح �ك��ام � ًا‬
‫خا�صة لمن�صب الإم��ام��ة وال��والي��ة تلزم‬
‫مجموع الأمة‪� ،‬إن على ال�صعيد الخارجي‬
‫�أو ال��داخ �ل��ي‪ ،‬وم ��ن ه�ن��ا ك ��ان لمن�صب‬
‫الإمامة �إقامة الحدود ورعاية حق اهلل‬
‫ف��ي الأ ّم ��ة ال ��ذي ي ��رادف معنى النظام‬
‫ال �ع��ام‪ ،‬فما ل�ل�إم��ام م��ن الخم�س مث ًال‬
‫ه��و لمن�صب الإم��ام��ة وح��ق الإم� ��ارة‪ ،‬ال‬
‫لعنوانه ال�شخ�صيّ ‪ ،‬بل للبعد الحقوقيّ في‬
‫�شخ�صيته‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬هذا البحث م�أخوذ من كتاب «�شرح قانون المحاكم ال�شرعيّة ـ درا�سات وبحوث فقهيّة مقارنة» �أ�صول المحاكمات للطوائف الجعفريّة ـ ال�سُ نيّة ـ الدرزيّة ـ العلويّة‪ .‬من�شورات‬
‫زين الحقوقيّة ـ الطبعة الثانيّة ـ بيروت ‪2002‬م‪� .‬ص ‪ 187‬ـ ‪ 188‬ـ ‪189‬ـ‪.190‬‬
‫‪25‬‬
‫مفاهيم وأخالق إسالميّة‬
‫طرق الشيطان‬
‫في اضالل العباد‬
‫احللقة األوىل‬
‫�إعداد‪ :‬الأ�ستاذ محمد علي ر�ضى عمرو‬
‫‪26‬‬
‫ي�شكل عالم ال�شيطان العدو الخفي‬
‫والأ�شد �ضراوة على بني �آدم‪ ،‬فهو ال يفت�أ‬
‫يف�سد �أخالق بني �آدم وعقائدهم‪ ،‬ويورث‬
‫بينهم العداوة والبغ�ضاء‪ ،‬لذلك فال غرو‬
‫�أن تتواتر الآي ��ات القر�آنية والأح��ادي��ث‬
‫النبوية في بيان خطر هذا العدو‪ ،‬و�سبل‬
‫�إ�ضالله و�إف�ساده‪ ،‬حتى يحذره النا�س‪،‬‬
‫ويكونوا في م�أمن من مكره و�شره ‪ ...‬وقد‬
‫ب�سط اهلل �سبحانه القول في ال�شيطان‬
‫في �آيات كثيرة‪ ،‬و�أو�ضح طرائق �إ�ضالله‬
‫و�إغوائه في بيان جلي �أقام به الحجّ ة على‬
‫الخلق‪ ،‬و�أزال به كل عذر لمعتذر‪.‬‬
‫فمن تلك الآي ��ات قوله ت�ع��ال��ى‪�(:‬إِنَّ‬
‫ال�شَّ يْطَ انَ َلكُمْ عَ � ُد ٌّو فَاتَّخِ ذُ و ُه عَ � ُدوًّا‬
‫اب‬
‫�إِ َّنمَا يَدْ عُ و حِ زْ َب ُه ِل َيكُونُوا مِ نْ �أ َْ�صحَ ِ‬
‫ال�سَّ عِيرِ ) �سورة فاطر‪ ،‬لآي��ة‪ .6 :‬وهذا‬
‫�إع�ل�ان �صريح ب �ع��داوة ال�شيطان لبني‬
‫�آدم ع��داوة ال ه��وادة فيها وال مجاملة‪،‬‬
‫و�أن على العباد �أن يقابلوا هذه العداوة‬
‫بمثلها(فَاتَّخِ ذُ و ُه عَ ُدوًّا)‪.‬‬
‫ول ��م يكتف �سبحانه وت �ع��ال��ى بهذا‬
‫الإع�لان و�إنما �أتبعه ب�آيات كثيرة تبين‬
‫�سبل �إغ��واء ال�شيطان و�إ�ضالله للعباد‪،‬‬
‫فقال �سبحانه‪( :‬يَا �أَ ُّيهَا الَّذِ ينَ �آمَ نُوا‬
‫َل َت َّت ِبعُوا خُ ��طُ �وَاتِ ال�شَّ يْطَ انِ وَمَ ��ن‬
‫َي َّت ِب ْع خُ طُ وَاتِ ال�شَّ يْطَ انِ َف�إِ َّن ُه َي�أْ ُم ُر‬
‫بِا ْلفَحْ �شَ اء وَا ْلمُنكَرِ )‪� ،‬سورة النور‪،‬‬
‫الآي��ة‪ .21:‬ففي هذه الآي��ة بيان للطريقة‬
‫التي يتعامل بها ال�شيطان مع �ضحاياه‪،‬‬
‫فهو ال يهجم عليهم دفعة واحدة ليخرجهم‬
‫من الإيمان �إلى الكفر‪ ،‬ومن الطاعة �إلى‬
‫المع�صية‪ ،‬بل يتدرج للو�صول �إلى هدفه‪،‬‬
‫وينظر ن�ق��اط ال�ضعف ف��ي ال�شخ�ص‪،‬‬
‫ويحاول �أن يلج من خاللها‪ ،‬ف�إن وجد فيه‬
‫قوة في دينه �أت��اه من جانب المباحات‪،‬‬
‫وحرّ�ضه على الإكثار منها لي�ضيّع عليه‬
‫بع�ض الم�ستحبات‪ ،‬ثم ال ي��زال به حتى‬
‫يتهاون بال�سنن‪ ،‬وهكذا حتى يتهاون في‬
‫الواجبات ‪ ...‬و�إن وجد في ال�شخ�ص غلوا‬
‫وميال نحو التطرف في جانب من جوانب‬
‫الدين حبَّبَ �إليه البدع والمحدثات‪ ،‬ثم ال‬
‫يزال به حتى يجعل منه حامي ًا لها مدافع ًا‬
‫عنها‪ ،‬بل وركن ًا من �أركانها‪ ...‬و�إن وجد‬
‫ف��ي ال�شخ�ص ت �ه��اون � ًا ف��ي ال��واج �ب��ات‪،‬‬
‫وانهماك ًا في المحرمات‪ ،‬فتلك الغنيمة‬
‫الباردة حيث ال يزال يحثّه على التفلت‬
‫من الفرائ�ض‪ ،‬ويحرّ�ضه على الإكثار من‬
‫فعل الحرام‪ ،‬حتى ي�صبح عديم الدين‬
‫والخلق ‪ ...‬وال يكتفي ال�شيطان ب�إ�ضالل‬
‫العباد فح�سب بل يتبع �إ�ضالله تزينن ًا‬
‫لباطله‪ ،‬فال يدع �ضحاياه فري�سة لت�أنيب‬
‫ال�ضمير‪ ،‬و�أ�سرى لتقريع المواعظ‪ ،‬و�إنما �إبلي�س‪ ،‬ق��ال تعالى‪َ ( :‬ف� َو� ْ��س� َو�� َ�س �إِ َل� ْي� ِه‬
‫يحاول �أن يبقيهم في �سالم داخلي مع ال�شَّ يْطَ انُ قَالَ يَا �آدَمُ هَ لْ �أَ ُدل َُّك عَ لَى‬
‫�أنف�سهم ب ��أن يزين لهم �أعمالهم‪ ،‬فال �شَ جَ َر ِة الْخُ لْدِ َو ُمل ٍْك َّل َي ْبلَى)‪� ،‬سورة‬
‫ي�شعروا ب�أي نفور عنها‪� ،‬أو �أنها مخالفة‬
‫للفطر والعقول‪ ،‬قال تعالى‪َ ( :‬و َزيَّنَ َلهُمُ‬
‫ال�شَّ يْطَ انُ مَ ا كَانُو ْا َي ْع َملُونَ )(�سورة‬
‫الإنعام‪ ،‬الآية‪.43 :‬‬
‫وقال تعالى �أي�ضاً‪َ ( :‬و�إِذْ َز َّي��نَ َلهُمُ‬
‫ال�شَّ يْطَ انُ �أَعْ مَا َلهُمْ )‪� ،‬سورة الأنفال‪،‬‬
‫الآية‪ .48 :‬وي�أتي هذا التزيين على �شكل‬
‫م �ب��ررات ي�سوقها ال�شيطان ل�ضحاياه‬
‫لتبرير �أف�ع��ال�ه��م؛ ف��ال��ذي ي��زن��ي وي��أت��ي‬
‫الفواح�ش يزين ل��ه �أن��ه يمار�س حريته‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬والذي ي�سرق ويختل�س يزين‬
‫له �أنه ي�ستعين بذلك على تكاليف الحياة‪،‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫وم��ن العجيب �أن �أ�سلحة ال�شيطان‬
‫في ذلك ال تخرج عن الت�أثير النف�سي‪،‬‬
‫وه��و م��ا �سماه اهلل ب«ال��و��س��و��س��ة» وهي‬
‫حديث النف�س وال�ك�لام الخفي ال��ذي ال‬
‫يُ�سمع‪ ،‬فال�شيطان يو�سو�س في �صدور‬
‫النا�س وي�أمرهم بالمنكر وينهاهم عن‬
‫المعروف‪ ،‬وق��د مكنه اهلل من مخاطبة‬
‫النف�س والإيحاء �إليها‪ ،‬قال تعالى‪(:‬قُلْ‬
‫َّا�س �إِ َل� ِه‬
‫َّا�س مَ ل ِِك الن ِ‬
‫�أَعُ ��وذُ ِب�رَبِّ الن ِ‬
‫َّا�س‬
‫َا�س الْخَ ن ِ‬
‫النَّا�س ِ مِ ن �شَ ِّر ا ْلوَ�سْ و ِ‬
‫َّا�س مِ نَ‬
‫الَّذِ ي ُيوَ�سْ و ُِ�س فِي ُ�صدُو ِر الن ِ‬
‫َّا�س )‪� ،‬سورة الّنا�س‪ ،‬الآية‬
‫الْجِ َّن ِة َو الن ِ‬
‫‪1‬ـ ‪ .6‬فالو�سو�سة هي �سالح �إبلي�س‪ ،‬وما‬
‫�أخ ��رج �آدم‪ t‬م��ن الجنّة �إال و�سو�سة‬
‫ط ��ه‪ .120:‬ورغ��م افتقاد �إبلي�س لل�سالح‬
‫المادي في الإ�ضالل �إال �أنه قد �أغوى �أكثر‬
‫الخلق ـ والعياذ ب��اهلل ـ وك��ان لو�سو�سته‬
‫ت�أثير كبير على �إ�ضالل الب�شر‪ ،‬ي�ساعده‬
‫في ذلك موافقة �أهواء النف�س و�شهواتها‬
‫لما يدعو �إليه‪ ،‬فيجتمع على العبد هوى‬
‫النف�س ورغبتها و�سو�سة ال�شيطان فال‬
‫يقف �أمامهما �إال خال�ص الم�ؤمنين‪.‬‬
‫ه��ذا مع �أن اهلل قد �أخبر �أن ( �إِنَّ‬
‫َكيْدَ ال�شَّ يْطَ انِ َك��انَ َ�ضعِيفاً)‪� ،‬سورة‬
‫الن�ساء‪� ،76:‬إال �أن �ضعف النف�س الب�شرية‬
‫�أم � ��ام ال � ُم �غ��ري��ات ق ��د �أع��ط ��ى ل�ضعف‬
‫ال�شيطان ق��وة‪ ،‬ذل��ك �أن ق��وة ال�ع��دو في‬
‫�أحيان كثيرة ال ت�ستند �إلى قوة ذاتية بقدر‬
‫ما ت�ستند �إل��ى �ضعف الخ�صم وتراخيه‬
‫وا�ست�سالمه؛ لذلك كانت الآيات القر�آنية‬
‫مُن�صب ٌة على التحذير من و�سائل ال�شيطان‬
‫و�أ�ساليبه ف��ي ال�غ��واي��ة م��ن �أج ��ل تقوية‬
‫النف�س الب�شرية‪ ،‬وتح�صين دفاعاتها‬
‫‪ ،.‬فذكر اهلل �سبحانه حقيقة مطالبه‬
‫وغايات دعوته‪ ،‬و�أنها لن ت�ؤدي بالإن�سان‬
‫�سوى �إل��ى ال�شقاء في الدنيا والآخ ��رة‪،‬‬
‫فقال �سبحانه‪( :‬ال�شَّ يْطَ انُ َي� ِع� ُد ُك��مُ‬
‫ا ْل َف ْق َر َو َي�أْ ُم ُركُم بِا ْلفَحْ �شَ اء‪� )...‬سورة‬
‫البقرة الآي��ة‪ ،268 :‬فال�شيطان ال يريد‬
‫�إ�سعاد الب�شرية بل �إهالكها‪ ،‬وال يريد‬
‫غنى الب�شرية ب��ل �إف �ق��اره��ا‪ ،‬وال يريد‬
‫طهارة الب�شرية بل تدني�سها !!‬
‫وبيّن �سبحانه وتعالى �أن من غايات‬
‫�إبلي�س �إي �ق��اع الب�شرية ف��ي ال�ن��زاع��ات‬
‫الداخلية والخارجية‪ ،‬و�إ�شعال الحروب‬
‫وال �ع��داوات بين الم�ؤمنين‪ ،‬ق��ال تعالى‪:‬‬
‫(�إِ َّنمَا يُرِ ي ُد ال�شَّ يْطَ انُ �أَن يُو ِق َع َب ْي َنكُمُ‬
‫ا ْلعَدَ ا َو َة وَا ْل َبغ َْ�ضاء فِي الْخَ مْرِ وَا ْل َميْ�سِ رِ‬
‫ال�ص َال ِة‬
‫الل وَعَ نِ َّ‬
‫َوي َُ�ص َّدكُمْ عَ ن ذِ كْرِ ّ ِ‬
‫َفهَلْ �أَن� ُت��م مُّن َتهُونَ ) �سورة المائدة‪،‬‬
‫الآي��ة‪ ،91 :‬وبيّن �سبحانه وتعالى �أن كل‬
‫الرذائل والمنكرات والفواح�ش م�صدرها‬
‫�إبلي�س اللعين‪ ،‬ق��ال تعالى‪َ ( :‬ي��ا �أَ ُّي� َه��ا‬
‫الَّذِ ينَ �آمَ نُو ْا �إِ َّنمَا الْخَ ْم ُر وَا ْل َميْ�سِ ُر‬
‫َن�صابُ وَالأَ ْزالَمُ رِجْ ٌ�س مِّ نْ عَ مَلِ‬
‫وَالأ َ‬
‫ال�شَّ يْطَ انِ فَاجْ َت ِنبُو ُه َل َع َّلكُمْ ُت ْفلِحُ ونَ )‬
‫�سورة المائدة‪ ،‬الآية‪.90 :‬‬
‫وف ��ي �إط ��ار ال �� �ص��راع ال���ش��ام��ل بين‬
‫الخير وال�شر ومع�سكر الإيمان ومع�سكر‬
‫ال�ك�ف��ر ي�ستعمل ال���ش�ي�ط��ان ف��ي �سبيل‬
‫هزيمة الم�ؤمنين �أ�ساليب متعددة منها؛‬
‫ن�شر الخوف والذعر فيما بين الم�ؤمنين‪،‬‬
‫ق��ال تعالى‪�(:‬إِ َّنمَا ذَ ِل � ُك��مُ ال�شَّ يْطَ انُ‬
‫ُي ��خَ ��و ُِّف أَ� ْو ِل � � َي� ��اء ُه َف�ل�اَ َت��خَ ��ا ُف��وهُ ��مْ‬
‫وَخَ ��ا ُف��ونِ �إِن كُنتُم ُّم�ؤْمِ نِينَ ) �سورة‬
‫�آل ع�م��ران‪ .175:‬قال مجاهد‪« :‬يخوف‬
‫الم�ؤمنين بالكفار»‪ ،‬والخوف �إذا ا�ستبَّدَ‬
‫بالإن�سان يفقده كل قدرة على المبادرة‪،‬‬
‫وي�ش ُّل تفكيره‪ ،‬ويجعله �ضمن مخططات‬
‫ال�غ�ي��ر‪ ,‬ف�لا ي�ستطيع لنف�سه ��ض��ر ًا وال‬
‫نفعاً‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫ذاكرة شعبيّة‬
‫حكاية رجل شجاع من طرابلس‬
‫أبو فؤاد شحادة‬
‫اللقاء الأوّل‪:‬‬
‫‪28‬‬
‫ك��ان اللقاء الأوّل م��ع الأخ وال�صديق‬
‫الفا�ضل ال�شيخ �أب��و ف ��ؤاد �شحادة عبداهلل‬
‫�صالح وف�ضيلة المرحوم ال�شيخ يو�سف غانم‬
‫الخطيب في المحكمة ال�شرعيّة الجعفريّة‬
‫في طرابل�س في مبناها القديم في �شارع‬
‫الثقافة بمنا�سبة ا�ستالمي للق�ضاء ال�شرعيّ‬
‫في طرابل�س من �صديقي العالّمة القا�ضي‬
‫ال�شيخ ح�سين دروي�ش في خريف �سنة ‪1991‬‬
‫بموجب المر�سوم الجمهوريّ رقم‪1645 :‬‬
‫ال�صادر في ‪1991/9/3‬م‪.‬‬
‫حيث ر�أيت به وبف�ضيلة المرحوم ال�شيخ‬
‫يو�سف وول ��ده المحامي الأ��س�ت��اذ غ��ان��م ـ‬
‫ع�ضو بلدية طرابل�س �آن ��ذاك ـ منذ ذلك‬
‫التاريخ ولحين تاريخه‪ ،‬المحبة والطيبة‬
‫والوجه العربي الجميل والوطني المُ�شرق‬
‫لحياة الم�سلمين العلويين في طرابل�س‪.‬‬
‫وازداد �إي�م��ان��ي بذلك عندما كنت �ألقاه‬
‫في المحكمة ال�شرعيّة �أو على مائدته �أو‬
‫في بيوت الأ�صدقاء في منا�سبات كثيرة‬
‫�أو �أ�سمع �صوته في الهاتف‪� ،‬أو عندما كان‬
‫يحدّثنا عن الوحدة الوطنيّة في لبنان ونبذ‬
‫التفرقة والع�صبيّة‪.‬‬
‫�سيرة حياة‬
‫وحياة هذا الرجل ال�صالح منذ والدته‬
‫ف��ي ��س�ن��ة ‪1932‬م‪ .‬م��ن �أب ��وي ��ن فقيرين‬
‫�صالحين ولغاية تاريخه كانت �سل�سلة من‬
‫الكفاح والن�ضال من �أجل تح�صيل اللقمة‬
‫الحالل والمال الحالل ور�ضى اهلل تعالى‪.‬‬
‫�إذ فقد المرحوم وال��ده وه��و في العا�شرة‬
‫من عمره وعا�ش في كنف والدته الحنون‬
‫بقلم‪ :‬القا�ضي الدكتور ال�شيخ يو�سف محمد عمرو‬
‫ال�سيّدة مريم عبا�س مع �شقيقه المرحوم‬
‫�سلمان و�شقيقته المرحومة مارية‪ .‬وتعلّم من‬
‫�شيخ فقير القر�آن الكريم ومبادئ القراءة‬
‫والح�ساب‪ .‬ثمّ توجه للعمل في قطاع البناء‬
‫في منطقة الدورة ـ برج حمود وا�ستطاع من‬
‫ك��دِّ يمينه وع��رق جبينه �أن ي�ؤ�س�س منزله‬
‫الزوجي ليتزوج بال�سيدة بدرية كامل ح�سن‪.‬‬
‫وبالتالي ليقت�صد من عمله �أربعة �آالف ليرة‬
‫لبنانية‪ ،‬لي�شتري بها عقار ًا في منطقة جبل‬
‫مح�سن في طرابل�س �سنة ‪1961‬م‪ .‬وليبد�أ‬
‫رحلة العمل في تجارة البناء حيث وفقه‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬لبناء مئات ال�شقق ال�سكنيّة التي‬
‫تتوافر بها ال�صفات الهند�سيّة والقانونيّة‬
‫ال �م��رع � ّي��ة الإج � ��راء ولبيعها للموظفين‬
‫ولأ� �ص �ح��اب ال��دخ��ل ال �م �ح��دود ب��الأ��س�ع��ار‬
‫المدرو�سة منذ �أوائل ال�ستينيات من القرن‬
‫الما�ضي ولغاية تاريخه بم�ساعدة �أوالده‬
‫الأوفياء كما �سوف نعرف‪ .‬وكان ال�شيخ �أبو‬
‫ف�ؤاد خالل اكثر من خم�سين عام ًا مو�ضع‬
‫احترام زعماء طرابل�س من �سُ نّة و�شيعة‬
‫وع�ل��وي�ي��ن وم�سيحيين‪ .‬ك�م��ا ك ��ان مو�ضع‬
‫اح �ت��رام وثقة م��ن �شيوخ الم�سلمين على‬
‫الطريقة العلويّة ولق�ضاة محكمة طرابل�س‬
‫ال�شرعيّة الجعفريّة‪ ،‬ول�شيوخ الم�سلمين‬
‫من �أه��ل ال�سُ نّة من ق�ضاة وعلماء وق��راء‬
‫ل�ل�ق��ر�آن ال�ك��ري��م‪ .‬كما ك��ان ل��ه م�ساهمات‬
‫و�صدقات كثيرة في ت�أ�سي�س م�سجد الإمام‬
‫عليِّ بن �أب��ي طالب‪ ،t‬في محلة التبانة‬
‫في طرابل�س‪ ،‬وفي ت�أ�سي�س وبناء م�ست�شفى‬
‫الزهراء‪ ،u‬في جبل مح�سن ـ طرابل�س وفي‬
‫م�ساعدة كثير من العائالت الفقيرة وتوفير‬
‫ال�م���س��اع��دات لهم وف��ي ال�ت�ب��رع للجمعية‬
‫الخيريّة لإنعا�ش القرى الخم�س في الكورة‬
‫�أيام الإمام ال�سيّد مو�سى ال�صدر‪.‬‬
‫وميزة ال�شيخ �أبو ف�ؤاد في �سيرته خالل‬
‫�أكثر من خم�سين �سنة من الكفاح والن�ضال‬
‫هو حُ ّْب ُه هلل تعالى ولر�سوله‪ ،w‬ولأهل البيت‬
‫‪ ،i‬ولل�صحابة(ر�ض)‪ ،‬وللوحدة الوطنيّة‬
‫وك��ره��ه للتع�صب وال�ط��ائ�ف� ّي��ة وال �ح��روب‬
‫العبثيّة التي حدثت في لبنان ب�شكل عام‬
‫وفي طرابل�س ب�شكل خا�ص‪.‬‬
‫ور�أ�سمال ال�شيخ �أب��ي ف ��ؤاد الأكبر هو‬
‫محافظته على ر��ض��ى اهلل تعالى ف��ي كل‬
‫ح��ال ب��إق��ام��ة ال�صلوات خم�س م��رات كل‬
‫ي��وم‪ ،‬و�صوم �شهر رم�ضان وال��زك��اة و�صلة‬
‫الرحم وم�ساعدة الأرامل والأيتام وبتربيته‬
‫ال���ص��ال�ح��ة لأوالده وب �ن��ات��ه ع�ل��ى م�ك��ارم‬
‫الأخ �ل�اق وال�ت�م���س��ك ب��ال���ص��دق والأم��ان��ة‬
‫والمحبة وال��وف��اء ل�ل�أ��ص��دق��اء م��ن جميع‬
‫العائالت والطوائف اللبنانيّة الكريمة‪.‬‬
‫الأوالد والأحفاد‬
‫وقد رزقه اهلل تعالى من زوجته ال�سيّدة‬
‫بدرية كامل ح�سن‪:‬‬
‫‪1‬ـ ف�ؤاد(�أبو �شحادة) متزوج من ال�سيدة‬
‫ي���س��رى ي��ازج��ي‪ ،‬رزق ��ه اهلل ت�ع��ال��ى منها‪:‬‬
‫�شحادة‪ ،‬عبداهلل‪� ،‬أحمد‪ ،‬هبة‪.‬‬
‫‪2‬ـ ع�ب��داهلل (�أب ��و يو�سف) م�ت��زوج من‬
‫ال�سيدة �أم�ي��رة �سلمان‪ ،‬رزق��ه اهلل تعالى‬
‫منها‪ :‬يو�سف‪� ،‬سوزان‪ ،‬هال‪ ،‬مريم‪.‬‬
‫‪3‬ـ علي‪ ،‬متزوج من ال�سيدة رنا ح�سن‬
‫نفنوف رزقه اهلل تعالى منها‪� :‬آية‪ ،‬نور‪.‬‬
‫‪4‬ـ محمد‪ ،‬م�ت��زوج م��ن ال�سيدة ر�شيدة‬
‫مع أوالد‬
‫ه‬
‫ع‬
‫ب‬
‫د‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ل‬
‫هو‬
‫علي وطال‬
‫ب‬
‫الشيخ أبو فؤاد شحادة‬
‫حافظ �سعيد‪ ،‬رزقه اهلل تعالى منها‪ :‬فرح‪ ،‬نور‪ .‬خ�صو�صيّة للتالمذة)‪.‬‬
‫‪5‬ـ م �ح �م��ود(�أب��و م��دي��ن) م �ت��زوج من‬
‫عود على بدء‬
‫ال�سيدة عتاب محمد �ضاهر‪ ،‬رزق��ه اهلل‬
‫�إنَّ معرفة ال�شيخ �أب��و ف� ��ؤاد �شحادة‬
‫تعالى منها‪ :‬مدين‪ ،‬حياة‪ ،‬مروة‪.‬‬
‫ع �ب��داهلل �صالح وم�ع��رف��ة �أوالده ال�ك��رام‬
‫‪6‬ـ نبيل(�أبو يعقوب)‪ ،‬متزوج من ال�سيدة ع��ن ُق ��رب‪ .‬وم�ع��رف��ة �أ� �ص �ح��اب الف�ضيلة‬
‫�سمر محمود �سميا‪ ،‬رزقه اهلل تعالى منها‪ :‬من م�شايخ الطائفة الإ�سالميّة العلويّة‬
‫يعقوب‪ ،‬حياة‪ ،‬يا�سمين‪ ،‬ن�سرين‪ ،‬وهو يعي�ش في لبنان و�سوريا وعلى ر�أ�سهم ف�ضيلة‬
‫مع ا�سرته في ا�ستراليا‪.‬‬
‫ال��دك �ت��ور ال�شيخ �أ� �س��د ع��ا��ص��ي وف�ضيلة‬
‫‪7‬ـ المرحوم ح�سن(�أبو خ�ضر)‪ ،‬كان المفتي الجعفريّ المرحوم ال�شيخ علي‬
‫متزوج ًا من ال�سيدة �أميرة محيي الدين محمود من�صور والمرحوم ال�شيخ يو�سف‬
‫ديب‪ ،‬رزقه اهلل تعالى منها‪ :‬خ�ضر و�سمر‪ .‬غ ��ان ��م ال �خ �ط �ي��ب وغ �ي ��ره ��م ع ��ن ق ��رب‪،‬‬
‫‪8‬ـ طالب(�أبو علي)‪ ،‬متزوج من ال�سيدة ومعرفة الأ��س�ت��اذ المحامي علي يو�سف‬
‫رنا �سليمان‪ ،‬رزقه اهلل تعالى منها‪ :‬علي‪ ،‬عيد و�سائر زع�م��اء الطائفة الإ�سالميّة‬
‫زينب‪ ،‬فاطمة‪.‬‬
‫العلويّة عن ُق��رب تزيدنا �إيمان ًا بعروبة‬
‫‪9‬ـ ن��دى(�أم نبيل)‪ ،‬متزوجة من ال�سيد الم�سلمين العلويين ومحبتهم للإ�سالم‬
‫يو�سف عبد الحميد دي��ب‪ ،‬ولها منه ولد وللبنان ولإف���ش��اء المحبة وال�سالم بين‬
‫واحد وهو‪ :‬نبيل‪.‬‬
‫اللبنانيين‪ .‬ونبذهم للتع�صب والطائفيّة‪.‬‬
‫‪10‬ـ الآن���س��ة زي �ن��ة‪ُ :‬م��د ّر� �س��ة (درو� ��س وللتفرقة بين اللبنانيين‪ .‬و�أن حمالت‬
‫الإفتراء والكراهيّة التي �أُثيرت �ضدهم‬
‫و�شوهت �سيرتهم ون�ضالهم الوطنيّ كان‬
‫وراءه��ا المخابرات الإ�سرائيليّة ل�ضرب‬
‫ال ��وح ��دة ال��وط �ن � ّي��ة ف ��ي ط��راب �ل ����س وف��ي‬
‫الجمهوريّة العربيّة ال�سوريّة ومخطط‬
‫وزير الخارجيّة الأميركي ال�سابق هنري‬
‫ك�سينجر ف��ي تق�سيم ��س��وري��ا ولبنان‬
‫لم�صلحة ا�سرائيل‪.‬‬
‫و�شجاعة ال�شيخ �أبو ف�ؤاد �شحادة‬
‫ع �ب��داهلل ��ص��ال��ح ف��ي ط��راب�ل����س خ�لال‬
‫�أكثر من خم�سين �سنة كانت بمقابلته‬
‫للإ�ساءة بالإح�سان‪ ،‬وللظلم وللخراب‬
‫والتفجيرات في طرابل�س بالإ�صرار‬
‫ع �ل��ى ال �ت��رم �ي��م وال��ب��ن ��اء‪ ،‬ول�ح�م�لات‬
‫الإف� �ت ��راء ع�ل��ى �أه��ال��ي ج�ب��ل مح�سن‬
‫بالدعاء �إلى اهلل تعالى �أن يهدي جميع‬
‫الطرابل�سيين �إلى فتح �صفحة جديدة من‬
‫الت�سامح والمحبة وال�سّ الم)(‪.)1‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬وال ي�سعنا في هذه العُجالة من القول �إال ذكر الرجل ال�صالح ال�شيخ محمد اليحفوفيّ «�أبو نايف» رئي�س قلم محكمة طرابل�س ال�شرعيّة الجعفريّة الأ�سبق‪ ،‬الذي كان‬
‫ال�سبب في هذه المعرفة وال�صلة بين �شيوخ جبل مح�سن ورجاالته الكرام وبين ق�ضاة المحكمة ال�شرعيّة الجعفريّة في طرابل�س‪� .‬سائ ًال اهلل تعالى �أن يُمنَّ عليه‬
‫بال�صحة والعافيّة وطول العمر والعودة �إلى لبنان مع عائلته و�أبنائه قريب ًا �إن �شاء اهلل تعالى‪ ،‬كما ال �أن�سى الأخوين الأديبين ال�شاعرين ح�سن وعلي �صالح من �آل‬
‫الحاج يو�سف رحمهما اهلل تعالى‪ ،‬كانا يعمالن مع �أبي نايف في الق�ضايا ال�شرعيّة وفي ن�شر المحبة وال�سالم‪ .‬كما ال نن�سى رئي�س قلم محكمة طرابل�س ال�شرعيّة‬
‫الجعفريّة الأ�ستاذ حيدر علي حيدر �أيام �سماحة الرئي�س �آية اهلل ال�شيخ عبداهلل نعمة(قده)‪ ،‬والذي كان ل�سان حال تلك المحكمة وواجهتها الطيبة‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫موضوع الغالف‬
‫الشيخان‬
‫سلمان وجعفر الخليل‬
‫في خدمة القرآن الكريم‬
‫�إعداد‪ :‬المدير الم�س�ؤول الدكتور ال�شيخ �أحمد محمد قي�س‬
‫‪30‬‬
‫التوا�صل ما بين بع�ض العلماء اللبنانيين‬
‫وبين النّجف الأ�شرف في �أ�صعب الظروف‬
‫التي مرّت على العراق ولبنان‪.‬‬
‫علمان من �أع�لام الغبيري ـ ال�شياح‬
‫�أم�ضيا �أربع ًا وخم�سين �سنة من عمرهما‬
‫ف��ي خ��دم��ة ال �ق��ر�آن الكريم ف��ي م�سجد‬
‫الإمام الح�سين بن عليِّ ‪ ،o‬في ال�شياح‬
‫تدري�س ًا وتحفيظاً‪ ،‬وك��ان لهما �إط�لاالت‬
‫كثيرة ف��ي ق ��راءة ال �ق��ر�آن الكريم ورف��ع‬
‫الأذان فوق منابر وم�آذن الم�سلمين من‬
‫�سُ نَّة و�شيعة في بيروت و�سائر المحافظات‬
‫اللبنانيّة‪.‬‬
‫وكذلك ك��ان لهما ال��دور الكبير في‬
‫خدمة المعتمرين والحجاج �إلى الحرمين‬
‫ال�شريفين‪ .‬وخدمة ال��زوار �إلى العتبات‬
‫ال�م�ق� ّد��س��ة ف��ي ال �ع��راق و�إي � ��ران وطلبة‬
‫العلوم الدينيّة من اللبنانيين في النّجف‬
‫الأ�شرف لأكثر من �أربعين �سنة‪.‬‬
‫وكذلك كان لهما دور �إجتماعي �آخر‬
‫ف��ي خ��دم��ة م��وت��ى الم�ؤمنين ف��ي رو�ضة‬
‫ال�شهيدين وف��ي النّجف الأ� �ش��رف وفي‬
‫جاء عن تاريخ هذه الأ�سرة الكريمة‬
‫للأ�ستاذ �أحمد �أبو �سعد‪«[:‬الخليل �إ�سم‬
‫�أُ� �س��رة م��ن الأ� �س��ر الإ��س�لام� ّي��ة ال�شيعيّة‬
‫ف��ي �صور و�شحور‪ ،‬وه��ذه الأ� �س��رة يقول‬
‫النّ�سابون‪� :‬إ ّن�ه��ا و�آل الزين من �ساللة‬
‫الحاج علي مهدي الخليل‬
‫الدكتور قيس مع الشيخ سلمان الخليل‬
‫بعض األوسمة والهدايا للشيخين الخليلين‬
‫�آل الخليل في جبل عامل وال�شياح‬
‫واح��دة جدهما الزين الأكبر �أح��د قواد‬
‫�صالح الدين الأيوبي‪ ،‬وكانت �إقامته في‬
‫قلعة تبنين التي ك��ان حاكم ًا لها‪ ،‬وهم‬
‫ينت�سبون �إل��ى الأو� ��س وال �خ��زرج (راج��ع‬
‫ال��زي��ن) ولهم ف��رع ف��ي الغبيري هاجر‬
‫�إليها ف��ي عهد ابراهيم با�شا‪ ،‬و�أَ�شهر‬
‫من ب��رز منهم في �صور الحاج عبداهلل‬
‫يحيى الخليل �أوّل من �شكل حكومة �صور‬
‫ورفع العلم ال�سوري عليها في عهد الأمير‬
‫في�صل‪ .‬والحاج �إ�سماعيل الخليل رئي�س‬
‫بلدية �صور في عهد حكومة في�صل العربيّة‬
‫المتوفى �سنة ‪1936‬م‪ .‬والنائب والوزير‬
‫ال�سابق كاظم الخليل‪ ،‬و�أخ��واه الدكتور‬
‫�سعداهلل الخليل �صاحب م�ست�شفى الخليل‬
‫في �صيدا‪ ،‬وعبد الرحمن الخليل رئي�س‬
‫بلدية ��ص��ور ف��ي منت�صف ه��ذا ال�ق��رن‪،‬‬
‫ون�سيبهما وزي� ��ر ال�م�غ�ت��رب�ي��ن ال�ن��ائ��ب‬
‫الدكتور علي الخليل‪ ،‬ومن م�شاهيرها في‬
‫الغبيري عبد الكريم قا�سم الخليل �أحد‬
‫ال�شهداء الذين �أعدمهم جمال با�شا �سنة‬
‫‪1916‬م‪ .‬وممن ا�شتهر منهم في �شحور‬
‫نقيب النا�شرين ال�سابق يحيى الخليل‬
‫و�أخوه كاظم �صاحبا دار الحياة للن�شر‪،‬‬
‫والقا�ضي يو�سف الخليل‪ ،‬الطبيب نعمة‬
‫اهلل الخليل والدكتور �أحمد علي الخليل»]‬
‫(‪.)1‬‬
‫وي�ضاف �إلى ما تقدّم من �أع�لام �آل‬
‫الخليل في الغبيري الحاج علي مهدي‬
‫الخليل ونجليه ال�شيخ �سلمان وال�شيخ‬
‫جعفر ـ الدكتور قا�سم الخليل وكان من‬
‫زعماء و�أعيان ال�ضاحية والعالّمة ال�شهيد‬
‫ال�شيخ طالب مالك الخليل والدكتور علي‬
‫الخليل‪ ،‬والأ�ستاذ يو�سف �سليم الخليل‪،‬‬
‫وكاتب عدل برج البراجنة الأ�ستاذ خ�ضر‬
‫الخليل‪.‬‬
‫وق ��د ه��اج��ر ج��ده��م ال�ك�ب�ي��ر مهدي‬
‫محمد الخليل و�شقيقه ح�سن �إلى منطقة‬
‫ال�شياح ـ الغبيري م��ن بلدة �شحور في‬
‫ق�ضاء �صور �أيام ابراهيم با�شا الم�صري‬
‫في مطلع القرن التا�سع ع�شر مع �أبناء‬
‫عمهم من �آل الزين وا�ستوطنوا منطقة‬
‫الغبيري ـ ال�شياح الواقعة جنوب مدينة‬
‫بيروت‪.‬‬
‫بطاقة �شخ�صيّة‪:‬‬
‫التو�أم‪ :‬ال�شيخ �سلمان وال�شيخ جعفر‬
‫والدة ال�شياح في الثاني من �شهر �شباط‬
‫‪1932‬م‪.‬‬
‫الأب‪ :‬الحاج علي بن مهدي بن محمد‬
‫العلمة الشيخ نعيم قاسم‬
‫من حفل تكريم بلدية الغبيري للشيخ سلمان الخليل برعاية ّ‬
‫�آل الخليل‪.‬‬
‫الأم‪ :‬الحاجة فاطمة علي عبداهلل‬
‫الخليل‪.‬‬
‫الأ�شقاء‪ :‬المرحوم الحاج ح�سين(�أبو‬
‫حمزة)‪ ،‬المرحوم الحاج ح�سن‪ ،‬المرحوم‬
‫ال �ح��اج م �ه��دي(�أب��و خ�ل�ي��ل)‪ ،‬ال�م��رح��وم‬
‫الحاج محمد علي‪ ،‬الدكتور �أحمد(�أبو‬
‫ع�ل��ي)‪ ،‬ال�م��رح��وم ال�ح��اج اب��راه�ي��م(�أب��و‬
‫منذر)‪ ،‬الحاج يو�سف(�أبو مروان)‪.‬‬
‫ال�شقيقات‪ :‬الحاجة ديبة(�أم يو�سف)‬
‫متزوجة من ال�سيد ح�سين �أمين ال�سيد‪،‬‬
‫المرحومة الحاجة رئيفة ارملة المرحوم‬
‫ها�شم عبداهلل الخليل‪.‬‬
‫ال�شيخ �سلمان و�أوالده‪:‬‬
‫زوجته‪ :‬الحاجة فوزية عبداهلل الخليل‬
‫وقد رزقه اهلل تعالى منها‪:‬‬
‫الحاج علي متزوج من الحاجة رنا‬
‫وهبي‪.‬‬
‫الحاج بالل(�أبو محمد) متزوج من‬
‫الحاجة �سلمى الخليل‪ .‬ومن الحاجة منى‬
‫�سعد الدين بي�ضون وله منها ولد �إ�سمه‬
‫علي‪.‬‬
‫الحاج ط��ه(�أب��و محمد) متزوج من‬
‫الحاجة لينا ال�شعار‪.‬‬
‫د‪ .‬القاضي عمرو ود‪ .‬الشيخ قيس مع الشيخين سلمان وجعفر الخليل‬
‫‪31‬‬
‫‪32‬‬
‫الحاج ح�سين(�أبو زين) متزوج من‬
‫الحاجة رباب رميتي‪.‬‬
‫الحاج ه��ادي(�أب��و �سليمان) متزوج‬
‫من الحاجة فاطمة ا�سماعيل‪.‬‬
‫ال��ح ��اج ��ة ف ��اط� �م ��ة(ام م��رت �� �ض��ى)‬
‫متزوجة من ال�شيخ محمد جعفر الخليل‪.‬‬
‫ال �ح��اج��ة زي� �ن ��ب(�أم ح���س��ن) زوج��ة‬
‫الحاج عي�سى عطوي‪.‬‬
‫الحاج عبداهلل(�أبو م�صطفى) متزوج‬
‫من الحاجة ن�سرين �شعيثاني‪.‬‬
‫ال�شيخ جعفر و�أوالده‪:‬‬
‫زوجته المرحومة الحاجة ليلى مالك‬
‫الخليل‪.‬‬
‫الأبناء والبنات‪ :‬الحاج ح�سنين (�أبو‬
‫جعفر) متزوج من الحاجة رنده عليان‪.‬‬
‫ال�شيخ محمد(�أبو مرت�ضى) متزوج‬
‫من الحاجة فاطمة �سلمان الخليل‪.‬‬
‫الحاج مح�سن(ابو علي) متزوج من‬
‫الحاجة مروة زهير الخليل‪.‬‬
‫الحاج علي(ابو ح�سن) متزوج من‬
‫الحاجة غنوة جابر‪.‬‬
‫الحاج �أحمد متزوج من الحاجة ريم‬
‫موفق الخليل‪.‬‬
‫ال�شهيد الحاج ر�ضا �إ�ست�شهد عازباً‪.‬‬
‫الحاجة مريم(�أم علي) متزوجة من‬
‫الحاج �أحمد غب�شي‪.‬‬
‫الدرا�سة وتعلم القر�آن الكريم‬
‫درا��س�ت�ه��م ل �م �ب��ادئ ال�ل�غ��ة ال�ع��رب� ّي��ة‬
‫وم �ب ��ادئ ال�ح���س��اب ك��ان��ت ف��ي مدر�سة‬
‫الغبيري الر�سميّة الواقعة ق��رب رو�ضة‬
‫ال�شهيدين حيث لم يكن هناك مدر�سة‬
‫ر�سمية �أخ ��رى ف��ي ال�ضاحية الجنوبيّة‬
‫��س��واه��ا‪ ،‬ب��ل ك��ان �أب �ن��اء ب��رج البراجنة‬
‫وحارة حريك يتعلّمون فيها‪.‬‬
‫وال�ت��زام والدهما الدينيّ المرحوم‬
‫ال��ح ��اج ع �ل��ي م �ه��دي ال�خ�ل�ي��ل ومحبته‬
‫للقر�آن الكريم ولأهل البيت‪ ،i‬حثهما‬
‫و�شجعهما لتعلم القر�آن الكريم وحفظه‬
‫وتجويده بعيد انتهائهما م��ن المرحلة‬
‫الإبتدائيّة للإلتحاق بالدرا�سة القر�آنيّة‬
‫في الم�سجد العمري الكبير‪ ،‬بيروت‪ .‬حيث‬
‫در�سا على �أيدي كبار القراء والحفظة في‬
‫الأربعينيات من القرن الما�ضي وهم‪1 :‬ـ‬
‫الحاج ح�سين ال�شّ عار‪2 .‬ـ الحاج ح�سن‬
‫دوغ� ��ان‪3 .‬ـ ال �ح��اج ر�شيد ال �ح �ج��ار‪4 .‬ـ‬
‫ال�شيخ �أحمد العجوز‪ .‬كما كانا في ف�صل‬
‫ال�صيف يح�ضران درو�س الحاج ح�سين‬
‫ع�سيران القر�آنيّة في مدينة بحمدون في‬
‫م�سجدها الكبير‪.‬‬
‫وب�ع��د حفظهما وات�ق��ان�ه�م��ا ل�ل�ق��ر�آن‬
‫الكريم عن طريق �أولئك الأ�ساتذة الكرام‬
‫انتقال �إلى جمعية المحافظة على القر�آن‬
‫الكريم في محلة الب�سطة التحتا ـ بيروت‬
‫ليتزودا منها العلوم القر�آنيّة‪ ،‬وي�صبحا‬
‫من �أ�ساتذة تعليم القر�آن الكريم الّذين‬
‫ي�شار اليهما بالبنان‪ .‬وقد مار�سا تدري�س‬
‫القر�آن الكريم بعد ذلك في جامع الإمام‬
‫الح�سين(عليه ال�سّ الم)‪ ،‬في ال�شياح منذ‬
‫�سنة ‪1956‬م‪ .‬ولغاية �سنة ‪2010‬م‪� .‬أي‬
‫لمدة �أربع وخم�سين �سنة حيث قر�أ عليهما‬
‫وتعلّم منهما مئات الفتية وال�شباب خالل‬
‫ه��ذه ال�م��دة الطويلة‪ .‬وانت�شروا كقراء‬
‫للقر�آن الكريم في لبنان وخارجه‪.‬‬
‫�أعمال وذكريات �أخرى‬
‫ومن �أعمالهما وذكرياتهما الأخ��رى‬
‫�أمور كثيرة ن�ستطيع �أن نوجزها بما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ خدمة العلماء والقيام ب�ش�ؤونهم‪.‬‬
‫وه ��ذه ال �ع��ادة الجميلة ا�ستفاداها من‬
‫المرحوم والدهما ومن المرحوم الحاج‬
‫محمد �أمين كنج �إذ كان العلماء عندما‬
‫ي�أتون من جبل عامل �إلى بيروت �أو من‬
‫النّجف الأ� �ش��رف وال �ع��راق �إل��ى بيروت‬
‫يحلّون في �ضيافة والدهما �أو في �ضيافة‬
‫ج��اره�م��ا ال �ح��اج محمد �أم �ي��ن ك�ن��ج �أو‬
‫ال�م��رح��وم ال�ح��اج �أح�م��د ك�ن��ج كما كان‬
‫وال��ده�م��ا مو�ضع ثقة واح �ت��رام لق�ضاة‬
‫المحكمة ال�شرعيّة الجعفريّة العليا‪ .‬وكان‬
‫مركزها القديم في ال�شياح ـ قرب جامع‬
‫خ�ص بالذكر‬
‫الإم��ام الح�سين‪ ،t‬وقد َّ‬
‫الرئي�س �آي ��ة اهلل ال�سيّد محمد يحيى‬
‫�صفي الدين(قده)‪ ،‬والعالّمة ال�سيّد علي‬
‫فح�ص(قده)‪ .‬والعالقة الخا�صة بينهما‬
‫وبين المرحوم والدهما‪.‬‬
‫‪2‬ـ خدمة العلماء الّذين توالوا على‬
‫�إمامة جامع الإم��ام الح�سين‪ ،t‬وهم‪:‬‬
‫الإم ��ام ال�سيّد مح�سن االم �ي��ن‪ ،‬الإم��ام‬
‫ال���س� ّي��د ع�ب��د الح�سين � �ش��رف ال��دي��ن‪،‬‬
‫العالّمة الكبير ال�شيخ حبيب �آل ابراهيم‪،‬‬
‫ال�ع�ل ّام��ة ال�شيخ ب��در ال��دي��ن ال�صائغ‪،‬‬
‫ال �ع�ل ّام��ة ال�شيخ محمد ج ��واد مغنية‪،‬‬
‫العالمة ال�شيخ جعفر ال�صائغ‪ ،‬العالّمة‬
‫ال�شيخ محمد زغ�ي��ب‪ ،‬ال�ع�ل ّام��ة ال�شيخ‬
‫محمد ح�سن القبي�سي وغيرهم‪ .‬وخدمة‬
‫وقف الجامع الآنف الذكر‪.‬‬
‫‪3‬ـ خدمة جميع العلماء وطلبة العلوم‬
‫الدينيّة اللبنانيين في النّجف الأ�شرف‬
‫الّذين كانوا يطلبون الم�ساعدة والعون‬
‫منهما ف��ي �إي �� �ص��ال ال�ك�ت��ب وال��ر��س��ائ��ل‬
‫والإج��ازات العلميّة ونحوها �إلى النّجف‬
‫الأ�� �ش ��رف �أو �إل� ��ى ذوي �ه��م ف��ي ل�ب�ن��ان‪.‬‬
‫حيث كان ال�شيخ �سلمان وال�شيخ جعفر‬
‫مو�ضع ثقتهم وث�ق��ة مراجعنا الأع�ل�ام‬
‫ف��ي ال� ّن�ج��ف الأ� �ش��رف ك��الإم��ام ال�سيّد‬
‫مح�سن الطباطبائي ال�ح�ك�ي��م(ق��ده)‪،‬‬
‫الإم� ��ام ال�سيّد �أب ��و القا�سم المو�سويّ‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫ال�خ��وئ��يّ (ق��ده)‪ ،‬الإم ��ام ال�شهيد ال�سيّد‬
‫محمد باقر ال�صدر(قده)‪ ،‬الإمام ال�سيّد‬
‫علي الح�سينيّ ال�سي�ستانيّ (دام ظله)‪،‬‬
‫الإمام ال�سيّد محمد �سعيد الطباطبائي‬
‫الحكيم(دام ظله)‪ ،‬والمراجع اللبنانيين‬
‫�آية اهلل ال�شيخ محمد تقي الفقيه(قده)‪،‬‬
‫�آية اهلل ال�سيّد ح�سين يو�سف مكي(قده)‪،‬‬
‫�آي��ة اهلل العظمى ال�سيّد محمد ح�سين‬
‫ف�ضل اهلل(ق��ده)‪ ،‬والإم��ام ال�سيّد مو�سى‬
‫ال�صدر حيث كان لل�شيخ �سلمان عالقة‬
‫خا�صة به‪ .‬والإم��ام ال�شيخ محمد مهدي‬
‫ّ‬
‫�شم�س الدين(قده)‪.‬‬
‫كما كانا على عالقة خا�صة ببع�ض‬
‫العائالت النجفيّة من العلماء كعالقتهم‬
‫بال�سادة الأ�شراف من �آل الخر�سان من‬
‫خ�لال م�صاهرة العالّمة ال�سيّد محمد‬
‫ه��ادي المو�سوي الخر�سان الب��ن عمهم‬
‫ال�ع�ل ّام��ة ال�شهيد ال�شيخ ط��ال��ب مالك‬
‫الخليل‪ .‬وغ�ي��ره��ا م��ن ع�لاق��ات ثقافيّة‬
‫و�إجتماعيّة وروحيّة‪.‬‬
‫‪4‬ـ ح���ص��ر خ��دم��ات�ه�م��ا للمعتمرين‬
‫والحجاج والزوار من خالل إفتتاحمهما لـ‬
‫«حملة الخليل للحج والزيارة» برعايتهما‬
‫وادارة انجالهما الأوفياء الكرام‪ .‬وهذه‬
‫الحملة تمتاز عن �سواها بح�سن ال�ضيافة‬
‫والكرم والإحتياط ال�شرعي‪.‬‬
‫‪5‬ـ �إهتمامهما بالواجبات ال�شرعيّة‬
‫من واجبات وم�ستحبات لموتى الم�ؤمنين‬
‫م��ن خ�لال ا�شرافهما المبا�شر �أو غير‬
‫المبا�شر على الق�ضايا ال�شرعيّة للأموات‬
‫ف��ي رو� �ض��ة ال���ش�ه�ي��دي��ن اي� ��ام �صاحبي‬
‫ال�سماحة الإم��ام ال�سيّد مو�سى ال�صدر‬
‫والإم � ��ام ال�شيخ محمد م �ه��دي �شم�س‬
‫((‪(1‬معجم �أ�سماء الأ�سر والأ�شخا�ص‪ ،‬للأ�ستاذ �أحمد �أبو �سعد‪ ،‬ط‪2 .‬ـ ‪ ،1997‬دار العلم للماليين ـ بيروت‪� .‬ص ‪ 28‬ـ ‪.299‬‬
‫الدين‪ .‬وبنقل موتى الم�ؤمنين �إلى النّجف‬
‫الأ�شرف ح�سب و�صاياهم ورغبة ذويهم‬
‫بذلك‪.‬‬
‫‪6‬ـ م�شاركتهما وت�أييدهما لأعمال الب ِّر‬
‫والإح�سان التي �أقامها علما�ؤنا الأعالم‬
‫ورج � ��ال ال �خ �ي��ر وال �� �ص�ل�اح ف ��ي جميع‬
‫المحافظات اللبنانيّة من �إفتتاح للم�ساجد‬
‫والح�سينيات والم�ستو�صفات والمدار�س‬
‫وغيرها من م�ؤ�س�سات يحتاجها النّا�س‪،‬‬
‫وتحتاج �إلى الت�أييد والم�ساعدة‪.‬‬
‫‪7‬ـ �إطاللتهما الدائمة �أيام ال�شباب‬
‫والكهولة على قرى الم�سلمين ال�شيعة‬
‫في �شمال لبنان وب�لاد جبيل والفتوح‬
‫في منا�سبات كثيرة وبناء على دعوات‬
‫كانت توجه �إليهما في حينه‪ .‬وتلبيتهما‬
‫ل�ت�ل��ك ال ��دع ��وات ف ��ي �أ� �ص �ع��ب الأي� ��ام‬
‫ال�ت��ي م � ّرت على لبنان ��ش�ع��ور ًا منهما‬
‫بالم�س�ؤوليّة ال�شرعيّة وم��ودة ومحبة‬
‫منهما لهذه البالد و�أهلها‪.‬‬
‫وف��ي الختام ال ي�سعني �إ ّال الدعاء‬
‫طالب ًا �إل��ى اهلل تعالى �أن يطيل عُ مر‬
‫ال�شيخين الكريمين �سلمان وجعفر‬
‫الخليل ويحفظهما ويحفظ ذريتهما‬
‫ال �م �ب��ارك��ة وي �ج �ع��ل م ��ن ه ��ذه ال ��ذر ّي ��ة‬
‫مَ حط ًة لآم��ال الم�ؤمنين الّذين �أحبوا‬
‫ال�شيخ �سلمان وال�شيخ جعفر الخليل‬
‫ل�خ��دم�ت�ه�م��ا ل �ل �ق��ر�آن ال �ك��ري��م ولأه ��ل‬
‫القر�آن‪ .‬كما ال نن�سى الدعاء لف�ضيلة‬
‫ال �� �ش �ي��خ � �س �ل �م��ان ال �خ �ل �ي��ل ب��ال �� �ش �ف��اء‬
‫وال�صحة والعافية بعد توعك �صحته‬
‫و�إدخاله الم�ست�شفى‪� ،‬إنّه �سميع الدعاء‬
‫حميد مجيد‪.‬‬
‫والحمد هلل ربِّ العالمين‬
‫‪33‬‬
‫أعالم من بالد األرز‬
‫إعداد‪ :‬هيئة التحرير‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ع‬
‫ش‬
‫ا‬
‫ئ‬
‫ر‬
‫و‬
‫ا‬
‫ل‬
‫عائالت‬
‫اإلسالم ّية‬
‫ف‬
‫ي‬
‫م‬
‫ت‬
‫ص‬
‫ر‬
‫ف‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫ة جبل لبنان‬
‫احللقة الثامنة‬
‫‪34‬‬
‫�آل الخليل في ال�شي‬
‫اح‬
‫و‬
‫ال‬
‫غب‬
‫ير‬
‫ي‬
‫�‬
‫أي‬
‫ام‬
‫ا‬
‫بر‬
‫اه‬
‫يم ب‬
‫ا�شا الم�صري والأمير ب�شير‬
‫في مو�ضوع الغالف الذي‬
‫�‬
‫أع‬
‫ده‬
‫مد‬
‫ال‬
‫ير‬
‫�ش‬
‫ها‬
‫بيّ‬
‫ا‬
‫لث‬
‫ان‬
‫ي‪.‬‬
‫كما تح ّدث عن النابهين‬
‫التحرير الم�س�ؤول ف�ضي‬
‫لة‬
‫ا‬
‫لد‬
‫كت‬
‫ور‬
‫ال‬
‫�ش‬
‫يخ‬
‫من‬
‫هم‬
‫م‬
‫ن‬
‫�‬
‫أيام‬
‫�أح�م��د محمد قي‬
‫�س‬
‫ال�شهيد عبد الكريم الخليل‬
‫ل‬
‫�‬
‫ه‬
‫�‬
‫ذا‬
‫ا‬
‫ل‬
‫�‬
‫ع‬
‫�‬
‫دد‬
‫ت‬
‫ح‬
‫ّ‬
‫د‬
‫ا‬
‫ل‬
‫�‬
‫ث‬
‫�ذ‬
‫ي �أع��دم��ه‬
‫ال�سفاح جمال با�شا �سنة‬
‫فيه عن �صاحبي الف�ضي‬
‫لة‬
‫ال‬
‫�ش‬
‫يخ‬
‫�س‬
‫لم‬
‫ان‬
‫‪16‬‬
‫‪19‬‬
‫م‪.‬‬
‫ول‬
‫غاية �أيامنا هذه‪.‬‬
‫وال�شيخ جعفر ال‬
‫خل‬
‫يل‬
‫و‬
‫خ‬
‫دم‬
‫ته‬
‫ما‬
‫لل‬
‫قر‬
‫�‬
‫آن‬
‫وي �� �س � ُّر ه�‬
‫ي�ئ��ة ت �ح��ري��ر ه� �ذه المجلة‬
‫الكريم‪ .‬كما تح ّدث في ال‬
‫مق‬
‫ّ‬
‫د‬
‫مة‬
‫ع‬
‫ن‬
‫�‬
‫�‬
‫آل‬
‫أن‬
‫ت‬
‫�‬
‫ج‬
‫�‬
‫دد‬
‫دع‬
‫الخليل الكرام و‬
‫قد‬
‫وتها �إل��ى جميع العائالت‬
‫وم‬
‫هم‬
‫مع‬
‫�‬
‫أ‬
‫بن‬
‫اء‬
‫عم‬
‫و‬
‫هم‬
‫ال‬
‫ع�‬
‫شائر في‬
‫مت�صرفيّة جبل لبنان التي لم‬
‫م�ن �آل ال��زي�ن ف�ي مط‬
‫لع‬
‫ا‬
‫ل‬
‫�‬
‫ق‬
‫�‬
‫رن‬
‫ا‬
‫لت‬
‫ا�‬
‫ن‬
‫�‬
‫سع‬
‫أتِ‬
‫عل‬
‫ى‬
‫ذك‬
‫ع�شر من بلدة �شحور الواقعة قرب مدينة هذه الم رها‪ ،‬للتعاون مع هيئة تحرير‬
‫جلة ل‬
‫لكتابة عن تاريخهم من على‬
‫�صور �إلى منطقة ال�شي‬
‫�‬
‫اح‬
‫صف‬
‫حا‬
‫ت‬
‫ه‬
‫�‬
‫ذه‬
‫ا‬
‫لم‬
‫ج‬
‫لة‬
‫ف‬
‫ي الم�ستقبل �إن‬
‫ال �واق �ع�‬
‫�ة ف��ي �ساحل �شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫ال��م��ت��ن ال �ج �ن��وب�‬
‫�يّ‬
‫ول‬
‫كم‬
‫جز‬
‫يل‬
‫ال‬
‫�ش‬
‫كر‬
‫وا‬
‫ل‬
‫إ‬
‫حترام‬
‫وا�ستيطانهم بها‬
‫هي‬
‫ئة‬
‫التحرير‬
‫ب��دع��وة م��ن �إدارة ال�م��وق��ع االل�ك�ت��رون��ي‬
‫‪WWW.focusonLebanon.com‬‬
‫ف�ضول‪� ،‬أ�صدر الأ�ستاذ‬
‫والأ�ستاذ انطون م‪ّ .‬‬
‫ف�ضول الحلقة الحادية والع�شرين من كتابه‬
‫ّ‬
‫«�أع�ل�ام من ب�لاد الأرز» في بيت عنيا‪� ،‬سيدة‬
‫لبنان ـ حري�صا‪ .‬وذل��ك غ��روب ي��وم الخمي�س‬
‫ال��واق��ع في ‪ 4‬كانون الأوّل ‪2014‬م‪ .‬بح�ضور‬
‫�ضيفي ال�شرف �سماحة العالّمة ال�شيخ عبد‬
‫الأمير �شم�س الدين المفتي الجعفري لبالد‬
‫جبيل وك�سروان و�سيادة المطران يو�سف حتّي‪.‬‬
‫�إ�سته ّل الإحتفال بالن�شيد الوطنيّ اللبنانيّ‬
‫ف�ضول‪ُ .‬ث��مّ تكلّم ال�شاعر‬
‫ث��مّ كلمة للأ�ستاذ ّ‬
‫الأدي��ب الدكتور عبد الحافظ �شم�ص ف�شكر‬
‫ف�ضول على عمله الثقافي في تكريم‬
‫الأ�ستاذ ّ‬
‫رجاالت الفكر والأدب والفن في بالد الأرز‪ .‬ثُمّ‬
‫تكلّم قا�ضي جبيل ال�شرعي الجعفري الدكتور‬
‫ال�شيخ يو�سف محمد عمرو �شاكر ًا عمل الأ�ستاذ‬
‫ف�ضول وموقعه الثقافي الإب��داع��ي في وطننا‬
‫ّ‬
‫العزيز لبنان في �أيامنا هذه‪ .‬وعمله يكون �إن‬
‫�شاء اهلل تعالى‪ ،‬م�صداق ًا لكالم �أمير الم�ؤمنين‬
‫الإمام عليِّ بن �أبي طالب‪ :t‬قيمة كلِّ امرىءٍ‬
‫ما يح�سنه(الكلمة‪ ،81 :‬ج‪� ،1‬ص ‪.)520‬‬
‫ول �ق��ول��ه ‪ :t‬عُ � �م� �رّت ال �ب �ل ��دان ب�ح��بِّ‬
‫الأوطان(تحف العقول‪� ،‬ص ‪.)146‬‬
‫ثمّ تكلّم عن �سماحة ال�شيخ �شم�س الدين‬
‫ومعرفته به وب�أ�سرته ال�شريفة منذ �أكثر من‬
‫�أربعة عقود كما تكلّم عن عطا ِء هذه الأ�سرة‬
‫للبنان وللعلم والف�ضيلة منذ ايام جدّه الأعلى‬
‫ال�شهيد الأوّل الإمام محمد بن مكيِّ الجزينيّ‬
‫العامليّ ولغاية �أيامنا هذه‪� ،‬أي خالل �أكثر من‬
‫�سبعةقرون‪.‬‬
‫كما تكلّم عن �صديقه الدكتور موري�س عماد‬
‫وب�صماته الوا�ضحة في بلدته العذرا في فتوح‬
‫ك�سروان حيث �أ�صبح مع بلدته مو�ضع تقدير‬
‫واحترام النّا�س‪ ،‬وانموذج ًا ي�شار �إليهما من‬
‫�سائر قرى فتوح ك�سروان بالبنان‪ .‬كما �شكر‬
‫�صديقه الأديب الأ�ستاذ الدكتور عبد الحافظ‬
‫�شم�ص ال��ذي عرَّفنا وع �رَّف مجلة «�إط�لال��ة‬
‫ف�ضول في هذه‬
‫جُ بيليّة» على الأ�ستاذ انطوان ّ‬
‫الأيام ال�سوداء التي تم ُّر على لبنان‪.‬‬
‫ثمّ تكلّم �سماحة المفتي الجعفري ال�شيخ‬
‫ف�ضول و�أن‬
‫�شم�س الدين �شاكر ًا مُبادرة الأ�ستاذ ّ‬
‫تكريمه هذا هو تكريم للعلم وللف�ضيلة والإبداع‬
‫م�صداق ًا لما نبَّه �إليه القر�آن الكريم في �سورة‬
‫العلق وفي �سورة التين وغيرهما من �سور و�آيات‪.‬‬
‫وفي الختام �شكر �صديقيه القا�ضي الدكتور‬
‫عمرو والم�ست�شار القا�ضي ال�شيخ عبد الحليم‬
‫�شرارة والح�ضور الكريم على م�شاركتهم في‬
‫هذاالتكريم‪.‬‬
‫ومما ج��اء في ك�لام الأ�ستاذ ف�ضوّل عن‬
‫المفتي ال�شيخ �شم�س الدين‪ «:‬مار�س التدري�س‬
‫في النّجف الأ�شرف وقم‪ ،‬في الفقه والأ�صول‬
‫والعقائد الإ�سالميّة وتف�سير القر�آن الكريم‬
‫وغ��ي��ره��ا م��ن ال��ع��ل��وم الإ���س�لام�� ّي��ة‪ .‬وم���ا زال‬
‫يمار�س التدري�س ف��ي ه��ذه ال��م��واد وغيرها‬
‫من العلوم في معهده‪ ،‬معهد ال�شهيد الأول‬
‫للدرا�سات الإ���س�لام�� ّي��ة‪ .‬ن�شاطه الإجتماعي‬
‫ب��رز �إل���ى ن�شاطه الديني بحيث لمع نجمه‬
‫ف��ي خ�لال ال��ح��رب وم��ا بعدها كعن�صر ر�سخ‬
‫العي�ش الوطنيّ الإ�سالميّ الم�سيحيّ و�أبرزه‬
‫ع��ل��ى الم�ستوى ال��وط��ن��يّ ال��ع��ام واالقليمي‬
‫والعالمي(‪.»)1‬‬
‫وق��ال عن الدكتور موري�س ع�م��اد‪ «:‬رغم‬
‫�أجواءالتفرقةالطائفيّةالتيجز�أتالجغرافيا‬
‫ير�ض طوال �سنوات الحرب �إال �أن‬
‫اللبنانيّة‪ ،‬لم َ‬
‫يكون طبيباًلكل اللبنانيين‪� .‬إ�ستمر طيلة تلك‬
‫المرحلة في ر�سالته الإن�سانيّة طبيباًلم يتوا َن‬
‫عنالقيامبواجبهالإن�سانيّ‪،‬جاهداًفيالعناية‬
‫بنوع خا�ص بجرحى الحرب وم�صابيها»(‪.)2‬‬
‫ح�ضر الإح �ت �ف��ال ح�ش ٌد م��ن المكرّمين‬
‫والمثقفين يتقدمهم الم�ست�شار العالّمة ال�شيخ‬
‫عبد الحليم �شرارة والقانوني المحامي الأ�ستاذ‬
‫ح�سن م��رع��ي ب� �رّو و�أ� �س��ات��ذة وط�ل�اب معهد‬
‫ال�شهيد الأوّل للدرا�سات الإ�سالميّة في ال�شياح‬
‫والمهند�س الحاج لقمان عمرو والأ�ستاذ فادي‬
‫حيدر والدكتور قي�س غو�ش والأ�ستاذ يو�سف‬
‫حيدر �أحمد وال�ح��اج ح�سين �شريف المولى‬
‫والحاج ه�شام الحالّني وغيرهم‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪� (1‬أعالم من بالد الأرز‪ ،‬الحلقة (‪� )21‬ص‪.25 :‬‬
‫((‪ (2‬نف�س الم�صدر‪� ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪35‬‬
‫قرية من بالدي‬
‫المعيصرة‬
‫في عام ‪1970‬م‬
‫األستاذ طوني بشارة مفرّج‬
‫‪36‬‬
‫ق � � � � � ��ام‬
‫الأ� �س �ت��اذ طوني‬
‫ب�����ش ��ارة م� �ف� �رّج ب�ك�ت��اب��ة‬
‫م��و� �س��وع��ة ع ��ن ال �ق ��رى وال �م��دن‬
‫اللبنانيّة في عامي ‪ 1970‬ـ ‪1971‬م‪.‬‬
‫ت�ح��ت ع� �ن ��وان‪ «:‬ال��م��و���س��وع��ة ال��ل��ب��ن��ان�� ّي��ة‬
‫الم�صوّرة» �صدر منها ثالثة مجلدات فقط‬
‫ال غير‪ .‬والمجلد الثالث �صدر في �أوائل عهد‬
‫الرئي�س الراحل �سليمان فرنجية‪.‬‬
‫وم � � ّم� ��ا ج � ��اء ف� ��ي ك�ل�ام ��ه ع� ��ن ق��ري��ة‬
‫المعي�صرة‪ .‬فتوح ك�سروان ما يلي‪:‬‬
‫الموقع والخ�صائ�ص‬
‫على م�سافة ‪ 45‬كيلومتر ًا عن بيروت‬
‫عبر غ��زي��ر ـ غبالة ـ زعيترة تحتل قرية‬
‫المعي�صرة م�سطح ًا ينتهي بثالثة منحدرات‬
‫من جهاته الثالث‪ ،‬ويت�صل برابية من جهة‬
‫ال�شرق تقوم عليها قرية الزعيترة‪ .‬تبلغ‬
‫م�ساحة خ��راج المعي�صرة ‪ 588‬هكتاراً‪،‬‬
‫يحدها �شما ًال بزحل ونهر ابراهيم الفا�صل‬
‫بينها وبين ق�ضاء جبيل‪� ،‬شرق ًا زعيترة‪،‬‬
‫غرب ًا العقيبة‪ ،‬وجنوب ًا قرية زيتون‪ .‬ويبلغ‬
‫ارتفاعها عن �سطح البحر ‪ 650‬متراً‪.‬‬
‫اح��دى قرى ك�سروان والفتوح النادرة‬
‫التي تتعاطى زراعة التبغ‪ ،‬وبالإ�ضافة �إلى‬
‫ذل��ك لي�س فيها من النبات �سوى البري‪،‬‬
‫و�أهمه ال�سنديان والعف�ص والملول وبع�ض‬
‫ال�شربين وال���ص�ن��وب��ر‪ ،‬وي �ع��ود �سبب قلة‬
‫�أن��واع زراعتها �إلى عدم توفر الينابيع في‬
‫�أرا�ضيها‪.‬‬
‫حوالى ‪ 45‬بيتاً‪� ،‬أكثرها متوا�ضع الحجم‬
‫ذو طبقة �أر�ضيّة واحدة‪ ،‬يبرز بينها مئذنة‬
‫م�سجد م�ب��ارك ي�شكل م�ح��ور ال�سكن في‬
‫القرية‪.‬‬
‫ن�شوء القرية‬
‫معي�صرة‪ :‬المع�صرة ال�صغيرة‪ ،‬الإ�سم‬
‫عربي مح�ض‪ ،‬ف��ي �أواخ ��ر ال�ق��رن الثامن‬
‫ع���ش��ر‪ ،‬ك��ان��ت �أ� �س��رة �شيعيّة ت �ع��رف ب ��آل‬
‫عمرو ال ت��زال �ساكنة في فتقا‪ ،‬علم ًا ب�أن‬
‫ال�شيعة ك��ان��وا �أول م��ن ع��اد �إل��ى ك�سروان‬
‫بعد الفتح العثمانيّ ‪ ،‬وك��ان على ر�أ�سهم‬
‫الم�شائخ الحماديون‪ ،‬ثُمّ �أخ��ذت المنطقة‬
‫تتحول �شيئ ًا ف�شيئ ًا �إل��ى الموارنة ب�سبب‬
‫ت��ول��ي الم�شائخ ال�م��وارن��ة عليها و�سلخها‬
‫عن اقطاع الحماديين‪ .‬وعندما �أ�صبحت‬
‫فتقا ب�أكثريتها تحت �سلطة الحبي�شيين‬
‫وزم�لائ�ه��م ال��دح��ادح��ة‪ ،‬ر�أى الحبي�شيون‬
‫�أن��ه من الأن�سب ا�ستبدال ع�ق��ارات كانوا‬
‫يملكونها ف��ي بقعة ت�ع��رف بالمعي�صرة‪،‬‬
‫بعقارات بني عمرو ال�شيعة القاطنين في‬
‫فتقا �آنذاك‪ ،‬وبالفعل‪ ،‬تمت المقاي�ضة بين‬
‫الم�شائخ وبني عمرو‪ ،‬وا�شترط الم�شائخ‬
‫ع�ل��ى المقاي�ضين ب��وج��وب الإب��ق ��اء على‬
‫كني�سة كانوا قد بنوها في المعي�صرة على‬
‫ا�سم القدي�س يعقوب‪ .‬فانتقل بنو عمرو �إلى‬
‫المعي�صرة وا�ست�صلحوا ارا�ضيها وبنوها‪،‬‬
‫وهكذا ان�ش�أوا قرية جديدة لهم بعد �أن‬
‫تكبدوا ال�صعاب وعانوا الأمرين‪.‬‬
‫عمل بنو عمرو في تربية الموا�شي وفي‬
‫زراعة الحنطة والتوت والكرمة وفي تربية‬
‫دود القز‪ ،‬وكانوا منذ مجيئهم �إلى القرية‬
‫�أ�سياد �أر�ضهم‪ ،‬خالف ًا للمبد�أ الإقطاعي‬
‫الذي كان �سائد ًا في قرى الجوار‪ .‬ولقد بقي‬
‫للمعي�صرة طابعها الإقت�صادي الخا�ص‬
‫المتميز ع��ن ق��رى ال�ج��وار عبر تاريخها‪.‬‬
‫ففي عهد المت�صرفيّة‪ ،‬كان «مختلف في‬
‫�أم��ر ا�ستتباع المعي�صرة لجبل لبنان �أو‬
‫حكومة طرابل�س ال�شام‪ ،‬حيث كان يجري‬
‫تح�صيل ال�ضريبة ـ ال��وي��رك��و ـ المترتبة‬
‫عليها من طرف حكومة طرابل�س (‪»)102‬‬
‫ول��م يحل ه��ذا ال�ن��زاع بين حكومتي جبل‬
‫لبنان وطرابل�س ال�شام على المعي�صرة‬
‫قبل �أن تعلن دولة لبنان الكبير التي �ضمت‬
‫المنطقتين تحت حكومة واحدة‪.‬‬
‫المعي�صرة بين المت�صرفيّة والإ�ستقالل‬
‫وي��دوم الطابع الخا�ص بالن�سبة لهذه‬
‫ال�ق��ري��ة‪ ،‬ف�ن��راه��ا ت�ستبدل زراع ��ة التوت‬
‫ب��زراع��ة ال�ت�ب��غ‪ ،‬ف��ي وق��ت ك��ان��ت ك�سروان‬
‫وال�ف�ت��وح وال ت��زال فيه بعيدة ع��ن معرفة‬
‫هذه الزراعة‪ .‬وبالرغم من �أن القرية كانت‬
‫تفتقر لزراعة الحنطة في �سنوات الحرب‬
‫العالميّة الأول ��ى‪ ،‬فقد تمكنت من النجاة‬
‫الن�سبيّة ب�أكثر ع��دد من بنيها ا ّل��ذي��ن لم‬
‫يعرف الإغتراب منهم �سوى عدد قليل‪ .‬ففي‬
‫ذكر للمعي�صرة في العام ‪1906‬م‪« .‬كان‬
‫فيها م��ن ال�شيعة ‪ ،60‬وح��ا���ص�لات��ه��ا من‬
‫ال�شرانق ‪ 1600‬اق��ة‪ ،‬وحيواناتها الداجنة‬
‫‪ .»)80( 211‬وق��د ا�ستطاعت �أن تحافظ‬
‫على العدد نف�سه من الأهالي عند �إنتهاء‬
‫ال �ح��رب‪ .‬ي�ع��ود ال�سبب ف��ي ذل��ك �إل ��ى �أن��ه‬
‫كان في الدولة العثمانيّة موظفون من �آل‬
‫عمرو من المعي�صرة‪ ،‬وقد عمل �أولئك على‬
‫اي�صال بع�ض المواد الغذائيّة �إلى القرية‪،‬‬
‫كما بذلوا ق�صارى جهدهم في �سبيل ت�أمين‬
‫بع�ض الم�ؤن �إلى قرى الفتوح التي تجاورهم‪،‬‬
‫وق��د تمكنوا ف�ع�ل ًا م��ن ال�ن�ج��اح ف��ي بع�ض‬
‫الأحيان‪ .‬وقد ا�شتهر من �أولئك الموظفين‬
‫ح�سن كاظم عمرو الذي �شغل من�صب �أمين‬
‫�سر والي بيروت ثُمّ ترقى �إلى قائمقام في‬
‫الدولة العثمانيّة‪ ،‬ثُمّ �أ�صبح مت�صرف ًا في‬
‫العراق‪ ،‬حيث قتله العثمانيون النحيازه �ضد‬
‫الدولة العثمانيّة �أبان ثورة العرب عليها‪.‬‬
‫ف��ي ع�ه��د الإن � �ت� ��داب‪ ،‬ل��م ي�ت�ج��دد في‬
‫المعي�صرة �سوى زراع��ة التبغ التي حلّت‬
‫مكان التوت كلياً‪� ،‬إذ توقفت �صناعة الحرير‬
‫ف��ي ال�ع��ام ‪1937‬م‪ .‬كما �شُ قّت لها طريق‬
‫و�صلتها بطريق يح�شو�ش ـ غبالة في العام‬
‫‪1925‬م‪.‬‬
‫يوم الإ�ستقالل واليوم‬
‫ي��وم ك��ان ال �ن��زوح ي�ش ُّد �أب �ن��اء القرى‬
‫المجاورة �إل��ى ال�ساحل والعا�صمة‪ ،‬كانت‬
‫المعي�صرة تجهد في زراعة التبغ‪ ،‬غير �أن‬
‫ذلك لم يغنها نهائي ًا عن المدينة‪ ،‬ف�سرعان‬
‫ما بد�أ القوم يق�صدون المدينة طلب ًا لتعليم‬
‫�أبنائهم‪ ،‬ولمزيد من الرزق الذي لم ي�ستطع‬
‫التبغ وح��ده من �سدِّ ع��وزه‪ .‬ف��إن مدر�ستها‬
‫الر�سميّة الإبتدائيّة التي ت�أ�س�ست لها مع‬
‫بدء عهد الإ�ستقالل‪ ،‬مزودة بمعلم واحد‪،‬‬
‫وم��اذا ي�ستطيع معلم واحد �أن يفعله لعدة‬
‫�صفوف يزيد عدد �أفرادها مجتمعة على‬
‫الخم�سين طالبا؟‪...‬‬
‫ف��ي ال�ع��ام ‪ ،1956‬و�صلتها المياه من‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬المو�سوعة اللبنانيّة الم�صوّرة للأ�ستاذ طوني ب�شارة‬
‫مفرّج‪ ،‬ج‪� ،3‬ص ‪ 336‬ـ ‪ 337‬ـ ‪ .338‬الطبعة الأولى‪،‬‬
‫تاريخ الطباعة ت�شرين الثاني ‪1971‬م‪.‬‬
‫م�شروع نبع ال�ضامن (نهر الذهب) وفي‬
‫العام ‪ 1957‬انارتها الكهرباء‪ ،‬كما زودت‬
‫ب�شبكة مياه �إ�ضافيّة من م�شروع نبع �أفقا في‬
‫العام ‪1969‬م‪.‬‬
‫مع هذا الإكتمال التجهيزي‪ ،‬تجددت‬
‫�أكثر بيوت القرية‪ ،‬غير �أن ذلك لم يوقف‬
‫ن ��زوح �أب�ن��ائ�ه��ا‪ .‬وق��د ي�ساعد ف��ي تخفيف‬
‫ذلك النزوح تعبيد طريق ي�صلها مبا�شرة‬
‫بخط بيروت ـ طرابل�س عند العقيبة‪ ،‬علم ًا‬
‫ب ��أن الأه��ال��ي كانوا قد �شقوا الطريق من‬
‫مالهم بالتعاون مع �أه��ال��ي الزعيترة في‬
‫العام ‪ ،1964‬وكل ما يبقى منها بال تعبيد‬
‫حوالى ‪ 8‬كيلومترات‪� ،‬إذا عبدت تخت�صر‬
‫من الم�سافة بين المعي�صرة وبيروت حوالى‬
‫‪ 12‬كيلومترا‪.‬‬
‫الثقافة خفيفة نتيجة �ضعف مدر�ستها‬
‫م��ن جهة‪ ،‬وبعدها ع��ن ال�ساحل م��ن جهة‬
‫ث��ان �ي��ة‪ .‬ك ��ل م ��ا ت �ط��ال��ب ب ��ه ال �ن �ظ��ر ب ��أم��ر‬
‫مدر�ستها وطريقها (‪.)1‬‬
‫‪37‬‬
‫صور ووثائق‬
‫إطاللة على جبل عامل‬
‫عالقة آل حمادة‬
‫بالبطركية المارونيّ ة‬
‫كتاب الشيخ محمد جواد مغنية‬
‫دراسة سوسيولوجية‬
‫اإلصالحي‬
‫ّ‬
‫في مشروعه‬
‫إعداد‪ :‬هيئة التحرير‬
‫للدكتور ع�صام علي العيتاوي‬
‫‪38‬‬
‫تكلّم الدكتور �سعدون حمادة في الف�صل الرابع من المجلد الثاني من �أطروحته «تاريخ ال�شيعة في لبنان» عن نماذج جميلة‬
‫تعتمد على وثائق باللغتين العربيّة والفرن�سيّة عن عالقة م�شايخ ال�شيعة وحكامهم من �آل حمادة في جبل لبنان و�شماله ببطاركة‬
‫الطائفة المارونيّة الكريمة في القرنين الثامن ع�شر والتا�سع ع�شر‪ .‬كما �أورد بع�ض الوثائق التي تد ُّل على حمايتهم للبطاركة والكهنة‬
‫والق�ساو�سة من ظلم ووالة با�شاوات طرابل�س الأتراك وكذلك عن �إعفائهم للأمالك الوقفيّة المارونيّة من ال�ضرائب‪ .‬وتقديمهم‬
‫للبطاركة ورجال االكليرو�س الماروني العقارات الزراعيّة الكبيرة لي�ستفيدوا منها طالبين بذلك �صلواتهم فقط ال غير‪ ،‬مُ�شجعين‬
‫رعاياهم من ال�شيعة للإقتداء بهم في ذلك‪.‬‬
‫وكذلك عن ق�ضية �إ�ستعانة البطريرك يعقوب عوّاد في �سنة ‪ 1713‬بهم بعد عودته من روما تنفيذ ًا لقرار الحبر الأعظم وا�ستقبالهم‬
‫له في جبيل و�شمال لبنان �أيام ال�شيخ �إ�سماعيل حمادة وحمايتهم له من تعديات م�شايخ �آل الخازن وجماعتهم في ك�سروان كما تكلّم‬
‫عن حر�صهم ومحافظتهم على نزاهة الإنتخابات �ضمن ال�صرح البطريركي في قنوبين �أو بكركي وعدم تدخلهم في ذلك‪ .‬وغير‬
‫ذلك من ق�ضايا يطول الحديث عنها(‪.)1‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬تاريخ ال�شيعة في لبنان للدكتور �سعدون حمادة‪ ،‬ج‪� ،2‬ص ‪ 244‬ـ ‪ ،245‬دار المحجة البي�ضاء ـ بيروت‪ ،‬الطبعة الأولى ‪2008‬م‪.‬‬
‫هو بحث اكاديمي قدّمه الدكتور ع�صام‬
‫الحاج علي العيتاوي ك�أطروحة نال بموجبها‬
‫�شهادة دك�ت��وراه ال��دول��ة اللبنانيّة في العلوم‬
‫الإجتماعيّة من الجامعة اللبنانيّة‪ .‬تناول فيها‬
‫درا��س��ة مف�صلة ل�شخ�صية مهمة م��ن علماء‬
‫الم�سلمين في الع�صر الحديث هو العالّمة‬
‫ال�شيخ محمد ج ��واد مغنية‪� ،‬أث ��رى المكتبة‬
‫والفكر العربي بالكثير من الدرا�سات والآراء‬
‫الإ��س�لام� ّي��ة‪�� ،‬ش��ارح� ًا فيها روح�ي��ة المفاهيم‬
‫القر�آنيّة‪ ،‬والأحاديث النبويّة الإماميّة‪ ،‬بطريقة‬
‫مب�سّ طة‪ ،‬وم�سلط ًا ال�ضوء على �أهميتها وربطها‬
‫بالواقع الإجتماعيّ المعيو�ش للأمة‪ ،‬بما يهيئها‬
‫لتكون مرتكز ًا �أ�سا�سي ًا لإعادة نه�ضة المجتمع‪،‬‬
‫مما يتخبط فيه من م�شاكل وا�شكاليات متعددة‪.‬‬
‫ولقد حاول العالمة مغنية المولود في بداية‬
‫القرن الع�شرين ‪1904‬م‪ .‬والذي واجه �أحداث‬
‫فترة الأربعينيات والخم�سينيات‪ ،‬والمتوفى في‬
‫العام ‪1979‬م‪ .‬وه��ذه ال�ح��االت ب�سل�سلة من‬
‫الأفكار العلميّة والعمليّة والنقديّة‪ ،‬من خالل‬
‫ن�شاطه المنهجي في �شتى المجاالت الثقافيّة‬
‫ال�ت��رب��و ّي��ة‪ ،‬ومعالجته ل�ل�ظ��روف الإجتماعيّة‬
‫والإق�ت���ص��اد ّي��ة والق�ضايا ال�سيا�سيّة المثارة‬
‫في الواقع المحلي والعالمي في ع�صره‪ ،‬عبر‬
‫ت�شخي�صه لحقائق هذه الم�سائل ومعالجتها من‬
‫منظور �إ�سالميّ ي�ضمن لها الحل المنا�سب‪،‬‬
‫وذلك عبر مقاالته التي افتتحت بها ال�صحف‬
‫وعلى �صفحاتها الأولى‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى الدوريات‬
‫المت�صدرة‪ ،‬التي جمع منها الدكتور العيتاوي‬
‫(‪ )987‬م�ق��ال��ة ُن �� �ش��رت ف��ي مجلة ال�ع��رف��ان‬
‫اللبنانيّة التي كانت ت�صدر في �صيدا وذلك من‬
‫العام ‪ 1931‬حتى العام ‪1960‬م‪ .‬وم�ؤلفاته‬
‫الثمانيّة والأربعين كتاب ًا وبع�ض المخطوطات‬
‫التي ما زالت تنتظ ُر دورها لتب�صر نور الن�شر‪.‬‬
‫والتي عك�ست الم�شكالت المحوربة للمجتمع‬
‫من جهة وعبّرت عن تيّار في الإت�ج��اه العام‬
‫لتطوّر الوعي في تلك المرحلة‪ ،‬خا�صة بالإتجاه‬
‫الإ�سالميّ ‪ ،‬بما �إ�ستج ّد من ق�ضايا مهمة رافقت‬
‫الحالة ال�سيا�سيّة ف��ي حينها‪ .‬حيث �إن�ب��رى‬
‫العالّمة مغنيّة ي�سوق البراهين النظريّة والأدلة‬
‫القاطعة على وحدة الأمّة الإ�سالميّة و�سالمة‬
‫ط��روح��ات�ه��ا ال�ف�ك��ر ّي��ة عبر ال �ط��رح المذهبيّ‬
‫الإيجابي‪ ،‬مع ادراكه الوا�ضح لحركة التاريخ‪،‬‬
‫وما ت��ؤول �إليه م�ستخدم ًا مفاهيم قريبة من‬
‫م��دارك عامة النّا�س في هذه المواجهة التي‬
‫ال تنف�صل عراها عن ق�صد وتعاليم وتوجهات‬
‫المنظومة الإ�سالميّة‪.‬‬
‫وال يخفى �أن العالّمة مغنيّة كان يرى في‬
‫العلم منهج ًا في عالقته بالواقع الإجتماعيّ‬
‫ووق��ائ�ع��ه وم�شكالته ف��ي ال��داخ��ل وم��ن خالل‬
‫تجاوزه لحدود �أي دولة مرتهنة خارجي ًا وما‬
‫�أكثرها‪ ،‬وكان ي�ؤمن ب�أن للمعرفة ثالثة �أ�سباب‬
‫هي‪ :‬ال�ت�ج��رب��ة وال�ع�ق��ل وال ��وح ��ي‪ ،‬فالتجربة‬
‫الح�سيّة هي المعنيّة بكلمة علم‪ ،‬والعقل هو‬
‫المراد بكلمة ه��دى‪ ،‬والوحي وه��و المق�صود‬
‫بكتاب منير‪.‬‬
‫وكذلك م �رّت حياة ه��ذا العالم بمراحل‬
‫فيها من الحراجة ما يدعو للعجب فمنذ حياته‬
‫الأولى التي اكتفت بالفقر المدقع‪� ،‬إلى �أيامه‬
‫احللقة األوىل‬
‫الأخ�ي��رة في الوظيفة بعد تعيينه قا�ضي ًا في‬
‫المحاكم ال�شرعيّة الجعفريّة العليا في بيروت‪،‬‬
‫وت�دّرج��ه �إل��ى رتبة م�ست�شار وم��ن ُث��مّ رئي�س ًا‬
‫بالوكالة في ال�سلك نف�سه‪ ،‬وقد عمدت ال�سيا�سة‬
‫التقليديّة �إل��ى �إقالته من من�صبه في العام‬
‫‪1956‬م‪ .‬ب�سبب حزمه في مواقفه المهنيّة‪،‬‬
‫لعدم �إ�ستجابته لرغبات الكثير من القيّمين‬
‫ال�سيا�سيين في الطائفة بالإ�ضافة �إلى رف�ضه‬
‫المبا�شر لجملة من التدخالت الخارجيّة من‬
‫قبل بع�ض �سفراء الدول الكبرى‪.‬‬
‫�أخ �ي��راً‪ ،‬ما تجدر الإ� �ش��ارة �إليه في هذه‬
‫الدرا�سة �إعجاب هذه الم�ؤ�س�سة بها ما جعلهم‬
‫يقومون بالإجراءات الآيلة �إلى ن�شرها بين �أيدي‬
‫القراء‪ ،‬بالتعاون مع م�ؤلفها الدكتور العيتاوي‪،‬‬
‫مع �إج��راء بع�ض الترتيبات الإخراجيّة‪ .‬حيث‬
‫�أخذت الرقم ثالثة في هذه ال�سل�سلة القيّمة‪.‬‬
‫وال ُب ّد في النهاية من �شكر الدكتور العيتاوي‬
‫ومركز الح�ضارة لتنمية الفكر الإ�سالميّ على‬
‫تعاونهما المثمر‪ ،‬ال��ذي تمخّ �ض عن ا�صدار‬
‫هذه التحفة الفكريّة الثمينة بحجمها الو�سط‬
‫‪ 15×24‬و�صفحاتها ال �ـ ‪ ،375‬وبم�ضمونها‬
‫المعرفي ال�شامل‪ ،‬وقيمتها النقديّة البناءة مع ما‬
‫فيها من معالجة للق�ضايا الإ�سالميّة الراهنة‪،‬‬
‫وما ت�شتمل من ا�ست�شرافات للم�ستقبل‪ ،‬ككل‬
‫فن �أَ�صيل وجميل‪ .‬توجّ ه به الباحث مبا�شرة‬
‫�إلى الفرد والجماعة في العالمين الإ�سالميّ‬
‫والعربيّ ‪ ،‬و�إلى كل �صاحب م�شروع نه�ضوي في‬
‫العالم �أجمع‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫إطاللة على جبل عامل‬
‫المقدس‬
‫َّ‬
‫آية اهلل‬
‫سن فضل اهلل (قده)‬
‫الم ْح ِ‬
‫السيِّ دِ َعبْ دِ ُ‬
‫َّ‬
‫السيِّ ُد‬
‫حوار مع العالّ مة َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫هانِي َفحص (قده)‬
‫بقلم‪ :‬ال�شاعر الأ�ستاذ ال�شيخ عبا�س فتوني‬
‫احللقة الثانية‬
‫شهاد ٌة ل ُه أَ ْو علَيَّ‬
‫‪40‬‬
‫�أَ َو ُّد �أَنْ �أَ�شْ ُك َر الأُ�سْ تاذَ عَ بَّا�س فتُونِي‬
‫عَ لَى ما �أَت��احَ � ُه ِل��ي‪ِ ،‬ب�إِلْحاحِ ِه ال� � َودُو ِد مِ نْ‬
‫ِي�ض‪ ،‬عَ ��نْ َتق ِْ�صيرِ ي في حَ ��قِّ ال َكبِيرِ‬
‫َت ْعو ٍ‬
‫يف ذِ َّمةً‪ ،‬و َكفًّا‪ ،‬وذَ ْيالً‪:‬‬
‫َق ْلبًا‪ ،‬وعَ ْقالً؛ والنَّظِ ِ‬
‫ال�سَّ يِّدِ عَ � ْب��دِ المُحْ �سِ نِ ف َْ�ضل اهللِ‪ ،‬ا َّل��ذِ ي‬
‫يَ�سْ تَحِ ُّق مِ نْ �أَمْ ثالِي‪ ،‬ومِ نْ كُلِّ مَ نْ عَ رَف ُه عَ نْ‬
‫خا�ص ًة في َكن َِف �أُمِّ نا "النَّجَ ِف"‪� ،‬أَنْ‬
‫َكث ٍَب‪َّ ،‬‬
‫يُكا ِفئُو ُه مَ ْع َن ِويًّا عَ لَى كُلِّ �شَ يْ ءٍ ‪ :‬عَ لَى عِ لْمِ ِه‬
‫َوا�ض ِعهِ‪ ،‬عَ لَى زُهْ دِ ِه‬
‫و َت ْعلِيمِ هِ‪ ،‬عَ لَى تَ�سامِ ي ِه وت ُ‬
‫مَ َع قُدْ َر ِت ِه عَ لَى ال َّت َر ُّفهِ‪� ،‬أَ ْو ما َف ْو َق ُه مِ نْ مِ َت ِع‬
‫الحَ يا ِة ال ُّدنْيا‪ ،‬ومِ نْ طَ يِّباتِها‪� ،‬أَيْ حَ اللِها؛‬
‫وعَ لَى وَجْ هِ ِه البا�سِ مِ المُ�شْ رِ قِ دا ِئمًا‪ ،‬و ُف�ؤا ِد ُه‬
‫ا َّل��ذِ ي َتتَ�سَ رَّبُ مِ ْنهُ‪ ،‬ودا ِئمًا‪ ،‬هَ بَّاتٌ الذِ عَ � ٌة‬
‫مِ نَ الحُ زْ نِ العَمِ يقِ ‪� ،‬أَ ْو نُ�سَ يْماتٌ ُم ْنعِ�شَ ٌة مِ نَ‬
‫ِيف‪...‬‬
‫الحُ زْ نِ الهادِئِ ال�شَّ ف ِ‬
‫ك��انَ ‪ ،‬وظَ � َّل َي��حْ ��زَ نُ عَ لَى ال ُعمُومِ يَّاتِ ‪،‬‬
‫وب ال ِعلْمِ يِّ ‪� ،‬أَ ِو الأَ َد ِب��يِّ ‪،‬‬
‫عَ لَى تَراجُ ِع ال َمنْ�سُ ِ‬
‫�أَ ِو المَ�سْ لَكِ يِّ ‪ ...‬وك��انَ َي� ْف�رَحُ ِب��أَ َّي� ِة مَ وْهِ َب ٍة‬
‫َت ْب ُز ُغ مِ نْ زُمَ ال ِئهِ‪� ،‬أَ ْو تَالمِ ذَ ِتهِ‪� ،‬أَ ْو تَالمِ ذَ ِة‬
‫تَالمِ ذَ ِتهِ‪.‬‬
‫ك��انَ َت�لامِ ��ذَ ُت� ُه َي��خْ �ت��ارُو َن�هُ‪َ ،‬فيَ�شْ ُعرُونَ‬
‫ِب��ال� َّت� ْو ِف�ي��قِ ‪ ،‬لأَ َّن� � ُه َي � ْم �زُجُ ال � َّد ْر�� َ�س بِالحُ بِّ ‪،‬‬
‫و ُيقْحِ مُ الحُ بَّ عَ لَى ال َّدر ِْ�س‪ ،‬فتَزْ دا ُد المَ�سْ �أَ َل ُة‬
‫وال�صدا َق ُة رُ�سُ وخً ا؛ وكانَ يَخْ تا ُر‬
‫و ُُ�ضوحً ا‪َّ ،‬‬
‫مِ نْ تَالمِ ذَ ِت ِه مَ نْ َترْجَ حُ فِيهِ مْ َك َّف ُة ال َّت ْقوَى‪،‬‬
‫ِلي ُْ�صبِحُ وا خِ َّال َن ُه و�أ َْ�صفِيا َءهُ؛ وي ُِ�ص ُّر عَ لَى �أَنْ‬
‫َي َت َعلَّمَ مِ ْنهُمْ كِ فا َء ما ُي َع ِّل ُمهُمْ ‪.‬‬
‫�أَ�شْ ُك ُر الأُ�سْ تاذَ عَ بَّا�س فتُونِي َتكْرارًا‪ ،‬وال‬
‫�أَعْ تَذِ رُ‪ ،‬لأَ َّن ُه ال عُ ذْ َر لِي‪� ...‬إِ َّال ما َيدَّعِ ي ِه مَ نْ‬
‫ُي�ؤْ ِثرُونَ ال َعمَلَ عَ لَى الكَ�سَ لِ ‪ ،‬مِ نْ أَ�نَّ أَ�وْقا َتهُمْ‬
‫َ�ض ِّي َقةٌ‪ .‬و�أَنا �أَعْ رِ ُف َ �أنَّ َتنْظِ يمَ ال َوقْتِ َكفِي ٌل‬
‫بِالوَفاءِ‪ ،‬بِالأَ ْو َل ِويَّاتِ وما دُونَها‪..‬‬
‫ولَكِ نْ َي ْبدُو �أَنَّ ذاكِ َرتَنا الحَ ْو َز ِو َّيةَ‪� ،‬أَ ْو‬
‫حَ ياتَنا ال َّت�أْ�سِ ي�سِ َّي َة في طَ لَبِ ال ِعلْمِ عَ لَى‬
‫ياب‬
‫َوا�ضعٍ ‪ ،‬وحاجَ ٍة وعِ َّزةٍ‪َ ،‬يوْمَ ها‪ ،‬هِ يَ في غِ ٍ‬
‫ت ُ‬
‫ُمتَدَ رِّجٍ ! ف�إِلَى �أَ ْي��نَ ذَ هَ بْنا؟ �إِلَى ال�سِّ يا�سَ ةِ؟‬
‫وما مَ ْو ِقعُنا فِيها؟ َب��لْ ‪ ،‬ما مَ ْو ِق ُع مَ ��نْ َلي َْ�س‬
‫َت ْكوِي ُن ُه �سِ يا�سِ يًّا؟ و ِللآخَ رِ ينَ خِ يارُهُ مْ ‪َ ،‬فهُمْ‬
‫�أَحْ رارٌ‪...‬‬
‫ُك� ْن��تُ �أَ َت � َم � َّن��ى �أَنْ ُت� ِل��حَّ عَ � َل��يَّ ذاكِ � َر ِت��ي‪،‬‬
‫لأَ�سْ تَحْ ِ�ض َر ال�سَّ نَواتِ الجَ مِ ي َلةَ‪ ،‬ا َّلتِي ق ََ�ض ْيتُها‬
‫في النَّجَ ِف َ�صدِ يقًا‪ ،‬و ِتلْمِ يذً ا لِل�سَّ يِّدِ عَ بْدِ‬
‫ال�صدا َق ِة‬
‫المُحْ �سِ نِ ‪ .‬وفي كِ لْتا الحا َل َتيْنِ ‪َّ :‬‬
‫وال� َّت� ْل� َم��ذَ ةِ‪� ،‬أَت��احَ ��ا ِل��ي �أَنْ �أَ ُك ��ونَ �شَ رِ يكًا‪..‬‬
‫و�أَباحَ ا لِي دَفا ِت َرهُ‪ ،‬لأَ ْق َر َ�أ �شِ ْع َرهُ‪ ،‬مُ�سْ َت ْم ِتعًا‪،‬‬
‫وناقِدً ا‪...‬‬
‫ولَمْ َن َّتفِقْ ‪ ،‬لأَنِّي ُكنْتُ نازِعً ا في ال َّنقْدِ �إِلَى‬
‫حَ دا َث ٍة حا َّر ٍة وحا َّدةٍ‪ ،‬مِ نْ دُونِ �أَنْ �أَغْ مِ َط �أَحَ دً ا‬
‫�إِبْداعَ هُ‪� ،‬أَ ْو طُ مُوحَ ُه ِ�إلَى الإِ ْب��داعِ‪ ..‬في حِ ينٍ‬
‫كانَ ال�سَّ ِّي ُد َكرَعِ ي ِلهِ‪ُ ،‬مقِيمًا في كال�سِ يكِ َّي ٍة‬
‫َّ�ص‪ ،‬وحَ دا َث ٍة ُم َت�أَ ِّن َي ٍة في ال َفهْمِ ‪..‬‬
‫غَ ِن َّي ٍة في الن ِّ‬
‫ولَكِ نَّ عَ َ�ص ِب َّيتِي الحَ دا ِث َّيةَ‪ ،‬لَمْ َت ْم َن ْعنِي مِ نَ‬
‫الإ ِْ�صغا ِء ال ُم َتب َِّ�صرِ ‪ ،‬وال ُمتَدَ بِّرِ ِل َكثِيرٍ مِ نْ‬
‫قَ�صائِدِ هِ‪� ،‬أَ ِو ال��طَّ �ر َِب ال��حَ �لالِ ِل َكثِيرٍ مِ نْ‬
‫�أَبْيا ِتهِ‪َ ...‬بيْنَ الكال�سِ يكِ َّي ِة ا َّلتِي ال تَخْ لُو مِ نْ‬
‫نَوافِذَ عَ لَى الحَ دا َثةِ‪ ،‬ومِ نْ �أُنْ�سِ ِه بِالحَ دا َثةِ‪،‬‬
‫والحَ دِ يثِ عَ نْها‪ ،‬عِ نْدَ ما َيكُونُ ال ُمتَحَ دِّ ثُ‬
‫عا ِقالً‪ ،‬ونِ�سْ ِبيًّا‪ ،‬مِ نْ دُونِ �أَحْ كامٍ ‪� ،‬أَ ْو �إِطْ القٍ ‪،‬‬
‫�أَ ْو َتعْمِ يمٍ ‪َ ،‬ي َق ُع �شِ ْع ُر ُه حا�شِ دً ا بِالأَحْ زانِ عَ لَى‬
‫مَ واعِ يدَ غامِ َ�ض ٍة �أَ ْو ُم ْب َه َم ٍة مَ َع الأَفْراحِ ‪ ..‬ف�إِنْ‬
‫َّفا�صيلِ ‪،‬‬
‫لَمْ يُوا ِت ِه َف َر ٌح َكبِيرٌ‪َ ،‬ت َعمَّدَ ال َفرَحَ بِالت ِ‬
‫هلل عَ لَى ِنعَمِ هِ‪ ،‬مارًّا بِالرَّ�سُ ولِ (�صلّى‬
‫و�شَ َك َر ا َ‬
‫اهلل عليه و�آله و�سلّم)‪ ،‬و�أَهْ ��لِ َب ْي ِت ِه (عليهم‬
‫ال�سّ الم) �إِلَى ال ُّدنْيا‪َ ،‬ل َعلَّها عَ لَى مَ قا�ساتِهِ مْ ‪،‬‬
‫َتتَّ�سِ ُع ِل� ْل� ُم��ؤْمِ ��نِ العائ ِِف العافِي‪ ..‬ومِ ْنهُمْ‬
‫مِ نْ �أَهْ لِ ال َبي ِْت يَ�شْ َتقُّ‪� ،‬أَ ْو يَ�سْ َتعِي ُر ُم ْفرَداتِ‬
‫الحُ بُورِ‪ ،‬وعَ لَى �أَحْ زانِهِ مْ يُ�سْ ق ُِط َ�أحْ زا َنهُ‪،‬‬
‫فيَخِ فُّ حِ ْم ُلهُ‪ ،‬ويَ�سْ تَرِ يحُ مِ نْ وَعْ ثا ِء ال�سَّ فَرِ‬
‫َ�ض‪َ ،‬بيْنَ‬
‫َ�ض ومَ ر ٍ‬
‫َبيْنَ عَ ناءٍ وعَ ناءٍ ‪َ ،‬بيْنَ مَ ر ٍ‬
‫َ�ض الَّذِ ي‬
‫احْ تِاللٍ وتَحْ رِ يرٍ ‪ ..‬و ُُ�صو ًال �إِلَى ال َمر ِ‬
‫�أَمْ ر ََ�ضنا‪َ ..‬ر ْيثَما ُيكْمِ ُل مِ �شْ وا َر ُه �إِ َل��ى جِ وا ِر‬
‫ال�صدِّ يقِينَ ‪ِ ..‬ل َي ْكتُبَ ق َِ�صيدَ ًة طَ وِي َلةً‪ ،‬طُ ولُها‬
‫ِّ‬
‫كَطُ ولِ الجَ َّنةِ‪ ،‬وعَ ر ُْ�ضها َك َعر ِْ�ضها‪ ،‬طُ ولَ‬
‫ناك‪.‬‬
‫ْ�ض �شَ ْوقِنا �إِلَى ُلقْيا ُه هُ َ‬
‫وعَ ر َ‬
‫���س ـ � َ��س�م��احَ � َة ال���َّ�س� ِّي��دِ ه��ان��ي فَح�ص‪،‬‬
‫�أَ�شْ ُكر َُك جَ زِ يلَ ال�شُّ كْرِ عَ لَى هَ ��ذِ ِه ال ُفر َْ�ص ِة‬
‫ا َّلتِي �أَتَحْ تَها لِي‪ ،‬وعَ لَى هَ ذِ ِه ال�شَّ ها َد ِة ال َق ِّي َم ِة‬
‫ا َّلتِي خَ طَّ ها يَراعُ َك‪� .‬شُ ْكرًا ل ََك‪..‬‬
‫ج‪ :‬هَ ذا َقلِي ٌل في حَ قِّ هَ ذا الجِ يلِ َككُلٍّ ؛‬
‫و�شُ ْكرًا عَ لَى هَ ذِ ِه ال ُفر َْ�صةِ‪ ،‬كَما ُقلْتَ ‪� :‬أَنْتَ‬
‫ُم َتف َِّ�ض ٌل عَ لَيَّ ‪.‬‬
‫�س ـ �إِذا �أَ َردْتَ �أَنْ تَخْ ت َِ�ص َر �سَ ماحَ َة‬
‫ال�سَّ يِّدِ ال ُم َقد َِّ�س ِب َك ِل َم ٍة واحِ دَ ةٍ‪ ،‬ماذا َتقُولُ ؟‬
‫ج‪ :‬الحَ نُونُ ‪ ،‬ال َودُودُ‪.‬‬
‫�س ـ بِمَ ُيمْكِ نُ و َْ�ص ُف ُه ؟‬
‫ج‪� :‬أَنا تَحْ ُ�ض ُرنِي ُ�صو َر ُت ُه في النَّجَ ِف‪ ،‬هُ َو‬
‫رَجُ ٌل �صا ِدقٌ‪ ،‬مِ نْ بِدا َي ِتهِ‪.‬‬
‫�س ـ ماذا َتقُولُ لأَبْنا ِئهِ؟‬
‫ج‪� :‬أَنا ِب َر ْ�أيِي‪ ،‬مَ �سْ لَكُ �أَنْجا ِل ِه َلي َْ�س َبعِيدً ا‬
‫عَ نْ مَ �سْ لَكِ هِ‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬من �أطروحة �شاعر �أهل البيت(عليهم ال�سّ الم)‪ ،‬ال�شيخ عبا�س فتوني‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫إطاللة على جبل عامل‬
‫العالّ مة‬
‫الشيخ حسين شحادة‬
‫ومجلة «المعارج»‬
‫بقلم‪ :‬القا�ضي ال�شيخ الدكتور يو�سف محمد عمرو‬
‫‪42‬‬
‫عرفت �أخي الفا�ضل العالّمة المفكر‬
‫الإ�سالميّ والأديب الأريب ال�شيخ ح�سين‬
‫�أحمد �شحادة العاملي عن قرب منذ �سنة‬
‫‪1967‬م‪ .‬وزاملته ف��ي المعهد ال�شرعي‬
‫الإ�سالميّ لثالث �سنوات‪ .‬حيث حظيت‬
‫معه برعاية وعناية م�ؤ�س�س ذلك المعهد‬
‫العالّمة المرجع �آية اهلل العظمى ال�سيّد‬
‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ق � ��ده)‪ .‬كما‬
‫عرفت وال��ده الخطيب الح�سينيّ الحاج‬
‫�أحمد �شحادة‪ ،q‬حيث قمت بدعوته �إلى‬
‫قريتي المعي�صرة لمدة عامين في الع�شر‬
‫الأوائل من �شهر مُحرّم لقراءة المجال�س‬
‫الح�سينيّة في جامع القرية بالتعاون مع‬
‫الأهالي في �أواخر ال�ستينيات من القرن‬
‫الما�ضي‪.‬‬
‫وقد هاجر ال�شيخ �شحادة �إلى النّجف‬
‫الأ�شرف �سنة ‪1969‬م‪ .‬لمتابعة درا�سته‬
‫في ال�سطوح والخارج على �آية اهلل ال�شهيد‬
‫ال�سيّد محمد باقر الحكيم(قده)‪ ،‬والإمام‬
‫ال�شهيد ال�سيّد محمد باقر ال�صدر(قده)‬
‫ومن ُث��مّ على الإم��ام ال�سيّد �أب��و القا�سم‬
‫المو�سويّ ال�خ��وئ��ي(ق��ده)‪ ،‬كما ك��ان لي‬
‫��ش��رف ال�ل�ق��اء ب��ه م��ن ج��دي��د و�صحبته‬
‫م��ر ًة �أخ��رى في النّجف الأ�شرف عندما‬
‫هاجرت �إليها في �سنة ‪1971‬م‪ .‬ولغاية‬
‫�سنة ‪1973‬م‪� .‬إذ ترك النّجف الأ�شرف‬
‫بعدها ليلتحق بحوزة قُم المُقد�سة‪ .‬لقد‬
‫عرفت ب��ه خ�لال تلك ال�سنوات الوفاء‬
‫ال�صدقائه وع�شقه للمعرفة وللعلم والعمل‬
‫ال�صالح‪ .‬كما كانت كتاباته تمتاز بالروح‬
‫الأدبيّة وبالبالغة والذوق الرفيع‪.‬‬
‫في النّجف الأ�شرف وقم المُقد�سّ ة‬
‫ح�ظ��ي ال�شيخ ��ش�ح��ادة بثقة �أ��س��ات��ذت��ه‬
‫ومراجعنا الأع�لام حيث �إختير لإمامة‬
‫الجالية اللبنانيّة في �سيراليون في غرب‬
‫افريقيا في �سنة ‪1979‬م‪ .‬وفي �سيراليون‬
‫�أ�س�س �أول معهد وحوزة للعلوم الإ�سالميّة‬
‫على مذهب �أهل البيت‪ ،i‬وغيرها من‬
‫م�ؤ�س�سات ك��ان لها ال ��دور الجميل في‬
‫الوحدة الإ�سالميّة‪ .‬كما وفقه اهلل تعالى‬
‫احللقة الثالثة‬
‫(‪)1‬‬
‫�أي���ض� ًا ف��ي ل�ن��دن بالتعاون م��ع العالّمة‬
‫ال�شهيد ال�سيّد مهدي الحكيم(قده)‪،‬‬
‫وال��دك �ت��ور ال���س� ّي��د محمد ب�ح��ر العلوم‬
‫وغيرهما من الأع�ل�ام لت�أ�سي�س رابطة‬
‫�أهل البيت‪ ،i‬وبالتالي لت�أ�سي�س رابطة‬
‫الطلبة الم�سلمين وغيرها من م�ؤ�س�سات‪.‬‬
‫وبعد فالحديث عن العالّمة �شحادة‬
‫وندواته والم�ؤتمرات التي كان يعقدها‬
‫ف��ي �سيراليون وي���ش��ارك بها ف��ي لندن‬
‫وب��اق��ي ال �ع��وا� �ص��م الأوروب � � ّي� ��ة وم ��ن ُث��مّ‬
‫عودته للعمل الإ�سالميّ في �صور وبيروت‬
‫ودم�شق في �أوائل الت�سعينيات من القرن‬
‫الما�ضي وت�أ�سي�سه لعدّة م�ؤ�س�سات في‬
‫�صور وبيروت ودم�شق وبالتالي م�شاركته‬
‫في عدّة م�ؤتمرات‪ .‬وكذلك الحديث عن‬
‫م�ؤلفاته ومحا�ضراته في كنائ�س دم�شق‬
‫وم�ساجدها ب�صفته م�ؤ�س�س ًا لمنتدى‬
‫المعارف والحوار بين الأديان في �سوريا‬
‫وم�ست�شار ًا لمجمع ال�سيدة زينب‪،u‬‬
‫للأبحاث وال��درا��س��ات و�أخ �ي��ر ًا اختياره‬
‫ل�شغل من�صب الأم �ي��ن ال �ع��ام لملتقى‬
‫الأدي ��ان والثقافات ف��ي ب�ي��روت‪ ،‬حديث‬
‫طويل يحتاج �إل��ى ع�دّة �صفحات‪ .‬ن�س�أل‬
‫اهلل تعالى �أن يوفقنا للكالم عن ذلك في‬
‫الم�ستقبل �إن �شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫مع مجلة «المعارج» القر�آنيّة‬
‫وب �ع��د �إنّ م�ج�ل��ة «الـ ـمـ ـع ــارج» ال�ت��ي‬
‫�أ�س�سها و�أ�شرف عليها العالّمة ال�شيخ‬
‫ح�سين �شحادة في بيروت �سنة ‪1990‬م‪.‬‬
‫والتي �صدر منها مائة وثمانون ع��دد ًا‬
‫لغاية تاريخه هي من �أرق��ى المجالت‬
‫الإ� �س�لام � ّي��ة ال�م�ل�ت��زم��ة ب�خ��ط ال �ق��ر�آن‬
‫ال �ك��ري��م وال ��� ُ�س � ّن��ة ال �ن �ب��و ّي��ة ال���ش��ري�ف��ة‬
‫وبالوحدة الإ�سالميّة ون�شر ال�سالم بين‬
‫الم�سلمين و�أهل الكتاب و�سائر ال�شعوب‬
‫وبيان �أ�سبقيّة القر�آن الكريم في الدعوة‬
‫ل �ح �ق��وق الإن�����س ��ان ول �ح��ري��ة ال���ش�ع��وب‬
‫ومكافحة التمييز العن�صري ودرا�سات‬
‫فل�سفية و�إجتماعية وعلميّة و�سيا�سيّة‬
‫و�أدب � ّي��ة وغيرها‪� ،‬شكلّت دائ��رة حديثة‬
‫للمعارف القر�آنيّة على �ضوء توجيهات‬
‫وو�صايا النبيِّ والأئمة المع�صومين من‬
‫�أهل بيته (�صلوات اهلل و�سالمه عليهم‬
‫�أج�م�ع�ي��ن)‪ ،‬وم��ن خ�لال ع�ل��وم ال �ق��ر�آن‬
‫الكريم وعلوم الحديث ال�شريف والعلوم‬
‫الحديثة‪.‬‬
‫�إنّ هذه المجلة القر�آنيّة وم�ؤ�س�سها‬
‫وهيئة تحريرها وم�ست�شاريها خالل ربع‬
‫قرن كانوا �أبطا ًال و�أعالم ًا في تاريخ وواقع‬
‫ال��وح��دة الإ��س�لام� ّي��ة م��ا بين المذاهب‬
‫الإ�سالميّة في �سوريا ولبنان �إذ جمعت‬
‫الجميع تحت ظالل القر�آن الكريم وعلى‬
‫مائدته م�صداق ًا لما قاله �أ�ستاذنا الكبير‬
‫�آية اهلل ال�شيخ ح�سن طرّاد العامليّ (دام‬
‫ظله)‪ ،‬مخاطب ًا العالّمة ال�شيخ ح�سين‬
‫�شحادة ومجلته الغراء‪:‬‬
‫[« نوّرت في أضوائك األذهانا‬
‫ونشرت من وحي الهدى فرقا‬
‫وَعَ رجْ تُ بالجيل الجديد �إلى العلى‬
‫وعي ًا ي�شع وحكمة وبيانا‬
‫وك�شفت للأفكار كنز معارف‬
‫غَ راء يبني هَ دْ يُها الإن�سانا(‪.]»)2‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬الكلمة التي وجهها رئي�س التحرير �إلى �صديقه العالّمة ال�شيخ ح�سين �أحمد �شحادة‪،‬‬
‫بمنا�سبة مرور خم�س وع�شرين �سنة على ت�أ�سي�سه لمجلة «المعارج»‪.‬‬
‫((‪(2‬الق�صيدة م�ؤلفة من ع�شرين بيت ًا واردة في العدد ‪ 142‬ال�صادر �سنة ‪2011‬م‪� ،‬ص‬
‫‪.220‬‬
‫‪43‬‬
‫اإللهــــــام‬
‫احللقة األوىل‬
‫بقلم م�ست�شار التحرير د‪ .‬عبد الحافظ �شم�ص‬
‫‪44‬‬
‫الإل �ه��ام‪ ،‬ف�ع� ٌل غ��ام����ض‪ ،‬عُ �م �رُه م��ن عمر الآداب والفنون‬
‫والعلوم‪ ،‬ف�سّ ر العلماء والمبدعون‪ ،‬بح�ضوره �إليهم �إبداعاتهم‪،‬‬
‫و�أقرّوا بوجوده وحاولوا تف�سيره بالعقل وبالمنطق‪ ،‬وقد ربطناه‬
‫في وجداننا �أكثر ممّا ربطناه بالآداب وخا�صة ال�شّ عر‪ ،‬لعالقته‬
‫الوطيدة بمزاج المبدع وتقلّباته وتطوّراته‪ ،‬ولكن التّطلّع �إليه‬
‫بمعناه الوا�سع ي�ؤكّد ح�ضوره في �صيغ مختلفة في كافة �أوجه‬
‫وال�صناعة‪ ،‬و�أبعد‬
‫الحياة‪ ،‬و�صو ًال �إلى التربية والن�ش�أة وال�سلوك ّ‬
‫عن تقنيّات المزاج ال�شخ�صي‪.‬‬
‫�إننا نتلمّ�س ماهيّة فعل الإلهام من خالل ا�ستعرا�ض تاريخه‬
‫ودوره وتنوّع �أوجهه وم�صادره منذ ن�شوء الح�ضارات وحتّى‬
‫حقيقته اليوم كما نراها‪.‬‬
‫يفتر�ض في الإلهام �أن ي�سبق الإبداع‪ ،‬ولكن من الم�ؤكّد �أنّ‬
‫وخا�صة‬
‫الحديث عنه لم يبد�أ �إ ّال بعد ظهور �إبداعات عديدة‪ّ ،‬‬
‫في مجاالت الأدب وال�ف�ن��ون‪ ..‬ولأنّ الإب ��داع مرتبط ب�أمور‬
‫كثيرة‪� ،‬أهمّها المزاج والوعي الثّقافي‪ ،‬والموهبة ال�شّ خ�صيّة‪،‬‬
‫فقد وَجَ د الإن�سان نف�سه منذ �أقدم الع�صور والح�ضارات �أمام‬
‫�أ�سئلة عديدة �أهمّها‪ ..‬لماذا ي�ستطيع ال�شّ اعر �أن يقول كالمً ا‬
‫أي�ضا‪� ..‬إذا‬
‫جمي ًال وموزونًا‪ ،‬فيما ال ي�ستطيع الآخرون ذلك؟‪ ..‬و� ً‬
‫كان هناك مثل هذا الإعجاب ب�إبداع هذا ال�شّ اعر‪ ،‬فلماذا ال‬
‫ي�ستمر ه�ؤالء في العطاء من غير توقّف؟ �أو بعبارة �أخرى‪ ،‬لماذا‬
‫تظهر هذه الإبداعات في �أوقات مُعيّنة‪ ،‬ال يمكن تحديدها �سلفًا‪،‬‬
‫أي�ضا؟!‬
‫ثمّ تنقطع لفترات غير محدّدة � ً‬
‫والجواب عن هذين ال�سّ �ؤالين كان واحدً ا‪ ..‬الإلهام‪.‬‬
‫ومنذ ع�صر الإغ��ري��ق وحتّى يومنا ه��ذا‪ ،‬لم يغب الحديث‬
‫عن الإلهام ودوره في بع�ض الأُطر المحدّدة‪ ..‬وقد �شهد مفهوم‬
‫الإلهام تبدّالت �أ�سا�سيّة ما بين الخرافات والحقائق العلميّة في‬
‫التربية الحديثة‪ ،‬كما تنوّعت م�صادره‪ ،‬لي�س فقط بتنوّع الثّقافات‬
‫أي�ضا من �شخ�ص �إلى �آخر في الزّمن الواحد‬
‫وتعاقب الأزمنة‪ ،‬بل � ً‬
‫والثّقافة الواحدة‪...‬‬
‫من بين كل مجاالت الإبداع فال�شّ عر هو الذي يحتكر الق�سم‬
‫الأكبر من الحديث عن الإلهام ودوره في حياة الموهوبين‪.‬‬
‫يقول غو�ستاف يونغ‪ ،‬م�ؤ�سّ �س علم النف�س التّحليلي‪�«،‬إنّ‬
‫المظهر الإبداعي للحياة الذي يوجد �أو�ضح تعبير عنه في الفنّ ‪،‬‬
‫ال�صياغة العقليّة‪ ،‬وذلك لأن �أيّ ر ّد‬
‫يَ�سْ َتعْ�صي على ك ّل محاوالت ّ‬
‫فعل على �أيّ مثير من المثيرات‪ ،‬يمكن تف�سيره �سببيًّا بي�سر‪� ..‬أمّا‬
‫الفعل الخالّق‪ ،‬وهو النّقي�ض الكامل لر ّد الفعل المح�ض‪ ،‬ف�سيظ ّل‬
‫�إلى الأبد م�ستع�صيًا على الذّهن الب�شري‪»...‬‬
‫ن�ش�أة مفهومه في الحياة الإغريقيّة‬
‫قبل �سقراط و�أف�لاط��ون و�أر��س�ط��و‪ ،‬واختالفاتهم في دور‬
‫الإلهام‪ ،‬على �صعيد الإبداع ال�شّ عري الذي نتطرّق �إليه ب�شيء من‬
‫التّف�صيل‪ ،‬كان الإغريق قد عرفوا من الإبداع الأدبي والفنّي ما‬
‫ي�ستوجب تف�سير ظهوره على �أيدي عدد من النّا�س في مرحلة‬
‫من المراحل‪ ،‬وقد ردّوا ذل��ك‪ ،‬جريًا على عادتهم‪� ،‬إل��ى عدد‬
‫من الموحيات التي ا�شتهرت في ذلك الزّمان‪ ،‬كالمو�سيقى‪،‬‬
‫والمتحف‪� ،‬أي بيت الفنون‪.‬‬
‫ولم يحفظ لنا التّاريخ ظهور الملهمات بدقّة‪ ،‬ولكن من‬
‫المرجّ ح �أنّ ذل��ك ك��ان قبيل النّ�صف الثاني من الأل��ف قبل‬
‫الميالد‪ ..‬وما نعرفه �أنّ عدد الموحيات كان يتبدّل من وقت‬
‫�إل��ى �آخ��ر‪ ،‬كما �أنّ ا�سماءها كانت تتبدّل وكذلك وظائفها‪..‬‬
‫مخت�صة ب�إلهام نوع من �أنواع المعرفة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وك ّل واحدة منها كانت‬
‫كـ«ليوبي» لل�شعر الملحمي‪ ،‬و«كليو» للتاريخ‪ ،‬و «�إراثو» لل�شعر‬
‫الغزلي‪ ،‬و«�أوت�ي��ري» للغناء والإن�شاد الدّيني‪ ،‬و«ميلبومين»‬
‫للم�سرح التراجيدي‪� ..‬إلخ‪...‬‬
‫ومن هنا يتّ�ضح �أنّ الإغريق نظروا �إلى الإلهام‪ ،‬على �أنّه‬
‫فع ٌل بين �شخ�صين‪� ،‬أحدهما مُتخيّل وهو الملهِ م‪ ،‬والثاني‬
‫حقيقي وهو المنتج والملهَم‪ ..‬ولكنّنا بتنا‬
‫نعرف اليوم �أنّ م�صادر الإل�ه��ام في‬
‫الثّقافات القديمة‪ ،‬كما هو الحال‬
‫في ع�صرنا هي �أو��س��ع من ذل��ك‪..‬‬
‫وما كان يُ�صوَّر قديمًا‪ ،‬وربّما ال يزال يُ�صوَّر حتّى وقتنا الحا�ضر‬
‫هم�س من مُتح ّدث عُ لويّ في �أُذُ ن‬
‫عند بع�ض ال�شّ عراء‪ ،‬على �أنّه ٌ‬
‫وخا�صة مجال‬
‫ّ‬
‫م�ستمع من الب�شر‪� ،‬صار اليوم مع تطوّر العلوم‪،‬‬
‫التربية مُجرّد مُحفّز يُن�شّ ط العقل الب�شري في اتّجاه مُعيّن‪،‬‬
‫من طريق جمع معطيات مختلفة و ََ�صهْرها مع بع�ض الإ�ضافات‪،‬‬
‫لإبداع فكرة جديدة �أو نتاج ملمو�س جديد لم يكن موجودًا من‬
‫قبل‪ ..‬وبهذا المفهوم العلمي والع�صري للإلهام‪ ،‬يمكننا �أن‬
‫ن�ستك�شف ح�ضوره الم�ؤكّد ودوره في ك ّل عمليّة �إب��داع‪ ،‬لي�س‬
‫أي�ضا في الفل�سفة والطبّ‬
‫فقط في مجاالت الآداب والفنون‪ ،‬بل � ً‬
‫وال�صناعة وك ّل حقول المعارف الإن�سانيّة‪.‬‬
‫في العدد القادم �إن �شاء اهلل نكمل مو�ضوع الإل�ه��ام في‬
‫القر�آن الكريم والفرق بينه وبين الوحي‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫اد الْ َف ْجر‬
‫َح َص ُ‬
‫بقلم‪ :‬ال�شَّ اعر الأ�ستاذ عبَّا�س فتوني‬
‫يد ُة ِبمُناسَ َب ِة‬
‫َص َ‬
‫ن ُِظمَتْ هَ ِذ ِه الق ِ‬
‫ِذ ْكرَى ا ْنتِصا ِر ال َّث ْو َر ِة اإلِسْ ال ِم َّي ِة يف "إِيران"‬
‫‪46‬‬
‫ال����������فَ����������جْ ���������� ُر �آي����������������������اتِ ال�������� َّت��������ه��������انِ��������ي َرتَّ������ل������ا‬
‫هلل َ�أيْ���������� َن���������� َع َز ْرعُ���������هُ��������� ْم‬
‫طُ �������و َب�������ى لِ������جُ ������ ْن������دِ ا ِ‬
‫�����ض����ا َء ال�������وُجُ �������ودُ‪ ،‬و� َ�����ش����� َّع ِدي��������نُ ال���مُ���� ْ���ص���طَ ��� َف���ى‬
‫�إِي�������������������رانُ ي�������ا عِ ����������� َّز ال������� ِّر��������س�������ا َل������� ِة وال��������هُ��������دَى‬
‫�إِ ِّن�������������ي َوقَ��������فْ��������تُ عَ������لَ������ى � ِ�����ض�����ف�����افِ�����كِ مُ�����كْ�����بِ�����رًا‬
‫هَ�����������بَّ الأُب��������������������ا ُة لِ����������دَحْ ���������� ِر كُ����������� ِّل مُ���������ن���������اوِى ٍء‬
‫���������و ِري���������دِ مَ��ل�احِ ����م����اً‬
‫قَ��������� ْد � َ������س������طَّ ������رُوا ِب������������ َد ِم ال َ‬
‫ِّ�������ض عَ���� ْر� ُ����ش���� ُه‬
‫�������������ش ال������عِ������دَى وال������ َّ�����ش�����ا ُه ُق������و َ‬
‫دُهِ َ‬
‫� َ������ض������عُ������فُ������وا ِب������� ُرمَّ������� ِت�������ه������� ْم �إِزا َء � َ������ض������راغِ ������مٍ‬
‫هُ��������� ِزمُ���������وا َو َل������������� ْم ُي�������جْ �������دِ ال������� َع�������دِ ي������� ُد وعُ����������� َّد ٌة‬
‫هَ�����������ذِ ي ال�����ـ�����عُ�����ت�����ا ُة َت�����حَ �����طَّ �����ـ�����مَ�����تْ �أَ� ْ����ص����ن����امُ����ه����ا‬
‫ي�������ا �أُمَّ����������������� َة الإِ� ْ������������س������ل�����ا ِم قُ��������ومِ ��������ي وا ْرفُ��������� ِل���������ي‬
‫����������و ًة‬
‫������������ذِنُ قَ����������� ْد عَ��������لَ��������تْ مَ����������زْهُ َّ‬
‫تِ�������� ْل��������كَ ال�����������م آ‬
‫����������������� ْر ِوقَ���������������� ِة ال�����فَ��ل��ا‬
‫�أَ� ْ����������������ص����������������دا�ؤُ ُه َدوَّتْ ِب َ أ‬
‫حَ ����� َ����ص����دُوا ِب��� َع���� ْ���ش��� ِر ال����فَ����جْ ���� ِر َن����� ْ����ص����رًا مُ���� ْذهِ ��ل�ا‬
‫ُ�����������ص وال������ َّ�����س�����مَ�����اواتُ ال���عُ���لَ���ى‬
‫فَ��������الأَ ْر� ُ��������ض َت����� ْرق ُ‬
‫��������������������و َر ًة ق�������د حَ ������قَّ������ق������تْ حُ �������� ْل�������� َم ال�����مَ��ل��ا‬
‫ي�������ا َث ْ‬
‫� َ������ش������عْ������ ًب������ا عَ�������لَ�������ى حُ ������������بِّ الإِم���������������������ا ِم َت����� َك�����تَّ��ل��ا‬
‫مِ ��������نْ عَ������زْمِ ������هِ������ ْم عَ������� ْر� ُ�������ش ال�������عِ�������دا ِة َت������� َز ْل�������زَال‬
‫وال������� َّ������ش������ا ُه عِ ������� ْن������� َد ال������� َب��������أْ� ِ�������س فَ��������� َّر مُ�������هَ������� ْروِال‬
‫ي�����ا ُب�������ؤْ� َ������س������هُ������ ْم‪ ،‬ذاقُ�����������وا ال������مَ������ َذ َّل������ َة وال����بِ����لَ����ى‬
‫أ�َحْ ���������داقُ���������هُ��������� ْم �أَمْ �������� َ�������س�������تْ ُت���������ق���������ا ِو ُم أ� ْن������ ُ�����ص��ل��ا‬
‫كُ��������������لٌّ ِب������� َت�������كْ�������بِ�������ي������� ِر ال�����������فَ�����������وا ِر� ِ�����������س جُ �����������دِّال‬
‫و َه�����������������وَتْ أَ�� َ�������س�������اطِ �������ي������� ُر ال�������طُّ �������غ�������ا ِة َت������� َذلُّ���ل���ا‬
‫ف������ال������ ِّدي������نُ ِب�����ال����� َّن������ ْ�����ص����� ِر ال�����مُ�����بِ�����ي�����نِ َت���� َك����لَّ��ل�ا‬
‫فِ�����ي�����ه�����ا ال������������مُ�������������ؤَذِّنُ كَ�������ال������� َع�������ن�������ادِلِ حَ ����� ْي�����عَ��ل��ا‬
‫هَ�����������ذا ال������خُ ������مَ������ ْي������نِ������يُّ ال�������هُ�������م�������ا ُم �إِم������امُ������ه������ا‬
‫������ش�����ا َد ال������ َّر� ُ������س������ولُ ِب����������أَ ْر� ِ���������ض َي������� ْث������� ِربَ َد ْو َل����������� ًة‬
‫هلل َي����������حْ ����������ذُو حَ ������������������ ْذ َو ُه‬
‫و إ�ِذا ِب��������������������رُو ِح ا ِ‬
‫أَ�لْ�������فَ�������ى َل�����هِ�����ي�����بَ ال�����كُ�����فْ����� ِر ُي�������حْ ������� ِرقُ مَ������جْ ������ َد ُه‬
‫َث�������قُ�������لَ�������تْ عَ�������لَ������� ْي������� ِه جِ ���������������را ُح � َ������ش������عْ������بٍ ث������ائِ������رٍ‬
‫فَ������� ْت�������حٌ َت����������������راءَى مِ ����������نْ َب�������� ِري��������قِ ِدم�������ائِ�������هِ������� ْم‬
‫ِ�����������ض ِذكْ������� ُره�������ا‬
‫ي������ا آ� َي������������� ًة ف������ي ال������قَ������ ْل������بِ َي����� ْن�����ب ُ‬
‫�����وهِّ�����ج�����اً‬
‫م�����ا زا َل نُ�������������ورُكَ ف�����ي ال�������دُّ َن�������ى مُ����� َت َ‬
‫إ�ِهْ ���������ن����������أْ �إِم���������امِ ���������يَ ف������ي ال������جِ ������ن������انِ مُ�����خَ ����� َّل�����داً‬
‫ي�������ا �أُمَّ����������������� َة ا إِل� ْ�������������س������ل������امِ‪ ،‬ي�������ا رَمْ ��������������� َز الإِب�����������ا‬
‫����������و َي���������� ِة ال����������������وَال ِء َت��������أَ َّل�������قَ�������تْ‬
‫�أَ ْر����������ض���������ي ِب�����������أَ ْل ِ‬
‫فُ������ ْر�������س������ا ُن������ن������ا ال������������ ُّث������������وَّا ُر هَ���������بُّ���������وا لِ������ ْل������فِ������دا‬
‫جَ ��������هَ��������رَتْ مُ�����ق�����ا َوم����� ِت�����ي ِب������� َ������ص������وْتِ َن���جِ ���ي���عِ���ه���ا‬
‫���������ودًا ���ش��امِ ��خ��اً‬
‫�أَعْ ������ظِ ������ ْم ِب���مُ���و� َ���س���ى ال����� َّ����ص���� ْد ِر طَ ْ‬
‫ُ�����������ض مَ������ ْ�����ض�����جَ ����� َع ح�����اقِ�����دٍ‬
‫وال������مُ������و� َ������س������وِيُّ َي�����ق ُّ‬
‫وال������ َّ�����ش����� ْي����� ُخ راغِ �����������بُ ق��������ا َم ُي�����طْ ����� ِل�����قُ � َ�����ص�����رْخَ ����� ًة‬
‫هلل �أَكْ������������ َب������������رُ‪ ،‬وال������خُ ������مَ������ ْي������نِ������ي م����� ْ����ش���� َع����لٌ‬
‫�أَ ُ‬
‫وعِ ���������م���������ا ُد �أَ ْر� َ�����������س�����������ى بِ������ال������جِ ������ه������ا ِد كَ��������رامَ�������� ًة‬
‫�����و ُت����� ُه‬
‫هلل جَ ����� ْل�����جَ ����� َل � َ�����ص ْ‬
‫وال����� َّن������ ْ�����ص����� ُر َن������ ْ�����ص����� ُر ا ِ‬
‫�أَعْ ����������������دا�ؤُن����������������ا �إِنْ هَ���������������������� َّددُوا ُل����� ْب�����ن�����ا َن�����ن�����ا‬
‫�����������ورَى‬
‫ي������ا جُ ������� ْن������� َد رُو ِح اهللِ‪ ،‬ي������ا �أَمَ��������������� َل ال َ‬
‫�إِ� ْ������ش������حَ ������ ْذ لِ���� َن����فْ����� ِ����س����كَ ِب�����ا ْل�����جِ �����ه�����ا ِد عَ����� ِزي�����مَ����� ًة‬
‫ِب�����ال����� َّن������ ْ�����ص����� ِر قَ��������� ْد َوعَ������������� َد الإِ َل���������������� ُه جُ ��������نُ��������و َد ُه‬
‫بِ�������هُ�������دَى ال������كِ������ت������ابِ �أَ���������ض��������ا َء َل�������يْ���ل���اً أَ� ْل�������يَ���ل���ا‬
‫أَ� ْروَى ِب�����ه�����ا ا إِل� ْ�����������س�����ل�����ا َم م����������ا ًء � َ����س���� ْل����� َ����س��ل�ا‬
‫ُي������� ْب�������دي لآلِ ال������ َب������ ْي������تِ إ�ِخْ �����ل����ا� َ����������ص ال��������وَال‬
‫فَ����مَ���������ض����ىَ الإِم��������������ا ُم ُي�����عِ�����ي����� ُد ت�������ا ِري������� َخ الأُ َل����������ى‬
‫����������������و َر ال�������� َّ�������ش�������ا ِه ك�����������ا َن ا أَلثْ���������قَ����ل����ا‬
‫َل��������كِ��������نَّ جَ ْ‬
‫وال������������ َك������������وْنُ لِ������� ْل�������فَ������� ْت�������حِ ال��������������مُ���������������ؤَ َّز ِر هَ�����لَّ��ل��ا‬
‫��������ل�������ا َومَ���������������ض�������ا ُت������� ُه َل������������نْ َت�������رْحَ ���ل���ا‬
‫ً‬
‫ي�������ا راحِ‬
‫و� َ�������ص�������داكَ ف�����ي ا أَل ْرج�����������������ا ِء دا َم مُ����جَ ���� ْل����جِ ��ل�ا‬
‫ف������ال������خ������امِ ������ن������ائِ������ي ال���������فَ���������ذُّ ق������������ا َم مُ����� َك�����مِّ��ل��ا‬
‫�����������������و َر ًة لِ������ ْل������حُ ������ ِّر �أَ� ْ��������ض��������حَ ��������تْ مَ����� ْ����ش����عَ��ل�ا‬
‫ي������ا َث ْ‬
‫كَ������فَ������ت������ا ِة عُ�������� ْر� ٍ��������س قَ��������� ْد َت����������������راءَتْ ِب����ال����حِ ����لَ����ى‬
‫َب������ َذلُ������وا ال������ ِّدم������اءَ‪ ،‬و�أَرْخَ ������� ُ������ص������وا م����ا قَ������ ْد غَ�ل�ا‬
‫هَ����� ْي�����ه�����اتَ نُ����������و ُر ال����مُ����� ْ����ص����طَ ����فَ����ى �أَنْ َي�������أْفُ���ل��ا‬
‫م����ا ا ْن�����فَ�����كَّ ف����ي ال�����مَ����� ْي�����دانِ � َ���س��� ْي���فً���ا مُ���� ْ���ص���قَ�ل�ا‬
‫ِب������� َ������ش������ه������ا َد ٍة � َ�������ص������� ْر َح ال�������عَ���ل���ا ِء قَ���������دِ اعْ ����� َت�����لَ�����ى‬
‫ال لِ����� ْل�����مُ������ َ�����ص�����افَ�����حَ ����� ِة ال������ َّذلِ������ي������لَ������ةِ‪ ،‬أَ�لْ��������������فُ ال‬
‫� َ�������ص�������وْتٌ لأَطْ ���������ف���������الِ ال�������حِ �������جَ �������ا َر ِة قَ��������� ْد عَ��ل�ا‬
‫�أَغْ �������� َن��������ى ال������مُ������ق������ا َومَ������ َة ا ْن�����تِ�����������ص�����ارًا مُ����� ْذهِ ��ل��ا‬
‫لِ������� ْل�������حُ ������� ِّر مَ���������� ْد َر� َ����������س���������� ٌة ُت������� َ������س������مَّ������ى كَ������� ْربَ���ل���ا‬
‫فَ������لَ������� َ������س������وْفَ َن������جْ ������ت������ا ُح ال�����جَ ����� ِل�����ي����� َل مُ���� َع����جَّ ��ل�ا‬
‫كَ��������� ِّب���������رْ‪ ،‬فَ��������هَ��������ذا َن�������� ْ�������ص������� ُر َر ِّب����������������كَ أَ�قْ��������بَ����ل���ا‬
‫َت������قْ������هَ������ ْر عَ���������������� ُدوًّا ِب������ال������� َّ������ض���ل��الِ َت������ َ�����س����� ْربَ��ل��ا‬
‫هلل أ�َنْ َي�������� َت�������� َب��������دَّال‬
‫أَ� َّن��������������������ى ِل�������������وَعْ �������������دِ ا ِ‬
‫‪47‬‬
‫قراءة يف كتاب‬
‫ديوان‬
‫العشق المباح‬
‫لألديب الشاعر الشيخ حسن شاهني‬
‫بقلم‪ :‬القا�ضي الدكتور ال�شيخ يو�سف محمد عمرو‬
‫‪48‬‬
‫�صدر حديث ًا ل�ل�أدي��ب ال�شاعر ال�شيخ‬
‫ح�سن علي �شاهين دي��وان��ه الأوّل «الع�شق‬
‫المباح« من ‪� 496‬صفحة من القطع الكبير‪،‬‬
‫تجليد فاخر من�شورات «‪»Lgroup Egacy‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫ق�دّم له الدكتور يحيى ال�شامي‪ .‬ومما‬
‫جاء في تقديمه‪ ...«:‬لقد تابعت م�سارك في‬
‫ق�صائدك التي حفل بها ديوانك هذا‪ ،‬فلّما‬
‫تق�صيت دقائق ما خفي �أو ظهر من معاني‬
‫ّ‬
‫�شعرك ومبانيهِ‪ ،‬بان لي مذهبك المفارق‬
‫تمام ًا لمدر�ستين �شعريتين معا�صرتين‪،‬‬
‫�أواله� �م ��ا‪ :‬ال�م��در��س��ة ال�م���س�م��اة بمدر�سة‬
‫ال�ح��داث��ة‪ ،‬ه��ذه التي اتخذ �أ�صحابها من‬
‫ق�صيدة النثر عنوان ًا لها‪ ،‬وما فتئوا �سادرين‬
‫فيها �آخذين بجماليات ما ا�سموْه �سياقاً‪،‬‬
‫و�إنْ هو �إ ّال �سياق التنافر‪ ،‬ال التناغم‪ ،‬و�إن‬
‫�شعرُهم �إ ّال النثر‪ ،‬وما هو بال�شعر‪..‬‬
‫والثانية‪ :‬المدر�سة الم�سماة بمدر�سة‬
‫[«يا ربِّ جئتك مُثق ًال بذنوبي‬
‫ال�شعر الحرّ‪� ،‬أو �شعر التفعيلة‪ ،‬وهو �شعر كان‬
‫و�صحيفتي �ضجَّ ت ب�سو ِء عيوبي‬
‫انفجر �شكله الإيقاعي منذ عقود‪ ،‬و�إني‪ ،‬و�إن‬
‫ف�إذا بها تمحى بنظرة راحم‬
‫كنت ال �أخفي �إعجابي ب�شعر عدد من ممثليه‬
‫وت�صير ن��ور ًا عابق ًا بالطّ يب‬
‫ورادتِه الأوائل من �أمثال ال�سياب‪ .‬ونازك‪،‬‬
‫لتم�سُّ كي بمحمّدٍ وب�آله �أرجو‬
‫فما �أراك �أنت‪ ،‬يا �صديقي‪� ،‬إ ّال �إمتداد ًا ل�شعر‬
‫(‪)2‬‬
‫مع �صاحب الديوان‪:‬‬
‫الم�سكوب» ]‪.‬‬
‫ِ‬
‫الجنان بمائها‬
‫تلك المدر�سة التي ك��ان حمل ل��واءه��ا في‬
‫ومعرفتي بالأخ العزيز وال�صديق الوفي‬
‫كما ك��ان ل�شهداء المقاومة ف��ي لبنان‬
‫مطلع القرن المن�صرم ك ٌّل من البارودي‪،‬‬
‫و�إ��س�م��اع�ي��ل ��ص�ب��ري‪ ،‬و� �ش��وق��ي‪ ،‬وح��اف��ظ‪ ،‬ال�شيخ ح�سن علي �شاهين وبال�صديقين الن�صيب الأوفى من �شعره‪.‬‬
‫مدر�سة �أطلق عليها في حينه‪� ،‬إ�سم مدر�سة‬
‫الإحياء والتجديد‪ ،‬ومن �أب��رز خ�صائ�صها‬
‫الحفاظ على قيم و�أ�ساليب ال�شعر المتعارف‬
‫عليها �أحقاباً‪ ،‬والحر�ص على التجديد في‬
‫الم�ضمون‪ ،‬ال في ال�شكل المتمثل بالخروج‬
‫على م��أل��وف الأوزان‪ ،‬و�إنْ م��ن خ��روج لك‬
‫على �سنن هذه المدر�سة �شعريّة ثالث ٍة موغلة‬
‫في القدمِ عنيت مدر�سة �شعراء �أهل البيت‬
‫‪ ،i‬بحيث �أني ما �ألفيتك وكفاك فخراً‪� ،‬إ ّال‬
‫مقتب�س ًا من �شمم وكبرياء كلٍّ من الكميت‪،‬‬
‫ودعبل‪ ،‬وال�سيّد الحميريّ �أبرز ممثلي تلك‬
‫قب�سات‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ال�م��در��س��ة ال�شيعيّة المتقدمة‪،‬‬
‫وم��ن �صدق والئهم‪ ،‬م�ستروحاً‪ ،‬وال �أزك��ى‪،‬‬
‫نفحات‪ ،‬لكنّ ما حيّرني �أم� � ُر ُه في �شعرك‬
‫هذا يا �صديقي هو �أني �ألفيتك م�سرف ًا �أ�ش ّد‬
‫الإ��س��راف في ا�ستخدامك للبحر الكامل‪،‬‬
‫�أح ��د ب�ح��ور ال�شعر ال�ستة ع�شر‪ ،‬وعجيب‬
‫�أم��رك‪ ،‬ما ك��ان �أ�ش ّد ولوعك بهذا البحر‪،‬‬
‫وتوفّرك عليه‪� ،‬إذ لقد �أح�صيت لك من ا�صل‬
‫خم�س و�ستين ق�صيد ًة لك �أو مقطوعة‪ ،‬هي‬
‫مجموع ما انتظم في عِ قد ديوانك‪� ،‬أح�صيت‬
‫�إحدى وخم�سين ق�صيد ٌة �أو مقطوعة نظمت‬
‫على الكامل‪� ،‬أو مجزوء الكامل‪.)1(»...‬‬
‫ال �ع��زي��زي��ن ال��دك �ت��ور ح�ب�ي��ب محفوظ‪q‬‬
‫والأ�ستاذ �سهيل حمادة‪ ،q‬كانت من خالل‬
‫محكمة الهرمل ال�شرعيّة الجعفريّة �سنة‬
‫‪1997‬م‪ .‬حيث ك��ان ه ��ؤالء الثالثة يمثلون‬
‫وجه مدينة الهرمل الأدبيّ والثقافيّ والفنيّ‬
‫في �سيرتهم الطويلة في التاريخ والأدب‪ .‬وقد‬
‫وفقني اهلل تعالى بعد الإنتقال من الهرمل‬
‫�إلى محكمة مرجعيون ال�شرعيّة الجعفريّة‬
‫للتعرَّف واللقاء الدائم مع �صاحب الف�ضيلة‬
‫مفتي الهرمل الجعفري العالّمة ال�شيخ علي‬
‫طه ومع الأديب الكبير الدكتور عبد الحافظ‬
‫�شم�ص وما يمثالن من علم و�أدب وف�ضيلة‪.‬‬
‫و�صديقنا العزيز ال�شيخ �شاهين في‬
‫دي��وان��ه ه��ذا �أع�ط��ى للع�شق معناه الروحي‬
‫الخالد بعد �أن ت�ح�وّل الع�شق على ل�سان‬
‫معظم ال�شعراء ف��ي �أيامنا ه��ذه �إل��ى حُ ��بِّ‬
‫الدنيا و�شهواتها‪.‬‬
‫ف�أ�سمعه يقول يا ربْ ‪.‬‬
‫ف�أ�سمعه يقول تحت عنوان‪ ،‬في تاريخ‬
‫�شهيد‪:‬‬
‫[« قدكانيومُك�شاهد ًام�شهودا‬
‫يا من ق�ضيتَ مجاهد ًا و�شهيدا‬
‫يا من رحلتَ �إلى الخلود مخلّف ًا‬
‫يُتم ًا وثُك ًال لم َي��زَ لْ موجودا‬
‫فَالأ ُّم ثكلى لي�س يهد�أُ حزنُها‬
‫أبوك يفق ُد عِ قْدَ ُه المن�ضودا‬
‫و� َ‬
‫وتركتَ لليُتمِ المُريع ثالث ًة‬
‫مثل الورو ِد وال نرى التوريدا‬
‫وفي�ض حنانهم‬
‫كنتَ المالذَ لهم َ‬
‫فقدوا الحنانَ و�أُورثوا التنهيدا‬
‫يا من ق�ضى حقَّ الجها ِد «بعاملٍ »‬
‫ووق�ف�ت��مُ �ض َّد ال �ع��د ِّو �أُ� �س��ودا‬
‫موقف‬
‫وب�أر�ض «بنت جبيل» كم من ٍ‬
‫ال�صيدا‬
‫حاكيتمُ فيه الكُما َة ّ‬
‫�إنَّ المقاومَ لم يزلْ �أن�شود ًة‬
‫للمجدِ تُتلى للأبا ِة ق�صيدا»](‪.)3‬‬
‫مع �أ�صدقائه‬
‫كذلك ك��ان لأ�صدقائه ن�صيب كبير‪.‬‬
‫وقد قدّم لنا �أبيات ًا جميلة بمنا�سبة �إبراز‬
‫كتابي «علماء عرفتهم» للطباعة م�ؤرخة في‬
‫‪2005/10/31‬م‪ .‬الموافق في ‪ 28‬رم�ضان‬
‫‪1426‬هـ‪ .‬حيث جاء بها‪:‬‬
‫[« يُغري خيالي عابقُ النفحاتِ‬
‫ُن�س مُ�شرقُ ال�صفحات‬
‫وكتابُ �أ ٍ‬
‫تفي�ض م�شاعري‬
‫بظالل دوحته ُ‬
‫َّو�ض بالنغماتِ‬
‫�شعر ًا يٌناغي الر َ‬
‫المجال�س بالعلومِ ت�ضمَّخت‬
‫ُ‬
‫حيثُ‬
‫مِ �سْ ك ًا ي�ضو ُع ب�أطيبِ الن�سمات‬
‫ول�شيخنا من �آل عمرو «يو�سف»‬
‫بيتُ الق�صيد و ُد َّر ُة الأبيات‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬‬
‫((‪(2‬‬
‫((‪(3‬‬
‫((‪(4‬‬
‫((‪(5‬‬
‫ديوان الع�شق الحالل‪� ،‬ص ‪ 10‬ـ ‪.11‬‬
‫نف�س الم�صدر‪� ،‬ص ‪81‬‬
‫نف�س الم�صدر‪� ،‬ص ‪ 453‬ـ ‪ 454‬ـ ‪.455‬‬
‫نف�س الم�صدر‪� ،‬ص ‪ 27‬ـ ‪.28‬‬
‫نف�س الم�صدر‪� ،‬ص ‪ 63‬ـ ‪ 64‬ـ ‪.65‬‬
‫فلقد تاللت في الكتاب منائ ٌر‬
‫�شاهين بالإ�ضافة �إلى �إمتيازه بالملكة الأدبية‬
‫(‪)4‬‬
‫تهدي وتجلو الهمَّ وال ُكرُبات »‪ .‬ال�شعريّة واللغوية التي تكلّم عنها الدكتور‬
‫وق��د قمت بعد تقديمه لكتابي الآن��ف‬
‫ال��ذك��ر بو�ضع ه��ذه الأب �ي��ات الجميلة على يحيى ال�شامي �آنف ًا فهو يمتاز �أي�ض ًا ب�إجادته‬
‫ال�صفحة الأخيرة للغالف الخارجي تعريف ًا لتدري�س العلوم العربيّة وال�شرعيّة �إذ هو‬
‫للكتاب‪.‬‬
‫كما ق �دّم لنا ق�صيدة �أخ��رى بمنا�سبة �أ�ستاذ �سابق في معهد ال�شهيد الأوّل ومدير‬
‫تقديمي له ن�سخة من كتابي الآخر‪«:‬الموجز معهد الإم ��ام ال�صادق‪ ،t‬ف��ي المريجة‬
‫في علميّ الدراية والحديث» ال�صادر عن دار‬
‫في �ضاحية بيروت الجنوبية‪ .‬كما ك��ان له‬
‫الم�ؤرخ العربيّ في بيروت �سنة ‪2001‬م‪ .‬جاء‬
‫ي� ُد �أخ��رى في التبليغ الدينيّ وف��ي الكتابة‬
‫فيها‪:‬‬
‫من�ضدة غَ لتْ وفرائ ُد‬
‫[« ُد ّر ٌر َّ‬
‫في ال�صحف والمجالت اللبنانيّة والعربيّة‬
‫وافى كتابُك هل تفيه ق�صائد‬
‫ح�ب� ٌر �سطور �أو عبير عابق‬
‫�أو رو��ض��ة بغ�صونها تتمايد‬
‫هبَّت ن�سائمها ففاح �أريجها‬
‫ف �ت �ن � َّزل��ت ل �ل �ع��ارف �ي��ن ف��وائ��د‬
‫�إنْ كانيُهدىفيالجوابق�صيدة‬
‫فق�صيدتي لل�صادقين قالئد‬
‫�أهديت لي �سِ فر ًا جلي ًال قيّم ًا‬
‫ي���س�م��و ب�ع�ل��م ل �ل��دراي��ة رائ ��د‬
‫اتبعته علم الحديث وقد حوى‬
‫ُ�صو َر البيان وما عداها ال�شاهد‬
‫ح� َّب��رت��ه علم ًا م�ف�ي��د ًا جامع ًا‬
‫ليراعك ال�سيَّال بحر َُك رافد‬
‫يا �شيخ يو�سف في هواك تحيَّتي‬
‫فجزيت خير ًا والمثيب الواحد‬
‫�أنَّى جريت ف�إنَّ مدحيَ قا�ص ٌر‬
‫ه��و م��رج��ع بالبيّنات يُ�شاهد‬
‫وهو النفي�س فكم حوى من ُد َّر ٍة‬
‫(‪)5‬‬
‫ياليت �شعريمن�سواكال�صائد» ]‪.‬‬
‫ه��ذا و�إنَّ ال�شيخ الفا�ضل ح�سن علي‬
‫وفي اللقاءات والم�ؤتمرات‪ .‬كما له م�ؤلفات‬
‫�أخرى مخطوطة ومطبوعة‪ ،‬والمطبوع منها‪:‬‬
‫الإ�سالم والحرية ـ الق�صيدة الغراء وحديث‬
‫الك�ساء‪ .‬من�شورات دار المحجّ ة البي�ضاء ـ‬
‫بيروت وم�ؤ�س�سة اليراع للرعاية والإب��داع‪،‬‬
‫وكتب �أخرى قيد الإعداد والطباعة‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫آمال وأما ٍن ُجبيليّة‬
‫سد جنة‬
‫ِّ‬
‫بني احلقيقة واحلرمان‬
‫�إعداد‪ :‬الأ�ستاذ �شادي ن�صر الدين‬
‫‪50‬‬
‫ت� ��داع� ��ت ال �ف ��اع �ل �ي ��ات ال���س�ي��ا��س�ي��ة‬
‫واالقت�صادية واالجتماعية وال�شعبية في‬
‫ق�ضاء جبيل‪،‬الى عقد لقاء ت�ضامني في‬
‫مطعم الكمنجا في حاالت‪ ،‬يوم ال�سبت في‬
‫‪� 14‬شباط ‪2015‬م‪ .‬لدعم م�شروع �س ّد‬
‫جنة‪ ،‬تحت ع�ن��وان «م��ا تحرمونا من‬
‫المي والنور»‪� ،‬شارك فيه نواب «تكتل‬
‫التغيير واال�� �ص�ل�اح» ول �ي��د خ ��وري‪،‬‬
‫�سيمون �أب��ي رم�ي��ا‪ ،‬نعمة اهلل �أب��ي‬
‫ن�صر‪ ،‬فريد اليا�س الخازن‪ ،‬فادي‬
‫الأع� ��ور‪ ،‬ال�ن��ائ��ب ال�سابق �شامل‬
‫موزايا‪ ،‬رئي�س �إتحاد‬
‫بلديات ق�ضاء جبيل‬
‫فادي مرتينو�س‪ ،‬الأب‬
‫طانيو�س زي ��ادة ممثال‬
‫راع � ��ي �أب��ر� �ش �ي��ة جبيل‬
‫ال�م��ارون�ي��ة المطران‬
‫مي�شال ع��ون‪ ،‬رئي�س‬
‫ب� �ل ��دي ��ة ج��ب��ي ��ل زي� ��اد‬
‫الحوّاط‪ ،‬القيادي في «التيار‬
‫الوطني ال�ح��ر» ال��دك�ت��ور ب�سّ ام‬
‫الها�شم‪ ،‬العقيد المتقاعد مي�شال‬
‫كرم‪ ،‬رئي�س النادي االجتماعي الثقافي في‬
‫بلدة قرطبا جورج كرم‪ ،‬وح�شد من ر�ؤ�ساء النظيفة وال�صديقة للبيئة‪ ،‬و�ستدر للدولة‬
‫البلديات والمخاتير و�أهالي ق�ضاء جبيل‪ 15 .‬مليون دوالر �أميركي في ال�سنة‪ ،‬وق�ضاء‬
‫جبيل يحتاج فقط الى ‪ 29‬ميغاوات»‪.‬‬
‫خوري‬
‫�أبي ن�صر‬
‫ا�ستهل اللقاء بالن�شيد الوطني‪ ،‬وكلمة‬
‫من جهته‪ ،‬ق��ال �أب��ي ن�صر‪�« :‬إذا كانت‬
‫ترحيب للمحامي �أدي��ب �أبي عقل‪ ،‬ثم �ألقى‬
‫النائب خ��وري كلمة‪� ،‬أو��ض��ح ف��ي م�ستهلها الحروب وما تالها من �أزمات في لبنان‪ ،‬قد‬
‫�أنه «ال يمكننا ال�سكوت بعد اليوم على هذا �أ�ضعفت الدولة‪ ،‬وهم�شت فئة من اللبنانيين‬
‫الكم من االفتراء والتحامل»‪ ،‬وق��ال‪« :‬كفى و�أب�ع��دت�ه��م ع��ن م��راك��ز ال �ق ��رار‪ ،‬ف�أهملت‬
‫كذب ًا على النا�س‪ ،‬وبث ًا لل�شائعات المغر�ضة‪ ،‬الم�شاريع الأنمائية في مناطق معينة‪ ،‬ف�إن‬
‫وح��رم��ان��ا ل�ه��ذا ال�شعب الأب ��ي م��ن �أب�سط الوقت قد حان لرفع ال�صوت عالي ًا واال�صرار‬
‫حقوقه الحياتية»‪ ،‬الف�ت� ًا ال��ى �أن «م�شروع على تنفيذ ه��ذه الم�شاريع‪ ،‬ال�ت��ي حرمت‬
‫�س ّد جنة ح�ي��وي‪ ،‬و�سي�ؤمن لمنطقة جبيل منها بع�ض المناطق في جبل لبنان بفعل‬
‫‪ 3‬ماليين متر مكعب‪ ،‬والعا�صمة بيروت ال�سيا�سات الجائرة والمنحازة على مدى‬
‫‪ 60‬مليون متر مكعب‪ ،‬ويجب علينا كقوى ع�شرين عاماً‪ ،‬وف��ي مقدمة ه��ذه المناطق‬
‫�سيا�سية �أكثرية و�أقلية‪� ،‬أن نعمل بال كلل ق�ضاءي جبيل وك�سروان الفتوح»«‪.‬‬
‫اليجاد الحلول الناجعة دون مناكفات �أو‬
‫مرتينو�س‬
‫ا�صطفافات»‪ ،‬وردا على ما قيل حول عدم‬
‫و� �س ��أل مرتينو�س ف��ي كلمته «ه��ل كتب‬
‫�صالحية الم�شروع‪� ،‬أ�شار الى �أن «الدرا�سات على بالد جبيل �أال تتنف�س كثير ًا من رئتي‬
‫اك��دت �أن ال ت�سرب مياه في ال�سدّ‪� ،‬أو قعر االنماء والم�شاريع ذات المنفعة العامة؟»‪،‬‬
‫نهر �إبراهيم الى جعيتا‪ ،‬وهذا الأمر نهائي م��ؤك��د ًا «ه��ذه المنطقة بقي االن�م��اء بعيد ًا‬
‫ومبرهن بعد ع��دة اخ�ت�ب��ارات»‪ ،‬م�ؤكداً «ال عنها ومعدوم ًا فيها منذ العهد اال�ستقاللي‬
‫نريد التفريط ببيئة ه��ذا ال��وادي الخالد‪ ،‬حتى مطلع عهد الرئي�س مي�شال �سليمان‪،‬‬
‫والم�شروع �سيولد ‪ 120‬ميغاوات من الكهرباء ال ��ذي �سعى ج��اه��د ًا الدخ��ال�ه��ا ف��ي خارطة‬
‫االن�م��اء واالع�ت�م��ادات وال�م��وازن��ات»‪ ،‬الفت ًا‬
‫الى �أن «معظم بلدات وق��رى ق�ضاء جبيل‬
‫تعاني العط�ش حتى في �شهر ال�شتاء‪ ،‬كما‬
‫انه لم يكن للحكومات في العهود ال�سابقة‬
‫خطط للبحث عن م�صادر مياه �إ�ضافية‬
‫في المنطقة‪ ،‬رغم كثرة الينابيع ومجاري‬
‫االنهار فيها»‪.‬‬
‫وحذر من �أن «�أزمة مياه ال�شفة والري‬
‫في بالد جبيل تتعاظم وتتفاقم‪ ،‬يوما بعد‬
‫يوم‪ ،‬وتنذر بعواقب وخيمة على �صعيد البيئة‬
‫وال�صحة وال�صناعة والنظافة‪ ،‬وعلى �صعيد‬
‫الزراعة ب�شقيها اال�شجار والخ�ضار»‪ ،‬داعيا‬
‫الى «ع��دم وقف العمل ب�س ّد جنة»‪� ،‬سائال‬
‫«لماذا الوقوف بوجه هذا ال�س ّد ولم�صلحة‬
‫من؟»‪.‬‬
‫تدفع في �أعمال ردم الحو�ض الرابع في مرف�أ‬
‫بيروت يجب �أن تدفع �أي�ض ًا لبناء مرافئ في‬
‫جونية وجبيل وبقية المناطق‪ ،‬هكذا يكون‬
‫االنماء المتوازن والتعامل كلبنانيين يداً‬
‫واحدة»‪ ،‬وختم م�ؤكد ًا �أن «محاوالت التعطيل‬
‫االعور‬
‫و�أك��د االع��ور ب��دوره �أن «�س ّد جنة لكل الكيدية وال�سيا�سية لن تمر والعمل في ال�س ّد‬
‫ل�ب�ن��ان»‪ ،‬م�ستغرب ًا «ع��دم ��ص��دور �أ��ص��وات م�ستمر»‪.‬‬
‫�أبي رميا‬
‫معتر�ضة على بناء �سدود في �أماكن اخرى‬
‫بدوره‪� ،‬أك ّد �أبي رميا في كلمته �أن «�س ّد‬
‫كانت �أقرت في المجل�س النيابي»‪ ،‬معتبرا‬
‫�أن «الم�شكل اال�سا�سي لمو�ضوع ال�سدود جنة �سيتحول حقيقة‪ ،‬لأن الحق معنا‪ ،‬قيل‬
‫وال �ك �ه��رب��اء وال �� �ص��رف ال���ص�ح��ي‪ ،‬ه��و �أن الكثير من االكاذيب‪ ،‬وما هي الحاجة الى‬
‫الوزارة التي و�ضعت الخطط المنهجية لكل ال�سد‪ ،‬وك ّل عام ‪ 265‬مليون متر مكعب يذهب‬
‫هذه الم�شاريع لي�ست بيد الطبقة ال�سيا�سية هدر ًا في وادي نهر �إبراهيم والى البحر»‪.‬‬
‫وق � ��ال‪�« :‬إن� �ن ��ا ن���ض��ع ف �ق��ط ‪ 32‬مليون‬
‫الفا�سدة‪ ،‬التي تتحكم بحياة اللبنانيين‪،‬‬
‫متر مكعب‪� ،‬أي م��ا ي ��وازي ‪ 96‬مليون متر‬
‫و�أو�صلتنا الى ‪ 66‬مليار دوالر دين»‪.‬‬
‫مكعب �سنوياً‪ .‬هذا هو الحفاظ على البيئة‬
‫الخازن‬
‫ك ��ذل ��ك اك� ��د ال� �خ ��ازن «�أه��م��ي ��ة ه��ذا والنبات»‪ ،‬م�شددا على �أن «حلم �س ّد جنة‬
‫الم�شروع ال�ح�ي��وي‪ ،‬ال��ذي �ست�ستفيد منه �سي�صبح حقيقة و�سيجعلنا نعي�ش بكرامتنا‪،‬‬
‫جبيل بالد الحرف وبيروت عا�صمة لبنان ويق�ضي على مقولة العط�ش في ق�ضاء جبيل»‪،‬‬
‫وبعبدا عا�صمة الق�صر الجمهوري‪ ،‬الذي منتقداً «دع ��وة النائب محمد قباني الى‬
‫يجب �أن يكون مث ًال لم�شاريع اخرى‪ ،‬تقوم ا�ستيراد المياه من تركيا‪ ،‬بدل �أن ن�أتي بها‬
‫بها الدولة»‪ ،‬الفت ًا الى �أن «ق�ضاء جبيل عانى من جبيل»‪� ،‬سائالً «�أي مرة �شاركونا باالنماء‬
‫حرمان ًا كبير ًا وم�شروع �س ّد جنة هو م�شروع وال�ك�ه��رب��اء‪،‬‬
‫نموذجي وتكلفته ‪ 230‬مليون دوالر اميركي‪ ،‬وك � � � � ��ل‬
‫بتمويل داخ�ل��ي م��ن م�ؤ�س�سة مياه بيروت �� �ش ��يء‬
‫وجبل لبنان يحقق االنماء المتوازن ب�شكل ل� � � � � � � ��ه‬
‫فعلي»‪ ،‬معتبرا �أن «ماليين الدوالرات التي ع� � �ل � ��اق � � � � ��ة‬
‫بالحياة الكريمة لحياتنا‬
‫ال�م�ع�ي���ش�ي��ة ال �ي��وم �ي��ة؟‪،‬‬
‫م �� �س �ت �غ��رب � ًا «االك ��اذي ��ب‬
‫عن قطع ‪� 400‬أل��ف �شجرة‬
‫في وادي جنة‪ ،‬مما ي�شكل مجزرة‬
‫بيئية»‪ ،‬الفتا الى «العدد االجمالي‬
‫لال�شجار التي �ستقطع هو ‪� 50‬ألف‬
‫�شجرة»‪ ،‬م�ؤكدا �أن «�س ّد جنة هو‬
‫حيوي و�ست�ستفيد منه مناطق جبيل‬
‫وبيروت و�ساحل المتن ال�شمالي‪،‬‬
‫وهذا ال�س ّد �أ�صبح واقعا ال وزير‬
‫ال � �ب � �ي � �ئ� ��ة‪ ،‬ال � ��ذي‬
‫ن�ح�ت��رم��ه ون �ق��دره‬
‫�سي�ستطيع �إيقافه‪،‬‬
‫وال وزي��ر الزراعة‬
‫�أي�ض ًا»‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫آمال وأما ٍن ُجبيليّة‬
‫ماذا عن طريق‬
‫قطاع الزراعة‬
‫يف بلدة فرحت ـ جبيل‬
‫حبوب ـ فدار ـ بشتليده؟‬
‫إىل أين؟‬
‫�إعداد‪ :‬الأ�ستاذ �شادي ن�صر الدين‬
‫معالي الوزير محمد المشنوق في حبوب مع اللجنة المسؤولة‬
‫�إعداد‪ :‬الأ�ستاذ �شادي ن�صر الدين‬
‫‪52‬‬
‫ق��ري��ة ف��رح��ت تقع ف��ي منطقة وادي‬
‫ع�ل�م��ات ال �ت��اري �خ � ّي��ة ف ��ي ق���ض��اء جبيل‬
‫م�ح��اط��ة ب��ال�ج�ب��ال وت�ك���س��وه��ا الأ� �ش �ج��ار‬
‫الخ�ضراء الكثيفة والمتنوعة �إنها بلدة‬
‫فرحت ذات الجمال الطبيعي الخالّق‪.‬‬
‫ف ��رح ��ت ت �ع �ن��ي ال �ف �ي �ن �ي �ق �ي��ة ال��ف ��رح‬
‫وبال�سريانية الطيران ورف��رف��ة الجناح‪.‬‬
‫تمتاز بكثرة وك�ث��اف��ة �أ��ش�ج��ار ال�صنوبر‬
‫وال�سنديان وهوائها العليل يلفت �إنتباه زوار‬
‫فرحت تدّرج حقولها المزروعة بالبندورة‬
‫والعنب والزيتون والتي يعتمد عليها الأهالي‬
‫ب�إقت�صادهم‪ .‬وهذه البلدة الزراعية كمعظم‬
‫البلدات الزراعية اللبنانية في ق�ضاء جبيل‬
‫حيث يعاني مزارعو البلدة م�شاكل كثيرة‪.‬‬
‫يعمل في قطاع الزراعة في لبنان‬
‫م��ا ال ي�ت�ع��دى ‪ %6‬م��ن ال �ق��وى ال�ع��ام�ل��ة‪،‬‬
‫وم ��ن ه ��ذه ال�ن���س�ب��ة ‪ %70‬ي �ع �م �ل��ون في‬
‫ن�شاطات اقت�صادية �أخ��رى‪ ،‬لأن مردود‬
‫ال ��زراع ��ة ال ي�ك�ف��ي ل �ت ��أم �ي��ن ال �ح��اج��ات‬
‫المعي�شية الأ�سا�سية‪ ،‬علم ًا ب�أن ‪ %60‬من‬
‫المزارعين ينتجون لل�سوق‪ ،‬و‪ %40‬ينتجون‬
‫ال�ستهالكهم الخا�ص‪ .‬وم��ن المعروف‬
‫�أن قطاع الزراعة مهمّ�ش �سيا�سي ًا منذ‬
‫ا�ستقالل لبنان‪ ،‬حيث قامت ال�سيا�سة‬
‫االق�ت���ص��ادي��ة على ال�م���ص��ارف والتجار‬
‫و�شركات الت�أمين وال�سياحة‪ ،‬وهمّ�شت‬
‫قطاع الزراعة‪.‬‬
‫ال�م��زارع��ون في لبنان يحتاجون �إلى‬
‫�أمور كثيرة �أهمها‪:‬‬
‫ قرو�ض طويلة الأجل وبفوائد متدنية‪.‬‬‫ �إع� �ط ��اء رزم� ��ة ح ��واف ��ز‪ ،‬ك��أ��س�ع��ار‬‫ت�شجيعيّة للكهرباء وال�م�ي��اه‪ ،‬و�إع �ف��اءات‬
‫�ضريبية لل�سنوات الخم�س الأولى من بدء‬
‫الم�شروع‪.‬‬
‫ الإقالع عن فردية المزارع‪ ،‬و�إن�شاء‬‫«اتحاد الأري��اف»‪ ،‬عماده تعاونيات «غير‬
‫انتخابية»‪ ،‬تدمج المزارع ال�صغيرة مع‬
‫بع�ضها‪ ،‬لإتاحة م�ساحة كافية ال�ستعمال‬
‫التكنولوجيا (المكننة)‪ ،‬وت�ؤمن واردات‬
‫الإنتاج بنوعية و�أ�سعار منا�سبة‪ ،‬وت�سوّق‬
‫منتجات المزارعين م��ن دون و�سطاء‪،‬‬
‫وت���ض�م��ن رب �ح � ًا ج �ي��د ًا لجميع �أط ��راف‬
‫الإنتاج‪.‬‬
‫وي �ق��ول �أه ��م م��زارع��ي ب �ل��دة فرحت‬
‫�شحاده محمود �ضاهر عن الزراعة في‬
‫قريته‪:‬‬
‫ت�ع�ت�ب��ر ال��ب��ن ��دورة واح � ��دة م ��ن �أه ��م‬
‫محا�صيل الخ�ضار الم�ستهلكة في لبنان‬
‫و�أو��س�ع�ه��ا �إن�ت���ش��ار ًا م��ن حيث الم�ساحة‬
‫المزروعة‪ .‬وت �ع � ُّد ال �ب �ن ��دورة م ��ن �أه ��م‬
‫الخ�ضار الم�ستعملة في مجال الت�صنيع‬
‫حيث ت�ستخدم الثمار ف��ي �صناعة «رب‬
‫البندورة»‪ ،‬و«الكات�شب» ومنتجات �أخرى‪.‬‬
‫وب�ل��دة فرحت معروفة ب��زراع��ة البندورة‬
‫وغ �ي��اب � �ص��رخ��ات �أ�� �ص ��وات ال�م��زارع�ي��ن‬
‫ف��ي ف��رح��ت وج ��واره ��ا م��ن ق ��رى زراع�ي��ة‬
‫�سببه ع��دم الإ�ستجابة من الم�س�ؤولين‪،‬‬
‫و�أن التكرار الحا�صل ف��ي المطالبة كل‬
‫ع��ام وع ��دم تلقيهم لأي ��ة م���س��اع��دات �أو‬
‫تعوي�ضات عن الأ�ضرار ال�سابقة جعلت من‬
‫المطالبة الجديدة غير مجدية ب�شكل عام‬
‫والمطلوب‪:‬‬
‫ �إن�شاء �سدود لتامين مياه الري‪.‬‬‫ ت�أمين الأ�سمدة الزراعية ب�أ�سعار‬‫مخف�ضة‪.‬‬
‫ ت �ق��دي��م ق ��رو� ��ض ب �ف��وائ��د تنا�سب‬‫المزارعين‪.‬‬
‫ ت�أمين �أ� �س��واق خارجية لت�صريف‬‫الب�ضائع‪.‬‬
‫ منع �إحتكار التجار للمنتجات‪.‬‬‫ ت�أمين �آالت زراعية متطورة ت�ساعد‬‫المزارع على زيادة �إنتاجه‪.‬‬
‫في لقاء خا�ص مع الأ�ستاذ �صادق برق‬
‫الرئي�س ال�سابق للقاء الوطنيّ في جبيل‪،‬‬
‫قال‪ :‬بعد مرور ثالث �سنوات على �إفتتاح‬
‫ط��ري��ق ح�ب��وب ـ ف ��دار ب ��د�أت �إن �ح��دارات‬
‫�صخرية َوتُربية ف�إتخذ �أه��ال��ي المنطقة‬
‫ق��رار ًا بتو�سيع الطريق‪ ،‬وعلى �ضوء هذا‬
‫الإجتماع �شكل وفد لزيارة وزير الأ�شغال‬
‫العامة والنقل الأ�ستاذ غازي زعيتر الذي‬
‫واف ��ق ع�ل��ى تو�سيع ال�ط��ري��ق ك ��ون تنفيذ‬
‫الم�شروع �سيت ُّم على نفقة �أهالي البلدة‪.‬‬
‫وتابع برق مذكراً‪ :‬هناك لجنة م�ؤلفة من‬
‫�ستة �أ�شخا�ص تابعت الطريق منذ بدايتها‬
‫وهم‪ :‬المون�سينيور ف��ادي ال�خ��وري حنا‪،‬‬
‫الدكتور زخيا الخوري حنا‪ ،‬ال�سيد جورج‬
‫خ��وري‪ ،‬الأ�ستاذ �شربل روفيل‪ ،‬المهند�س‬
‫ه�شام خوري‪ ،‬الحاج الأ�ستاذ �صادق برق‬
‫وه ��ذه اللجنة توجهت �إل ��ى رئي�س لجنة‬
‫محمية بنتاعل الخبير البيئي الأ�ستاذ‬
‫ريمون خ��وري ال��ذي واف��ق على طلبنا في‬
‫البدء ولكن ما لبث �أن تراجع عن كالمه‬
‫راف��ع�� ًا دع� ��وى ق���ض��ائ�ي��ة ل�ت��وق�ي��ف تنفيذ‬
‫الطريق‪ ...‬فعادت الم�شكلة �إلى الواجهة‬
‫ف�ت��مَّ ال�ت��وق��ف ع��ن تو�سيع ه��ذا الطريق‪،‬‬
‫عندها توجه �أع�ضاء اللجنة وع�ضو تكتل‬
‫"التغيير واال�صالح" النيابي في لبنان‬
‫النائب عبا�س ها�شم �إلى وزير الداخلية‬
‫نهاد الم�شنوق الذي وعد بمتابعة الملف‬
‫مع وزير البيئة‪.‬‬
‫ت��اب��ع وزي ��ر البيئة محمد الم�شنوق‬
‫�شخ�صي ًا مو�ضوع تو�سيع الطريق بمحاذاة‬
‫محمية بنتاعل مع وفد من �أهالي حبوب ـ‬
‫فدارـ ب�شتليده في جبيل برئا�سة المون�سينيور‬
‫فادي الخوري حنا وح�ضور النائب عبا�س‬
‫ها�شم‪ ،‬و�أك َّد �أنه «في البيئة‬
‫ال ي�شتغل �سيا�سة و�أنه زار المنطقة فج�أة‬
‫لالطالع على حيثيات المو�ضوع والوقوف‬
‫عن كثب على �أي مخالفة يمكن �أن تحدث‬
‫في محيط محمية بنتاعل‪.‬‬
‫طول الطريق ‪ 5100‬متر وعر�ضها ‪6‬‬
‫�أمتارـ تمّ تو�سيع ‪ 2500‬متر ب�شكل كامل‬
‫وال�ب��اق��ي ب�شكل جزئي وق��ري�ب� ًا �ست�شرف‬
‫ال�ط��ري��ق على النهاية و�سيتم الإف�ت�ت��اح‬
‫م �ج��دد ًا لم�صلحة ق��ران��ا المحرومة من‬
‫الإنماء»‪.‬‬
‫وفي الختام �شكر الأ�ستاذ �صادق برق‬
‫وزير الأ�شغال العامة والنقل معالي الأ�ستاذ‬
‫غازي زعيتر‪ ،‬ووزير البيئة الأ�ستاذ محمد‬
‫الم�شنوق‪ ،‬ومعالي وزير الداخلية والبلديات‬
‫الأ�ستاذ نهاد الم�شنوق‪ ،‬وك��ل من �ساهم‬
‫بنجاح هذا الم�شروع ‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫من الكتب التي وصلت إلينا‬
‫و�صدر �أي�ض ًا للدكتور ع�صام العيتاوي كتاب بعنوان‪«:‬‬
‫الطفل في �ضوء التربية الإ�سالمية»‬
‫وهو عبارة عن كتاب يتناول فيه الم�ؤلف مو�ضوع ًا‬
‫هام ًا وخ�صو�ص ًا في هذه الفترة الزمنية التي تعي�شها‬
‫الأمتان العربية والإ�سالمية حيث �شاعت الرذيلة‬
‫وتحكم الظلم وانت�شر الجهل لذا ترى �أن الم�ؤلف‬
‫من خالل هذا الكتاب يحاول ت�أ�صيل المفاهيم‬
‫التربوية للطفل وربطها بجذورها الإ�سالمية‪.‬‬
‫ك�ت��اب ه��ام وجميل وي�ق��ع ف��ي ‪� 109‬صفحات من‬
‫القطع الو�سط ويوزع من قبل م�ؤ�س�سة الوفاء‪.‬‬
‫�صدر عن دار ال�صفوّة كتاب «�شعائر عا�شوراء عند‬
‫ال�شيعة الإمامية» للقا�ضي الدكتور ال�شيخ يو�سف عمرو‬
‫حيث عالج فيه الم�ؤلف م�س�ألة �إحياء ال�شعائر الح�سينية‬
‫ب�شكل منهجي تاريخي و�صو ًال ال��ى وقتنا الراهن وبيَّن‬
‫فيه الم�ؤلف الآراء المختلفة حول هذه الم�س�ألة‪ ،‬كما ركًّز‬
‫على �أهمية هذه ال�شعائر لجهة الأثر الدنيوي الأخالقي‬
‫والإجتماعي والأثر الأخروي المتمثل بال�شفاعة‪ .‬والجدير‬
‫بالذكر �أن هذه الطبعة الثالثة من هذا الكتاب لهي خير‬
‫دليل على نجاح الم�ؤلف بمعالجة هذا المو�ضوع ب�شكل‬
‫علمي ومو�ضوعي‪ .‬وهذا شكلّ عبور �آم��ن لمراقبة هذه‬
‫الم�س�ألة المتنازع حول م�شروعية العديد من الممار�سات‬
‫والطقو�س التي تقام با�سمها‪.‬‬
‫كتاب ه��ام ج��د ًا وجميل ويقع في ‪� 199‬صفحة من‬
‫القطع الو�سط‪.‬‬
‫�صدر عن الدار العاملية �سل�سلة جديدة من الكتب‬
‫الحوزوية للمرحلة الأولى ت�أليف �سماحة الأ�ستاذ ال�شيخ‬
‫محمد علي الحاج وقد حملت العناوين التالية‪« :‬الوجيز‬
‫‪54‬‬
‫في ال�صرف‪ ،‬الوجيز في �آيات الأحكام‪ ،‬الوجيز في‬
‫التجويد‪ ،‬الو�سيط في التجويد»‬
‫� �ص��در ل �ل��دك �ت��ور ع �� �ص��ام ع �ل��ي ال �ع �ي �ت��اوي ك�ت��اب‬
‫بعنوان‪«:‬من مداخل القر�آن الكريم» عالج من خالله‬
‫الم�ؤلف �إ�شكالية فهم الم�صطلح الديني الخا�ص بالقر�آن‬
‫الكريم على �إعتبار �أن المجتمعات العربية الإ�سالمية‬
‫الراهنة قد �إبتعدت عن لغتها الأ ّم وبالتالي �أ�ضحت‬
‫بعيدة ن�سبي ًا عن فهم بع�ض العبارات والم�صطلحات‬
‫ك��ذل��ك نتيجة للغزو الثقافي للمجتمعات العربية‬
‫والإ�سالمية و لقد اعتمد الم�ؤلف �أ�سلوب ومنهج‬
‫التف�سير اللغوي لبع�ض هذه الم�صطلحات والعبارات‬
‫والذي تعتمده المعاجم والقوامي�س اللغوية‪.‬‬
‫كتاب جميل و يقع في ‪� 142‬صفحة من القطع‬
‫الو�سط‪.‬‬
‫�صدر العدد الجديد من مجلة «نور الإ�سالم» والذي‬
‫حمل الرقم ‪ 180‬بتاريخ كانون الثاني ـ �شباط ‪2015‬‬
‫ولقد جاء مو�ضوع هذا العدد وب�شكل خا�ص حول و�ضع‬
‫الم�سلمين في �ألمانيا وهامبورغ تحديد ًا كما تناول‬
‫العديد من الموا�ضيع الهامة والتي تعنى بتثقيف الر�أي‬
‫العام الإ�سالمي في زمن ي�شهد على اختالل المفاهيم‬
‫و�ضياع القيم الإن�سانية‪ .‬وب�إ�سم �أ�سرة تحرير مجلة‬
‫�إطاللة جبيلية نتوجه بالثناء والدعاء بالتوفيق لأ�سرة‬
‫تحرير مجلة نور الإ�سالم على �أمل المزيد من العطاء‬
‫والإ�ستمرار‪.‬‬
‫ول�ق��د تميزت ه��ذه ال�سل�سلة ب�أ�سلوبها العلمي‬
‫المب�سط وال�ت��ي راع��ى م��ن خاللها الم�ؤلف ال�ق��درات‬
‫العلمية والفكرية للطالب ف��ي ه��ذه المرحلة وه��ذه‬
‫الإ�صدارات و�إن كانت ب�شكل خا�ص موجهة الى‬
‫طالب الحوزة العلمية �إال �أن �أ�سلوب‬
‫الم�ؤلف المميز �ساهم ب�شكل كبير‬
‫ب�إمكانية الإ� �س �ت �ف��ادة منها لكل‬
‫راغ��ب في طلب العلم والمعرفة‬
‫والثقافة ب�شكل عام‪ .‬كما تميزت‬
‫هذه الإ�صدارات بالإخراج الفني العالي‬
‫والطباعة الراقية‪.‬‬
‫كُتب هامة وجميلة ومفيدة ج��د ًا نن�صح بالإطالع‬
‫عليها و�إقتنائها‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫قصة قصرية‬
‫�صدر عن دار المحجة البي�ضاء كتاب بعنوان‪« :‬الديانة‬
‫الخاتمة والتحديات الراهنة» لم�ؤلفه القا�ضي ال�شيخ‬
‫الدكتور يو�سف عمرو وهو عبارة عن مجموعة قيمة من‬
‫خطب الجمعة والتي كان يلقيها �سماحة الم�ؤلف من على‬
‫منبر م�سجد الإم��ام علي بن �أب��ي طالب‪ t‬في مدينة‬
‫جبيل‪.‬‬
‫و�أهمية ه��ذا الكتاب تكمن ف��ي مو�سوعة المعارف‬
‫الوا�سعة للموا�ضيع التي تناولها الم�ؤلف والخطيب والتي‬
‫الم�ست العديد م��ن الجوانب الإن�سانية والإجتماعية‬
‫للم�سلمين بدليل نفاد الطبعة الأول��ى و�إع��ادة طبعه من‬
‫جديد‪.‬‬
‫كتاب هام وجميل ويقع في ‪� 582‬صفحة من القطع‬
‫الكبير‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫�صدر العدد ‪ 53‬من مجلة‪�« :‬أجيال الم�صطفى»‬
‫والتي ت�صدر عن جمعية التعليم الديني الإ�سالمي ولقد‬
‫حمل هذا العدد جملة من العناوين الهامة والتي تعنى‬
‫بالق�ضايا الإ�سالمية والتربوية العامة‪ .‬و كان المو�ضوع‬
‫الأ�سا�سي الذي تميز به هذا العدد جاء بعنوان‪« :‬نبوة‬
‫محمد ‪ w‬من قهر الوثنية الى ح�ضارة المقاومة» ‪.‬‬
‫تتوجه �أ�سرة مجلة �إطاللة جبيلية بالتهنئة للم�شرفين‬
‫على �إعداد �إ�صدار هذه المجلة وهذا العدد‪ ،‬كما تدعوهم‬
‫الى �إتحاف ال�ساحة الإ�سالمية بالمزيد من الإ�صدارات‬
‫الفنية بالموا�ضيع الإ�سالمية الهامة‪.‬‬
‫معول‬
‫شكوى َ‬
‫بقلم‪ :‬الحاجة �سلوى �أحمد عمرو‬
‫في يوم من �أيام الربيع الجميلة زرت‬
‫جدتي في منزلها القروي القديم الواقع‬
‫في قريتي التي ترعرت بها م�شّ ان ـ ق�ضاء‬
‫جبيل‪ .‬رحبّت بي ترحيب ًا ح��اراً‪ ،‬وكادت‬
‫دموع الفرح من عينيها تختلط بدموعي‬
‫عندما ارتميت على �أح�ضانها مُقبل ًة‬
‫وجنتيها ويديها طالب ًة منها الدعاء لي‬
‫ول��وال��دي ول��زوج��ي ولأ�شقائي بالتوفيق‬
‫والنجاح‪.‬‬
‫�أخذت جدتي تحكي لي عن ربيع �أيام‬
‫حياتها مع المرحوم جدي في هذه القرية‪.‬‬
‫وعن حكايتها مع زراعة الحنطة والعد�س‬
‫و�سائر الحبوب وعن �أيام الح�صاد وعن‬
‫غلة البيادر‪ .‬وعن العونة التي كانت بين‬
‫الأج� ��داد �أي ��ام الح�صاد و�أي� ��ام ترميم‬
‫ال�م�ن��ازل القديمة �أو ا�ستحداث بيوت‬
‫ج��دي��دة‪ .‬وتحكي ل��ي ع��ن قطاف العنب‬
‫والتين والجوز واللوز والم�شم�ش و‪ ...‬وعن‬
‫مونة ال�شتاء وغيرها من حكايات غريبة‬
‫عن ع�صرنا الحالي‪.‬‬
‫وع�ن��دم��ا ن�ظ��رت �إل ��ى الأف ��ق الغربي‬
‫لقريتنا وجدت �أن �شم�س ذلك اليوم �آذنت‬
‫بالرحيل‪ .‬والع�صافير والطيور كادت �أن‬
‫تغادر �سماء قريتي �إلى �أع�شا�شها �شاكر ًة‬
‫هلل تعالى على �إطعامها و�شعورها بالدفء‬
‫بعد �شتاء قار�س‪.‬‬
‫ا�ست�أذنت من جدتي طالب ًة العودة �إلى‬
‫المدينة قبل حلول الظالم‪.‬‬
‫و�أثناء مغادرتي الحظت معو ًال حزين ًا‬
‫يركن بالقرب من باب القبو كان رفيق‬
‫المرحوم جدي في معظم �أيامه وقد ت�آكله‬
‫ال�صد�أ وغطته الأع�شاب حتى كاد يكون‬
‫ن�سي ًا من�سياً‪.‬‬
‫�أخذته بلهفة ومحبة و�ألقيت مندي ًال‬
‫عليه محاول ًة �إزالة التراب وال�صد�أ حتى‬
‫�أراه على حقيقته!‬
‫ف �م��ا راع� �ن ��ي �إال � �ص��وت‬
‫جدتي وهي ت�صيح ب�صوتها‬
‫العالي‪ :‬يا حفيدتي �سلوى �إنّ‬
‫هذا المعوّل القديم ي�شكو لي كل �صباح‬
‫بعد �صالة الفجر ما ح ّل به من �إهمال!‪...‬‬
‫لقد ك��ان ج� �د ِّك يفتخر ب��ه وي��رع��اه‬
‫بالعناية وال�سهر وك ��ان رفيقه ال��دائ��م‬
‫يحمله بعد �صالة الفجر على كتفه وهو‬
‫يحمل زاده يرافقه في الحقول والب�ساتين‬
‫و�أم ��ام عيون المياه وي�ع��ود �إل��ى المنزل‬
‫متكئ ًا عليه‪ .‬وكان الفالحون من �أ�صدقائه‬
‫يثنون على هذا المعوّل الثناء الجميل لأنّه‬
‫من �صناعة بلدة جزين العاملية‪ .‬و�أ ّم��ا‬
‫معاولهم فكانت �ضعيفة لأ ّن�ه��ا �صناعة‬
‫بالد بعيدة‪ .‬ال ت�ستطيع مقاومة ال�صخور‬
‫وغرائب الدهور‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫قصة العدد‬
‫آبـــــاء‬
‫وبــــنــــون‬
‫بقلم‪ :‬الحاجة نمرة حيدر �أحمد‬
‫‪58‬‬
‫رن ‪ ..‬رن ‪ ...‬رن َ‪ ...‬تكرَّر رنين الهاتف‪� ،‬أ�سرع ح�سن من‬
‫الغرفة المجاورة لمكتبه‪ ،‬ورفع ال�سّ ماعة‪ ،‬وما ان مرّت دقيقة‬
‫على المكالمة حتى تغيّرت مالمح وجهه‪ ،‬وخفت بريق عينيه‪،‬‬
‫وارتمى على مقعد مكتبه مُ�سنِد ًا ر�أ�سه الى �سماعة الهاتف التي‬
‫بقيت في يده‪ ،‬لم يطل االمر �أعاد ال�سماعة الى مكانها‪ ،‬لب�س‬
‫معطفه وحمل حقيبته وا�سرع في الخروج من المكتب‪.‬‬
‫دخل الى البيت وقد تملكه الّرعب‪ ،‬فوجد والده مُلقى على‬
‫كنبة في غرفة اال�ستقبال مُغمىً عليه‪ ،‬وبجانبه والدته تحاول‬
‫�إيقاظه ب�صفعات خفيفة طالما ذاقت طعمها على خدّها قوية‬
‫�صاعقة‪.‬‬
‫حمل ح�سن وَالد ُه على عجل بين يديه َووَ�ضع ُه في �سيارته‬
‫و��س��ار م�سرع ًا �إل��ى الم�ست�شفى حيث ك��ان ينتظره الطبيب‬
‫المناوب وثالث ممر�ضات‪ .‬ادخلوه �إلى غرفة االنعا�ش ليجروا له‬
‫اال�سعافات االولية قبل ت�شخي�ص حالته ومنعوا ابنه من الدخول‬
‫معه‪.‬‬
‫�ألقى ح�سن بثقله على �أَوّل مقعد وجده امامه بجانب الباب‪.‬‬
‫�شعر ب�صخرة ترزح على �صدره وكادت الدموع تطفر من عينيه‪،‬‬
‫ها هو �شريط الذكريات الذي ينغ�ص عليه حياته عاد ليدور‬
‫في مخيلته من جديد‪ ،‬ف�صورة والده وهو يطرده من البيت لأنه‬
‫دافع عن والدته ما زالت ت�ضغط على جرح ما زال ي�ؤلمه ويقلق‬
‫لياليه‪.‬‬
‫لقد تعجب من نف�سه كيف �أ�سرع النقاذ والده الذي رماه في‬
‫معترك الحياة قبل �أن يق�سو الزغب في جناحيه‪.‬‬
‫هل توجيهات والدته ون�صائحها �أثمرت في داخله وبنت‬
‫�صرح ًا من العطف على والده ال يبرز للوجود �إال في مثل هذه‬
‫المواقف الحرجة؟ اجل‪ ...‬قالها في نف�سه وهو يتنهد‪« :‬هذا‬
‫نتاج ن�صائح �أمي تلك المر�أة الجبارة التي تحملت غرور والدي‬
‫وع�صبيته‪ ،‬واهماله لواجباته ك�أب وزوج ومعيل ال�سرة و�صبرت‬
‫موكلة �أمرها الى اهلل ع َّز وجل‪ .‬ومع ك ّل ذلك كانت تحنو عليه‬
‫عندما يمر�ض‪ ،‬وت�ؤمن له ك ّل ما يرغب تحا�شيا لترددات غ�ضبه‬
‫علينا»‪.‬‬
‫لم يتحمل �أبي ان يراني �أحنو على �أمي و�أقف مدافع ًا عنها‬
‫�أمام لطماته‪ ،‬فطردني في ليلة ليالء و�أنا في �آخر عام درا�سي‬
‫لي في الجامعة لأجد نف�سي وحيدا في ال�شارع غا�ضب ًا خانق ًا‬
‫على الدنيا يائ�س ًا ال �أعرف �إلى من الج�أ وكيف �أت�صرف و�أنا لم‬
‫�أر من الأقارب من يدخل منزلنا نتيجة ت�صرفات والدي‪ .‬ولكن‬
‫ات�صاال من زميل لي يقطن في بيت للطلبة مجاور للجامعة في‬
‫ذلك الوقت غيّر م�سار حياتي‪ .‬ف�شاركته ال�سكن وم�سار الحياة‬
‫ورحت �أعمل ليال و�أتابع درا�ستي نهاراً‪.‬‬
‫كنت اتوا�صل مع �أمي التي ا�صيبت بانهيار ع�صبي عقب هذه‬
‫الحادثة الطمئنها عني والطمئن على اخوتي الأربعة‪.‬‬
‫�إن طردي من المنزل جعل �أخواتي البنات يع�شن حالة من‬
‫الخوف والرعب‪ ،‬ويبتعدن عن منا�صرة �أمّي خوفا من لكماته‬
‫وردات فعله‪.‬‬
‫�أنهيت درا�ستي وتخرَّجت ولم ي�سال عني يوماً‪ ،‬وك�أن وجودي‬
‫في حياته كان ي�شكل عبئ ًا عليه‪ ،‬لم يح�ضر حفل تخرجي الذي‬
‫دعوته �إليه عبر بطاقة دعوة‪ ،‬لأنه لم يرد على ات�صالي‪ .‬عودنا‬
‫والدي ان نعتذر منه ون�شعره ب�سلطته و�إن كان هو المخطيء‪،‬‬
‫ونحن على �صواب‪ .‬لقد حاول �أن يربي في داخلنا نوعا من‬
‫الخنوع والذلّ والخوف‪ ،‬ولكن حُ بيّ لوالدتي وتعاطفي معها‪،‬‬
‫جعالني �أك�سر القيد و�أت �ح��رر م��ن ال�ع��ادة التي غر�سها في‬
‫�أعماقنا‪.‬‬
‫قطع �شريط ذكرياته المريرة وحديثه مع نف�سه �صوت‬
‫الطبيب وهو يقول له‪«:‬حمد ًا هلل على �سالمة والدك لقد �أنقذته‬
‫في اللحظة االخيرة ‪ .. .‬قدمنا له اال�سعافات الالزمة و�سننقله‬
‫الآن الى غرفة العناية الفائقة للمراقبة حتى ي��زول الخطر‬
‫عنه‪».‬‬
‫�شكر ح�سن الطبيب على اهتمامه وعنايته بوالده‪ ،‬و�س�أله �إن‬
‫كان بامكانه الدخول للإطمئنان عنه‪ ،‬ف�سمح له الطبيب �شرط‬
‫عدم �إطالة المكوث عنده‪.‬‬
‫�إنّ االنقبا�ض الذي كان ي�شعر به وكاد يخنقه‪ ،‬راح يزول‬
‫�شيئا ف�شيئا بعد �سماع ما قاله الطبيب عن والده‪.‬‬
‫اقترب من ب��اب الغرفة وفتحه بهدوء و كـ�أنه يتهيب‬
‫لقاءه‪ ،‬كانت دقات قلبه تطرق ب�سرعة وتدفق الد ّم في‬
‫عروقه بدا وا�ضحً ا في احمرار وجههه‪ ،‬كيف �سي�ستقبله‬
‫�أبوه؟ ماذا �سيقول له؟ هل �سي�سعد لر�ؤيته؟‬
‫�صوت والده �أعطاه الجواب‪« :‬اقترب يا بني‪ ....‬تعال»‪.‬‬
‫دون ان يدري طفرت الدموع من عينيه‪� ،‬إنها المرة الأولى التي‬
‫ي�سمع فيها كلمة يا بني‪ ،‬لقد ا�ستنه�ضت هذه الكلمة ورنة �صوت‬
‫والده م�شاعره وكوامن ذاته‪ .‬اكمل �سيره باتجاهه‪،‬‬
‫حتى و�صل فوق ر�أ�سه‪ ،‬انحنى و قبل جبينه وقال‬
‫له‪« :‬حمد ًا هلل على �سالمتك»‪.‬‬
‫�شعر بيد �أبيه تم�سك بيده وت�ضغط عليها بقوة انهكها‬
‫المر�ض‪ ،‬وتدعوه للجلو�س‪ ،‬فجل�س على الكر�سي وبقيت يده بيد‬
‫والده ‪ ..‬رع�شة غريبة �سرت في ج�سده‪ ،‬وحنين تماوج في حناياه‬
‫ف�أوجع قلبه‪ ،‬فو ّد لو ي�صرخ ويبكي‪ ...‬ويح�ضن والده‪ ...‬يعاتبه‬
‫‪ ..‬يخبره عن �آالم و�أوج��اع دفينة انعك�ست في ت�صرفاته وفي‬
‫ر�ؤيته للنا�س وللحياة‪.‬‬
‫قطع والده حبل تفكيره وثورة م�شاعره‬
‫قائالً‪ «:‬ا�شكرك ي��ا بني لقد انقذت‬
‫حياتي في الوقت الذي اف�سدت عليك‬
‫حياتك‪ ،‬ان عقاب اهلل ق��ري��ب‪� ،‬إن‬
‫غفونا عن خطايانا فهو ال يغفو وال‬
‫يهمل‪ .‬لن �أقول لك �شيئا يكفيني‬
‫�أن �أقر�أ ما في عينيك لأعرف‬
‫ما في داخلك‪� ،‬سامحني يا بني‬
‫واطلب لي الرّحمة»‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫براعم‬
‫براعم‬
‫فاطمة ابراهيم �أحمد �شم�ص‬
‫مواليد ‪� 27‬شباط ‪2014‬م‬
‫مني�سا ح�سن �شم�ص‬
‫مواليد ‪� 19‬أذار ‪2012‬م‬
‫علي لقمان عمرو‬
‫مواليد المعي�صرة ‪ 15‬كانون الأول ‪2008‬م‬
‫براعم‬
‫‪61‬‬
‫‪60‬‬
‫فاطمة ابراهيم �أحمد �شم�ص‬
‫مواليد ‪� 27‬شباط ‪2014‬م‬
‫براعم‬
‫علي رامز يتيم‬
‫مواليد ‪ 1‬كانون �أول ‪2014‬م‬
‫�سوزان ح�سن �شم�ص‬
‫مواليد ‪� 11‬شباط ‪2008‬م‬
‫وداع األحبة‬
‫كلمة وفاء‬
‫للمربي الفاضل الدكتور سلمان العيتاوي‬
‫وأرملته احلاجة منى العيتاوي‬
‫�إعداد‪ :‬رئي�س التحرير‬
‫‪62‬‬
‫بمنا�سبة عيد المعلم في �شهر �آذار ‪2015‬م‪ .‬يتوجه رئي�س‬
‫تحرير هذه المجلة وأس ــرة التحرير بالتهنئة والمباركة لرجال‬
‫التربيّة والتعليم في بالد جبيل وفتوح ك�سروان �سائ ًال اهلل تعالى‬
‫لهم طول العمر والتوفيق لكل خير م�ؤيد ًا لحقوقهم القانونيّة‬
‫و�إن�صافهم في �سل�سلة الرتب والرواتب وغيرها من حقوق‪ .‬ذاكر ًا‬
‫عميدهم في بالد جبيل المرحوم الحاج الدكتور �سلمان علي‬
‫العيتاوي وبما تربطنا به من �صداقة ومودة‪ .‬كما ت�صادف ذكرى‬
‫مرور ع�شر �سنوات على وفاته ذاكر ًا �أرملته المرحومة الحاجة �أم‬
‫�سمير التي وافتها المنية في مطلع �شهر �شباط ‪2015‬م‪ .‬ونقلت‬
‫�إلى جواره في النّجف الأ�شرف في رحاب �أمير الم�ؤمنين الإمام‬
‫عليّ بن ابي طالب ‪� ،:t‬إذ كل رجل ناجح في الحياة نجد وراءه‬
‫�إمر�أة ناجحة في الحياة‪.‬‬
‫وق��د توجهت بال�س�ؤال �إل��ى نجلهما �صاحب الف�ضيلة الأخ‬
‫الفا�ضل ال�شيخ ب�سّ ام عن والديه الكريمين ف�أجاب بما خال�صته‪:‬‬
‫كانا ‪ ،q‬مثا ًال يُحتذى به في خ�صالهما و�أخالقهما و�إيمانهما‬
‫و�سيرتهما الطيبة العطرة �إلى �أن قال‪ :‬كان �أبي الحبيب المربي‬
‫الكبير الفا�ضل والأديب ال�شاعر والخطيب البارع والعالم العامل‬
‫�أ�ستاذنا عميد ووجيه �آل العيتاوي ومر�شدهم‪ ،‬الراحل التقي‬
‫فقيد العلم والإيمان الحاج الأ�ستاذ الدكتور �سلمان الحاج علي‬
‫ال�ع�ي�ت��اوي المولود في ال�سا �سنة ‪1931‬م‪ .‬والمتوفى فجر يوم‬
‫ال�سبت في ‪� 7‬آب ‪2004‬م‪ .‬وال�ت��ارك خلفه‬
‫�أع �م��ال��ه ال���ص��ال�ح��ة و�آث � ��اره الطيبة‬
‫وع �ل��وم��ه وم ��ؤل �ف��ات��ه المتنوعة‬
‫وذريته والأجيال التي علّمها وربّاها حيث �أر�سى بذلك �أركان‬
‫ال�صالح والإ�صالح في بالد جبيل وك�سروان‪.‬‬
‫م��اذا ع�ساني �أق��ول في ذك��راه ال�سنويّة العا�شرة وهو الأب‬
‫العطوف المخل�ص الوفي والمربي القدوة والأ�سوة الح�سنة وال�شيخ‬
‫من دون عمّة ـ كما عبّر عن ذلك بع�ض تالمذته في بلدة علمات‬
‫الطيبة‪ .‬لقد كان بنظري وبنظر محبيه وتالميذه رمز الإيمان‬
‫والجهاد والحكمة والتقوى والأدب والعلم والمعرفة والعطاء‬
‫والإخال�ص والمحبة والت�سامح والتوا�ضع‪ .‬وختمَّ كالمه‪ :‬يا من‬
‫علّمت وربيّت الأجيال �أكثر من خم�س وخم�سين �سنة في ال�سا‬
‫وعلمات وبالد جبيل وك�سروان وفي بيروت و�ضاحيتها الجنوبيّة‬
‫ال �سيما في ب��رج البراجنة‪� ،‬أُ��س�ت��اذ ًا محا�ضر ًا في المدار�س‬
‫والجامعات‪ .‬وكنت ت�ؤكد على حبِّ الإن�سان لأخيه الإن�سان وحبَّ‬
‫لبنان والتعلق والإخال�ص للقيم والمبادئ الإ�سالميّة والوطنيّة كما‬
‫كان بيتك موئ ًال لل�ضيف ومق�صد ًا للعلماء المخل�صين ولطالب‬
‫العلم والمعرفة‪ .‬ومقر ًا للإ�صالح بين النّا�س وحلِّ م�شاكلهم‪.‬‬
‫ولتعليم القر�آن الكريم من خالل ولدك الفا�ضل الحافظ ال�شيخ‬
‫رفيق الذي �شجعته و�أخذت بيده لت�أ�سي�س مدر�سة الإمام مو�سى‬
‫بن جعفر الكاظم‪ ،i‬لإح�ي��اء �أم��ر �أه��ل البيت‪ ،i‬وتدري�س‬
‫العلوم القر�آنية‪ .‬كما ك��ان لك مواقف �أخ��رى كثيرة ذكرتها‬
‫مجلة «�إطاللة جُ بيليّة» في عددها الأوّل ال�صادر في �شهر �أيلول‬
‫‪2010‬م‪ .‬ي�ضاف لذلك عالقتك المميزة مع الإمام ال�سيّد مو�سى‬
‫ال�صدر ومع الإمام ال�شيخ �شم�س الدين(قده) والعالّمة ال�شيخ‬
‫قبالن‪ .‬وبالتالي م�شاركتك مع العالّمة الرئي�س ال�شيخ ح�سن عوّاد‬
‫في ت�أ�سي�س لجنة المتابعة لبالد جبيل وك�سروان‪ .‬وم�شاركتك‬
‫�أي�ض ًا مع العالّمة القا�ضي ال�شيخ يو�سف محمد عمرو في ت�أ�سي�س‬
‫الم�ؤ�س�سة الخيريّة الإ�سالميّة لإبناء جبيل وك�سروان‪ .‬وغيرها من‬
‫�أعمال ومواقفك الوطنيّة والدينيّة التي ترجمتها ق�صائد �شعريّة‬
‫في حب ِّاهلل و�أهل البيت‪ ،i‬وفي حبِّ لبنان‪ ،‬ن�س�أل اهلل تعالى‬
‫التوفيق لإخراجها كديوان �شعر �إن �شاء اهلل تعالى‪ .‬حتى تبقى له‬
‫عالمة مميزة في تاريخنا الأدبيّ والثقافيّ ‪.‬‬
‫وعند �س�ؤاله عن المرحومة والدته‪� .‬أج��اب بت�صرّف‪� :‬أُمي‬
‫الحبيبة الفا�ضلة الحاجة منى الحاج ح�سين العيتاوي المولودة‬
‫في ال�سا �سنة ‪1937‬م‪ .‬والمتوفاة يوم ال�سبت في ‪ 31‬كانون الأوّل‬
‫‪2015‬م‪ .‬ما ع�ساني �أقول في يوم رحيلها وهي �أغلى �إن�سانة فتحت‬
‫عيني عليها‪� ،‬إنّها الأم الحنون الر�ؤوف المحبة المخل�صة والقدوة‬
‫والأ�سوة الح�سنة‪ .‬فكلمة الأم مفردة �صغيرة وحروفها قليلة‪ ،‬لكنها‬
‫تحتوي �أكبر معاني الحبَّ والرحمة والعطاء والت�ضحيّة وال�سخاء‬
‫والوفاء والإيثار والتربيّة وهي المدر�سة الكبرى في هذه الحياة‬
‫تمام ًا كما قال ال�شاعر‪:‬‬
‫الأم م� � � ��در� � � � �س� � � ��ة اذا �أع� � � ��ددت � � � �ه� � � ��ا‬
‫�أع� � � � � � � � � ��ددت �� � �ش� � �ع� � �ب� � � ًا ط � � �ي� � ��ب االع � � � � � � ��راق‬
‫الأم تعطي من دون منٍّ �أو �أذى‪ ،‬ال تنتظر �أن ت�أخذ مُقابل‬
‫العطاء �شيئاً‪ .‬هي القلب الرحيم وال�صدر الحنون‪� .‬إل��ى �أن‬
‫قال(حفظه اهلل تعالى)‪ ،‬عن والديه وتربيته له ولأ�شقائه و�شقيقاته‬
‫على محبة �أمير الم�ؤمنين الإمام عليّ بن �أبي طالب ‪� ،t‬صوت‬
‫العدالة الإن�سانيّة ورمز العزّة والكرامة والحرية‪.‬‬
‫ال ع� � � � � � ��ذبّ اهلل �أم� � � � � � ��ي إ�ن� � � � �ه � � � ��ا � � �ش� ��رب� ��ت‬
‫حُ � � � � � ��بَّ ال � � ��و�� � � �ص � � ��يِّ وغ� � ��ذت � � �ن � � �ي� � ��ه ب� ��ال � �ل � �ب� ��نِ‬
‫وك� � � � � ��ان ل � � ��ي وال � � � � � � � ٌد ي � � �ه� � ��وى �أب� � � � � ��ا حَ � �� � �س� ��نٍ‬
‫(‪)1‬‬
‫َف� ِ� ��ص � ��رتُ م ��ن ذي وذا �أه� � ��وى �أب � ��ا ح� ��� �س ��نِ ‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬جاء في ورقة النعي لذكرى �أ�سبوع الحاجة هنى الحاج ح�سين العيتاوي‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫أرملة املرحوم املربي الفاضل الدكتور احلاج سلمان علي العيتاوي‪.‬‬
‫أشقاؤها‪ :‬املرحومان املهندس احلاج هدوان‪ ،‬املربي األستاذ رضوان‪ ،‬املربي‬
‫األستاذ احلاج عدنان‪.‬‬
‫أوالدها‪ :‬مسري‪ ،‬املقرئ احلافظ الشيخ رفيق‪ ،‬املؤهل املتقاعد بالل‪ ،‬الشيخ ب ّسام‪.‬‬
‫أصهرتها‪ :‬احلاج رضا املقداد‪ ،‬الرقيب األ ّول حممد زغيب‪ ،‬ياسر العيتاوي‪ ،‬علي بيومي‪.‬‬
‫وداع األحبة‬
‫أختي‬
‫أجادت دور األم واألب معاً‬
‫احلاجة جميلة احلاج علي العيتاوي‬
‫بقلم‪ :‬الدكتور الحاج ع�صام علي العيتاوي‬
‫‪64‬‬
‫�شاء اهلل تعالى �أن يجعل �أبناء المرحوم الحاج علي العيتاوي‪،‬‬
‫من قرية ال�سا في بالد جبيل يتامى بفقد �أُمهم المرحومة الحاجة‬
‫�سكينة الحاج علي عو�ض العيتاوي في عام ‪1953‬م‪ .‬وهم جميع ًا في‬
‫مقتبل العمر من �أكبرهم �إلى �أ�صغرهم‪ ،‬فمنهم من يعرف �سمات‬
‫�أُمه‪ ،‬ويتذكرها بدموع ي�شاطره بها �إخوته‪ ،‬ومنهم من بالكاد يعلم‬
‫مالمحها‪ ،‬ومنهم من ال يعيها قط‪ ،‬وهذا ال �شك من م�آ�سي الحياة‪،‬‬
‫�أن تموت الأم قبل �أن يعرفها �أوالدها واال تقع عينا الأم على �أوالدها‬
‫�شباب ًا و�شابات‪.‬‬
‫وكم كانت م�شيئة اهلل تعالى �أن ي�سترجع وديعة روح �أُمّنا �إليه‬
‫لإراحتها �شاء في الوقت نف�سه �أن يجعل �أختنا �إبنة الثالثة ع�شر‬
‫ربيعاً‪ ،‬التي فا�ضت روح والدتي بين يديها‪� ،‬أُم ًا لإخوتها‪ .‬و�أمي �أُختي‬
‫مو�ضوع هذا الن�ص‪ ،‬رحلت وانتقلت للآخرة في الرابع من كانون‬
‫الأوّل ‪2014‬م‪ .‬وهي ما زالت بنف�سيّة طفلة وقلب بريء‪ ،‬عرفتها في‬
‫بداية عمري ب�أنّها �أُمي‪ ،‬فكنت �أُناديها يا �أُمي ككل طفل ينادي �أُمّه‬
‫ويتعلق بها‪ ،‬ولّما بلغت مرحلة التكليف‪ ،‬بد�أت ا�ستبدل مناداتي لها‬
‫يا �أمي �إلى يا �أختي‪.‬‬
‫وال �أبوح �سر ًا �أنها كانت تتحلى بوافر جمال حباها اهلل �إياه‪،‬‬
‫مُندمج ًا بح�س مرهف نقي ال�شفافيّة‪ ،‬ما جعلها ت�ستقطب حب من‬
‫عرفها من �أُول��ى النظرات‪ ،‬وكنت الحظها كيف تم�سّ كها بالقيم‬
‫الإن�سانيّة من �أعالها‪ ،‬والتي �أ�صبحت لديها �سجيّة دال ًة على فتيات‬
‫ع�صرها‪ ،‬الذين لن يرم�ش لهنَّ رم�ش في �إختيار �شريك العمر‪ ،‬قبل‬
‫علم الأهل‪ ،‬والّذين كن يعتبرنَّ �أن النظرة �أو الإ�شارة �أو الب�سمة �أو‬
‫تم�س بكرامتهنَّ‬
‫الكلمة الأولى ال تم ُّر �إال بعلم �أولياء الأمر‪ ،‬لأنّها ُّ‬
‫و�شرفهنَّ حتى ولو من �أقرب المقربين‪.‬‬
‫�أُختي �أمي الحبيبة المرحومة الحاجة جميلة‪� ،‬ضحّ ت بكل ما‬
‫تملك في �سبيلنا‪ ،‬وخدمتنا قرب ًة هلل تعالى بكل ما لديها من حنان‬
‫ومحبة وعطف‪ ،‬باذلة زهرة �شبابها بر�ضاها حتى �أ�صبحنا همّها‬
‫الأوف��ى نحن‪ ،‬تنظر من خاللنا �إل��ى الم�ستقبل‪ ،‬حتى غدا نهاية‬
‫عالمها بلوغنا مرحلة ال�شباب وتحقيق �آمانينا‪.‬‬
‫وكلمة مقاربة �أقولها‪ :‬نحن لما كبرنا بقدر الرجال تزوجنا‪،‬‬
‫وهي لما كبرت لم تتزوج مع �أنّه لم يفتها القطار‪ ،‬لكنها �أبت من‬
‫�أجلنا‪ ،‬نحن ربينا �أوالدنا وهي ربتنا و�أوالدنا‪ ،‬و�آثرت �أن ترحل دون‬
‫غ�صن‪ ،‬نحن مار�سنا دور الآباء وهي �أجادت دور الأم والأب معاً‪،‬‬
‫منذ وفاة والدنا في ‪1987‬م‪ .‬نحن تحوّل همنا لأوالدن��ا �ش�أن كل‬
‫الأهل‪ ،‬وهي بقي همها يتج�سد فينا وب�أوالدنا و�أحفادنا معاً‪ ،‬فكانت‬
‫�أُم ًا و�أب ًا في �آن بكل ما للكلمة من معنى(‪.)1‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬ـ الحاجة جميلة الحاج علي العيتاوي توفاها اهلل تعالى في الرابع من كانون‬
‫الأوّل ‪2014‬م‪ .‬ونقل جثمانها الطاهر �إلى النّجف الأ�شرف لتدفن قرب �شقيقها‬
‫المربي الفا�ضل الدكتور الحاج �سلمان الحاج علي العيتاوي في رحاب �أمير‬
‫مصطفى عبد المجيد ناصر‬
‫وداع ًا‬
‫(‪)1‬‬
‫بقلم‪ :‬القا�ضي الدكتور ال�شيخ يو�سف محمد عمرو‬
‫و َّدع��ت مدينة جبيل و�أب�ن��اء بلدة الح�صين فتوح ك�سروان‬
‫المرحوم م�صطفى عبد المجيد حمود �أفندي نا�صر ظهر يوم‬
‫الجمعة في ‪� 12‬آذار ‪2015‬م‪ .‬الموافق ‪ 21‬جمادى الأولى ‪1436‬هـ‪.‬‬
‫�إلى مثواه الأخير في مدافن العائلة في بلدته الح�صين‪ ،‬حيث‬
‫ُ�صليَّ عليه في جامع البلدة و�سط �أهله وا�صدقائه‪.‬‬
‫الأ�ستاذ م�صطفى بن عبد المجيد بن حمود �أفندي نا�صر‬
‫مواليد مدينة جبيل عام ‪1934‬م‪ .‬والدته المرحومة بدر المقدم ـ‬
‫درا�سته الإبتدائيّة والمتو�سطة والثانوية كانت في مدار�س الأخوة‬
‫المريميين ـ الفرير ـ في جبيل‪ ،‬ومعهد الر�سل في جونية وثانوية‬
‫الإمام عليّ بن ابي طالب ‪ ،t‬التابعة لجمعية المقا�صد الخيريّة‬
‫الإ�سالميّة في محلة النا�صرة ـ بيروت‪ .‬ثُمّ عمل وتوّظف في �شركة‬
‫الترابة اللبنانيّة ـ �شكا منذ عام ‪1965‬م‪ .‬ولغاية تقاعده في عام‬
‫‪1998‬م‪ .‬كانت حياته مع من عرفه ومع جيرانه و�أرحامه خالل‬
‫ثمانين �سنة من عمره �صفحة بي�ضاء مل�ؤها ال�سالم والإبتعاد‬
‫عن م�شاكل النّا�س وق�ضاياهم الحزبيّة والطائفيّة وال�سيا�سيّة‬
‫حيث فتح عينيه على الحرب العالميّة الثانية وم�آ�سيها وما تركته‬
‫من �آثار �سلبية على لبنان‪ .‬ونك�سة الجيو�ش العربيّة وان�سحابها‬
‫من فل�سطين‪ ،‬وترك الأر�ض المقدّ�سة �سنة ‪1948‬م‪ .‬للع�صابات‬
‫ال�صهيونيّة بالإتفاق مع الإنتداب البريطاني في فل�سطين‪ ،‬وعلى‬
‫ال�صراع ما بين ال�شيخ ب�شارة الخوري وعميد الكتلة الوطنيّة‬
‫الأ�ستاذ �إميل �إده ‪ ,‬ومــن ثـ َّـم الـصـراع ما بين الرئيس‬
‫فؤاد شهاب والعميد ريمون إده‪ .‬وما رافق ذلك من‬
‫حرمان لبالد جبيل والفتوح منذ ذلك التاريخ ولغاية‬
‫�أيامنا هذه من خدمات ومرافق ووظائف‪.‬‬
‫وعلى ال�صراع ما بين الرئي�س كميل �شمعون وخ�صومه في‬
‫�أحداث �سنة ‪ 1958‬وا�ستعانة الرئي�س �شمعون بالأ�سطول ال�ساد�س‬
‫الأمريكي ونزول القوات البحريّة الأمريكيّة �إلى لبنان‪ .‬وما رافق‬
‫ذلك من تفاهمات عالميّة واقليميّة حول لبنان‪.‬‬
‫وعلى نك�سة الخام�س من �شهر حزيران ‪1967‬م‪ .‬وما رافقها‬
‫من م�صائب وه��زائ��م و�أح ��داث وقالقل ث��مَّ ا�شتعال الأح��داث‬
‫والحرب اللبنانيّة ما بين ني�سان ‪1975‬م‪ .‬و�سنة ‪1990‬م‪ .‬وغيرها‬
‫من �أح��داث وم�صائب ونكبات‪ .‬ك��ان �أثناء ذل��ك ‪ ،q‬م�شغو ًال‬
‫برعاية والدته و�أ�شقائه و�شقيقاته وهموم العائلة حتى فاته قطار‬
‫الزواج‪.‬‬
‫لقد كان المرحوم م�صطفى عبد المجيد نا�صر �شاهد ًا على‬
‫م�آ�سي ع�صره‪ .‬وعلى الم�ؤامرات التي �إ�ستهدفت الإن�سان اللبنانيّ‬
‫منذ �أيام الحرب العالميّة الثانية ولغاية تاريخه‪ .‬وكان يواجه ذلك‬
‫كله بال�صمت وقراءة القر�آن الكريم والتوكل على اهلل تعالى‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫الم�ؤمنين الإم��ام عليّ بن �أبي طالب ‪ ،t‬كلمة الدكتور الحاج ع�صام علي‬
‫العيتاوي م�ؤلفة من �أرب��ع �صفحات جرى �إخت�صارها والت�صرّف بها مع �أخذ‬
‫الإذن منه ل�ضيق المقام‪.‬‬
‫((‪ (1‬ـ جاء في ورقة النعي بالإ�ضافة �إلى ما تقدم من كالم ما خال�صته‪:‬‬
‫أشقاؤه‪ :‬املرحوم ناصر وعائلته املرحوم غازي‪.‬‬
‫شقيقاته‪ :‬نادرة‪ ،‬املرحومة هند زوجة املرحوم حلمي عبد الرحيم‪ ،‬املرحومة‬
‫دعد‪.‬‬
‫أعمامه‪ :‬املرحوم السفري حكمت ناصر‪ ،‬املرحوم القاضي عبداهلل ناصر‪ ،‬املرحوم‬
‫عبد اجلليل ناصر‪ ،‬املرحوم أمحد رضا ناصر‪ ،‬املرحوم موسى ناصر‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫وداع األحبة‬
‫«أبو سمير»‬
‫عواد‬
‫محمد نكد ّ‬
‫وداع ًا‬
‫(‪)1‬‬
‫بقلم‪ :‬الأ�ستاذ علي ح�سين عوّاد‬
‫‪66‬‬
‫فقد �آل ع��واد وبلدة علمات وعائالتها عميد ال�سن فيهم‬
‫المرحوم محمد نكد عوّاد «�أبو �سمير» عن عمر ناهز الت�سعين‬
‫عام ًا ق�ضاها في خدمة بلدته ورعاية �ش�ؤونها العامّة وا�صالح‬
‫ذات البين‪ .‬والتم�سك بالف�ضائل الأخالقيّة والمزايا الوطنيّة‪.‬‬
‫وقد �أقيم لذكراه �أ�سبوع في مجمع الإمام �شم�س الدين الثقافيّ‬
‫التربويّ في �شاتيال قبل ظهر يوم الأح��د الواقع فيه الخام�س‬
‫ع�شر من �شهر �شباط ‪2015‬م‪ .‬ح�ضره ح�شد كبير من �أهالي‬
‫علمات وال�ضاحية الجنوبيّة‪.‬‬
‫ومما ج��اء في ق�صيدة الدكتور عاطف جميل ع �وّاد بهذه‬
‫المنا�سبة‪:‬‬
‫ُكنَّـــــــــا َنلُــــــــــــــــوذُ بِــــــــــــــ ِه �إذا عَ َ�صفَــــتْ ِبنــــا‬
‫ِفتَــــــــنٌ ‪ ،‬فَحِ ْك َمتُـــــــــــــ ُه تَـلُــــــــــــــــمُّ‪َ ،‬وتَجْ مَــــــــــ ُع‬
‫َو�أَحَ �ـ�ـ�ـ�ـ�ـ�ـ�ـ�ـ��بُّ مَ خْ لُـــــــــــــوقٍ ع�ل��ى ال��رح �م��انِ مَ ـــنْ‬
‫ُـــــوب بِــــو َْ�صــــــــلِ ما َي َتقَطَّ ــــــــ ُع‬
‫جَ مَـــــــــــــ َع ال ُقل ِ‬
‫ف��أب��و �سَ ميــــــــــرٍ كـــــــانَ خَ يْـــــــــ َر مُ�ســــامِ ــــــــــر‬
‫ِـــ�س ُي ْمتِـــــــــــ ُع‬
‫بِحَ ـــــــديثِــــــــــــ ِه عِ قْـــــــــــدَ المَجَ ــــــــال ِ‬
‫يَــــــــــــرعــــى حُ ـــدُو َد اللـــــ ِه فـــــي �إيمــــانِـــــــــــــــ ِه‬
‫ال�صغــــائِــــــــــرِ والأذى َيتَـــــــــ َرفَّــــــــــــــ ُع‬
‫َّ‬
‫وَعَ ــــــــنِ‬
‫َيهْـــــــــــــوى ُمجــــــــــامَ لَــــــــــ َة الأنــــــامِ َو َن ْف َعهُــــــمْ‬
‫َولَــــــــــ ُه �إلـــــــــــــى ِقمَـــــــــــمِ ال�شُّ مُـــــــوخِ تَطَ لُّـــــــــــــ ُع‬
‫ّــــــــــــا�س خَ فُّــــــــــــوا يَ�شْ هَـــــدُونَ رَحِ يلَـــــــــــــ ُه‬
‫ُ‬
‫فالَـن‬
‫َو ُقلُــــــو ُبهُــــــــمْ َتـــــــ�أْ�ســـــى علــى مَ ــنْ َودَّعُ ـــــــوا‬
‫َر َفعُـــــــــــو ُه مِ ــــنْ فَــــــــــــوقِ الأَ ُك�ـ�ـ� ِّ�ف و�أَطْ ــ َرقُــوا‬
‫مــــا َبيــــــــنَ مَ ـــنْ َيبْكِ ــــــــــــي وَمَ ــــنْ يَ�سْ تَــرْجِ ــ ُع‬
‫ومما جاء في كلمة ابن �شقيقته الأ�ستاذ علي ح�سين عوّاد ما‬
‫يلي‪ «:‬كان المرحوم محمد نكد عوّاد من المميزين‪ ،‬وذلك منذ‬
‫نعومة �أظافره‪ .‬حين كان تلميذ ًا في مدر�سة علمات بين عامي‬
‫‪ 1931‬ـ ‪1932‬م‪� .‬آنذاك �أر�سلت الدولة اللبنانية �أيام الإنتداب‬
‫االفرن�سي �أحد الآب��اء لتفقد المدر�سة الر�سميّة والإط�لاع على‬
‫�أحوال طالبها‪ ،‬حيث كانت بع�ض الإر�ساليات تقدم الم�ساعدات‬
‫المالية للمدار�س‪ .‬كان �أ�ستاذ مدر�سة علمات حينذاك المرحوم‬
‫علي خليل حيدر �أحمد «وال��د ال�شاعر المرحوم نجيب حيدر‬
‫�أحمد» كان يكتب ال�شعر‪ ،‬كتب ق�صيدة ترحيب ب��الأب من �آل‬
‫دريان‪ .‬واختار من بين التالميذ المرحوم محمد نكد عوّاد لإلقاء‬
‫الق�صيدة‪.‬‬
‫«هذا ي��د ُّل على �أن المرحوم محمد نكد ع�وّاد كان تلميذ ًا‬
‫نجيب ًا حيث اختاره ا�ستاذه لهذه المنا�سبة»‪.‬‬
‫ك��ان المرحوم يرددها على م�سامعي كلما زرت��ه وه��و على‬
‫فرا�ش المر�ض في ال�سنوات الأخيرة من عمره‪ .‬مطلع الق�صيدة‪:‬‬
‫ومما جاء في تلك الق�صيدة‪:‬‬
‫�أه � � �ل� � ��اً و�� � �س� � �ه �ل��اً ف � � ��ي �أب� � � ��ان� � � ��ا ال � �ف� ��ا� � �ض� ��لِ‬
‫م� � � ��ن �آل دري� � � � � � � � ��انُ والت مَ � � �ن� � ��ا�� َ� ��ص� � ��بِ‬
‫حُ � � � � � � ُّر ال � �� � �ض � �م � �ي� ��ر م � � ��ا ل � � ��ه غ � � ��ر� � � ٌ ��ض � � �س� ��وى‬
‫َن� � �ف � ��ع ال � �ع � �م� ��وم ع � �ل� ��ى اخ � � �ت� �ل��اف مذاهب»‪.‬‬
‫عام ‪ 1954‬اختارته بلدتا علمات وال�صوانة رئي�س ًا لم�شاعاتهما‬
‫ف�صدر مر�سوم جمهوري بتعيينه رئي�س ًا للم�شاعات مع لجنة كريمة‬
‫�ضمت المرحومين المختار ابراهيم �شقير‪ ،‬ابراهيم مو�سى خير‬
‫الدين‪ ،‬علي ديب قا�سم عوّاد‪ ،‬محمود �أ�سعد حيدر �أحمد‪ ،‬وذلك‬
‫دون مقابل مادي وبقيت هذه اللجنة تمار�س �أعمالها خير قيام‬
‫لغاية عام ‪2004‬م‪ .‬حيث ح َّل المجل�س البلدي الجديد محلّها‪ .‬ثُمّ‬
‫تكلّم عن انجازات تلك اللجنة خالل خم�سين عاماً وختم كالمه‬
‫بق�صيدة جاء بها‪:‬‬
‫ب � � � �ك � � � �ي� � � ��تُ �� � � �ش� � � �م � � ��ائ � � ��ل رج� � � � � � � ��ل غ � � �ي� � ��ور‬
‫ت � � �ج � � � ّل� � ��ى ف � � � ��ي ال� � � � � � � �م � � � � � � ��روءاتِ و� � � � �س� � � ��ادا‬
‫َف� � � � ��� � � � �س � � � ��احُ ب� � � �ل � � ��دت � � ��ي ع� � � �ل� � � �م � � ��ات ت� � � � ��روي‬
‫ح� � � �ك � � ��اي � � ��ا م� � � � ��ن ب� � � �ه � � ��ا ن� � � ��اج� � � ��ى ون � � � � � ��ادى‬
‫�أح � � � � �ب� � � � ��وا ب � �ع � �� � �ض � �ك� ��م ك � � � ��ون � � � ��وا ك� � � ��رام � � � � ًا‬
‫و� � � � � � �ش � � � � � �دّوا �أزرك� � � � � � � � � ��م ك � � � ��ون � � � ��وا ع � � �م� � ��ادا‬
‫ع � � � � �م� � � � ��اد م� � � � �ح� � � � � ّب� � � � � ٍة ت� � � �ب� � � �ن � � ��ي �� � �س �ل��ام � ��ا‬
‫(‪)2‬‬
‫ورف� � � �ق� � � � ًا وادع� � � � � � � ًا ي� ��ر� � �س� ��ي الر�شادا‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬جاء في ورقة النعي في ذكرى الأ�سبوع ما يلي‪:‬‬
‫أبناؤه‪ :‬الفنان مسري‪ ،‬املالزم أول علي‪ ،‬السيدة يسرى‬
‫شقيقه‪ :‬جميد (أبو عصمت)‪.‬‬
‫((‪ (2‬ما نقلناه عن الأ�ستاذ علي ح�سين عوّاد كان ببع�ض الت�صرف‪.‬‬
‫الرجل الصالح‬
‫محمد حسين قيس‪...‬‬
‫(‪)1‬‬
‫بقلم‪ :‬مدير التحرير المسؤول‬
‫بتاريخ ‪ 2015/2/14‬انتقل الى رحمة اهلل العبد ال�صالح‬
‫محمد ح�سين قي�س وذل��ك بعد ��ص��راع م��ع المر�ض ولقد �أمَّ‬
‫ال�صالة عليه ال�شيخ الدكتور �أحمد قي�س ثُم ووري الثرى في‬
‫جبانة الطيونة في قبرٍ جمعه مع والده الحاج ح�سين قي�س‪.‬‬
‫لقد مثًّل المرحوم محمد ح�سين قي�س م�صداق ًا من م�صاديق‬
‫الحديث النبوي ال�شريف حيث جاء‪« :‬انا وكافل اليتيم في الجنة»‬
‫ذلك �أنه بعد وفاة �أخيه الشهيد غازي قي�س مخلف ًا من ورائه‬
‫ثالثة �أوالد‪� ،‬أقدم المرحوم محمد على الزواج من �أرملة �أخيه‬
‫وتكفل رعاية الأيتام‪ .‬فكانت الهدية الإلهية لهذا العبد ال�صالح‬
‫�أن وهبه المولى �سبحانه �أربع زهرات �أو �أربع �إناث �شكلّن مع‬
‫�أ�شقائهن حديقة مليئة برائحة الحبِّ والمودة والرحمة‪.‬‬
‫تغمَّد اهلل المرحوم محمد ح�سين قي�س بوا�سع من رحمته و�أ�سكنه‬
‫ف�سيح جنَّاته و�إلى روحه و�أرواح الم�ؤمنين والم�سلمين الفاتحة‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬والدته‪ :‬خديجة سليمان‪.‬‬
‫أرملته‪ :‬هناء علي عمرو‪.‬‬
‫بناته‪ :‬ميساء‪ ،‬رنا‪ ،‬ريم‪ ،‬روال‪.‬‬
‫شقيقه‪ :‬الشهيد غازي حسني قيس‪.‬‬
‫شقيقاته‪ :‬صباح‪ ،‬ليلى زوجة مصطفى عز الدين‪ ،‬سعاد زوجة أمحد يوسف‪ ،‬هدى زوجة‬
‫حممد الناطور‪ ،‬ناديا زوجة حسن رستم‪ ،‬إهلام زوجة عباهلل محود‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫وداع األحبة‬
‫عواد‬
‫الحاج جميل محمود ّ‬
‫في ذمة اهلل‬
‫(‪)1‬‬
‫المغترب اللبناني‬
‫فقد آل عوّ اد وأهالي علمات المرحوم جميل‬
‫محمود عوّ اد( أبو عاطف) وأقيم في هذه المناسبة‬
‫ذكرى مرور أسبوع على وفاته في مجمع اإلمام‬
‫التربوي ـ شاتيال‪ .‬قبل ظهر‬
‫ّ‬
‫الثقافي‬
‫ّ‬
‫شمس الدين‬
‫يوم األحد في ‪ 11‬كانون الثاني ‪2015‬م‪ .‬حضره‬
‫حشد كبير من أهالي علمات وبالد جبيل والضاحيّة‬
‫الجنوبيّة‪ .‬وقد ألقى األستاذ علي حسين عوّ اد‬
‫قصيدة بهذه المناسبة نقتطف منها ما يلي‪:‬‬
‫‪68‬‬
‫ف��������������دت��������������ك ال����������������������������������روح ي�����������������ا رم�����������������������ز ال�����������������وف�����������������ا ِء‬
‫فَ������������فَ������������ا� َ������������ض ال���������������� َدم���������������� ُع م������������ن ه��������������������ولِ ال��������� َع���������ن���������ا ِء‬
‫َب������������ َك������������ي������������ ُت������������كَ � َ����������������ص����������������ا ِدق����������������اً دون ان����������ح����������ن����������ا ِء‬
‫��������������������و َّي�������������������� ِة ال��������� ّن���������ف�������������������س ال�������������ب�������������را ِء‬
‫ِ‬
‫َو ُن��������������������بْ�������������������� َل طَ‬
‫� َ�����������س�����������م�����������وح�����������اً حَ ���������������������ا ِدي���������������������اً دَربَ ال��������������رج��������������ا ِء‬
‫� َ������������ش������������غُ������������وف������������اً ف��������������ي ُم����������������ح����������������ا َب����������������ا ِة الإِخ���������������������������������ا ِء‬
‫َودُو َداً ف������������ي اح�����������تِ������������ َ�����������ض�����������انِ الأق������������������ ِرب������������������ا ِء‬
‫ل�����������ط�����������ي�����������فَ ال����������م����������ع����������� َ����������ش����������ر ج���������������������������ا َر ال�����������ه�����������ن�����������ا ِء‬
‫ب�������������������������أخ������������ل�����������اقِ ال������������������عِ������������������ظ������������������ا ِم الأول������������������������ي������������������������ا ِء‬
‫َوف������������������������� ّي�������������������������اً مِ �������������������������ن رع����������������ي����������������ل الأوف����������������������ي����������������������اء‬
‫َوت��������������ن��������������هَ��������������ى ع���������������ن � ُ��������������س��������������ل��������������وكِ الإِل�����������������������ت�����������������������وا ِء‬
‫هلل اَغ�����������������ن�����������������ى ا ألغ���������������ن���������������ي���������������ا ِء‬
‫وَعِ �����������������������ن����������������������� َد ا ِ‬
‫حَ �������������فِ�������������ظ�������������تَ ال�����������ع�����������ه����������� َد م�����������������رف�����������������و َع ال��������������ل��������������وا ِء‬
‫عَ�������������������ش���������ي��������� َق خُ ����������������� ُل�����������������و ِد ه�������������م ف�������������ي الإِن�������������ت�������������م�������������ا ِء‬
‫(‪)2‬‬
‫ق�����������ري�����������بَ ال����������و�����������ص����������لِ م�����������ن �������ش������ي������خ ال�����������ع�����������ط�����������ا ِء‬
‫� َ���������س��������� َي���������ب���������قَ���������ى حَ �������������ا��������������ض�������������راً َرغ������������������������� َم ال�������� َت��������ن��������ائ��������ي‬
‫وط��������������������ا َب��������������������تْ َغ��������������������م�������������������� َر ٌة ف���������������ي ذا ال����������ل����������ق����������ا ِء‬
‫��������������ل�������������ا ُم ال����������ع����������ل����������م وال��������������فِ��������������ك�������������� ِر ال����������مُ���������������������ض����������ا ِء‬
‫َ‬
‫ع‬
‫م����������������ن الأب����������������������������������������������را ِر �أ�������������������ش������������������ َب������������������الُ ال�����������ن�����������ق�����������ا ِء‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬جاء في ورقة النعي ما يلي‪:‬‬
‫وداع ًا‬
‫(‪)1‬‬
‫بقلم‪ :‬الأ�ستاذ علي ح�سين عوّاد‬
‫���������������ف ������������س�����ل�����ام�����������اً ي���������������ا وف����������ي����������اً‬
‫أ�ب������������������������ا ع���������������اط ٍ‬
‫َرح����������ي���������� ُل����������كَ ُم���������������ؤل�������������� ٌم خَ ������������������������ َر َق ال��������حَ �������� َن��������ا َي��������ا‬
‫َب���������� َك����������ي���������� ُت����������كَ ط��������������اه��������������راً جِ ��������������������������� ّداً َب��������� ِري���������ئ���������اً‬
‫َب���������� َك����������ي����������تُ َدمَ����������������اث���������������� َة ال�����������خُ ����������� ُل�����������قِ ال������م������ث������ال������ي‬
‫عَ����������� َرف����������� ُت�����������ك مُ�������������ؤمِ ������������ن������������اً ورع���������������������اً ���������ص��������بُ��������وراً‬
‫عَ���������رف��������� ُت���������كَ ف���������ي ظِ ���������ل��������الِ ال�������خ�������ي������� ِر ت���������س���� َع����ى‬
‫ع���������رف���������ت���������كَ ب�������ل�������� َ�������س�������م�������اً ُت�����������������ش��������فِ��������ي ج���������راح���������اً‬
‫ع�����������رف����������� ُت�����������كَ مُ��������������ؤم�������������ن�������������اً ج�������������������������اراً َن���������خ��������� َّي���������اً‬
‫ع���������رف��������� ُت���������كَ ����������س���������امِ ���������يَ الأخ�������������ل�������������اقِ ت�����ح�����ظَ �����ى‬
‫ع�����������رف����������� ُت�����������كَ وادع�����������������������������اً رجُ ������������ل������������اً �أ����������ص���������ي����ل����اً‬
‫ع�����������رف����������� ُت�����������كَ ث�������������اب�������������تَ الإي�����������������م�����������������ان َت�����������ن������������أى‬
‫ع�������������رف������������� ُت�������������كَ غُ ����������������ن����������������وَة ف��������������ي ك������������������� ِّل وَا ٍح‬
‫ع������������رف������������ ُت������������كَ ����������س���������ي���������فَ ح������������������قٍّ عَ��������ل��������م��������ت�������� َّي��������اً‬
‫ع����������رف���������� ُت����������كَ ف�����������ي جِ ������������������هَ������������������ادِكَ ج��������عْ��������فَ��������ر َّي��������اً‬
‫ع������������رف������������ ُت������������كَ وارث�������������������������������اً م��������������ج��������������داً ت��������ل��������ي��������داً‬
‫�أب�����������������و ��������س�������ام�������ي أ�ب�����������������و ال������������وج������������ ِه ال������مُ������ج������ ِّل������ي‬
‫��������س�������ي�������ل�������ق�������ى ق������������������ادم������������������اً ج�������������������������داً ع�������������زي�������������زاً‬
‫��������������ف �����������ص����������ب���������� ٌر وف����������خ���������� ُر‬
‫ل������������ َن������������ا ف��������������ي ع��������������اط ٍ‬
‫و��������������ص�������������ف�������������و ُة �إخ����������������������������������و ٍة ُروّا ُد خ��������ي��������رٍ‬
‫األستاذ ابراهيم الحالّ ني‬
‫أوالده‪ :‬الدكتور عاطف‪ ،‬حممود‪ ،‬املؤهّل عدنان‪.‬‬
‫أشقاؤه‪ :‬املرحومون‪ :‬احلاج جنيب‪ ،‬احلاج حسني‪ ،‬احلاج علي‪.‬‬
‫أصهرته‪ :‬رشيد حيدر أمحد‪ ،‬ح ّسان حيدر أمحد‪ ،‬هيثم بدير‪.‬‬
‫*) احلاج علي حممود عوّاد (أبو سامي) ـ (رئيس اجلمعية اخلرييّة اإلسالميّة يف برج الرباجنة)‪ :‬هو شقيق احلاج مجيل عوّاد (رمحهما اهلل)‪.‬‬
‫بقلم‪ :‬رئي�س التحرير‬
‫ودّع �آل الحالّني و�أهالي بلدة الح�صين وبع�ض �أبناء الجالية اللبنانية في ال�سويد المرحوم‬
‫الأ�ستاذ ابراهيم ح�سين ابراهيم الحالّني بعد ظهر يوم الأربعاء في الخام�س ع�شر من �شهر �آذار‬
‫‪2015‬م‪� .‬إلى مثواه الأخير بالأ�سى والحزن‪ ،‬حيث �صلي عليه في م�سجد بلدته الح�صين ودفن في‬
‫الجبانة العامّة‪.‬‬
‫وقد �إمتاز الأ�ستاذ ابراهيم عن اقرانه في البلدة ب�إهتمامه باللغة العربيّة والأدب العربيّ في‬
‫درا�سته للبكالوريا في الكلية العامليّة وفي دار المعلمين حيث تخرّج �أ�ستاذ ًا في اللغة العربيّة‪.‬‬
‫ولكن الأحداث والحرب اللبنانيّة دفعته للهجرة �إلى ا�ستوكهلم عا�صمة مملكة ال�سويد في �أواخر‬
‫ال�سبعينيات من القرن الما�ضي للعمل في �شركة �صناعيّة‪ ،‬و�إنتهاز �أوقات فراغه لتدري�س اللغة‬
‫العربيّة لأبناء الجالية العربيّة في تلك البالد لمدة �أربعين عام ًا تقريباً‪.‬‬
‫ين�س بلده لبنان وقريته الح�صين حيث وفقه اهلل تعالى للزواج من ن�سيبته ال�سيدة‬
‫غير �أنّه لم َ‬
‫نوال �شفيق ابراهيم ولإنجاب �أ�سرة طيبة ولبناء بيت على الطراز الحديث في بلدته الح�صين‬
‫قرب منزل والديه‪ .‬وزيارة والده و�أرحامه في لبنان كل �صيف‪ .‬وم�شاركتهم في همومهم و�آمالهم‬
‫و�أحزانهم و�أفراحهم‪.‬‬
‫لقد ترك غياب الأ�ستاذ ابراهيم حُ زن ًا عميق ًا في قلب والده و�أرحامه و�أ�صدقائه ومعارفه‪.‬‬
‫وخ�سارة للجالية اللبنانيّة والعربيّة في ال�سويد‪ .‬رحمك اهلل يا «�أبا ع�صام» والهم والدك و�أرحامك‬
‫ومعارفك ال�صبر وَحُ �سن العزاء‪.‬‬
‫و�إنا هلل و�إنا �إليه راجعون‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬جاء في ورقة النعي ما يلي‪:‬‬
‫والدته‪ :‬املرحومة حفيظة حمفوظ ابراهيم‬
‫أشقاؤه‪ :‬حممد‪ ،‬علي‪ ،‬حسن‪ ،‬حممود‪ ،‬مصطفى‪.‬‬
‫شقيقاته‪ :‬زينب زوجة شحادة العس‪ ،‬لطيفة زوجة هاشم حجازي‪.‬‬
‫زوجته‪ :‬نوال شفيق ابراهيم‪.‬‬
‫أوالده‪ :‬عصام‪ ،‬حسام‪ ،‬حسني‪ ،‬خضر‪.‬‬
‫بناته‪ :‬سوزان‪ ،‬فاطمة‪.‬‬
‫اآلسفون‪ :‬آل احلالني‪ ،‬ابراهيم‪ ،‬حجازي‪ ،‬العس وعموم أهالي احلصني واجلالية اللبنانية يف السويد‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫وداع األحبة‬
‫وفيق علي قيس‬
‫ابتلت األوراق‬
‫اىل رحمة اهلل‬
‫من دموع العين‬
‫يا أخي‬
‫(‪)1‬‬
‫بقلم‪ :‬المدير الم�س�ؤول‬
‫ال�شيخ الدكتور �أحمد محمد قي�س‬
‫كلمة رثاء لألستاذ محمد وهبي عمرو‬
‫(‪)1‬‬
‫بقلم �شقيقه الحاج بالل عمرو‬
‫‪70‬‬
‫�أخ��ي وحبيبي و�صديق عمري‪� ،‬أخ��طُّ كلماتي ودم��ع العين ال‬
‫ينقطع والقلب يحزن لفراقك‪ ،‬لقد ابتلت الأوراق بدموع العين‪.‬‬
‫وها �أنَّ القلب يحترق لفراقك ولكن لن �أق��ول �إال ما ير�ضي اهلل‬
‫ل َو�إِنَّـا �إِ َل ْي ِه رَاجِ عونَ ‪.‬‬
‫تعالى‪� .‬إِنَّا ِ ّ ِ‬
‫�أتتك المنية فج�أة لن �أن�سى ذلك الم�شهد الذي �سيبقى را�سخ ًا‬
‫في مخيلتي �إلى �أن يق�ضي اهلل �أم��ر ًا كان مفعو ًال والقاك في عالم‬
‫الآخرة �إن �شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫في يوم الخمي�س الواقع في الخام�س من �شهر �آذار ‪2015‬م‪.‬‬
‫وعند ال�ساعة الثانية وخم�س ع�شرة دقيقة ع�صر ًا �شاء اهلل �أن‬
‫يتوقف قلبك الكبير عن النب�ض وتترك �أهلك ومحبيك في هذه‬
‫الدنيا لتنتقل �إلى عالم الآخرة‪ .‬تركتنا وتركت الح�سرة في قلوب‬
‫مُحبيك‪.‬‬
‫لقد كنت معطا ًء في حياتك لأ�سرتك ال�صغيرة ولعائلتك‪ ،‬خلوق ًا‬
‫مُح َّب ًا للنّا�س و�أمثولة في العمل ال�صالح‪ .‬كيف ال وا�سمك يتداوله‬
‫كل من عرفك ب�إحترام‪ .‬ماذا �أقول في يوم رحيلك‪ ،‬رحلت ج�سد ًا‬
‫و�ستبقى ذكراك العطرة في قلوبنا �إلى الأبد‪ .‬كنت تجمع وال تفرّق‪،‬‬
‫تحبُّ وال تكره‪ .‬تُحبُّ �أن تعطي وال ت�أخذ‪ .‬ال تفارق ثغرك الإبت�سامة‬
‫كنت لطيف ًا مع النّا�س تحمل هموم الآخرين وت�شعر مع المحتاجين‬
‫�أعطيت الكثير من وقتك لهموم النّا�س‪ .‬تحمّلت متاعب الحياة منذ‬
‫�صغرك جنب ًا �إلى جنب مع والدك رحمه اهلل و�ساعدته في بناء �أ�سرة‬
‫�صالحة‪ .‬و�أخ��ذت منه الخ�صال الحميدة والطيبة وح��بِّ الأق��ارب‬
‫والعمل من �أجل ت�أ�سي�س الجمعية الخيريّة العائليّة للأعمال الخيريّة‬
‫لعائلة �آل عمرو في عام ‪1960‬م‪ .‬وكان لك ما �أردت بعون اهلل تعالى‬
‫وبحمده‪ .‬لقد ك��ان رحيلك حدث ًا �صعب ًا على العائلة والأ�صدقاء‬
‫والجيران الّذين تفاج�أوا بهذا الرحيل‪.‬‬
‫لقد ترك رحيلك جُ رح ًا كبير ًا في قلوب محبيك و�أ�صدقائك‪..‬‬
‫رحمك اهلل يا �أبا ه�شام وح�شرك اهلل مع ال�صالحين والموالين لأهل‬
‫البيت‪ ،i‬نم قرير العين يا �أبا ه�شام �سوف تبقى ذكراك خالدة‬
‫ل َو�إِنَّـا �إِ َل ْي ِه رَاجِ عونَ ‪ ،‬ال‬
‫بين من عرفتهم و�أحببتهم و�أحبوك‪� .‬إِنَّا ِ ّ ِ‬
‫حول وال قوة �إال باهلل العلي العظيم‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬جاء في ورقة النعي ما يلي‪:‬‬
‫والده‪ :‬حممد وهيب داوود عمرو ـ والدته ُحسن حممد محد عمرو‬
‫زوجته‪ :‬فاطمة معتوق‪.‬‬
‫أوالده‪ :‬هشام‪ ،‬غالب‪ ،‬آمال متأهلة من يوسف زعيرت‪ .‬اشقاؤه‪ :‬مسيح‪ ،‬املرحوم‬
‫ناجي‪ ،‬علي‪ ،‬احلاج بالل‪ ،‬عيّاد‪ .‬شقيقاته‪ :‬نهاد أرملة املرحوم رفيق ال ّرواس‪،‬‬
‫يب لوباني‪ ،‬احلاجة علياء متأهلة من احلاج‬
‫احلاجة فهيمة أرملة املرحوم عبد الن ّ‬
‫سعيد اليتيم‪ ،‬زينب‪.‬‬
‫((‪ (2‬كتب الحاج بالل وهبي عمرو في العدد الرابع المزدوج (‪ 13‬ـ ‪ )14‬من «�إطاللة‬
‫جُ بيليّة» ال�صادر في‪� 10 :‬شباط ‪2014‬م‪ .‬في ال�صفحة ‪ 63‬عن �شقيقه المرحوم‬
‫ما خال�صته‪ :‬هو من الم�ؤ�س�سين الثالثة للجمعية العائليّة للأعمال الخيريّة لعائلة‬
‫�آل عمرو الخيريّة بموجب علم وخبر رقم ‪ 1325‬في ‪1960/10/30‬م‪ .‬حيث �صدر‬
‫العلم والخبر ب�إ�سمه و�إ�سم المرحوم محمد م�شرف يحيى عمرو والمرحوم محمد‬
‫علي �ضاهر عمرو‪ .‬من مواليد المعي�صرة ‪1941‬م‪ .‬والدته المرحومة حُ �سن محمد‬
‫حمد عمرو زوجته‪ :‬المرحومة فاطمة معتوق‪ ،‬ورزقه اهلل تعالى منها‪ :‬ه�شام (�أبو‬
‫ح�سن) متزوج من عريفة رم�ضان‪ .‬غالب متزوج من �سلوى خوندا وله منها ثالث‬
‫بنات‪ .‬و�آمال (�أم �سامر) مت�أهلة من يو�سف زعيتر‪ .‬كما تكلّم عن تخ�ص�ص �أبي‬
‫ه�شام في �صنع وبيع النظارات الطبيّة في معهد �أوبتكا للب�صريات في بيروت في‬
‫�أواخر الخم�سينيات من القرن الما�ضي وكذلك �سفره �إلى باري�س ـ فرن�سا واكمال‬
‫درا�سته المهنية الجامعية‪ ،‬ثُمّ عودته �إلى بيروت ليمار�س مهنته الطبيّة في المعهد‬
‫الآن��ف الذكر‪ .‬وبالتالي �سفره �إلى طوكيو ليخو�ض �إمتحان ًا �آخر في �إخت�صا�صه‬
‫الآنف الذكر وليفوز ب�شهادة �أخرى في علم النظر و�صنع النظارات الطبيّة في‬
‫معهد علم النظر في طوكيو عام ‪1969‬م‪ .‬ثُمّ مار�س مهنته الطبيّة كمدير م�س�ؤول‬
‫في نظارات الحكيم الطبيّة في فروعه المتعددة في بيروت‪ .‬ثُمّ ليفتتح مح ًال خا�ص ًا‬
‫به في ال�شياح ـ �شارع الطيار ‪1998‬م‪( .‬اوبتيك عمرو)‪.‬‬
‫بتاريخ ‪� 2015/1/2‬إنتقل �إلى رحمة اهلل الوا�سعة وفيق علي‬
‫قي�س (�أبو م��روان) وذلك بعد �صراع مرير مع المر�ض‪ ،‬ولقد �أّ ًّم‬
‫ال�صالة على الجثمان �سماحة العالّمة الكبير ال�سيد محمد علي‬
‫الأمين ومن بعدها ووري الثرى في جبانة بلدة �شقرا ـ ق�ضاء بنت‬
‫جبيل عم ًال بو�صيته حول مثواه الأخير‪.‬‬
‫و�أقيم مجل�س فاتحة عن روحه في بيروت نهار الإثنين الواقع‬
‫في ‪ 2015/1/5‬في جمعية التخ�ص�ص والتوجيه العلمي في رملة‬
‫البي�ضاء ـ بيروت‪.‬‬
‫كما جرى له حفل ت�أبين ومجل�س عزاء في رو�ضة ال�شهيدين‬
‫بتاريخ ‪ 2015/1/17‬بم�شاركة الحزب ال�شيوعي اللبناني ممث ًال‬
‫بالأمين العام للحزب الدكتور خالد حدادة الذي �ألقى كلمة الحزب‬
‫وعدد فيها مزايا الراحل الثورية وحبه للمقاومة في وجه �أعداء‬
‫الوطن ودوره الفعًّال �أثناء الإجتياح الإ�سرائيلي للجنوب‬
‫اللبناني ولبيروت ك�أوّل عا�صمة عربيّة‪.‬‬
‫كما �ألقى كلمة العائلة ال�شيخ الدكتور �أحمد قي�س حيث‬
‫ركًّز في كلمته على الجانب الإن�ساني للمرحوم وفيق الذي‬
‫تجلى في حبِّه للبحث والمعرفة الذي قاده الى رحاب‬
‫وظالل العالّمة المرجع ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‬
‫(قده) الّذي �أخذ ينهل من معين علم ال�سيد لمدة من‬
‫الزمن‪ ،‬كما �أنه �أخذ يكثر من التردد على �أن�سبائه العلماء الأ�شراف‬
‫من �آل الأمين الكرام كالعالّمة الكبير ال�سيّد محمد علي حفظه‬
‫المولى والعالمة الم�ست�شار ال�سيّد محمد ح�سن وغيرهما من‬
‫الأع�لام‪ .‬وهذا التحول الإيجابي في �شخ�صية المرحوم الأ�ستاذ‬
‫وفيق قاده الى طريق الهداية والتي ختم بها حياته المليئة بالعلم‬
‫والعمل والحوار‪.‬‬
‫واختتم الحفل ب �ق��راءة مجل�س ع ��زاء ح�سيني ع��ن روح��ه‬
‫الطاهرة لف�ضيلة الخطيب ال�شيخ ح�سين نجدي وم��ن بعدها‬
‫تقبلت العائلة التعازي بالراحل العزيز‪.‬‬
‫تغمد اهلل المرحوم الأ�ستاذ وفيق علي‬
‫قي�س (�أبو مروان) بوا�سع رحمته و�أ�سكنه‬
‫ف�سيح جنَّاته‪� .‬إنه �سميع الدعاء‪ ،‬حمي ٌد‬
‫مجيب‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫وداع األحبة‬
‫أمي رحلت باكراً‬
‫(‪)1‬‬
‫بقلم‪� :‬آالء ح�سن عمرو‬
‫رحلت المرحومة الحاجة «�أم عبا�س» �صباح محمد عمرو زوجة‬
‫الحاج ح�سن عمرو م�ساء يوم الإثنين الواقع في التا�سع من �شهر‬
‫�آذار ‪2015‬م‪ .‬بعد معاناة طويلة مع المر�ض في م�ست�شفى "بهمن"‬
‫في ح��ارة حريك‪ .‬ونقل جثمانها الطاهر �إل��ى بلدتها المعي�صرة‬
‫و�صليَّ عليها ودفنت‬
‫حيث �شُ يّعت بموكب مهيب �إلى مثواها الأخير ُ‬
‫في الجبانة العامّة للبلدة ع�صر ي��وم الثالثاء في العا�شر منه‬
‫و�سط دموع الأهل والأ�صدقاء وفي ذكرى اليوم الثالث ع�صر يوم‬
‫الجمعة في ‪ 13‬منه ومن على منبر ح�سينيّة الإمام زين العابدين‬
‫‪t‬ـ المعي�صرة‪� ،‬ألقت �إبنتها �آالء هذه الكلمة بمنا�سبة ذكرى وفاة‬
‫والدتها حيث التقت ذكراها مع ذكرى وفاة �سيّدة ن�ساء العالمين‬
‫فاطمة الزهراء(عليها ال�سّ الم)‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬
‫في �أمان اهلل يا �أمي‬
‫‪72‬‬
‫حُ َّب ًا‬
‫ب�أمان اهلل‪ ..‬و�أمان فاطمة(عليها ال�سّ الم) والحبِّ يا �أمي‬
‫يروى �أن البدر يومها �صا َغ نوره من حنان ب�سمة الأم‬
‫من ب�سمتها‪ ..‬كان حبُّها عن الذكر ما مَ لْ‬
‫لها �صوت بغير �إ�سم اهلل ع ّز وجل ما نطق‬
‫�أُمي يا عطر �صباحاتنا الخجلى �أيتها المت�ألمة �سر ًا والوالهة بنا‬
‫يا عطر ًا يبل�سم جُ رحنا‪ ..‬من لدمعتنا بعدَ غيابك �إذا جُ نَّ الليل‬
‫من لروحنا من ي�ؤن�س وح�شتنا‪ ..‬من لأيامنا من لفرحِ نا من لنا‬
‫غيرك‪..‬‬
‫�أمي كنتُ دائم ًا �أرقبُ �ضوء غُ رفتك‪� ..‬أخالُ ملك ًا كريم ًا ينزلُ‬
‫ك َّل حين حام ًال بكّفه ترب ًة من كربالء لك لكن الع�شقَ ما جَ َّف �أبد ًا‬
‫بح�ضرة َ�صالت ُِك‪ ..‬كنتُ �أ�سمع تراتيل‬
‫ومناجاة وفي�ض ًا من كتاب الرحمن‬
‫عيناك فكانتا قد �أ�سكر ْتهُما لوع ُة الألم‬
‫ِ‬
‫�أمّا‬
‫ووَجهك كان ي�ش ُّع نور ًا وطم�أنينة‪..‬‬
‫أم�ض في المدى وعفّر ا�شتياقنا‬
‫يا ن�سيم اللقاء � ِ‬
‫بتراب يروي رو�ضتها‪ ..‬اجمع قناديل المدى و�أنثر‬
‫ِ‬
‫دموعنا نور ًا لت�ؤن�س وحدتها‬
‫ها قد كبّر الإ�شتياق في م�آذن الفراق‬
‫بعد �أن بَزَ غتْ الب�سم ُة على ثغر �أم عبا�س‪..‬‬
‫�أمي يا رواية عُ مرنا التي نح ِبكُها بالحنين‬
‫ذكراك ونرت ُل ا�سمك‬
‫ِ‬
‫�سنغفو على �أطاللِ‬
‫يا �أن�شودة عرفاننا‪..‬‬
‫يا ب�سم ًة غنّاها الفج ُر عند كل �صالة‬
‫يا دمعة ال�صبرِ وتراتيلَ الوجع وكل الآيات‬
‫المر�أ ُة �أنتِ والزوج ُة �أنتِ والأمُ والم�أوى وَك ُّل الحياة‬
‫مالي هذه الدنيا باتت في نظري ك�سراب بعد غيابك‬
‫َكوَهْ مٍ كريح �صر�صرٍ همدَ بعد �أن عرفنا �أنَّ الحبَّ قد مات‬
‫�أمي‪ ..‬يا قلب الوجع ال�صامت بين �ضفتِّي الألم‬
‫ما نطقتِ �إ ّال حمد ًا هلل تعالى وال ت�ألمتِ �إ ّال �س ّر ًا‬
‫يا �س َّر ال�صبر ويا معنى الحياة‬
‫يا نور فاطمة ويا �أمل عبا�س وحلمُ دعاء‬
‫وفرح �آالء‪ ..‬يا قلب محمدٍ ال�صغير‬
‫�أُمي قد ذرفنا الدم َع فقط ت�شوق ًا‬
‫لح�ضنك الدافء‪ ..‬لكننا نعلمُ‬
‫ِ‬
‫وا�شتياق ًا‬
‫َلبك �أيتها ال�صابرة‬
‫�أن الطه َر تو�سَّ دَ ق ِ‬
‫لك‬
‫لك ال�صبر على الألم‪ ..‬هنيئ ًا ِ‬
‫هنيئ ًا ِ‬
‫جوار �أهل البيت‪ ،i‬ايتها الطاهرة الم�ؤمنة‬
‫المحت�سبة‪ ..‬هنيئ ًا لنا يا �أُمي‬
‫أنك �صباح يا نِعمَ ال�صباحات‪.‬‬
‫� ِ‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬زوجها‪ :‬الحاج ح�سن الحاج عبا�س عمرو‬
‫أوالدها‪ :‬عباس‪ ،‬حممد‪ ،‬فاطمة‪ ،‬دعاء‪ ،‬آالء‪.‬‬
‫والدتها‪ :‬احلاجة نهاد احلاج حممد أسعد تامر عمرو‪.‬‬
‫أشقاؤها‪ :‬رياض‪ ،‬عاطف‪ ،‬حسن‪.‬‬
‫شقيقاتها‪ :‬فريوز زوجة السيّد أمحد حممد قشاقش‪ ،‬إميان زوجة مصطفى رامز عمرو‪ ،‬هناء زوجة السيّد علي قشاقش‪،‬‬
‫عمها‪ :‬خمتار املعيصرة املرحوم احلاج حسني علي تامر عمرو‪.‬‬
‫أخواهلا‪ :‬املرحوم احلاج فايز حممد أسعد عمرو‪ ،‬احلاج عدنان‪ ،‬احلاج عادل‪ ،‬بهجت‪ ،‬احلاج طالل‪ ،‬العميد املتقاعد حسن‪.‬‬
‫خاالتها‪ :‬احلاجة فايزة أرملة املرحوم علي حسن عمرو‪ ،‬احلاجة آمنة زوجة رامز علي ضاهر عمرو‪ ،‬احلاجة كلثوم زوجة احلاج يوسف ُح َّب اهلل‪ ،‬فاديا أرملة املرحوم يوسف عالّم‪.‬‬
‫جار الرضى‬
‫علي دعيبس نون‬
‫(‪)1‬‬
‫بقلم‪ :‬شادي نصر الدين‬
‫قال اهلل تعالى‪( :‬الَّذِ ينَ �إِذَ ا �أ ََ�صا َب ْتهُم م ُِّ�صي َب ٌة قَالُو ْا �إِنَّا‬
‫ل َو�إِنَّـا �إِ َل ْي ِه رَاجِ عونَ �أُولَـئ َِك عَ َليْهِ مْ َ�ص َلوَاتٌ مِّ ن َّربِّهِ مْ َورَحْ َم ٌة‬
‫ِِّ‬
‫َو�أُو َل �ـ � ِئ� َ�ك هُ ��مُ ا ْل ُم ْه َتدُونَ ) �سورة البقرة‪ ،‬الآي��ة ‪ 156‬ـ ‪157‬‬
‫نعم إ�نَّه جارنا العزيز جار الر�ضى!‪.‬‬
‫لقد كنت يا �أب��ا ح�سني علم ًا من �أع�لام فرحت في �إخال�صك هلل تعالى وطلبك رضى اهلل تعالى ورضى‬
‫�ضميرك‪ .‬وفي محبتك للنّا�س ومحبة النّا�س لك‪ .‬وفي محافظتك على المُثل والقيم الوطنيّة‪ .‬وفي تربيتك لأ�سرة‬
‫طيبة �صالحة‪ .‬وفي محافظتك على �صالت القربى والجوار بين جميع العائالت الجبيليّة الكريمة في �أ�صعب الأيام‬
‫التي مرّت على لبنان‪ .‬ولكنها م�شيئة الخالق ع َّز وجل في خلقه وال راد لم�شيئته تعالى‪.‬‬
‫عزا�ؤنا يا �أب��ا ح�سني ذك��راك الطيبة التي تركتها وراءك بين �أهلك ومحبيك‪� ..‬أ�صدقا�ؤك و�أبناء جيلك‬
‫والذين ي�شيدون ب�شخ�صيتك الرائعة بطبعك الهادي وخ�صالك الحميدة بت�صرفاتك الجميلة و�أعمالك المتوا�ضعة‬
‫الكريمة‪.‬‬
‫قبل �أن نع ّزي �أنف�سنا فيك �أننا نع ّزي الزوجة �أم ح�سني والأوالد كما نع ّزي جميع الأهل والأقارب والأن�سباء‬
‫والأ�صدقاء والمعارف والمحبين والجيران‪.‬‬
‫راجي ًا من اهلل �أن يلهم الجميع ال�صبر وال�سلوان و�أن يتغمّد الفقيد العزيز برحمته ور�ضوانه و�أن ي�سكنه ف�سيح‬
‫جناته‪� .‬إنّه �سمي ُع مجيب‪.‬‬
‫و�إنا هلل و�إنا �إليه راجعون‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬جاء في ورقة النعي ما يلي‪:‬‬
‫أوالده‪ :‬حسين‪ ،‬هيثم‪ ،‬باسم‪ ،‬ح ّسان‪ ،‬وائل‪ ،‬صالح‪.‬‬
‫أصهرته‪ :‬عدنان ع ّواد‪ ،‬ياسر كنيعو‪ ،‬حممد اخلطيب‪.‬‬
‫ُصلي على جثمانه الطاهر نهار الجمعة في ‪ 27‬شباط ‪ 2015‬في جامع بلدته فرحت‪ ،‬ودفن في الجبانة العامّة‪.‬‬
‫اآلسفون‪ :‬أهالي فرحت‪ ،‬آل نون‪ ،‬آل ع ّواد‪ ،‬آل كنيعو‪ ،‬آل اخلطيب‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫وداع األحبة‬
‫عبد الكريم سليم حبيب‬
‫يف ذمة اهلل‬
‫(‪)1‬‬
‫الشهيد‬
‫المجاهد الصيدلي‬
‫حممد حسني برّو‬
‫بقلم ولده‪ :‬غ�سّ ان حبيب‬
‫�صاف ك�صفاء ال�سماء في يوم ت�شرق به ال�شم�س على وطننا‬
‫ٍ‬
‫الحبيب لبنان ليذهب الظالم‪ .‬وت�ضيء حياتنا بالأمل والثقة بالنف�س‪.‬‬
‫ومراحل عمرنا كانت من المهد حتى بلوغنا �سن الر�شد وال�شباب‬
‫مو�ضع �إهتمامك وعنايتك ورعايتك دون كلل �أو ملل‪.‬‬
‫وبف�ضل تربيتك وجهادك وحلمك وكرمك وعطائك وزرعك في‬
‫نفو�سنا الثقة باهلل تعالى‪ ،‬لأبنائك وبناتك في الحياة‪ .‬كان النجاح‬
‫والتوفيق من اهلل تعالى‪ .‬لقد كنت الأب الحنون الذي �أعطى �أوالده‬
‫جميع ما ي�ستطيع دون مقابل �إال طلب ر�ضا اهلل تعالى على كل حال‪.‬‬
‫�أوجزت يا �أبي في كالمي عنك لأنَّ ل�ساني ال ي�ستطيع �أن يتكلم عمّا‬
‫في قلبي من �شعور نحو �شخ�صك الكريم وعن فقدانك ونحن بحاجة‬
‫دائمة �إلى نظراتك الحنونة و�إلى ر�ضاك‪ .‬ح�شرك اهلل يا والدي مع‬
‫�سيّدنا وموالنا مُحمّد ر�سول اهلل ‪ ،w‬ومع �آل بيته الأطهار‪.i‬‬
‫‪74‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬كانت وفاته ‪ ،q‬فجر يوم الإثنين في ‪ 12‬كانون الثاني ‪2015‬م‪� .‬صليّ عليه‬
‫ع�صر ذلك اليوم في م�سجد الإمام عليّ بن ابي طالب ‪ ،t‬جبيل‪ ،‬ودفن في‬
‫جبانة جبيل العامّة قرب المرحوم والده ال�شيخ �سليم حبيب‪.‬‬
‫والده‪ :‬املرحوم الشيخ سليم حبيب‪.‬‬
‫والدته‪ :‬املرحومة سكينة علي منصور‪.‬‬
‫زوجته‪ :‬كليمة علي صاحل‪.‬‬
‫أوالده‪ :‬سليم متأهل من نهى ديوب يف املهجر‬
‫فوازمتأهل من فاطمة ابراهيم‬
‫عبداهلل متأهل من ليديا شيباني يف املهجر‬
‫غسان متأهل من مايا الغزاوي‬
‫بناته‪ :‬لينا زوجة السيد مصطفى الغزاوي‬
‫روال زوجة السيد فادي عرب‬
‫أشقاؤه‪ :‬املرحوم علي الذي توفاه اهلل يف املهجر‬
‫الربوفسور عزالدين متأهل من نهى السكري يف املهجر‬
‫منري وزوجته يف املهجر‬
‫شقيقاته‪ :‬املرحومة رهيفة زوجة هالل بوبو‬
‫املرحومة فاطمة زوجة صالح حبيب‬
‫املرحومة خدجية زوجة حممود العلي‬
‫املديرة أفراز زوجة املرحوم الدكتور يوسف أبو حلقة‪.‬‬
‫مجاهد من بالدي كان في طفولته و�صباه و�شبابه و�شهادته‬
‫مِ ثا ًال للتهذيب والأدب واالحترام حيث �آثر �صحبة ال�شهداء الأبرار‬
‫وحياتهم في رحاب اهلل تعالى على حياة ال�شباب الروتينيّة‪ .‬و�آثر‬
‫خدمة المجاهدين الأبطال في جبالنا اللبنانيّة ال�شرقيّة في وجه‬
‫الع�صابات التكفيريّة دفاع ًا عن وطننا العزيز لبنان‪ .‬وعلى العي�ش‬
‫من وراء مكتبه الخا�ص في �صيدلية من �صيدليات بيروت‪.‬‬
‫ظهرت عالمات النبوغ والتدين وااليثار على �شهيدنا البطل‬
‫�أث �ن��اء درا��س�ت��ه ف��ي ثانوية الم�صطفى ‪ ،w‬ف��ي ح��ارة حريك‪.‬‬
‫وف��ي درا��س�ت��ه لعلوم ال�صيدلة ف��ي كلية ال�صيدلة ف��ي جامعة‬
‫دم�شق وتخرجه منها في �سنة ‪2007‬م‪ .‬وم��ن خ�لال عمله في‬
‫بع�ض ال�صيدليات و�شركات الأدوي��ة وفي رغبته بمتابعة درا�سة‬
‫الماج�ستير في ال�صيدلة‪ .‬كان طموحه في ذلك كبيراً‪ .‬كما كان‬
‫ديدنه و�سيرته في ذلك كله حُ �سن الخلق وطلب رضى اهلل تعالى‬
‫حيث كان مع �أرحامه و�إخوانه و�أ�صدقائه وزمالئه في الجامعة‬
‫م�صداق ًا لحديث �أمير الم�ؤمنين الإمام عليّ بن �أبي طالب ‪،t‬‬
‫ّا�س مُخالطة �إن متم معها بكوا‬
‫في نهج البالغة‪ «:‬خَ الِطوا الن َ‬
‫عليكم‪ ،‬و�إن ع�شتم حَ نُّوا �إليكم»‪ .‬نهج البالغة‪ ،‬ج‪� ،4‬ص ‪.508‬‬
‫فهنيئ ًا لك �أيها ال�شهيد المجاهد بما �إخ�ت��رت من طريق‬
‫وبالدفاع عن لبنان‪ .‬وعظمّ اهلل تعالى �أجر والديك و�أرحامك بما‬
‫�صبروا �سائلين اهلل تعالى لك الح�شر مع محمد و�آل محمد وحَ �سُ نَ‬
‫�أولئك رفيق ًا(‪.)1‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪ (1‬ال�شهيد محمد ح�سين برّو من مواليد ‪� 21‬آب ‪1984‬م‪.‬‬
‫والدته‪ :‬احلاجة ليلى سليمان ب ّرو ‪ُ ،‬فقِ َد أثره لمدة ثمانية أشهر في الجبال الشرقيّة اللبنانيّة‬
‫حيث استشهد في ‪ 13‬تموز ‪2014‬م‪ .‬نًقِ َل إلى مثواه األخير في روضة الشهيدين في‬
‫موكب مُهيب عصر يوم األربعاء في ‪ 18‬آذار ‪2015‬م‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫وداع األحبة‬
‫مرثية‬
‫الشهيد‬
‫‪76‬‬
‫محمد‬
‫عبد‬
‫المنعم‬
‫عمرو‬
‫بقلم‪ :‬حمادة‬
‫علي عبد الهادي عمرو‬
‫ب�سم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫( َو َال تَحْ �سَ �بَنَّ الَّذِ ي��نَ ُق ِت ُل��و ْا ِف��ي‬
‫الل �أَمْ وَاتًا بَلْ أَ�حْ يَاء عِ ندَ َربِّهِ مْ‬
‫�سَ �بِيلِ ّ ِ‬
‫الل مِ ن‬
‫ُي ْر َز ُق��ونَ فَرِ حِ ي��نَ ِبمَا �آتَاهُ ��مُ ّ ُ‬
‫ف َْ�ض ِل ِه َويَ�سْ َتبْ�شِ رُونَ بِالَّذِ ينَ لَمْ َيلْحَ قُو ْا‬
‫بِهِ ��م مِّ ��نْ خَ ْلفِهِ مْ �أَ َّال خَ �و ٌْف عَ َليْهِ مْ َو َال‬
‫هُ ��مْ يَحْ زَ ُن��ون)َ �س��ورة �آل عم��ران‪ ،‬الآية‬
‫‪ 169‬ـ ‪.170‬‬
‫�إل��ى ه��ذه الثلة الطاه��رة �إن�ض��م محمد‬
‫عبد المنعم عمرو �شهيد ًا في �سبيل اهلل‪.‬‬
‫�دب راك��دٍ �أم�س��ى‪ ،‬وم��ن كل‬
‫م��ن كلِ ح� ٍ‬
‫�وب �أدركَت ُه النُّجوم �أ َّن��ى تعالت خلفه‪ ،‬هو‬
‫�ص� ٍ‬
‫ال��ذي ح َّل��ق بال�ش��هادة عالي � ًا قاب قو�س��ين‪،‬‬
‫�ضاق��ت ب��ه الدني��ا ف�أخل��ى الوفا���ض ورح��ل‬
‫ن�ص قال‬
‫بك��ف فارغ حم��ل فيه ب�صم ًة تح��ت ٍ‬
‫في��ه يوم ًا �إذا مِ ��تُّ �أتركوا يدي خ��ارج الكفن‬
‫ليعل��م النا���س �أني ما �أخذت م��ن هذه الدنيا‬
‫الدنيئة �شيئاً‪.‬‬
‫�أج��ل �إنه ّذاك الب�ش��ير المم�ش��وق بهامة‬
‫الأبط��ال‪ ،‬والمخلوق من ترب ٍة فردو�س��ي ٍة �أتى‬
‫م��ع طي��ور الأبابي��ل منا�ص��ر ًا للح��ق‪ ،‬ورح��ل‬
‫بن��ور عاد �إل��ى النور ف�آب �إلى �أعماق ال�ش��وق‬
‫الإله��ي‪ ،‬مقدم ًا دم��ه وروحه وج�س��ده قربان ًا‬
‫لن�صرة الدين المحمدي الأ�صيل‪.‬‬
‫لق��د �صدَ ْق��تَ وع��د اهلل ي��ا فار���س‬
‫�اف‬
‫ال�ش��جعان‪ ،‬فغ��دوت تم�ض��ي عل��ى �ضف� ِ‬
‫الكوث��ر تغ�س��ل خ�ض��وب دمائ��ك م��ن ج��راح‬
‫الغدر الناكل كفر ًا على الحرمات‪ ،‬وتلوِّح من‬
‫هن��اك لأمك‪ ،‬ل�صف��ا ِء ال��روح وحبيبة الروح‬
‫تبعث �إليها تحية �أهل الجنة �سالم ًا وتخبِرها‬
‫عن �سرور ال�سابقين ال�سابقين‪.‬‬
‫ف��ي ي��وم مول��دك كن��ت �صباح � ًا مر َّت�ل ًا‬
‫�أن�ش��ود ًة من �أ�ضلع ال�ض��وء على التالل‪ ،‬ويوم‬
‫�ش��هادتك نم��ت ف��ي �س��حب ال�س��ماء تُرجِّ ��ع‬
‫عينيك‪ ،‬لم يعد لك غاية ت�س��عى‬
‫َ‬
‫الأحالم في‬
‫�إليه��ا غي��ر ذاك الت��وق محموم � ًا �إل��ى �أم��ك‬
‫�وط ف��ي جبينه��ا‬
‫تهجِّ ��ي م��ا تبق��ى م��ن خط� ٍ‬
‫كا�س��ي ًا طع��م حنينه��ا بالأمان��ي جاب�ل ًا م��ن‬
‫�أ�ضلعك طين ًا �أني�س � ًا لها‪ ،‬تف ُّر ب�صورة وجهها‬
‫تط��وي الفيافي في جناح حنانها من �س��طوة‬
‫الأ�شواق في حمى يديك‪.‬‬
‫و�إل��ى وال��دك ه��ذا ال�ش��امخ ف��ي عليائ��ه‬
‫المترب��ع عل��ى عر���ش الفخ��ر والع��زة ترن��و‬
‫�إلي��ه وك�أن��ك به تق��ول �إن الرج��ال تعرف من‬
‫�أ�صالبه��ا �أب�ش��ر ي��ا وال��دي بالجن��ة‪ ،‬وتا ِب��ع‬
‫طريق المجد ف�أنا �أ�ض�أتها لإخوتي و�أخواتي‪،‬‬
‫لم�س��يرٍ �سرمدي حيث النجوم تملأ ال�سماء‪،‬‬
‫وحيث ال�س��حاب الذي يجلجل في كل مكان‪،‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪(1‬مهداة الى روح الشهيد محمد عمرو‪ ،‬مواليد عام‪ ،1994/8/23 :‬البلدة‪ :‬المعي�صرة‪ ،‬فتوح ك�سروان‬
‫شيع بتاريخ ‪2015/2/28‬م‪.‬‬
‫والده‪ :‬عبد المنعم محمد بشير عمرو‪.‬‬
‫والدته‪ :‬صفاء محمد عمرو‪.‬‬
‫حيث اللهفة العاشــقة للح�س��ين ذاك دربنا‬
‫وم�شيئتنا دائم ًا وابداً‪.‬‬
‫في��ا بط ًال ل��ك من �أهل��ك و�أتراب��ك �ألف‬
‫�أل��ف تحية و�إجالل‪ ،‬ي��ا رافع راية المجد لك‬
‫من محبي��ك فاتحة الكت��اب يهدونها لك في‬
‫ترنيمة �صالة ودعاء‪ ،‬فاب�ش��ر يا محمد بوعد‬
‫الل ا�شْ � َترَى‬
‫اهلل ع��ز وج��ل في قوله‪�( :‬إِنَّ ّ َ‬
‫مِ نَ ا ْل ُم�ؤْمِ نِينَ �أَنفُ�سَ �هُمْ َو�أَمْ وَا َلهُم ِب�أَنَّ‬
‫الل‬
‫َل ُه��مُ الجَ َّن � َة ُيقَا ِت ُل��ونَ ِف��ي �سَ �بِيلِ ّ ِ‬
‫َف َي ْق ُت ُل��ونَ َو ُي ْق َتلُونَ وَعْ ��دً ا عَ َل ْي ِه حَ قًّا فِي‬
‫ال َّت � ْورَا ِة وَالإِنجِ يلِ وَا ْل ُق � ْر�آنِ وَمَ نْ أَ� ْوفَى‬
‫الل فَا�سْ َتبْ�شِ �رُو ْا ِب َب ْي ِع ُك��مُ‬
‫ِب َع ْه��دِ ِه مِ ��نَ ّ ِ‬
‫ا َّل��ذِ ي بَا َي ْع ُت��م ِب � ِه وَذَ ِل� َ�ك هُ � َو ا ْل َف � ْو ُز‬
‫ا ْلعَظِ يمُ ) �سورة التوبة‪ ،‬الآية ‪.111‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪77‬‬
‫أخبار ونشاطات‬
‫العالّ مة‬
‫فضل اهلل‬
‫لنعمّم جتربة جبيل النموذجيّة‬
‫يف التّعايش ملواجهة مشاريع القتل‬
‫إعداد‪ :‬األستاذ محمد عبد الوهاب عمرو‬
‫‪78‬‬
‫قام العالّمة ال�سيّد علي ف�ضل اهلل بزيارة تفقّديَّة لمدر�سة‬
‫ر�سول المحبّة ‪ w‬في جبيل في‪2015/2/25‬م وكان في �إ�ستقباله‬
‫مدير الثانوية الأ�ستاذ محمد �سليم‪ ،‬وع��دد من �أف��راد الهيئة‬
‫ق�ص �سماحته‬
‫التعليميَّة والإداريَّة‪ ،‬وطالب الثانوية‪ .‬في البداية‪َّ ،‬‬
‫�شريط افتتاح ق�سم المرحلة المتو�سّ طة في الثانوية‪ ،‬بح�ضور‬
‫وم�شاركة القا�ضي الدكتور ال�شيخ يو�سف عمرو‪ ،‬و�إمام المركز‬
‫الإ�سالميّ في جبيل ال�شيخ غ�سان اللقي�س‪ ،‬ورئي�س بلدية جبيل‬
‫زي��اد ال�ح�وّاط‪ ،‬وم�س�ؤول قطاع جبيل وك�سروان في حزب اهلل‪،‬‬
‫ال�صفوف‪،‬‬
‫ال�شيخ علي برو‪ .‬ثم قام الح�ضور بجولة تفقّديّة في ّ‬
‫مف�صل ع��ن �أ�ساليب التَّدري�س‪،‬‬
‫ّ‬
‫ا�ستمعوا خاللها �إل��ى �شرح‬
‫والمنهجيّة المتّبعة فيه‪.‬‬
‫بعدها‪� ،‬ألقى �سماحته كلم ًة �أمام المعلّمين والإداريين عبَّر‬
‫فيها عن �سعادته الكبيرة بلقائهم‪ ،‬وعن اعتزازه بما يبذلونه من‬
‫جهد وتفانٍ في عملهم‪� ،‬سعي ًا لإنجاح هذه الم�ؤ�سَّ �سة وتطويرها‬
‫وتقدّمها نحو الأف�ضل‪.‬‬
‫وتابع‪« :‬نريد لهذا اللقاء �أن يكون من القلب �إلى القلب‪ ،‬بعيد ًا‬
‫عن ك ّل المجامالت والحواجز‪ .‬وما و�صلت �إليه هذه الم�ؤ�سَّ �سة‪،‬‬
‫كان بف�ضل جهودكم وتعاونكم ور�ساليَّتكم و�إخال�صكم»‪.‬‬
‫و�أ�ضاف �سماحته‪«:‬لي�س م�ستغرب ًا منكم هذه الحيويَّة والن�شاط‪،‬‬
‫و�أنتم تعملون في مدر�سة تحمل ا�سم ر�سول اهلل‪ ،‬وتذكّرنا بك ّل‬
‫هذا التاريخ الم�شرق‪ ،‬وبح�ضارتنا وهويّتنا‪ ،‬وبك ّل هذه القيم الَّتي‬
‫جاء بها ر�سول اهلل للب�شريَّة جمعاء‪ ،‬وفي طليعتها المحبّة‪ ،‬الَّتي‬
‫نريدها �أن تنعك�س على الآخر»‪.‬‬
‫وقال‪« :‬نحن في هذه المدر�سة‪ ،‬وفي ك ّل الم�ؤ�سّ �سات‪ ،‬ننطلق‬
‫من فكرٍ هويّته االنفتاح والتوا�صل مع الآخ��ر‪ ،‬وال ن�ؤطّ ر هويّتنا‬
‫�ضمن مذهب �أو طائفة �أو موقع �سيا�سيّ ‪ ،‬ولدينا قناعاتنا‪ ،‬ولكنَّ‬
‫هدفنا الأ�سا�سيّ في هذه الم�ؤ�سَّ �سات‪ ،‬هو بناء �شخ�صيّة الإن�سان‬
‫الّذي يعي�ش االنتماء �إلى هذا البلد‪ ،‬وي�ؤمن بالمواطنة وال�شّ راكة‪.‬‬
‫و�أهمّية هذا اللقاء‪ ،‬هو في تنظيمه في هذه المدينة العريقة؛‬
‫مدينة جبيل‪ ،‬لما تمثّله من تنوّع وتاريخ وح�ضارة وقيم‪.‬‬
‫ولفت �سماحته �إلى �أنَّ م�شكلتنا في لبنان وال�شَّ رق‪ ،‬تنبع من‬
‫تركيزنا الدائم على مواقع االختالف‪ ،‬والعمل على تعميقها‪ ،‬من‬
‫دون االهتمام بمواقع اللقاء والم�شتركات‪ .‬ومن هنا‪ ،‬م�س�ؤوليَّة‬
‫المدر�سة كبيرة في تربية �أجيال ت�ؤمن بالوطن والتعاي�ش‪ ،‬وتعمل‬
‫لم�ستقبل واعد‪ ،‬وتحمل ك ّل قيم الأديان‪.‬‬
‫وتابع‪«:‬نريد لتجربة جبيل في التَّعاي�ش والتَّعاون والتَّالقي‬
‫والتَّوا�صل‪� ،‬أن تعمّم‪ ،‬لت�شكّل نموذج ًا في مواجهة من ي�سعى �إلى‬
‫زرع بذور الخوف والحقد‪ ،‬والقتل با�سم الدين‪ ،‬و�إقامة الحواجز‬
‫والمتاري�س تحت عناوين مختلفة‪ .‬ونحن نتطلَّع‬
‫دوم ًا �إلى وطن ي�ش ّع علم ًا و�إبداع ًا وفكر ًا وثقاف ًة‬
‫على المنطقة‪ ،‬في ظ ّل هذه الفو�ضى والحروب والفتن‬
‫المتنقّلة؛ وطن له دوره الم�ؤثّر‪ ،‬بد ًال من �أن يبقى �أ�سير‬
‫وال�صراعات الّتي تع�صف بمنطقتنا‪ ،‬من �أجل‬
‫التجاذبات ّ‬
‫تمرير م�شاريع لإعادة تق�سيمها على �أ�س�س طائفيَّة ومذهبيَّة‬
‫ال�صهيوني»‪.‬‬
‫وعرقيَّة تخدم الم�شروع ّ‬
‫وختم قائالً‪�« :‬إنّ طابع مدار�سنا �إ�سالميّ ‪ ،‬لي�س بالعنوان‬
‫وال بال�شَّ كل‪ ،‬بل بالعمق الإن�سانيّ والم�ضمون االنفتاحيّ ‪ ،‬لنقدّم‬
‫ال�صورة الح�ضاريّة لهذا الدّين‪ ،‬ا َّل��ذي يحترم الآخ��ر‪ ،‬وي�ؤمن‬
‫ّ‬
‫بالفكر المنفتح والتنوّع‪ .‬ولذلك‪ ،‬ال ب ّد من ت�أكيد البعد الرّوحيّ في‬
‫بناء �شخ�صيَّة الإن�سان‪ ،‬وتعزيز عالقته مع اهلل‪ ،‬من �أجل تح�صين‬
‫�أنف�سنا من الإنحراف والإن�سياق وراء ال�شّ هوات والغرائز»‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫أخبار ونشاطات‬
‫المجتمع المدني‬
‫واذ ال يخفى على �أح��د �أنّ االم�ك��ان��ات للو�صول ال��ى هذه‬
‫الأهداف قد تكون متوا�ضعة‪� ،‬شدد ال�سيّد ف�ضل اهلل في كلمته‬
‫على ر�ؤيته لـ «دور فاعل للمجتمع االه��ل��ي وال��م��دن��يّ ف��ي مجال‬
‫المدني‬
‫ّ‬
‫المجتمع‬
‫والسلم األهلي‬
‫يف عام ‪2015‬م‪.‬‬
‫إعداد‪ :‬األستاذ محمد عبد الوهاب عمرو‬
‫‪80‬‬
‫بدعوة من «ملتقى الأدي�����ان وال��ث��ق��اف��ات للتنميّة وال��ح��وار»‬
‫عقد في ق�صر الأوني�سكو في بيروت ع�صر يوم الجمعة في ‪20‬‬
‫�شباط م�ؤتم ٌر برئا�سة العالّمة ال�سيّد علي ف�ضل اهلل بالتعاون‬
‫مع م�ؤ�س�سات من المجتمع المدني و�شخ�صيات دينيّة‪ ،‬عقد‬
‫هذا الم�ؤتمر الع�لان عام ‪ 2015‬عام ًا لل�سلم الأهلي و�إع�لان‬
‫الثالث ع�شر من ني�سان من كل عام يوم ًا وطني ًا لل�سلم الأهلي‬
‫في لبنان‪ .‬ح�ضر اللقاء ح�شد من ال�شخ�صيات الدينيّة والروحيّة‬
‫والإجتماعيّة وال�سيا�سيّة وممثلون عن الأحزاب والقوى ال�سيا�سيّة‬
‫في لبنان‪.‬‬
‫وقد جاء في �صحيفة «البلد» ال�صادرة في يوم ال�سبت في ‪21‬‬
‫�شباط ‪2015‬م‪ .‬ال�صفحة الثامنة بقلم‪ :‬ال�صحافيّة زينب زعيتر‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫هيئة وطنية‬
‫وك��ان ملتقى «الأدي����ان والثقافات للتنمية وال��ح��وار» والذي‬
‫ير�أ�سه العالّمة ال�سيّد علي ف�ضل اهلل قد �أنجز وبالتعاون مع‬
‫م�ؤ�س�سات و�شخ�صيات م��ن المجتمع المدني م�ب��ادرة لدعم‬
‫الحوار وال�سلم الأهلي‪ ،‬فيما دعا ال�سيّد ف�ضل اهلل بالأم�س خالل‬
‫لقاء مو�سع الى ت�شكيل الهيئة والتي �سوف ت�ض ُّم كل الم�ؤ�س�سات‬
‫والجمعيات وال�شخ�صيات الحري�صة على تقديم �إ�سهامات في‬
‫هذه الق�ضية �إيمان ًا منها بال�سلم الأهلي‪ .‬وكانت دعوة مفتوحة‬
‫الى كل الحري�صين على تعزيز مناخات التحاور وتغليب ال�صوت‬
‫الديني المعتدل و�إعطاء الدعم الكامل للمجتمع الأهلي لتحفيزه‬
‫ودعمه كي ال يكون دوره بال فعالية نظر ًا الى تجارب المجتمع‬
‫المدني الكثيرة التي لم ت�ستطع ان ت�شكل قوة �ضاغطة في كثير‬
‫من اال�ستحقاقات‪.‬‬
‫وت�سجل للم�شاركين في �إعداد المبادرة و�إطالق الوثيقة نقاط‬
‫�إيجابية كونها ال تزال مُ�صرّة على الت�أكيد على دور المجتمع‬
‫المدني عبر �إعطائه الثقة وعدم �إحباطه لكي ي�ؤدي دور ًا فاع ًال‬
‫في هذا المجال‪ ،‬و�إف�ساح المجال لل�شخ�صيات الدينية لت�شارك‬
‫الى جانب تلك الم�ؤ�س�سات في عملية النهو�ض بال�سلم االهلي‪.‬‬
‫حماية ال�سلم الأهلي‪ ،‬الفتاً الى �أ ّن��ه �إذا لعب هذا المجتمع دوره‬
‫ف�إنه �سوف يترك �آثاراً �إيجابية كبيرة على الواقع»‪ .‬و�أ�ضاف «ربما‬
‫ال تخدمنا ال��ظ��روف المو�ضوعية ولكن م��ن واجبنا ان نتحرك‬
‫ونقوم ب��دورن��ا‪ .‬نحن متفائلون وال ن��رى الم�ستقبل اال بالحوار‬
‫وال�سلم الأهلي ونريد لهذا اللقاء �أن يكون منطلقاً لعمل ت�شاركي‬
‫د�ؤوب لحماية ال�سلم الأهلي من كل العوا�صف التي ت�سعى الى هز‬
‫كل الكيانات لتكون على �أ�سا�س طائفيّ ومذهبيّ »‪.‬‬
‫المواثيق الدوليّة‬
‫و�شكلت عناوين النداء الذي تمت تالوته محور ًا للإنطالق‬
‫ال��ى ال�م��داخ�لات التي �ست�شكل ف��ي المرحلة الثانية عناوين‬
‫لبرنامج العمل وبموجبه �ستبد�أ الآليات التنفيذية لبلورة هذا‬
‫ال�ن��داء‪ .‬وف��ي ال�ن��داء‪ ،‬ت��مَّ التركيز على رغبة المبادرين الى‬
‫�إطالقه وقد هالهم ما و�صلت �إليه الأمور من فظائع و�إرتكابات‬
‫بحق الإن�سانية ومن تدني�س وت�شويه للقيم الإن�سانية‪ ،‬الذين‬
‫اعتبروا �أنّ الدعوة ت�أتي لك�سر حاجز ال�صمت والى رفع ال�صوت‬
‫عالياً‪� ،‬أ�ضحت واجب ًا ديني ًا وان�سانياً‪ .‬وفي الوثيقة �أي�ض ًا «يدرك‬
‫المبادرون �أن ما بعثت به الديانات ال�سماوية يلتقي مع �إتجاهات‬
‫ومبادئ العهود والمواثيق الدوليّة‪ ،‬وهم ينظرون بعين التقدير‬
‫والإحترام الى جميع البيانات والنداءات ال�صادرة تباعاً عن اعلى‬
‫المرجعيات الروحيّة الم�سيحيّة والإ�سالميّة»‪.‬‬
‫دولة المواطنة‬
‫�أمّا النقاط التي �سيتم العمل على �أ�سا�سها فهي‪ :‬القيام بدور‬
‫ديني فاعل �أخالقي ًا و�إجتماعيا ًلتعزيز الحوار ورف�ض التطرف‬
‫ورف�ض �إ�ستغالل الأدي ��ان في النزاعات ال�سيا�سيّة‪ ،‬الحر�ص‬
‫على وحدة الأمة وتح�صينها في مواجهة الإره��اب‪ ،‬تعزيز دور‬
‫المرجعيات الدينية وم�ؤ�س�سات المجتمع المدني من �أجل �إعداد‬
‫خطة طوارئ لإطفاء الفتن الدينيّة والأهلية‪ ،‬والت�أكيد على دولة‬
‫المواطنة والحريات في لبنان والمنطقة‪ .‬وي�سعى المعنيون‬
‫الى الت�أكيد ب�أن الحفاظ على الخ�صو�صيات الدينيّة العقائديّة‬
‫وال�شرعيّة بين اللبنانيين‪ ،‬ال يتنافى واحترام حرية المعتقد‬
‫ال ��دي��ن ��يّ ل�ج�م�ي��ع ال �م��واط �ن �ي��ن‪،‬‬
‫وال ي�ت�ع��ار���ض م��ع ح��ق المواطنة‬
‫وال�م���س��اواة بين اللبنانيين كافة‪،‬‬
‫والت�أكيد ب ��أن �إن�ه��اء ح��ال الإحتقان‬
‫ال�م��ذه�ب��يّ وال�ط��ائ�ف��يّ ف��ي الأم ��ة هو‬
‫م�س�ؤوليّة جميع المواطنين من دون‬
‫�إ�ستثناء‪� .‬إ�ضافة ال��ى دع��وة جمعيات‬
‫المجتمع ال�م��دن��يّ وهيئاته ومنظماته‬
‫وم��ؤ��س���س��ات ال �ح��وار ال ��ى �إع� ��داد خطة‬
‫ط��وارئ ذات توجهين دينيّ ومدنيّ تعمل‬
‫على �إطفاء الفتن الدينيّة والأهلية كما‬
‫ت�سعى ال��ى توحيد ال�م��وق��ف م� ّم��ا يُ�سمى‬
‫بتحليل ال�ع�ن��ف ب��إ��س��م ال��دي��ن وال�ح��اج��ة‬
‫الما�سة الى �ضرورة معالجة هذه الظاهرة‬
‫ب �ب��رام��ج متخ�ص�صة م��ن خ�ل�ال درا� �س��ة‬
‫�أ�سبابها والإ�شارة الوا�ضحة الى تداعياتها‬
‫الخطيرة على المجتمع‪.‬‬
‫عام لل�سلم‬
‫وتخلل ال�ل�ق��اء ع��دد م��ن ال�م��داخ�لات‬
‫�إقترحت م��ا يفتر�ض م��ن خاللها تعزيز‬
‫ال�ن��داء وب��رام��ج العمل خدمة ل�ل�أه��داف‪،‬‬
‫فمنها م��ا رك� � ّز ع�ل��ى �أن ق�ي��ام��ة ال�سلم‬
‫الأهلي ال تكون �إال بقيامة الدولة المدنيّة‪،‬‬
‫وتفعيل ال�ح��وار الإ��س�لام��يّ ـ الم�سيحيّ‬
‫او ال �� �س �ن��يّ ـ ال �� �ش �ي �ع��يّ ‪� ،‬إ� �ض��اف��ة ال��ى‬
‫الإعتراف بالتعدديّة‪ ،‬وبناء ال�شراكة‬
‫م��ع الجامعات وال�ث��ان��وي��ات لإ��ش��راك‬
‫الطالب في الخدمة المدنيّة‪ ،‬وتعزيز‬
‫مفهوم الم�ساءلة‪ .‬كما ت�ضمن اللقاء‬
‫�إقتراحات و�أن�شطة وفعاليات ليكون‬
‫العام ‪ 2015‬عام ًا لل�سلم الأهلي في‬
‫لبنان‪ ،‬و�إقتراح ًا ب�أن يكون الثالث‬
‫ع�شر من ني�سان اليوم الوطنيّ‬
‫لل�سلم الأهلي في لبنان‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫أخبار ونشاطات‬
‫بولس سالمة‬
‫وبالد جبيل‬
‫‪82‬‬
‫�أقام اقليم جبل لبنان ـ المنطقة الثالثة في حركة «�أمل» حف ًال‬
‫تكريمي ًا تحت عنوان‪« :‬ايقونة العي�ش الم�شترك» للقا�ضي الأديب‬
‫وال�شاعر الراحل بول�س �سالمة‪ ،‬في قاعة الإمام مو�سى ال�صدر في‬
‫النادي الح�سينيّ في كفر�ساالـ عم�شيت‪ .‬وذلك م�ساء يوم الجمعة‬
‫الواقع فيه ‪2014/11/28‬م‪ .‬ح�ضره المفتي الجعفريّ لبالد جبيل‬
‫وك�سروان ال�شيخ عبد الأمير �شم�س الدين‪ ،‬القا�ضي الجعفريّ في‬
‫جبيل الدكتور ال�شيخ يو�سف محمد عمرو‪ ،‬الأب رومانو�س �سا�سين‬
‫ممث ًال للمطران مي�شال ع��ون‪ ،‬الم�ست�شار القا�ضي ال�شيخ عبد‬
‫الحليم �شرارة‪ ،‬ال�شيخ �أحمد اللقي�س ممث ًال والده ال�شيخ غ�سّ ان‬
‫اللقي�س‪ ،‬ال�شيخ ح�سن الم�صري نائب رئي�س المكتب ال�سيا�سي‬
‫في حركة «�أم��ل»‪ ،‬النائب وليد خ��وري‪ ،‬قائمقام جبيل ال�سيدة‬
‫نجوى �سويدان فرح‪ ،‬المحامي ر�شاد بول�س �سالمة‪ ،‬ال�شاعر جورج‬
‫�شكور‪ ،‬ال�شيخ ب�سّ ام �سلمان العيتاوي‪ ،‬ال�شيخ م�صطفى القماطي‪،‬‬
‫مدير الإذاعة اللبنانية محمد ابراهيم‪ ،‬المحامي جان الحوّاط‪،‬‬
‫الحاج ح�سين �أ�سعد م�س�ؤول م�ؤ�س�سة العالّمة المرجع ال�سيّد محمد‬
‫ح�سين ف�ضل اهلل(قده)‪ ،‬في جبيل وال�شمال‪ ،‬الأب انطوان خ�ضرا‪،‬‬
‫ال�سيد �أحمد مرت�ضى رئي�س الق�سم الثقافي للعلماء في جبل‬
‫لبنان‪ ،‬ممثلون عن «حزب اهلل»‪ ،‬تيار المردة‪ ،‬الحزب ال�سوري‬
‫القومي الإجتماعيّ ‪ ،‬حزب البعث‪ ،‬وفد من حركة "�أمل" برئا�سة‬
‫م�س�ؤول اقليم جبل لبنان المهند�س �سعيد ن�صر الدين ووجوه‬
‫عيد األم وهيئة دعم‬
‫المقاومة اإلسالميّ ة‬
‫�إجتماعيّة وتربويّة وع�سكريّة‪.‬‬
‫بداية كانت مع القر�آن الكريم والن�شيد الوطنيّ ون�شيد حركة‬
‫«�أمل»‪ .‬ق�دّم الخطباء الأ�ستاذ علي عطوي ثمّ �ألقى المحامي‬
‫الأ�ستاذ ر�شاد بول�س �سالمة‪ ،‬ف�أ�شار �إلى عالقة والده الروحية‬
‫واللغوية بالقر�آن الكريم ونهج البالغة‪ .‬وت�أثره ب�سيرة الإمامين‬
‫عليِّ والح�سين و�شهادتهما‪ .‬وعن ع�شقه للجمال والكمال والف�ضائل‬
‫الإن�سانيّة التي تجلّت ب�أجمل �صورها بعليِّ والح�سين ‪ .o‬كما‬
‫تحدّث عن �إيمان والده بال�سيّد الم�سيح وبالنبيِّ العربيِّ مُحمّد‬
‫وبالإمام عليّ بن �أبي طالب ونجله الح�سين(عليهم جميع ًا �أف�ضل‬
‫الصالة ال�سّ الم)‪ ،‬وببع�ض القدي�سين اللبنانيين‪ .‬وعن عالقة والده‬
‫بالإمام ال�سيّد مو�سى ال�صدر ومواكبته لم�سيرته‪ .‬كما تحدّث عن‬
‫عالقته ال�شخ�صيّة بالإمام ال�سيّد مو�سى ال�صدر وبالرئي�س نبيه‬
‫برّي‪ .‬وختم حديثه ب�شكره لبالد جبيل عن هذا الحفل التكريمي‬
‫لوالده وال غرو في ذلك ف�أول من كتب �أطروحة دكتوراه عن والده‬
‫هو �إبن جبيل البّار الدكتور الأ�ستاذ �سلمان علي العيتاوي‪ .‬ثُمّ خُ تِمَ‬
‫الإحتفال بكلّمة لل�شيخ ح�سن الم�صري عن مزايا الأديب الألمعي‬
‫الكبير بول�س �سالمة وعالقته بالإمام ال�سيّد مو�سى ال�صدر‪ .‬ثُمّ‬
‫قدّم ال�شيخ الم�صري مع �سعيد ن�صر الدين والنقيب علي خير‬
‫الدين درع ًا تقديري ًا ب�إ�سم حركة «�أم��ل» للمحامي ر�شاد بول�س‬
‫�سالمة‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫�أقامت «هيئة دعم المقاومة الإ�سالميّة»‪ ،‬قطاع جبيل وك�سروان‬
‫�إفطار ًا �صباحي ًا بمنا�سبة عيد الأم في مطعم «بيبلو�س باال�س» ـ‬
‫جبيل �صباح يوم الأحد في ‪� 15‬آذار ‪2015‬م‪ .‬تكريم ًا للأم ولأمهات‬
‫ال�شهداء‪ .‬برعاية النائب الأ�ستاذ عبا�س ها�شم ح�ضره ح�شد كبير‬
‫من الأمهات و�أمهات ال�شهداء‪ ،‬كانت عريفة الإحتفال الحاجة �أم‬
‫حيدر برق‪ ،‬وت�ضمن برنامج الإحتفال‪:‬‬
‫�أ ـ قر�آن كريم تاله م�س�ؤول القطاع الحاج ه�شام الحالّني‪.‬‬
‫ب ـ الن�شيد الوطني اللبناني ون�شيد المقاومة‪.‬‬
‫ج ـ فيلم وثائقي ‪ D.V.D‬لم�شاريع هيئة دعم المقاومة‪.‬‬
‫د ـ كلمة ترحيبيّة للأن�شطة الن�سائيّة المركزيّة �ألقتها م�س�ؤولة‬
‫العالقات الن�سائيّة المركزيّة في «حزب اهلل» الحاجة غزوة الخن�سا‪.‬‬
‫ه ـ تكريم لثالث �أُمهات من �أُمهات ال�شهداء‪.‬‬
‫الحاجة «�أم ح�سن» م�سلماني وهي �أم لثالثة �شهداء‪.‬‬
‫الحاجة «�أم �أحمد» عمرو والدة ال�شهيد ق�صي علي عمرو‪.‬‬
‫الحاجة «�أم محمد» عمرو وال��دة ال�شهيد محمد عبد المنعم‬
‫عمرو‪.‬‬
‫ز ـ كلمة راعي الحفل النائب الأ�ستاذ عبا�س ها�شم تكلّم فيها‬
‫عن �أهمية المنا�سبة والمقاومة وعملها و�أهمية دعمها المعنوي‬
‫والمادي‪ .‬كما تطرّق بحديثه �إل��ى وج��وب الوحدة الوطنيّة بوجه‬
‫العدو الإ�سرائيلي والعدو التكفيري ودعم جي�شنا البا�سل ومقاومتنا‬
‫البا�سلة‪.‬‬
‫كما تخلل الإحتفال تقديم هدايا من ال��ورد لراعي الإحتفال‬
‫ولأم�ه��ات ال�شهداء و�أنا�شيد من وح��ي المنا�سبة للمن�شد ال�سيّد‬
‫�إ�سماعيل عبا�س‪.‬‬
‫ح�ضر الحفل كل من‪ :‬وفد من التيار الوطنيّ الحر في ق�ضاءي‬
‫جبيل وك�سروان‪ ،‬وفد من تيار المردة‪ ،‬وفد من الحزب ال�سوري‬
‫القومي الإجتماعيّ ‪ ،‬م�س�ؤول قطاع جبيل وك�سروان ال�شيخ علي‬
‫برّو‪ ،‬م�س�ؤول قطاع جبيل وك�سروان في هيئة دعم المقاومة الحاج‬
‫ه�شام الحالّني‪ ،‬عقيلة النائب ها�شم‪ ،‬عقيلة النائب الحاج علي‬
‫عمّار الحاجة جمال عمّار‪ ،‬عقيلة القا�ضي الدكتور ال�شيخ يو�سف‬
‫عمرو‪ ،‬الدكتورة زينب عثمان عقيلة الدكتور محمد حيدر �أحمد‪،‬‬
‫م�س�ؤولة العالقات المركزية للأن�شطة الن�سائية الحاجة غزوة‬
‫الخن�سا‪ ،‬م�س�ؤولة الأن�شطة في قطاع جبيل وك�سروان في هيئة دعم‬
‫المقاومة الإ�سالميّة الحاجة ابت�سام ياغي‪ ،‬الحاجة �سمر عمرو‬
‫عقيلة الحاج ه�شام الحالّني وجمع من الأخوات من ق�ضاءي جبيل‬
‫وك�سروان‪.‬‬
‫أخبار ونشاطات‬
‫جمعية اإلمداد‬
‫‪ 28‬عاماً يف خدمة األيتام‬
‫ومن ال معيل لهم‬
‫‪84‬‬
‫مُح ّم ٌد نبيُّ الرحمة‬
‫في �أج��واء الذكرى الميمونة ل��والدة نبيّ الرحمة ‪ w‬ووالدة‬
‫حفيده االم��ام ال�صادق‪ t‬و�إنطالقة ا�سبوع كفالة اليـتيم(في‬
‫�أ�سرته) والذكرى ‪ 28‬لعمل جمعية الإم��داد الخيرية الإ�سالمية ـ‬
‫لبنان‪ .‬احتفلت الجمعية بهذا الحدث في ال�صالة الرئي�سة (قاعة‬
‫ال�شهيد ال�صدر‪ ،‬ثانوية المهدي‪ )r‬الحدث‪� ،‬شارك فيه ك ٌل من‬
‫رئي�س المجل�س التنفيذي في حزب اهلل �سماحة ال�سيد ها�شم �صفي‬
‫الدين‪� ،‬سعادة �سفير الجمهورية الإ�سالمية ال�سيد محمد فتحعلي‬
‫وممثل �سماحة ال�سيد علي ف�ضل اهلل‪ ،‬ممثل �سماحة �آية اهلل العظمى‬
‫ال�سيّد ال�سي�ستاني(دام ظله)‪ ،‬ممثل �شيخ عقل الطائفة الدرزية ‪ ،‬و‬
‫لفيف من العلماء من �أهل ال�سُ نَّة وال�شيعة‪ ،‬ممثل الجنرال مي�شال‬
‫ع��ون والنائب �سليمان فرنجية‪ 27،‬نائبا في البرلمان اللبناني‪،‬‬
‫ممثل قائد الجي�ش اللبناني‪ ،‬عدد من الق�ضاة والمحامين وممثلون‬
‫عن المدراء العامين قوى الأمن الداخلي والأمن العام والجمارك‬
‫ومخابرات الجي�ش وزارة ال�ش�ؤون الإجتماعية‪ ،‬ممثالن عن النائبين‬
‫ط�لال ار�سالن وا�سعد ح��ردان‪ ،‬م�س�ؤولو ح��زب اهلل في المناطق‬
‫والمحافظات‪ ،‬ر�ؤ��س��اء البلديات والمخاتير‪ ،‬ممثلو العديد من‬
‫الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية والفل�سطينية‪ ،‬ا�ضافة الى ر�ؤ�ساء‬
‫وم�س�ؤولي الجمعيات والم�ؤ�س�سات الأهليه‪ 350 ،‬طالبا جامعي ًا‬
‫ترعاهم الجمعية في لبنان وح�شد من الجماهير الغفيرة الذين‬
‫غ�صت بهم القاعة الرئي�سية في بيروت والقاعات الأربع في مناطق‬
‫�صور ـ النبطية ـ بعلبك ـ الهرمل‪.‬‬
‫منذ �أن �سمحت الظروف الم�ؤاتية‪ ،‬ن�شط �أكثر من ‪195‬عام ًال‬
‫وع�شرات المتطوعين في �إعداد الحفل المركزي الذي قُرر �أن يقام‬
‫برعاية �أمين عام حزب اهلل �سماحة ال�سيد ح�سن ن�صر اهلل (حفظه‬
‫اهلل)‪.‬‬
‫وذل��ك يوم الجمعة ‪ 17‬ربيع االول الموافق ‪2015 /01 / 09‬‬
‫فعقدت جل�سات الت�شاور و�إ�ستنه�ضت الهمم للتح�ضير وتبيان‬
‫الم�ستلزمات االع�لام�ي��ة واالع�لان �ي��ة وتجهيز ال �ق��اع��ات‪ ،‬دع��وة‬
‫الفعاليات الر�سمية وال�شعبية والكفالء والداعمين‪.‬‬
‫وذلك بهدف �إنجاح الحفل ب�شكل يليق بالمنا�سبة‪ ،‬يتم من خالل‬
‫الحملة تكفل ‪ 4050‬يتيم ًا ترعاهم جمعية الإمداد في لبنان‪ ،‬للو�صول‬
‫�إلى تكفل كل الأيتام الذين هم تحت رعاية الإمداد في لبنان‪ ،‬وكان‬
‫عنوان الحملة (�ألم يجدك يتيم ًا ف�آوى)‪.‬‬
‫الحملة الإعالمية‬
‫في نف�س ال�سياق ككلِّ عام تبد�أ التح�ضيرات الوا�سعة النطاق‬
‫لأ�سبوع كفالة اليتيم عبر تنظيم لوحات �إعالنية عمالقة في الأماكن‬
‫العامة ال��ى الإع�لان��ات والتقارير ال�صوتية والمرئية والر�سائل‬
‫الق�صيرة و��ص��و ًال �إل��ى �صفحات التوا�صل الإجتماعي وم�شاركة‬
‫المحبين للخير والعمل الإن�ساني ‪.‬‬
‫وما ميز هذا العام هو �إقامة مهرجان �إحتفالي كبير في موازاة‬
‫الحملة الإعالمية لتكفل ‪ 4050‬يتيم ًا لهذا �أذيعت البيانات وبثت‬
‫�إع�لان��ات خا�صة بالمنا�سبة تخاطب ال��وج��دان وروح الم�شاركة‬
‫الفاعلة في كفالة الأيتام‪.‬‬
‫وبرغم �أن العا�صفة الثلجية التي �ضربت لبنان التي كان لها‬
‫ت�أثير على الح�ضور في المناطق الجبلية �إال �أن الإحتفاالت‪ ،‬تكللت‬
‫بالنجاح م��ن حيث البرامج والح�ضور الر�سمي والعلمائي من‬
‫مختلف المذاهب والفعاليات الحزبية وال�شعبية‪ .‬في قاعات بيروت‬
‫ـ الحدث‪� ،‬صور حانوية‪ ،‬النبطية الح�سينية الهرمل ـ قاعة �سيد‬
‫ال�شهداء وبعلبك ح�سينية الإمام الخميني (قده)‪.‬‬
‫فعاليات الإحتفال بذكرى والدة الر�سول الأكرم‪�،w‬أ�سبوع‬
‫كفالة اليتيم ( �أ�سبوع الوحدة الإ�سالمية)‬
‫بد�أ الإحتفال ب�آيات من القر�آن الكريم‪ ،‬تالها ف�ضيلة ال�شيخ‬
‫محمد ح�سن‪ ،‬ثم الن�شيد الوطني اللبناني ون�شيد المقاومة‪ ،‬بعد‬
‫ذلك توا�شيح من وحي المنا�سبة لك�شافة الإمام المهدي‪ r‬وعر�ض‬
‫فيلم لم�سة نور عن �أن�شطة الجمعية‪ ،‬وتلت الطالبة (اليتيمة) �ساره‬
‫م�صباح كلمة الأيتام والأ�سر ومن بعدها كلمة مدير عام جمعية‬
‫الإم��داد في لبنان الحاج محمد برجاوي‪ ،‬حيث �شكر فيها‬
‫�سماحة االمين العام لحزب اهلل على تكرِّمه برعاية الحفل‬
‫وقدم ال�شكر لجميع الخيرين والكفالء للأيتام الذين يدعمون‬
‫من ال معيل لهم عبر جمعية االم��داد في مختلف المجاالت‬
‫متحدث ًا عن م�سار عمل الجمعية‪.‬‬
‫كلمة الطالبة( اليتيمة) �سارة م�صباح ب�إ�سم ‪� 9500‬أ�سرة‬
‫و ‪ 4050‬يتيم ًا ترعاهم الإمداد‬
‫�إني با�سم �أربعة �آالف وخم�سين يتيم ًا (‪ )4050‬وت�سعة �آالف‬
‫وخم�سمائة �أ�سرة (‪ )9500‬ترعاهم جمعية الإمداد في لبنان‪ ،‬نقدر‬
‫غالي ًا كل من �أم َّد ويَم ُّد يد الدعم والت�ضحية والخير ونعاهدكم �أن‬
‫نقابل هذه الت�ضحيات بالإجتهاد والنجاح‪ ،‬لنكون �شباب ًا في خدمة‬
‫الأيتام وعيال ر�سول اهلل‪ ،‬لنبلغ �سبيل الر�ضا بدعائكم ودعمكم‬
‫وتوفيق من اهلل تعالى‪.‬‬
‫الحاج برجاوي ‪ :‬الم�ؤ�س�سة اليوم تقوم بخدمة �آالف الأ�سر‬
‫والأيتام �ضمن برامج مدرو�سة وبميزان الدقة وحفظ الكرامات‬
‫ت�ستمر هذه الم�ؤ�س�سة اليوم بخدمة �آالف الأ�سر والأيتام �ضمن‬
‫برامج مدرو�سة وبميزان الدقة وحفظ الكرامات و�إر�شادات �سماحة‬
‫الإمام الخامنئي (حفظه اهلل) وتوجيهات �سماحة حجة الإ�سالم‬
‫والم�سلمين ال�سيد ح�سن ن�صراهلل ودعائكم ودعمكم جميعاً‪ ،‬و في‬
‫ظل هذه الظروف ال�صعبة والحالة الم�ستع�صية والنزوح الق�صري‪،‬‬
‫ف��إن الجمعية تحتاج لمزيد من الدعاء وال�م��ؤازرة والوقوف الى‬
‫جانبها‪.‬‬
‫ال�سيد ن�صر اهلل‪ :‬جمعية الإمداد �أطلقت حملة لتكفل ‪4050‬‬
‫يتيماً‪� ،‬أدعو لم�ساندتهم‬
‫وك��ان م�سك الختام والخطاب الف�صل لأمين عام حزب اهلل‬
‫�سماحة ال�سيد ح�سن ن�صر اهلل متطرق ًا الى معاني المنا�سبة والى‬
‫االو�ضاع المحلية واالقليمية القائمة‪.‬‬
‫وقد �شرح �سماحته معاني المنا�سبة و�أثنى على جهود جمعية‬
‫الإمداد وت�أييده لحملتها لكفالة ‪ 4050‬يتيم ًا و�إعالتها لآالف الأ�سر‬
‫من الم�ساكين والفقراء ومن ال معيل لهم‪ ،‬ومفتخر ًا بهذه الجمعية‬
‫التي تحمل ا�سم االمام الخميني(قده) �شاكر ًا النا�شطين فيها �أينما‬
‫كانوا‪.‬‬
‫كما �أك َّد �سماحته �أن لجنة االمداد هي في مقدمة الجمعيات‬
‫التي ترعى االيتام والم�ست�ضعفين في مجتمعنا وال بد من تقديم‬
‫كل الدعم المعنوي والمادي لها �شارح ًا ب�شكل مف�صل �أهمية رعاية‬
‫االيتام التي �أك َّد عليها ر�سول الرحمة محمد‪ p‬و�أئمة �أهل البيت‬
‫(‪)1‬‬
‫عليهم ال�سالم ‪.‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪�(1‬إعداد‪�« :‬إطاللة جُ بيليّة» بالتعاون مع مديرية العالقات العامة والإعالم في جمعية الإمداد الخيريّة الإ�سالميّة‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫أخبار ونشاطات‬
‫حكاية‬
‫ لوحة‬
‫ فنية‬
‫‪86‬‬
‫تحت عنوان «نور ال�سماوات والأر�ض» جاءت هذه اللوحة الفنية التي ترمز وتج�سد العقيدة الإ�سالمية ال�صحيحة التي‬
‫ي�ؤمن بها الم�سلمون عامة‪ ،‬وال�شيعة خا�صة‪.‬‬
‫و�أهمية هذه اللوحة الفنية تكمن في فرادتها‪ ،‬لأنها تكاد تكون الأولى من نوعها‪ ،‬حيث لم يظهر مثلها من قبل وهي‬
‫ت�شكل‪ ،‬بما تحتويه من ر�سوم رمزية و�آيات قر�آنية مباركة و�أ�سماء الأئمة الأطهار خير م�صداق للمثل ال�صيني القائل‪«:‬‬
‫�صورة واحدة تغني عن �ألف كتاب»‪.‬‬
‫لقد �أفا�ض المولى �سبحانه على �سماحة ال�شيخ الدكتور �أحمد محمد قي�س حين �ألهمه الإيعاز للفنان جهاد ن�صر الدين‬
‫بر�سمها وتج�سيدها حيث كانت �آية من �آيات الفن الإ�سالمي الراقي‪.‬‬
‫فب�إ�سمي و�إ�سم جميع متذوقي الفن‪ ،‬نتوجه بال�شكر العميم والإمتنان الى ح�ضرة �صاحب ال�سماحة ال�شيخ الدكتور‬
‫قي�س‪ ،‬ونقدّر له هديته الثمينة‪ ،‬كما �إننا نطلب الى اهلل �أن يتقبل منه هذا العمل ب�أح�سن قبول ويجعله في ميزان ح�سناته‪،‬‬
‫�إنه ال�سّ ميع المجيب‪.‬‬
‫د‪.‬عبد الحافظ �شم�ص‬
‫إجازة‬
‫من مجمع البحوث اإلسالميّ ة‬
‫في األزهر الشريف‬
‫بطباعة أطروحة‬
‫الدكتور الشيخ أحمد حممد قيس‬
‫يف جمهورية مصر العربيّة‬
‫�أ�صدرت الأمانة العامّة لمجمع البحوث الإ�سالميّة في الأزهر‬
‫ال�شريف �إجازة واذن ًا �شرعي ًا لف�ضيلة الدكتور ال�شيخ �أحمد محمد‬
‫قي�س بطباعة �أطروحته تحت عنوان‪ «:‬التو�سل من منظار القر�آن‬
‫وال�سُ نّة والعقل» بتاريخ الخام�س من �شهر كانون الثاني ‪2015‬م‪ .‬في‬
‫جمهورية م�صر العربيّة‪ .‬وقد قام بطباعة هذه الأطروحة والإ�شراف‬
‫عليها الباحث الإ�سالميّ الدكتور ي�سري عبد الغني عبداهلل وقدّم له‬
‫رئي�س تحرير هذه المجلة القا�ضي الدكتور ال�شيخ يو�سف محمد عمرو‪.‬‬
‫جاء في كالم الدكتور ي�سري في تعريف هذه الأطروحة على غالفها‬
‫الأخير‪ «:‬منذ الع�صور الأولى للإ�سالم‪ ،‬وتقريب ًا حوالي منت�صف القرن‬
‫الأوّل الهجريّ ‪ ،‬خرج الم�سلمون من �شبه الجزيرة العربيّة لفتح المناطق‬
‫والبالد البعيدة لن�شر الإ�سالم وكلمة التوحيد‪ ،‬و�شك َّل هذا الأمر واحد ًا من‬
‫العوامل التي عر�ضت الإ�سالم كدين وعقيدة �إلى العديد من الإعترا�ضات‬
‫والت�سا�ؤالت وال�شبهات‪ .‬بخ�صو�ص الكثير من الم�سائل ذات ال�صلة بالجانب‬
‫العقائدي‪ ،‬الأمر الذي جعل العلماء و�أ�صحاب الفكر الإ�سالميّ ‪ ،‬وفي مقدمتهم‬
‫�أهل البيت‪ ،i‬يهبّون من �أجل الت�صدي لهذه الأفكار والت�سا�ؤالت بالتو�ضيح‬
‫والبيان‪ ،‬من خالل �إماطة اللثام عن الموا�ضيع المطروحة‪ ،‬وذلك عبر‬
‫ت�أ�صيل ور�سم المعالم الفكرية الإ�سالميّة المنطلقة من القر�آن وال�سُ نَّة»‪.‬‬
‫وفي هذه المنا�سبة تتوجه أسرة تحرير هذه المجلة للمدير الم�س�ؤول‬
‫الدكتور ال�شيخ قي�س بالتهنئة والمباركة �سائلين اهلل تعالى له طول العمر والتوفيق‬
‫والمزيد من العطاء ‪� .‬آمين‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫أخبار ونشاطات‬
‫أسبوع الشهيد‬
‫محمد عبد المنعم عمرو‬
‫)بشير(‬
‫‪88‬‬
‫�أقيم يوم الأحد في الثامن من �آذار ‪ 2015‬ذكرى مرور �أ�سبوع‬
‫على ت�شييع ال�شهيد محمد عبد المنعم عمرو (ب�شير) في قرية‬
‫المعي�صرة فتوح ك�سروان الذي نظمه حزب اهلل و�أهل ال�شهيد‪.‬‬
‫ح�ضر الحفل ح�شد من ال�شخ�صيات والفاعليات على ر�أ�سها‬
‫رئي�س المكتب ال�سيا�سي في حزب اهلل العالّمة ال�سيد �إبراهيم‬
‫�أمين ال�سيد‪ ،‬القا�ضي ال�شيخ الدكتور يو�سف عمرو‪ ،‬النائب‬
‫الأ�ستاذ عبا�س ها�شم‪ ،‬م�س�ؤول المنطقة الخام�سة في حزب‬
‫اهلل ال�شيخ ح�سين زعيتر‪ ،‬النائب الأ�ستاذ فريد اليا�س الخازن‪،‬‬
‫قائمقام ك�سروان الأ�ستاذ جوزيف من�صور‪ ،‬ممثل عن الجنرال‬
‫مي�شال عون ولفيف من العلماء وممثلون عن الأحزاب الوطنية‬
‫والقوى الع�سكرية والأمنية في المنطقة وح�شد كبير من الوفود‬
‫المعزية‪.‬‬
‫قدّم للحفل ال�شيخ خ�ضر برّو‪ ،‬ثم تال ال�شيخ جمال المقداد‬
‫�آي��ات من الذكر الحكيم بعدها �ألقى العالّمة ال�سيد �إبراهيم‬
‫�أمين ال�سيد كلمة �شرح فيها بع�ض ًا من �آيات �سورة �آل عمران‬
‫التي تتحدث عن ال�شهادة وال�شهداء فقال �إن ال�شهداء عند‬
‫ربهم �أحياء بالمطلق‪ ،‬يرزقون رزق ًا مطلقاً‪ ،‬فرحين فرح ًا مطلق ًا‬
‫ينتظرون �إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم ويدعونهم قائلين �أن‬
‫ال تخافوا من هذه الخطوة الجريئة‪ ،‬كما جاء في كلمته �أي�ضا‬
‫�أن النا�س درجات حين يقبلون �إلى الموت فمنهم من يف ّر من‬
‫�أجله‪ ،‬ومنهم من يتمنى �أن ال ي�أتي �أجله‪ ،‬ومنهم من ينتظر �أجله‪،‬‬
‫ومنهم من يقبل �إلى �أجله ب�إخال�ص وهو ال�شهيد وهذه هي قمة‬
‫ال�شجاعة والعطاء والإخال�ص هلل �سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫كما تطرّق �سماحته �إلى الو�ضع ال�سيا�سي ف�أ�شاد بالتفاهم‬
‫القائم بين التيار الوطني الحر وبين حزب اهلل وقال �أن هذا‬
‫التفاهم من �أعظم الخطوات ال�سيا�سية في تاريخ لبنان‪ ،‬وتكرّ�س‬
‫هذا التفاهم مع المدة الطويلة وانعك�س على القاعدة ال�شعبية‬
‫التي يمثلها الطرفان‪ ،‬ثم �أنهى �سماحته بذكر بع�ض الأحاديث‬
‫التي وردت عن الأئمة ‪ ،i‬في ال�شهادة وال�شهداء مُثنيا على‬
‫�شجاعة ال�شهيد محمد عبد المنعم عمرو (ب�شير) الذي قال فيه‬
‫�أنه كان مدر�سة في ال�شجاعة والبطولة مت�سائال من �أين تعلم‬
‫هذا الإقدام والعطاء وهو �شاب في مقتبل العمر لم يبلغ الواحد‬
‫والع�شرين ربيعاً‪ .‬ثم بعد ذلك كانت كلمة لل�شيح محمد ح�سين‬
‫عمرو ب�إ�سم �أهل ال�شهيد �شكر فيها رئي�س المجل�س ال�سيا�سي‬
‫في حزب اهلل ال�سيد �إبراهيم �أمين ال�سيد لم�شاركته ورعايته في‬
‫هذا التكريم و�شكر فيها الح�ضور وخ�ص�ص �شكره للقوى الأمنية‬
‫ولبلدية المعي�صرة ب�شخ�ص رئي�سها التي قامت بتنظيم حفل‬
‫الت�أبين‪.‬‬
‫وفي ختام هذه المنا�سبة �أعلن رئي�س بلدية المعي�صرة الحاج‬
‫زهير عمرو عن م�شروع ت�سمية ال�شارع الم�ؤدي لبيت ال�شهيد‬
‫با�سم «�شارع ال�شهيد محمد عبد المنعم عمرو» وقراءة الفاتحة‪.‬‬
‫ثُمّ قام رئي�س بلدية المعي�صرة بدعوة العالّمة ال�سيّد �إبراهيم‬
‫�أمين ال�سيّد والفعاليات الدينيّة وال�سيا�سيّة والإجتماعيّة �إلى‬
‫مائدته عن روح ال�شهيد‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫رسائل القراء‬
‫‪90‬‬
‫استقباالت‬
‫ورد لهذه المجلة ر�سالة لطيفة من الأخ الفا�ضل ال�سيّد محمد يو�سف‬
‫المو�سوي في ‪ 13‬كانون الثاني ‪2015‬م‪ .‬قدّمها للقا�ضي الدكتور عمرو في منزله‬
‫في الغبيري جاء بها‪� [:‬إ�سم الح �شخ�صه من بين ال�صفوف المختلفة والم�ؤلفة‪،‬‬
‫هو ج ُد ا�سرة وعائلة عمرو الكريمة‪ ،‬الذي ت�شرّفت �أ�سرته وعقبه بحمل �إ�سمه‬
‫صال جمي ًال‬
‫الكريم وهو من �أ�سماء العرب المعروفة وله ق�صة جميلة �أحكي ف� ً‬
‫عنها‪.‬‬
‫هو‪ :‬عمرو بن تغلب النميري الذي قال فيه النبيّ ‪�« :w‬إ ّن��ا لنعطي قوم ًا‬
‫نخ�شى هلعهم وجزعهم‪ ،‬و�أك ُل قوم ًا �إلى ما جعل اهلل في قلوبهم من الإيمان‬
‫منهم عمرو بن تغلب»‪ .‬ومما كتبه لأخيه المذكور‪:‬‬
‫�أتاكم �أخوكم يبتغي الف�ضل منكم‬
‫يو�صف‬
‫ُ‬
‫ويرجو من الخيرات ما لي�س‬
‫ف � � � � � � � � � � ��إن أ�ب � � � � � �ع� � � � � ��دت� � � � � ��ه م� � � � �ن � � � ��ك �� � � � � �س � � � � ��وء أ�خ� � � � � � � � ��وة‬
‫ُ‬
‫ف� � � � � ��إن � � � � ��ك ف � � � � ��ي حُ � � � ��� � � �س � � ��ن الأخ� � � � � � � � � � � ��وة‬
‫يو�سف»‪.‬‬
‫وهناك �أبيات �ساقها محمد البكري الدالئي الفا�سي في كتابه �أرجوزة «درة‬
‫التيجان ولقطة الل�ؤل�ؤة والمرجان»(‪ )1‬المتوفى بالحجاز �سنة ‪1141‬هـ‪.1729 .‬‬
‫وهي مما نظمه عبداهلل محمد العربي بن يو�سف الفا�سي ق�صد مدح �أخاه ال�شيخ‬
‫الكبير �سيدي محمد مطلعها‪:‬‬
‫«ع� � � � � � � �ط � � � � � � ��ا�ؤك ي � � � � � � � � ��روي ع� � � � � ��ن ع � � � � �ط� � � � ��اء ح � ��دي� � �ث � ��ه‬
‫ون� � ��� � �س� � �ي� � �ب � ��ه ي� � � � ��روي� � � � ��ه ع� � � � ��ن اب � � � � � ��ن ال� � � � ُم� � � ��� � � �س� � � � ّي � � ��بِ »‬
‫ونختمها بالبيتين التاليين‪:‬‬
‫«ب� � �ف� � ��� � �ض� � �ل � ��ك ف � � � ��ارح � � � ��م ع� � �ي� � �ل� � �ت � ��ي �إ� � � � � �ش� � � � � ِ�ف ع � � ْل � �ت� ��ي‬
‫ح � � �ن� � ��ان � � �ي� � ��ك واج � � � � �ع� � � � ��ل ب� � � � ��ارق� � � � ��ي غَ � � � � �ي � � � � � ُر خُ � � � � ّل� � � ��بِ‬
‫وم � � � � � � � � ��ن ي � � � �ج � � � �م� � � ��ع ال � � � �ح � � � �� � � � �س � � � �ن � � � �ي� � � ��ن ف � � � � إ�ن � � � �ن� � � ��ي‬
‫(‪)1‬‬
‫�أخ � � � � � � ��اف ع� � �ل � ��ى ن � �ف � �� � �س� ��ي ح � � ��دي � � ��ث اب� � � � ��ن ت� � � �غ� � � �ل � � ��بِ »‬
‫ي� ��ا � �ش �ي��خ ع� �م ��رو ب �ت �ف �ك �ي��ري وك�ل�ام ��ي‬
‫ال � ��ك م � � ّن� ��ي اح � �ت� ��رام� ��ات� ��ي و� �س�ل�ام ��ي‬
‫ب �ب �� �س �م��ة ك � � � ّل م � ��ا ب� �غ� �ي ��رك ب �ت �� �ش �ف��ع‬
‫ب � �ت � �ظ � �ه� ��ر ن� � � ّي� � �ت � ��ك ب� ��الإب � �ت � �� � �س� ��ام� ��ة‬
‫ب� ��وج � �ه� ��ك ل � ��و ح � � ��دا ل� �ح� �ظ ��ه ت��ط�� ّل ��ع‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫دغ � � ��ري ب� �ي� �ع ��رف ��ك �إن � � ��ك ع �� �ص��ام��ي‬
‫وان � � ��ا ب ��ال��ع��م ��ر ع � � ّن� ��ك ك� �ن ��ت ا� �س �م��ع‬
‫ال � �ن� ��زاه� ��ة � �ش �ي �م �ت��ك واال�� �س� �ت� �ق ��ام ��ة‬
‫واذا ف� ��ي ب� �ي ��ن ك� ��ل ال� �ن ��ا� ��س اج �م��ع‬
‫ع �ل��ام � ��ه ف� � ��ارق� � ��ه ان� � � ��ت ال � �ع �ل�ام� ��ه‬
‫���ص��ف ��ات ��ك ب� �ي ��ن ك� ��ل ال � �ن� ��ا�� ��س �أرف� � ��ع‬
‫م � �ه � �م� ��ا ع � � � � ّد ل� �ل� �م� �ت� �ل ��ك �أ� � �س� ��ام� ��ي‬
‫ال �ف �� �ض��ائ��ل ك � ّل �ه��ا ب���ش�خ���ص��ك بتجمع‬
‫ب��ق��ل��ب ��ك ط� ��اه� ��ر وب� � ��ال� � ��روح � �س��ام��ي‬
‫و� � �ش� ��رف ن �ف �� �س��ك ب � ��أخ �ل�اق� ��ك م� �ن� �وّع‬
‫ب� �ن� �خ ��وه و� � �ص� ��دق وم� �ح� � ّب ��ه و� �ش �ه��ام��ه‬
‫ان� � ��ت ب ��ال ��دي ��ن ع � �ن� ��دك ف� �ك ��ر مُتبع‬
‫م� ��ن ال � �ك� ��ون وم � ��ن ح � � ��دود ال �غ �م��ام��ه‬
‫ان� � ��ت ب ��ال� �ف� �ق ��ه م� ��رج� ��ع ف� �ق ��ه مُنبع‬
‫وب � ��اق � ��ي ه� �ي ��ك ت � ��ا ت � �ق� ��وم ال��ق��ي ��ام ��ه‬
‫وم� ��ا زال � ��ك ب��ال �ف �ق��ه وال� ��دي� ��ن م��رج��ع‬
‫ال�ع�م��ام��ه ال� �ـ ان ��ت ف�ي�ه��ا ال��دي��ن حامي‬
‫ال � � �م � � ��آذن ع� �ن ��د م � ��ا ع �ل �ي �ه ��ا ب �ت �ط �ل��ع‬
‫ال � �ع � �م� ��ام� ��ه‪ ،‬ارف� � � ��ع وع� � � ّل � ��ي ي �م �ي �ن��ك‬
‫((‪�(1‬أنظر �ص ‪ 48‬من كتاب �أرجوزة «درة التيجان ولقطة الل�ؤل�ؤ والمرجان» لناظمها محمد البكري الدالئي الفا�سي المتوفى بالحجاز‬
‫�سنة ‪1141‬هـ‪1729 ،‬م‪ .‬طبعة جامعة �سيدي محمد بن عبداهلل فا�س ‪1433‬هـ‪2012 ،‬م‪ .‬ط‪� .‬أولى‪ ،‬من�شورات دار الأمان‪ ،‬تحقيق‬
‫الدكتور خالد ال�صقلي‪.‬‬
‫يدل على احترامه ومحبته آلل عمرو ولرئيس تحرير هذه المجلة‬
‫((‪ (2‬ـ إ ّن ما جاء في رسالة األخ السيد محمد يوسف الموسوي ُّ‬
‫القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو وأمّا ما جاء عن تاريخ هذه العائلة للدكتور عبد الحافظ شمص الوارد في العدد ‪ 16‬من‬
‫مجلة«إطاللة ُجبيليّة» الصادر في ‪ 15‬كانون األوّل ‪2014‬م‪ .‬فإنه يتناقض مع ذلك‪ .‬والصواب هو‪ :‬أ ّن عمرو بن تغلب النميري‬
‫النبي(صلّى اهلل عليه وآله وسلّم)‪ ،‬باإليمان في الحديث اآلنف الذكر‪ .‬وقد‬
‫اآلنف الذكر‪ .‬كان من الصحابة الكرام وقد شهد له ُّ‬
‫تأخر دخول قبيلة تغلب الوائلية في اإلسالم أكثر من مائتي عام وكان في طليعة المعتنقين لإلسالم منهم‪ ،‬بنو حمدان في شمال‬
‫العراق‪ .‬وال زالت بعض العشائر العراقيّة المسيحيّة في شمال العراق تدين بالمسيحيّة وهي تنتمي لبني تغلب منهم صديقنا األب‬
‫الدكتور سهيل كاشا‪ .‬كما أن الصحابي عمرو بن تغلب هو من بني نمير وليس من قبيلة تغلب الوائليّة‪ .‬واهلل تعالى أعلم‪.‬‬
‫يدل على احترامه ومحبته آلل عمرو ولرئيس تحرير هذه المجلة‬
‫((‪ (3‬ـ إ ّن ما جاء في رسالة األخ السيد محمد يوسف الموسوي هو ُّ‬
‫القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو وأمّا ما جاء عن تاريخ هذه العائلة للدكتور عبد الحافظ شمص الوارد في العدد ‪ 16‬من‬
‫مجلة«إطاللة ُجبيليّة» الصادر في ‪ 15‬كانون األوّل ‪2014‬م‪ .‬فإنّه يتناقض مع ذلك‪ .‬والصواب هو‪ :‬أ ّن عمرو بن تغلب النميري‬
‫النبي‪ ،w‬باإليمان في الحديث اآلنف الذكر‪ .‬وقد تأخر دخول قبيلة تغلب‬
‫اآلنف الذكر‪ .‬كان من الصحابة الكرام وقد شهد له ُّ‬
‫الوائلية في اإلسالم أكثر من مائتي عام وكان في طليعة المعتنقين لإلسالم منهم‪ ،‬بنو حمدان في شمال العراق‪ .‬وال زالت بعض‬
‫العشائر العراقيّة المسيحيّة في شمال العراق تدين بالمسيحيّة وهي تنتمي لبني تغلب منهم صديقنا األب الدكتور سهيل كاشا‪.‬‬
‫كما أن الصحابي عمرو بن تغلب هو من بني نمير وليس من قبيلة تغلب الوائليّة‪ .‬واهلل تعالى أعلم‪.‬‬
‫ـ بعد ت�أدية �صالة الجمعة في ‪ 28‬ت�شرين الثاني ‪2014‬م‪ .‬كان القا�ضي الدكتور ال�شيخ‬
‫يو�سف محمد عمرو على موعد مع المخرج الأ�ستاذ عبا�س علي مرعي والم�صورين ربيع‬
‫م�سلماني ونبيل عي�سى في م�صلى م�سجد الإمام عليّ بن ابي طالب‪ ،t‬حيث �أُجريت‬
‫معه مقابلة حول الوحدة الوطنيّة والعي�ش الم�شترك في بالد جبيل وفتوح ك�سروان‪.‬‬
‫ثم قام بدعوتهم للغداء على مائدته مع الحاج ح�سين ا�سعد م�س�ؤول م�ؤ�س�سة العالّمة‬
‫المرجع ال�سيّد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(قده)‪ ،‬في بالد جبيل و�شمال لبنان‪ ،‬الحاج ه�شام‬
‫الحالّني م�س�ؤول دعم المقاومة الإ�سالميّة في بالد جبيل وك�سروان‪ ،‬المهند�س الحاج‬
‫لقمان عبد المنعم عمرو‪ ،‬ودار الحديث حول ما تمتاز به مدينة جبيل وهذه المنطقة من‬
‫وحدة وطنيّة وتعاون على ال�سرّاء وال�ضرّاء‪.‬‬
‫ثُمّ انطلق الأ�ستاذ مرعي بعدها لإجراء مقابلة �أخرى حول المو�ضوع الآنف الذكر مع‬
‫الأب حليم عبداهلل‪.‬‬
‫ـ ع�صر يوم الخمي�س الواقع فيه ‪ 23‬ت�شرين الأوّل ‪2014‬م‪ .‬ا�ستقبل القا�ضي عمرو‬
‫في منزله في جبيل �صديقه ال�شاعر الكبير الأ�ستاذ ب�شارة ال�سبعلي‪ .‬وقد �أتحفه ال�سبعلي‬
‫بالق�صيدة التالية وهي بال�شعر ال�شعبيّ اللبناني‪:‬‬
‫وبارك مؤمنيك با�شرف عمامي‪..‬‬
‫إ‬
‫س‬
‫ت‬
‫ق‬
‫ب‬
‫‪91‬‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ا‬
‫ت‬
‫ـ ع�صر يوم الأربعاء الواقع في ‪ 12‬كانون الأوّل ‪2014‬م‪ .‬ا�ستقبل القا�ضي عمرو في‬
‫منزله في المعي�صرة الدكتور كامل علي ر�ضا عمرو �صاحب ومدير م�ؤ�س�سة عمرو للتدريب‬
‫المهني و�صهره ال�سيّد علي حاطوم‪ ،‬و�صهره الأ�ستاذ ال�سيّد محمد مهدي ر�ضا ف�ضل اهلل‬
‫وكان ذلك بمنا�سبة وفاة المرحومة الحاجة كلثوم الحاج ح�سن م�سلم عمرو‪ .‬وقدّم ال�سيّد‬
‫ف�ضل اهلل الق�صيدة التالية للقا�ضي عمرو‪:‬‬
‫‪92‬‬
‫«ج �ئ �ن��ا �إل � ��ى ال �� �ش �ي��خ ع ��ن ب �ع��د نحييه‬
‫ج �ئ �ن��ا �إل � �ي� ��ه وق � ��د ط ��اف ��ت م��واك �ب��ه‬
‫ط� ��اف� ��ت ب � �ن� ��ا ن � �ف � �ح� ��ات م � ��ن ت� ��أل� �ق ��ه‬
‫���ش��ي ��خ ك� ��ري� ��م ت� �ع ��ال ��ى ف � ��ي م �ن��اق �ب��ه‬
‫� �ش �ب �ي��ه ي ��و�� �س ��ف ان � ��ت ال � �ي� ��وم وارث � ��ه‬
‫�إن ال� �ع ��دال ��ة ي� ��ا � �ش �ي �خ��ي ت�خ��اط�ب�ن��ا‬
‫م �ه�ل�اً وع� �ف ��و ًا �إذا م� ��ال ال ��زم ��ان بنا‬
‫ف � � ��آل ح � �م� ��دان ق� ��د � �س �ل��ت � �س �ي��وف �ه��م‬
‫ن �� �ش��وى م�ن��ا��ص�ل�ه��م ك �ح �ل��ى ا��ص��ائ�ل�ه��م‬
‫وذو ال� �ف� �ق ��ار ع �ل��ى �أع� �ل ��ى م�ن��اك�ب�ه��م‬
‫ب� � ��آل ع� �م ��رو ل �ك��م ف ��ي ال �م �ج��د ان��دي��ة‬
‫هلل درك� � � � ��م ق� � ��د ج � ��زت � ��م � � �ص � �ع� ��د ًا‬
‫م�لاح��م ال �ع��ز ق��د ط��ال��ت وق ��د �شمخت‬
‫ي��ا �سائلي ع��ن ع�لاه ال�ي��وم ق��د ق�صرت‬
‫ط� ��ال ال� ��وق� ��وف ع �ل��ى ال� �ت ��اري ��خ يكتبه‬
‫ق ��د �أل �ب ����س الأم� �� ��س وال �م��ا� �ض��ي بحلته‬
‫� �ش �ح��ذت م ��ن ه �م��م الأب � �ن� ��اء ف��ات �ق��دت‬
‫ل� ��ك ال��م��ن ��اب ��ر ق� ��د �أل � �ق� ��ت م �ق��ال��ده��ا‬
‫ق� ��د ق��ل ��ت �إذ غ��م ��ر ال� �ت� �ي ��ار � �س��اح �ل��ه‬
‫وال � �ق� ��ول ي�ق���ص��ر ع ��ن ت �ب �ي��ان �� �س� ��ؤدده‬
‫ه � ��ذا ه� ��و ال �� �ش �ي��خ ف � ��رد ف� ��ي خ�لائ �ق��ه‬
‫ف� � � � ��زاده اهلل ت� ��� �ش ��ري� �ف� � ًا وم� �ك ��رم ��ة‬
‫ن� �ع ��م ون� ��� �س� ��أل ��ه ع� ��ن ب��ع��� ��ض �أه��ل��ي ��ه‬
‫�� �ش ��رق� � ًا وغ� ��رب � � ًا وق � ��د ع��م ��ت �أي� ��ادي� ��ه‬
‫دي � � ��ن ق � ��وي � ��م ت� �ج� �ل ��ى ف� � ��ي ف� �ت ��اوي ��ه‬
‫ك ��ال� �ب ��در ي �ع �ل ��و وي�����س��م ��و ف� ��ي ت�ج�ل�ي��ه‬
‫وال� ��� �ص ��دق ف �ي ��ه ج �م �ي��ل ف� ��ي ت�ع��اط�ي��ه‬
‫م � �ي� ��زان ع � ��دل � �ش��رب �ن��ا م� ��ن � �س��واق �ي��ه‬
‫و�أف� ��� �ص ��ح ال �ك �ف ��ر ج � �ه� ��ر ًا ف� ��ي ت �ع��دي��ه‬
‫وال� ��� �س� �ي ��ف �أب � �ل� ��غ ع� � � ��ذر ًا ف� ��ي ت��وق �ي��ه‬
‫وال�����س��ي ��ف وال� ��رم� ��ح ���ص ��ل ف� ��ي ت�ث�ن�ي��ه‬
‫م� ��ا ا�� �س� �ت ��ل �إال ع� �ل ��ى ط� � ��اغ ل��ي ��ردي ��ه‬
‫�� �ص ��دى ال� �ب�ل�اغ ��ة والآداب ي�ح�ك�ي��ه‬
‫�إل � � ��ى ال � �ك� ��واك� ��ب وال � �ت� ��اري� ��خ ي ��روي ��ه‬
‫وال� ��� �ش� �ي ��خ ي ��و�� �س ��ف وف � ��ي ف� ��ي ت ��أب �ي ��ه‬
‫اي � ��دي ال �م��دي��ح و� �ش �ح��ت ع ��ن م�ع��ان�ي��ه‬
‫� � �ص� ��دق � � ًا وي� �ت� �ح� �ف� �ن ��ا ف � �ي� ��ه وي� �ه ��دي ��ه‬
‫ث ��وب� � ًا «ق �� �ش �ي �ب � ًا» وت � �ب� ��ر ًا م ��ن غ��وال �ي��ه‬
‫ن � �ي� ��ران � � �ش� ��وق وزادت ف� ��ي ت�ل�ظ�ي��ه‬
‫وال � �ف � �ك� ��ر ج� � ��اد وع� � ��ز ع � ��ن م��ج ��اري ��ه‬
‫ال�����ش��ي ��خ ب� �ح ��ر وق � ��د �أل � �ق� ��ى دراري � � ��ه‬
‫ف �ل�ا ت ��دع��ن ��ي م� ��ن ال��ت��ب��ي ��ان ف� ��ي ت�ي��ه‬
‫ت� �ج ��اوز ال� �م ��دح ع ��ن و���ص ��ف وت���ش�ب�ي��ه‬
‫وح � � � � َّف � � � � ُه ب� � �ج� � �ن � ��ود م � � ��ن م� ��وال � �ي� ��ه‬
‫ـ بناء على موعد �سابق وبعد ظهر يوم الأربعاء الواقع فيه ال�سابع من �شهر كانون‬
‫الثاني ‪2015‬م‪ .‬ا�ستقبل القا�ضي عمرو في منزله في جبيل الأ�ستاذ الأدي��ب �سامي‬
‫جواد كاظم المنذري من العتبة الح�سينيّة المقدّ�سة في كربالء ـ العراق ورئي�س مجلة‬
‫«الأح��رار» الأ�سبوعيّة ال�صادرة عن العتبة الآنفة الذكر مع �صديقه الحاج هاني �سعد‬
‫وف�ضيلة ال�شيخ محمود حيدر �أحمد‪ ،‬الأ�ستاذ محمد �سليم مدير متو�سطة «ر�سول المحبة»‬
‫‪،w‬الحاج �أحمد كنج م�س�ؤول مكتب كفالة اليتيم في جبيل من‬
‫قبل جمعية المبرّات الخيريّة‪ ،‬على الغداء‪ .‬وبعد �شرب ال�شاي‬
‫�أجرى الأ�ستاذ �سامي مقابلة �صحفيّة مع القا�ضي عمرو حول‬
‫�سيرته الذاتيّة وحول الوحدة الإ�سالميّة وبع�ض المفاهيم‬
‫الإ�سالميّة‪ ،‬كما طلب من القا�ضي عمرو �إجازة بالرواية‬
‫عن �شيوخه الت�سعة ف�أجازه خطي ًا بذلك في التاريخ‬
‫الآنف الذكر‪.‬‬
‫ـ ب�ن��اء على دع ��وة �سابقة �إ�ستقبل القا�ضي‬
‫عمرو في منزله في جبيل بعد ظهر يوم الأربعاء‬
‫الموافق ‪� 25‬شباط ‪2015‬م‪ .‬على مائدة الغداء ا‬
‫لصورت‬
‫ا‬
‫ن‬
‫‪:‬‬
‫ل‬
‫ل‬
‫�سماحة حجة الإ�سالم العالّمة ال�سيّد علي ف�ضل اهلل‬
‫ع ّالمة‬
‫ف‬
‫ض‬
‫ل‬
‫ال‬
‫رئي�س جمعية المبرّات الخيريّة‪ ،‬الم�س�ؤول التربوي في المبرّات‬
‫له مع‬
‫ل‬
‫ج‬
‫ن‬
‫ة‬
‫أ‬
‫ص‬
‫د‬
‫الخيريّة ال�شيخ ف�ؤاد خري�س‪ ،‬ف�ضيلة ال�شيخ محمود حيدر �أحمد‪،‬‬
‫قاء الم‬
‫ر‬
‫ك‬
‫ز‬
‫ا‬
‫إل‬
‫الحاج ح�سين �أ�سعد م�س�ؤول م�ؤ�س�سة العالّمة المرجع ال�سيّد‬
‫سالمي‬
‫ف‬
‫ي‬
‫ج‬
‫ب‬
‫يل‬
‫ف�ضل اهلل(ق��ده)‪ ،‬في جبيل و�شمال لبنان‪ ،‬الأ�ستاذ محمد‬
‫�سليم مدير متو�سطة ر�سول المحبة‪ ،w‬الأ�ستاذ فاروق‬
‫رزق م�س�ؤول االع�لام في جمعية المبرّات الخيريّة‪،‬‬
‫الم�صور ال�صحفي محمد عمرو‪ ،‬وبعد الغداء ا�ستقبل‬
‫وفد ًا من لجنة �أ�صدقاء المركز الإ�سالميّ الثقافيّ‬
‫التربويّ التابع لجمعية المبرّات الخيريّة برئا�سة‬
‫الأ�ستاذ كميل حيدر �أحمد‪ ،‬جاءوا لل�سالم على‬
‫�سماحة العالّمة ال�سيّد ف�ضل اهلل والترحيب‬
‫به وقد �ضمَّ الوفد ال�سادة‪ :‬الع�ضو البلدي المهند�س‬
‫محمد محمود المولى‪ ،‬الدكتور ح�سين حيدر �أحمد‪ ،‬الدكتور‬
‫محمد رميحي حيدر �أحمد‪� ،‬أحمد م�شرف‪ ،‬فادي حيدر‪ ،‬الحاج‬
‫ابراهيم خزعل‪ ،‬الحاج حوي�شان �شقير‪ ،‬الحاج نايف برق‪،‬‬
‫الحاج ديب برق‪ ،‬يو�سف حيدر �أحمد‪ ،‬الحاج عبد الأمير‬
‫القر�شي‪ ،‬الحاج �أحمد كنج م�س�ؤول مكتب تكفل الأيتام‬
‫ف��ي جبيل و�شمال لبنان م��ن قبل جمعية المبرّات‬
‫الخيريّة‪ ،‬وقد تكلّم الأ�ستاذ كميل حيدر �أحمد مُرحب ًا‬
‫بقدوم العالّمة ف�ضل اهلل �إلى مدينة جبيل وتفقده‬
‫لهذا ال�صرح التربوي الرائد طالب ًا من �سماحته‬
‫الإهتمام ب�إفتتاح قاعة المرجع العالّمة ف�ضل‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ق‬
‫اهلل(قده)‪ ،‬وت�أثيثها وتجهيزها ب�أقرب وقت‬
‫اضي‬
‫عمرو‬
‫و‬
‫س‬
‫ا‬
‫م‬
‫ي‬
‫ال‬
‫وكذلك الإهتمام بم�شروع المركز ال�صحي‬
‫منذري‬
‫وا‬
‫أل‬
‫س‬
‫تاذ‬
‫والح‬
‫الإجتماعيّ لحاجة المدينة وبالد جبيل لهذه ال�صدقة‬
‫اج هاني س محمد‬
‫س‬
‫ل‬
‫ي‬
‫ع‬
‫م وا‬
‫الجاريّة‪ .‬وقد وعد �سماحته بال�سعي لأجل ذلك بالتعاون مع‬
‫د والحاج أح لشيخ‬
‫م‬
‫ح‬
‫م‬
‫و‬
‫م‬
‫د‬
‫د‬
‫ك‬
‫نج‬
‫اللجنة والمح�سنين الكرام �إن �شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫حيدر‬
‫أحمد‬
‫إ‬
‫س‬
‫ت‬
‫ق‬
‫ب‬
‫‪93‬‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ا‬
‫ت‬
‫الصفحة األخرية‬
‫ليلة مصرية‪..‬‬
‫في عشق أهل البيت ‪i‬‬
‫من‬
‫كلمات‬
‫أمير المؤمنين‬
‫عليّ بن أبي طالب ‪ t‬يف نهج البالغة‬
‫شرح العالّمة السيّد‬
‫(‪)1‬‬
‫حممد صادق حممد رضا اخلرسان‬
‫‪94‬‬
‫قال الإمام عليِّ بن �أبي طالب‪ ،t‬في الكلمة رقم‪ 76 :‬من‬
‫الجزء الرابع في نهج البالغة‪�(:‬إ َِّن ا ُالمُو َر �إذا ا�شْ َت َبهَتْ اعْ ُت ِب َر‬
‫�آخِ رُهَ ا ِب َ أ� َّو ِلهَا)‬
‫الدعوة �إلى الإ�ستفادة من التجارب‪ ،‬وعدم تكرار الأخطاء‬
‫التي ظهرت �أوالً‪ ،‬كونه ممّا ي�شير �إلى �ضعف الر�أي؛ حيث تبيّن‬
‫للإن�سان الحال‪ ،‬عندما ف�شلت المحاولة الأولى‪ ،‬فكيف يعاودها‬
‫ثانيةً‪ ،‬فهي تحذير من التورط بعد ات�ضاح الأمر‪.‬‬
‫كما ي�ستفاد منها النهي ع��ن �إل�ق��اء تبعة الإخ �ف��اق على‬
‫الآخرين؛ كونهم خدعوا �أو غ�شوا‪ ،‬ف�إن الإن�سان نف�سه‬
‫�أولى بنف�سه من غيره في �أن ال يقع في المطب مر ًة‬
‫�أخ��رى‪ ،‬فاالعتذار عن ذلك بهذا غير مقبول؛ لأن‬
‫المحاوالت الفا�شلة تُمثل تجارب‪ ،‬و (التجارب عل ٌم‬
‫م�ستفاد)(‪ ،)2‬وهو ممّا يُكت�سب كما �أنها ـ التجارب ـ‬
‫ال تتهي�أ للإن�سان دائماً‪ ،‬ولو تهي�أت فلها ثمنها‪ ،‬فال بد من‬
‫ا�ستثمارها حتى لو خابت ولم تُفلح‪ ،‬و�إال لت�ضاعفت الح�سرة؛‬
‫حيث يقطع الإن�سان بذلك مرحلة عمرية‪ ،‬فلو لم يوظفها لنفعه‬
‫لعظُ مت غ�صته عليه‪ ،‬نعم يلزمه تعقب مواقع الإخفاق‪ ،‬وتحديد‬
‫منا�شئ الف�شل‪ ،‬لغر�ض الإ�صالح‪ ،‬ولي�س ال�ستعادتها الذهنيّة‪،‬‬
‫والتح�سر على ح�صولها‪ ،‬بل هو بذلك يودع حالة جهلٍ باعتبار‬
‫ف�شله‪ ،‬ليتلقى ومظة علم ب�إعتبار معطيات تجربته‪ ،‬وما تخلفه في‬
‫النف�س من توج�س وتح�س�س �إزاء ما يواجهه‪ ،‬ليتعامل مع الق�ضايا‬
‫بمقا�ساتها المنا�سبة‪ ،‬فلماذا الأ�سف؟!‪.‬‬
‫ال�شاهِ دَ‬
‫هلل فِي الْخَ َلوَاتِ ‪َ ،‬ف�إ َِّن َّ‬
‫َا�صيَ ا ِ‬
‫وقال‪« :t‬ا َّتقُوا مَ ع ِ‬
‫هُ َو الْحَ اكِ مُ »‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الدعوة �إل��ى مراقبة اهلل تعالى دائم ًا وفي جميع الحاالت‪،‬‬
‫خا�ص ًة تلك التي يظنُّ العبد �أن اهلل تعالى غير مطلع عليه‪ ،‬ف�إنّه‬
‫�سبحانه محيط بنا ومطلع علينا وقد �أودع ك َّل واحد منّا ما ي�سجل‬
‫عليه �أعماله فال يمكن للعا�صي �أن ينكر مع�صيته �أو ي��زوّر في‬
‫كيفيتها بما ينجي به نف�سه‪ ،‬وبموجب هذه ال�شهادة ي�صدر الحكم‬
‫بالإدانة(‪.)3‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪� (1‬أخالق الإمام عليّ ‪ ،t‬للعالّمة الخر�سان ـ من�شورات العتبة العلويّة المُقدّ�سة ـ النّجف الأ�شرف‪ ،‬ط‪ .‬ال�ساد�سة ‪1430‬هـ‪2009 .‬م‪ .‬الجزء الثاني‪� ،‬ص ‪.49‬‬
‫((‪ (2‬عيون الحكم والمواعظ ‪.43‬‬
‫((‪� (3‬أخالق الإمام عليّ ‪ ،t‬ج‪� ،1‬ص‪.55‬‬
‫لي�س بال�ضرورة �أن تكون م�سلم ًا �سنّي ًا �أو �شيع ّي ًا ملتزم ًا‬
‫ومواظب ًا على ال�صالة وفرائ�ض الإ�سالم‪ ،‬لكي تكون من ع�شاق‬
‫الح�سين‪ ،‬فكونه واح��د ًا من �أه��م رواد الحرية والثورة على‬
‫الظلم والطغيان‪ ،‬جعل الكثيرين من �أحرار العالم من مختلف‬
‫الأديان يجتمعون على ع�شقه‪ ،‬حتى وان كنت منتمي ًا الى ديانة‬
‫اخرى �أو حتى ملحداً‪.‬‬
‫ولع ّل ما قاله الزعيم الهندو�سي المهاتما غاندي يعك�س‬
‫هذه الحقيقة‪ ،‬فقد كتب محرر الهند يوم ًا «تعلمت من الح�سين‬
‫كيف �أكون مظلوم ًا ف�أنت�صر»‪ ،‬ثم خاطب �شعبه قائالً‪« :‬ينبغي‬
‫على الهند �إذا �أرادت �أن تنت�صر �أن تقتدي بالإمام الح�سين»‪.‬‬
‫كل ذل��ك يمكن �أن ت�ستخل�صه من الم�شهد في الحرم‬
‫الح�سيني في القاهرة طوال اال�سبوع‪ ،‬فو�سط �أجواء روحانية‪،‬‬
‫تك�سوها الأنا�شيد والذكر واالبتهاالت والمدائح النبوية‪� ،‬أحيا‬
‫الم�صريون ذك��رى ق��دوم ال��ر�أ���س ال�شريف ل�ل�إم��ام ال�شهيد‬
‫الح�سين بن علي �إلى م�صر‪ .‬وبالرغم من �أن ال�شيعة يحتفلون‬
‫بالإمام الح�سين في ذكرى مولده في �شهر �شعبان‪ ،‬ووفاته في‬
‫محرم‪� ،‬إال �أن للم�صريين احتفا ًال خا�ص ًا به‪ ،‬مرة يوم مولده‪،‬‬
‫والأخرى يوم قدوم ر�أ�سه ال�شريف �إلى‬
‫م�صر‪ ،‬والذي نقل من ع�سقالن‬
‫�إلى م�صر في العام ‪ 549‬هجرية‪ ،‬بح�سب رواية‬
‫المقريزي (التي �أيدها الكثير من علماء الدين‬
‫والتاريخ)‪ ،‬علم ًا �أن الراوي عا�صر واقعة النقل‪،‬‬
‫و�شارك �أه��ل م�صر الذين خرجوا عن بكرة‬
‫�أبيهم ال�ستقبال الر�أ�س ال�شريف‪.‬‬
‫وي �ق��ول ال�م�ق��ري��زي ف��ي ك�ت��اب��ه «الخطط‬
‫المقريزية»‪ «:‬نقل ر�أ�س الح�سين من ع�سقالن‬
‫�إل��ى القاهرة ي��وم الأح��د الثامن من جمادى‬
‫الآخرة �سنة ‪ 548‬للهجرة (الموافق ‪� 31‬آب العام‬
‫‪ 1153‬ميالدية)‪ ،‬وكان الذي و�صل بالر�أ�س من‬
‫ع�سقالن الأمير �سيف المملكة تميم واليها‪،‬‬
‫وح�ضر في الق�صر يوم الثالثاء العا�شر من‬
‫جمادى الآخرة المذكور الموافق ‪ 2‬ايلول العام‬
‫‪ 1153‬ميالدية»‪.‬‬
‫�أجواء االحتفاالت في م�صر تبد�أ قبل اليوم‬
‫المحدد بحوالى ع�شرة �أيام يبد�أ خاللها �أ�صحاب‬
‫الطرق ال�صوفية ومحبو الح�سين ب�إقامة الخيام‬
‫والوالئم (الخدمات)‪ ،‬ال�ستقبال و�إطعام �ضيوف‬
‫الإمام‪ ،‬حيث ال يقت�صر‬
‫‪95‬‬
‫‪96‬‬
‫تقديم الطعام على �أبناء القاهرة‪ ،‬بل ي�شارك فيه‬
‫مواطنون جا�ؤوا من �أقاليم المحرو�سة‪ ،‬لتقديم ما‬
‫ي�ستطيعون‪ ،‬ح�سب قدرة كل منهم‪ ،‬ابتغا ًء لر�ضى‬
‫اهلل‪ ،‬ومحبة لآل بيت ر�سوله الكريم‪.‬‬
‫ثم ت�أتي «الليلة الكبيرة»‪ ،‬التي يكتظ فيها‬
‫حي الح�سين في القاهرة الفاطمية بمريدي‬
‫الإمام الذين ي�أتون من كل ربوع م�صر‪ ،‬بمختلف‬
‫طبقاتهم االجتماعية والعمرية‪ ،‬ويجمعهم ع�شق‬
‫الح�سين و�آل بيت الر�سول في و�سطية ال تعرف‬
‫الت�شدد وال الغلو‪.‬‬
‫وق��د �أح�ي��ى «الليلة الكبيرة» ه��ذا العام‬
‫المن�شد ال�صوفي ال�شيخ محمود التهامي‪،‬‬
‫وهو نقيب المن�شدين الم�صريين‪ ،‬وابن ال�شيخ‬
‫يا�سين التهـامي‪ ،‬الـذي ك��ان من المقرر �أن‬
‫يحيي «الليلة اليتيمة»ـ الأخيرة في االحتفاالت‬
‫ـ والتي تلي «الليلة الكبيرة»‪ ،‬ولكن الحفل �أُلغي‬
‫لظروف �أمنية‪.‬‬
‫وا�ستمر حفل «الليلة الكبيرة» حتى ال�ساعات‬
‫الأول��ى من �صباح يوم �أم�س الأوّل(‪� ،)1‬أن�شدت‬
‫خاللها على المن�صة الرئي�سية التي �أقيمت‬
‫�أمام الم�سجد �أعذب الق�صائد‪ ،‬و�سط الآالف‬
‫من المريدين ورواد المُولد‪ ،‬وكان من بينهم‬
‫عدد كبير من الأجانب وال�سياح الذين حر�صوا على ح�ضور‬
‫الحفل حتى نهايته‪ ،‬و�سط �إجراءات �أمنية م�شددة‪ ،‬قامت بها‬
‫وزارة الداخلية‪.‬‬
‫و�شهد المُولد كذلك العديد من حفالت الذكر في محيط‬
‫الم�سجد‪ ،‬وقد �أحياها العديد من المن�شدين‪ ،‬حيث حر�صت‬
‫معظم الطرق على �إقامتها هذا العام بعد توقف ا�ستمر ثالث‬
‫�سنوات للظروف التي كانت وما زالت ت�شهدها م�صر‪.‬‬
‫ويعد مولِد الإمام الح�سين الأكبر في م�صر من حيث عدد‬
‫الم�شاركين‪ ،‬ويليه مولِد �شقيقته ال�سيدة زينب‪ ،‬المدفونة في‬
‫منطقة مجاورة له‪ ،‬والتي يت ُّم االحتفال بمولدها في الثالثاء‬
‫الأخير من �شهر رجب من كل عام‪.‬‬
‫ويرجع تاريخ االحتفال بالموالد في م�صر �إل��ى الع�صر‬
‫الفاطمي‪ ،‬حيث كان للخلفاء الفاطميين �أعياد وموا�سم على‬
‫م��دار ال�ع��ام‪ ،‬وه��ي موا�سم ر�أ���س ال�سنة‪ ،‬و�أول ال�ع��ام‪ ،‬ويوم‬
‫عا�شوراء‪ ،‬ومولد النبي محمد‪ ،‬ويتم �إحيا�ؤها باالجتماع و�أكل‬
‫الطعام وتعليق الزينة و�إظهار الفرح وال�سرور‪.‬‬
‫و�أقيمت الموالد للمرة االولى في العام ‪ 922‬هجرية‪ ،‬وذلك‬
‫في عهد ال�سلطان المملوكي قان�صوه الغوري‪ ،‬ولكن �أُلغيت في‬
‫العام التالي عندما دخل العثمانيون م�صر‪ ،‬قبل �أن تعود مرة‬
‫اخرى(‪.)2‬‬
‫الهوام�ش‪:‬‬
‫((‪� (1‬أي الثامن من �شهر جمادى الآخرة‪.‬‬
‫((‪ (2‬عن �صحيفة «ال�سفير» ال�صادرة في بيروت في ‪2015/2/20‬م‪ .‬مرا�سل «ال�سفير» في القاهرة‪� ،‬أحمد عالّم‪.‬‬

Similar documents